أكد رئيس مجلس إدارة رابطة المصارف العراقية الخاصة، وديع نوري الحنظل على أهمية الشمول المالي وتطبيقه في الدول العربية، مثنياً على بعض التجارب المعتمدة، لا سيما إدراجها ضمن مناهج التعليم.
وفي حديثه لـمجلة ” الدورة الاقتصادية” على هامش المؤتمر المصرفي العربي السنوي، أشار الحنظل الى أن العراق يمرّ في ظروف صعبة، جزء منها ناتج عن المصاعب الاقتصادية، نتيجة هبوط أسعار النفط، ما ولد عجزا في الموازنة اثقلت كاهل الحكومة ووضعتها في ظرف لم توضع فيه أي من الحكومات السابقة، ما وضع الجميع ومن ضمنهم القطاع المصرفي العراقي في أجواء وتحديات صعبة مما حفز رابطة المصارف الخاصة العراقية للارتقاء بأدائها لتأدية ما عليه اوما يمكن أن تساهم به في ظل هذه الأزمة.
* بداية، كيف تنظرون الى مشاركتكم شخصياً، وكرابطة المصارف العراقية الخاصة في المؤتمر العربي المصرفي السنوي لهذا العام؟
– لا شك أن انعقاد هذا المؤتمر، في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان والمنطقة، يُعدّ فرصة هامة بحضور هذا الحشد من القيادات المصرفية على المستويين العربي والعالمي، خاصة ما يحمله من عنوان مهم جداً ” خارطة طريق للشمول المالي 2015-2020″. ونجاح انعقاده يعتبر تحدٍ كبير، على الرغم مما شهده لبنان مؤخراً من هجمات إرهابية وتفجيرات، أودت بحاة العديد من الشهداء والضحايا الأبرياء، ولا بد لنا في هذه المناسبة أن نعبّر عن أسفنا والرحمة للشهداء، ونتمنى الشفاء للمصابين.
كما نعتبر أن نجاح المؤتمر هو بمثابة نجاح للعالم العربي، وأن دلّ على شيء فهو يددلّ على أن هناك قيادات مصرفية عربية تعمل ليل نهار، ورسالتها واضحة بأن لا مكان للارهاب في الوطن العربي، انطلاقاً من لبنان والدول العربية كافة والعالم أجمع.
* هل عقدتم كرابطة مصارف عراقية خاصة، لقاءات جانبية على هامش المؤتمر، وما هي الآراء التي لفتتكم؟
– لقد التقينا بقيادات مصرفية رفيعة، على هامش المؤتمر، منها حاكم البنك المركزي الكويتي الدكتور محمد الشامل، وكانت مناسبة لتهنئته على تكريمه بجائزة الرؤية القيادية التي نالها، وتباحثنا في العديد من المواضيع المتعلقة بالعمل المصرفي، كما التقينا بحاكم البنك المركزي الأردني الدكتور زياد فريز، وقد استمعنا لرؤية كل منهما.
وحقيقة لقد لفتني ما جاء في كلمة الدكتور فريز، حول التجربة الأردنية الفريدة حول ترسيخ مفهوم الشمول المالي، لا سيما إدراجها ضمن مناهج التعليم في المدارس الأردنية، بدءاً من الصف السابع، وهي رسالة في غاية الأهمية موجهة للعالم العربي، وكما علّق البعض في وصفه بأن لدينا جهل في العالم العربي وأمية مصرفية. وكما أشار رئيس اتحاد المصارف العربية محمد بركات بأن نحو ملياري نسمة على مستوى العالم ليس لديهم حسابات مصرفية، وبالتالي نحن من ضمن هذا الكمّ، ممن يفتقدون للمعرفة في الشمول المالي.
* تطرقتم في احدى جلسات المؤتمر لأزمة النزوح جراء الحروب في دول الجوار، وقد كان لكم تجربة في العراق، كيف تنظرون الى تداعياتها؟
– لا شك أن محور أزمة النزوح كان من الجلسات الهامة لمناقشة أسبابه ومخاطره وتداعياته، وقد أشرت الى تجربة فريدة ناجحة قمنا بها في العراق، من خلال حملة شعبية يقودها سفير النوايا الحسنة في الأمم المتحدة الموسيقار نصير شمّا، وقد انطلقنا من ثوابت على أساس أن تكون هذه التجربة شعبية بحتة، بعيدة عن أي غطاء سياسي أو ديني، وأن لا تجيّر لأي سبب من الأسباب، تحت رعاية ورقابة البنك المركزي العراقي، ونحن مستمرون فيها، لكن عدد النازحين كبير جداً ويناهز 3 ملايين نازح في ظلّ أوضاع صعبة.
