برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام ممثلاً بوزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دي فريج، نظمت شركة “كونفكس انترناشيونال” بالتعاون مع مصرف لبنان المركزي، منتدى المال والأعمال “كلنا في خدمة الإقتصاد”، في فندق “فينيسا” – بيروت.
شارك في حفل الإفتتاح إلى جانب دي فريج، حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، رئيس جمعية مصارف لبنان، رئيس مجموعة “الإعتماد اللبناني” الدكتور جوزف طربيه، نائب رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان محمد لمع ممثلاً رئيس الإتحاد محمد شقير، رئيس مجلس إدارة شركة “كونفكس انترناشيونال” رفيق زنتوت، رئيس”الجمعية اللبنانية للجودة -(LSQ)” فادي صعب، وعدد من السفراء والشخصيات الدبلوماسية، وحشد من الإعلاميين، والمعنيين.
زنتوت
باية تحدث زنتوت، فشرح أسباب انعقاد المنتدى، وسأل: “هل نطرح الصوت حول هدر الوقت لانتخاب رئيس للجمهورية، ام حول مجلس نيابي ممدد له لا ينعقد الا نادرا ام حول الخلافات في جلسات مجلس الوزراء؟ أم نتطرق الى المواضيع الصحية والبيئية ونجعل جبال النفايات تدخلنا الى كتاب غينيس للارقام القياسية في سابقة لا مثيل لها في أزمة دامت ثمانية أشهر؟ أم نتطرق الى قضية الكهرباء والتي تكلف الدولة المليارات من الدولارات رغم التقنين، أم نطرح موضوع الموازنة العامة التي لم تصدر منذ سنوات؟ والمواضيع المعيشية والاقتصادية التي يشكو الجميع من جمود لم تشهده البلاد منذ زمن طويل، في ظل تزايد الاعباء الناجمة من أعداد النازحين والعقوبات المفروضة علينا من دول عدة بالاضافة الى مواضيع عدة والتي لا تعد ولا تحصى. فمن منكم يملك أجوبة؟ ومن يحمل مفتاح الحلول؟”.
صعب
وتحدث صعب، فقال: “لنتوقف قليلا عند المقارنه بين ما نسمعه من المسؤولين في السلطة والممسكين بمفاصل القرار، وبين ما يقومون به من امور تثقل كاهل المواطن وتدفعنا الى شفير الهاوية على كافة الاصعدة البيئية والصحية والتربوية والقضائية والاجتماعية والمالية والاقتصادية وغيرها”. وسأل: “هل الخطط الحالمة والقرارات الشعبوية والمواقف الواعدة، هي السبيل لذاك الكمال الذي نتوق اليه؟ وأين نحن من العهد الذي ننشده: “شيخنا والفتى عند صوت الوطن، اسد غاب متى ساورتنا الفتن”، فالى متى سنسمح للفتن المتتالية التى تعصف بالبلاد ان تهدد مصيره وتضر بمستقبل ابنائه؟. اين تضامننا كبارا وصغارا من مختلف الطوائف والانتماءات في الوقوف صفا واحدا لحماية الوطن والدفاع عن الدستور وارساء دولة القانون وصيانه المؤسسات وتأمين السلم الاهلي؟”.
لمع
ثم ألقى لمع كلمة رئيس اتحاد الغرف اللبنانية فقال: “لا يخفى على أحد ان أوضاع البلاد الاقتصادية والاجتماعية تذهب من سيء الى اسوأ، فكل المؤشرات المعبرة عن نشاطات وأعمال كل القطاعات انخفضت بشكل قياسي، كما المؤشرات الاجتماعية المتمثلة بارتفاع معدلات البطالة والفقر، حيث سجل العام 2015 ذروة هذه التراجعات وأخطرها على الاطلاق، ما يجعل التحديات والمخطار الاقتصادية في العام 2016 كبيرة جدا”.
