أكّد رئيس مجلس إدرة إتحاد المصارف العربية ،محمد كمال الدين بركات بأن منطقتنا العربية بحاجة إلى توفير التوعية المالية للمزيد من الشباب والأطفال وإشراكهم في النظام المالي، وفي تحديد ملامح الإقتصاد الجديد، بإعتبار أن هؤلاء الشباب هم مستقبل المنطقة، وهم الذين سيتحملون مسؤولية تعزيز الإقتصاد بطريقة مستدامة، ولا يمكن أن تتحقق من دون سياسات التعليم المالي والشمول المالي المخصصة للشباب.
وعلى هامش المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2015، بدورته العشرين، ” خارطة طريق للشمول المالي 2015-2020″ التقت “الدورة الاقتصادية” رئيس اتحاد المصارف العربية، أوضح بركات أن الإتحاد إختار موضوع “الشمول المالي” عنواناً لهذه القمة الدولية فذلك، يعود إلى الإهتمام الدولي خلال السنوات الأخيرة الماضية، وتحديداً في 29 كانون الأول/ديسمبر 2003، عندما أعلن الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، كوفي أنان التالي أن “الحقيقة القاسية هي أن معظم فقراء العالم لا يزالون يفتقرون إلى الخدمات الأساسية والمستدامة، سواء كان الإدخار أو المعدل على الإئتمان، أو التأمين. والتحدي الأكبر أمامنا يكمن في معالجة المعوقات التي تمنع الناس من المشاركة الفعّالة في القطاع المالي. لذا بإستطاعتنا وواجب علينا أن نبني قطاعات مالية شاملة تساعد على تحسين حياة الأفراد ورفع مستوى معيشتهم”.
* كيف تنظرون الى أهمية الشمول المالي وخارطة الطريق لاعتماد تطبيقها من قبل المصارف العربية؟
– أن توسيع المشاركة فى النظام المالى الرسمى أو تحقيق الشمول المالى هام للغاية، نظراً لدوره التنموى فى تطوير الإنسان، وتحسين مستوى المعيشة، وتمكين المرأة، وتعزيز تكافؤ الفرص، وتمويل المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والحد من الفقر وعدم المساواة، وتأمين الرفاهية، حيث أن 18% فقط من المواطنين العرب يمتلكون حسابات بنكية مع مؤسسات مالية رسمية، ولا بد في هذا المجال من وضع إطار تشريعى وتنظيمى واضح لتأسيس بنية تحتية مالية وشبكات متطورة فى المناطق الريفية والبعيدة، وتنويع وتطوير المنتجات والخدمات المالية فى المنطقة بهدف تقديم خدمات مبتكرة وذات تكلفة منخفضة، مخصصة للفئات الفقيرة، وتوعية طلاب المدارس والجامعات بأهمية الثقافة المالية والتعامل مع المصارف، وتسليط الضوء على دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى فى التثقيف المالى للمواطنين.
* ما هو دور المصارف العربية في هذا المجال؟
– أن أصول القطاع المصرفى العربى بلغت 3.1 تريليون دولار، وسجلت 2 تريليون دولار، بنهاية الربع الأول من العام الجارى، وحجم الائتمان الذى ضخه القطاع المصرفى العربى فى الاقتصاد العربى بلغ نحو 1.6 تريليون دولار، وهو ما يشكل نحو 65% من حجم الناتج المحلى الإجمالى العربى، ما يدل على المساهمة الكبيرة التى يقوم بها القطاع المصرفى العربى فى تمويل الاقتصادات العربية، وعلى الرغم من استمرار الاضطرابات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية فى عدد من الدول العربية، لا يزال القطاع المصرفى العربى يمثل قاطرة الاقتصاد العربى.
* ما هي الأهداف التي تنشدها الاستراتيجية المصرفية العربية؟
– تهدف الاستراتيجية المصرفية العربية لعام 2015، إلى تعميم المنتجات والخدمات المالية والمصرفية بتكاليف مناسبة على العدد الأكبر من المؤسسات والأفراد، خصوصًا شرائح الدخل المنخفض أو الأشد فقرًا فى المجتمع، بالإضافة إلى تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر لتفعيل عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية فى وطننا العربى.
* ما هو تقييمكم لتطور مفهوم الشمول المالى فى المجتمعات العربية؟
– المنطقة العربية لا تزال تسجل أحد أدنى المستويات فى العالم فيما يخص الشمول المالى، حيث إن 18% فقط من المواطنين العرب يمتلكون حسابات مع مؤسسات مالية رسمية، وتنخفض هذه النسبة إلى 13% عند النساء، بالإضافة إلى التفاوت الكبير بين الدول العربية، حيث إنه فى العام 2014، كانت نسبة ملكية الحساب مرتفعة بشكل ملحوظ فى الإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والكويت (83%، و82%، و73%، على التوالى)، وفى المقابل، سجل الشمول المالى نسب منخفضة فى اليمن، والعراق، ومصر بحوالى 6%، و11%، و14%، على التوالى. وتوسيع المشاركة فى النظام المالى الرسمى أو تحقيق الشمول المالى ليس هدفًا فى حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق غاية، نظرًا لدوره التنموى الهام فى تطوير الإنسان، وتحسين مستوى المعيشة، وتمكين المرأة، وتعزيز تكافؤ الفرص، وتمويل المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، والحد من الفقر وعدم المساواة، وتأمين الرفاهية، وبالتالى تحقيق نمو اقتصادى شامل ومستدام.