وكما قال نصير، بأن ما نقوم به تجاه النازحين هو بمثابة دين في رقابنا، سندّه بالمحبة والمعروف. والعراق بلد معطاء وينعم بالخيرات، لكنه تعرض لظرف خارج عن إرادته، حيث هبطت أسعار النفط الى أكثر من النصف، بالإضافة الى فتح جبهة حرب غير متوقعة، وبالتالي فهو يواجه بكل طاقاته، بطريقة مفاجئة، وقد اعتاد على المواجهة، لكن الضربة التي لا تقتل، تقوّي ونحن مستمرون.
* كيف تنظر الى دور الحكومات العربية في هذا المجال؟
– السؤال الكبير المطروح على حكوماتنا في هذا المجال هو : لماذا تستقبل الدول الأوروبية هذا الكمّ من النازحين العرب، فيما نحن نقف مكتوفي الأيدي في عالمنا العربي؟ وأين هي قيمة الوطن العربي مما يجري في العراق؟. خاصة في ظلّ التفاوت في توزيع الثروات، التي تتمّ بطريقة غير عادلة، ما ينعكس على واقعنا المؤلم، وما يؤدي إلى النزوح إلى أوروبا ودول العالم، فيما نمتلك قدرات وثروات عربية هائلة.
وعلى سبيل المثال، فإن لبنان يستقبل ما يفوق 1.5 مليون نازح وهو رقم كبير مقارنة بعدد المواطنين اللبنانيين، مقابل امكانات لبنان المالية، ولا بد في هذا الإطار من أن نؤثر على الرأي العام العالمي، والقيام بما يستوجب لمواجهة هذه الأزمة المستشرية.
* كيف تقيمون تعاون القطاع المصرف العراقي بالمصارف اللبنانية؟
أن التعاون بين البلدين يتمثل في نقل تجربة المصارف اللبنانية على صعيد الكوادر البشرية إلى السوق المصرفية في العراق، نظراً لخبرتها العالية في العمل المصرفي ونجاحها في تجاوز الأزمات خصوصاً في بيئة يتزعزع فيها الأمن والإستقرار بالتالي ترتفع فيها المخاطر.
ورغم أن المصارف اللبنانية كانت السّباقة في الدخول إلى السوق العراقية كونها تتمتع بسيولة مرتفعة تتيح لها الإستثمار في فروع خارج الحدود، إلا أن ظروف العمل في هذا البلد تجعل عمل المصارف الأجنبية ولاسيما اللبنانية، معقداً نظراً لمحدودية إمكانات السلطات النقدية البشرية والمهنية ولثقافة زبائن المصارف وخبرتهم المصرفية الضعيفة، لذا يقتصر عمل هذه المصارف في العراق على فتح إعتمادات مستندية للعملاء من دون منح تسليفات، لإنعدام إمكانية الإستعلام من السجل التجاري والرهن كون المصرف الأجنبي لا يملك حق التملك، بالإضافة إلى غياب مركزية للمخاطر وإرتفاع الكلفة النقدية.
* كيف ترى مستقبل السياسات والتشريعات المصرفية الداعمة للاصلاح في العراق؟
بدأ فريق متخصص في النشاط الاقتصادي مدعوماً بالقطاع الخاص في العراق بوضع خطة تتضمن مجموعة متكاملة من السياسات والتشريعات والتدابير الداعمة لإصلاح الاقتصاد وفق أسس حديثة، وقد اخذت الرابطة على عاتقها ومنذ بداية هذه السنة مساندة البنك المركزي العراقي للحفاظ على استقرار سعرالصرف. كذلك أدّت دوراً بارزاً عبر مشاركتها في فريق الخبراء الوطني برئاستها لفريق التمويل الذي قدم حزمة من السياسات اعتمدتها الحكومة لتطوير أداء القطاع المالي وقطاع التمويل.