وأكد أن “الاقتصاد وحياة اللبنانيين ومستقبل البلد، بحاجة الى تكاتف جهود الجميع”، داعيا الى “التلاقي على المصلحة الوطنية، والاسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وتفعيل المؤسسات الدستورية، لأن ذلك يشكل الممر الاساسي لاستقامة الجمهورية”.
طربيه
بدوره رأى طربيه أن: “المشهد السوريالي يتكرر في لبنان، وكأنه قدر محتوم نسير اليه كمن يفقد البصر والبصيرة معا. مشهد مؤلم يتجلى فيه العجز السياسي بصورة غير مسبوقة ويدفع الناس والاقتصاد أثمانه في سنوات عجاف متتالية. فنمو الناتج ينحدر من متوسط 8 في المئة الى 1 و2 في المئة، وفائض ميزان المدفوعات الذي لامس 8 مليارات دولار في العام 2009، ينقلب الى عجز سنوي متكرر، ثم تكون بيروت على لائحة افضل الوجهات السياحية والاستثمارية، ويصبح نهر النفايات فيها مثارا لتهكم العالم واعلامه وعنوانا لمآسي اللبنانيين ومعاناتهم المتنوعة”.
ولفت الى أن “تطورات المواقف السعودية الأخيرة وبعض دول مجلس التعاون الخليجي تجاه لبنان لن تستمر دون معالجة. ولا نجد أي مصلحة لأحد وعلى كل المستويات في تضخيم المواقف أو اطلاق تحليلات وتقديرات عن امكانية حصول تحولات غير مرغوبة بالمطلق من قبل الطرفين المعنيين، سواء لجهة طبيعة الروابط القائمة في كل المجالات أو لجهة منظومة العلاقات التاريخية بين لبنان ودول الخليج، شعوبا وحكومات وقطاعات اقتصادية واجتماعية”.
وأشار إلى أن “هذه المعادلة تنطبق أيضا على الاستثمارات والتوظيفات الخليجية في لبنان وكذلك اللبنانية في الخليج، والعائدة بمعظمها لأفراد ومؤسسات من القطاعات الخاصة. فاللبنانيون شركاء مخلصون في نهضة دول الخليج واقتصاداتها، وأوفياء لهذه المجتمعات التي احتضنتهم، والخليجيون بدورهم شركاء تاريخيون وأصيلون في العديد من القطاعات الانتاجية اللبنانية، وأصحاب نخوة وحمية في المراحل الصعبة”.
سلامه
من جهته، تحدث سلامه فقال: “شهدنا خلال الفصل الأول من العام 2016 متغيرات مالية واقتصادية على صعيد المنطقة والعالم، أتت معظمها سلبية، أهمها تراجع النشاط الاقتصادي الذي كان غير متوقع في الولايات المتحدة واوروبا، ما أدى إلى عدم رفع الفائدة في الولايات المتحدة وإلى تخفيضها في أوروبا. كذلك تراجع حاد في سعر النفط والمواد الأولية مما خفف من السيولة في الدول العربية وأفريقيا، ودخول مقترضين جدد من الدول النفطية وارتفاع في الفوائد في الدول العربية، بالإضافة إلى ما أشير إليه أعلاه وتأثيره السلبي على لبنان، يعيش بلدنا ظروفا سياسية صعبة ووضعا أمنيا حذرا، ما ينعكس على الاستهلاك والاستثمار”.
أضاف: “توقع مصرف لبنان أن يكون العام 2016 عاما صعبا على الاقتصاد اللبناني وأن يستمر الوضع الاقتصادي بنمو يقارب الصفر، لذا اتخذ المصرف مبادرة تساعد على تمرير المرحلة وعلى تحفيز الطلب الداخلي، فأصدرنا تعاميم تنظم بشكل وقائي التسليف الشخصي، ونحن اليوم في وضع مستقر في هذا القطاع”.