* ما هو دور الحكومات فى الدول العربية في نشر الوعي والتعامل مع البنوك وشرائح المجتمع المختلفة؟
– ان دور البنوك والحكومات العربية، يأتى من خلال وضع إطار تشريعى وتنظيمى واضح لتأسيس بنية تحتية مالية وشبكات متطورة فى المناطق الريفية والبعيدة، بالإضافة إلى تنويع وتطوير المنتجات والخدمات المالية فى المنطقة بهدف تقديم خدمات مبتكرة وذات تكلفة منخفضة، مخصصة للفئات الفقيرة، وتوعية طلاب المدارس والجامعات بأهمية الثقافة المالية والتعامل مع المصارف، وتسليط الضوء على دور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى فى التثقيف المالى للمواطنين. وتطوير البنية التحتية للنظام المالى، والذى لا يزال متأخرًا فى عدد من الدول العربية، وتعزيز شفافية النظام المالى عبر تحسين أنظمة الائتمان والإبلاغ، وحماية حقوق الدائنين، وتسهيل أنظمة الضمانات، وإصلاح أنظمة الأسعار وخلق بيئة مشجعة ومواتية لحصول النساء على التمويل والخدمات المالية.
* ما هى أبرز التحديات التى تواجه المصارف العربية، لا سيما في مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال؟
– تسعى المصارف العربية وبشكل حثيث إلى حماية نفسها ومساهميها ومودعيها من أية عواقب قد يتسبب بها دخول أموال إليها بهدف تبييضها أو بهدف تمويل منظمات إرهابية أو إجرامية، وهذا الجهد يضاف إليه عمل متواصل من قبل المصارف المركزية والهيئات الرقابية العربية، لوضع تشريعات وتنظيمات وسن قوانين وإصدار تعاميم وبشكل متواصل حول كيفية التعامل مع تلك المخاطر.
وقد يكون من أهم تلك التعاميم، حث المصارف على إيلاء الاهتمام الأقصى بوظائف الامتثال وإدارة المخاطر والتدقيق الداخلى والتى يمكن أن تشكل خطوط دفاع للمصارف فى مواجهة مخاطر عمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
* هل تواجه المصارف العربية أية عقبات حول تطبيق قانون فاتكا؟
– على الرغم من أن قانون فاتكا هو تشريع دولى – أى صادر عن دولة واحدة – وليس تشريعًا عالميًا كتوصيات لجنة بازل أو توصيات مجموعة العمل المالى FATF، فإن المصارف العربية تجد نفسها ملزمة بتطبيق هذا القانون، تحت طائلة حرمانها من التعامل مع النظام المالى الأمريكى، وأشير إلى أن نتائج الاستبيان الذى عمل عليه كل من اتحاد المصارف العربية وصندوق النقد الدولى، حول تأثير التشريعات الدولية على المصارف العربية، ومنها قانون فاتكا، قد أظهر أن المصارف العربية بمجملها تميل إلى الالتزام بتطبيق قانون فاتكا على الرغم من أنه يكبد تلك المصارف أعباء مالية، كتدريب الموظفين وتعديل البنية التحتية التكنولوجية وغيرها، دون الحصول على أى مقابل مالى.
* ما هي تداعيات الأزمة المالية فى اليونان على الاقتصاد العالمى وتأثيرها على البنوك العربية؟
– تداعيات الأزمة المالية اليونانية ليست محصورة محليًا، فعلى الرغم من بقائها ضمن منطقة اليورو، من المتوقع أن تواجه اليونان فترة صعبة سياسيًا واقتصاديًا مما قد ينعكس سلبًا على الاستقرار السياسى والمالى والاقتصادى ضمن منطقة اليورو، ومن المرجح أن تؤدى إجراءات التقشف إلى ارتفاع معدل الفقر ونسبة البطالة فى اليونان خاصة بين الشباب، الأمر الذى قد يؤدى إلى ارتفاع معدلات الهجرة إلى الدول الأوروبية. فى المقابل، تجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد اليونانى يشكل حوالى 2% من الناتج المحلى الإجمالى الأوروبى فقط.
وبالنسبة لأثر الأزمة المالية اليونانية على المصارف العربية، فكان ولا يزال محدودًا كون معظم استثمارات هذه الأخيرة محلية بشكل أساسى، ومن غير المرتقب أن تترك الأزمة اليونانية تأثيرًا مباشرًا كبيرًا على القطاع المصرفى العربى إلا فى حال تضرر بعض المصارف الأوروبية الدائنة لليونان التى تتعامل المصارف العربية معها بصورة كبيرة، مما قد ينعكس سلبًا على أعمال هذه المصارف، أما الأثر غير المباشر للأزمة اليونانية على الاقتصاد العربى، فيأتى جراء انخفاض توقعات النمو الأوروبى أو تأرجح سعر اليورو، وذلك لكون الاتحاد الأوروبى الشريك التجارى الرئيسى لمعظم الدول العربية وبالأخص تونس، والجزائر، وليبيا، والمغرب، ولبنان ومصر.