* بماذا تتلخّص عناوين الخطة؟
أن تنفيذ هذه الخطة يتطلب الالتزام بإجراء مجموعة من التغييرات الهيكلية على مستوى الاقتصاد الوطني مع الحرص على انتهاج سياسات وقوانين تتوافق مع أهداف الخطة التي تتركز على قطاعات عديدة في مقدمها قطاع المصارف الخاصة، حيث يتم تفعيل دورها والسماح لها بتنظي مذاتها وفق رؤية جديدة تأخذ في الاعتبار دور اللجنة المشتركة بين المصرف المركزي العراقي ورابطة المصارف الخاصة، بهدف زيادة فاعلية هذا الدور في تنمية نشاط القطاع المصرفي الخاص.
وفي هذا المجال، فإن فريق الخبراء يرى أن مرتكزات البرنامج الاقتصادي للحكومة يُعد الأساس في صياغة حزمة السياسات والإجراءات التي تقوم على مبادئ أساس أهمها توافر رؤية وطنية مشتركة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، تتجاوز الاعتبارات السياسية والمصالح الفئوية والشخصية الضيقة، إذ إن إطالة المرحلة الانتقالية التي بدأت منذ التحول عام 2003 ضيّعت فرصاً مهمة، وأن تأجيل الإصلاح ستكون له آثار سلبية مع ضرورة تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على النمو المستدام وتحديث تكنولوجيا الإنتاج وتنويع مصادر الدخل وتوفير فرص عمل والحفاظ على الثروة الوطنية من الموارد المادية والبشرية وتنميتها.
* كيف تتعاملون مع تطبيق المعايير العالمية في ظل غياب التشريعات المطلوبة؟
أن فريقا لخبراء يرى أن الأمر يتطلب الارتقاء إلى المعايير العالمية والالتزام بالشروط العامة لـ «منظمةالتجارةالعالمية» التي يسعى العراق للانضمام إليها والشراكة مع الشركات العالمية في المشاريع القائمة أو الجديدة في مختلف النشاطات التي تملك منتجاتها الميزة التنافسية في السوق المحلية أو أسواق الصادرات مع ملاحظة أن الشركات العالمية والاستثمارات الأجنبية تفضل الشراكة مع القطاع الخاص وليس الحكومات.
أن حزمة الإصلاحات الاقتصادية هذه والتي تمت بناء على دراسة نتائج تجربة السنوات العشر الماضية ووضعها مسؤولون حكوميون وناشطون في القطاع الخاص تشمل حزمة سياسات وإجراءات تشجيع القطاع الخاص وسياسات تنويع مصادر الدخل وخلق فرص العمل مع التركيز على تعزيز الإيرادات العامة، ولا بد من انتقال اقتصادي تدريجي يكون بأقل الأضرار والتداعيات السلبية من خلال تطبيق آليات جديدة للضمان الاجتماعي تعيد التوازن لمصلحة القطاع الخاص.
* كيف ترى دور القطاع المصرفي في تمويل المشاريع السكنية، مقابل دور الاستثمار الأجنبي؟
الحديث عن هذا الجانب يتطلب التوقف عند قانون الاستثمار الرقم 13 لسنة 2006 والحاجة الى تعديل بعض بنوده بما ينسجم مع طموح المستثمرين، كذلك اجراء تعديل على القوانين المصرفية بما يسمح للمصارف بأن تؤدي دوراً فاعلاً في هذا المجال، ويمنحها مساحة أوسع في استثمار ودائعها ورؤوس أموالها في مشاريع استثمارية خصوصاً في قطاع الاسكان. إن أهم المعوقات التي تواجه المصارف العراقية حاليا ضيق المساحة التي يتم فيها العمل في النشاطات الاستثمارية، والقروض المصرفية من شأنها زيادة الانفاق الاسكاني وتعزيز فرص التنمية السريعة في المدن. أما الاعتماد على الاستثمار الاجنبي في تجاوز أزمة السكن فإنه أمر غير صائب، لكنه أحد الحلول التي يفترض الاعتماد عليها حالياً، لأن الاستثمارات الاجنبية لاتمثل سوى 16 في المئة، وما تبقى من نسبة يكون من واجب القطاع الخاص المحلي، الأمر الذي يفرض ضرورة تنمية القدرات في قطاع المقاولات والبناء، ووضع خطط وآليات سليمة بشكل سريع ليأخذ دوره الفاعل في هذا الميدان المهم.