ولفت إلى أن “خدمة الدين لدى العائلة اللبنانية تساوي 44 في المئة من مدخولها وهي موزعة على أساس 29 في المئة لخدمة الدين السكني، و14 في المئة لأغراض أخرى. كما أصدرنا تعميما لإعادة جدولة القروض الممنوحة إلى القطاع الخاص وذلك على مسؤولية المصرف المقرض، فتحسن النشاط الاقتصادي خلال شهري تشرين الثاني وكانون الأول 2015. كما أصدرنا رزمة تحفيزات تفوق المليار دولار لتلبية الطلب على القروض السكنية وقروض المؤسسات الصغيرة والبيئة، واستمرينا بدعم اقتصاد المعرفة، حيث بلغت توظيفات المصارف في هذا القطاع 243 مليون دولار. كذلك قرر المجلس المركزي منح قروض للإنتاج الفني اللبناني، ووضع سقفا آنيا بـ100 مليون دولار يمكن للمصارف منحها بفوائد منخفضة ولآجال طويلة”.
أضاف: “تعرض لبنان على أثر تعليق المنحة السعودية له ولجيشه إلى موجة تشكيك باستقراره النقدي. وكما أكدنا حينها، فالليرة اللبنانية ثابتة، وموجوداتنا أكانت في القطاع المصرفي أو في مصرف لبنان تؤكد إمكانياتنا لإبقاء الليرة مستقرة تجاه الدولار الأميركي، فالسوق له كامل الثقة بذلك والأسواق مستقرة”.
وتابع: “لقد حقق لبنان تقدما ملحوظا حينما تفادى إدراجه على قائمة الدول غير المتعاونة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وذلك جد مهم للإبقاء على حركة تحاويل طبيعية من وإلى لبنان”.
وأشار إلى أن “التراجع الذي نشهده في ميزان المدفوعات والذي فاق الـ 3 مليار دولار في العام 2015 وسجل رقما سلبيا قدره 360 مليون دولار لأول شهرين من العام 2016، يقابله نمو في الودائع، وهذا التراجع يعود أساسا إلى سداد الدولة لمستحقاتها بالدولار وارتفاع توظيفات غير المقيمين”.
وقال سلامه: “من المبكر أن نتوقع حركة الودائع للعام 2016، إنما الإمكانيات التمويلية للقطاعين الخاص والعام متوفرة. وقد أبقت مؤسسات التصنيف تقويمها للبنان على حاله. فأي تعديل إيجابي لهذا التقويم يرتبط بإعادة تفعيل مؤسساتنا الدستورية وإلى إصلاحات في المالية العامة”.
وتابع: “لقد أصدرنا تعميما يحظر على المصارف بعد سنتين من تاريخه بالتعامل مع شركات لها أسهم لحامله، وذلك لمزيد من الشفافية وللتماشي مع ما هو مطلوب عالميا. وطلبنا من الصندوق الدولي ومن الهيئات التنظيمية والرقابية أن تقوم بتقويم للقطاع المصرفي اللبناني، الذي سنقوم بنشره فور إنجازه”.
أما على صعيد الأسواق المالية، فقال: “نحن مستمرون بإطلاق منصة إلكترونية للتداول تأمينا لسيولة أكبر للقطاع الخاص، وذلك برزمة واحدة مع تخصيص بورصة بيروت بعد قرار الحكومة ووزير المالية علي حسن خليل بمباشرة التحضيرات لخصخصتها”.
دو فريج
ثم ألقى دو فريج كلمة سلام، استهلها متسائلا: “هل نحن جميعا بالفعل في خدمة الاقتصاد؟”.
وقال: “أن نكون جميعا في خدمة الاقتصاد يعني أن نكون في خدمة لبنان وأن نحافظ على سلامة اقتصاده وتطويره ما يشكل أهم مقاومة في وجه كل محاولات إسقاط لبنان وإخضاعه من خلال إفقار شعبه ودفعه للهجرة”.
ولفت إلى ان “الديموقراطية تعرف على أنها نظام يعود فيه القرار الى الشعب، الذي يقرر منح ثقته الى أشخاص يكلفهم بمهمة إدارة شؤونه والعمل على تأمين رفاهيته. نظام يضع الضوابط اللازمة التي تجعل من الصعب على أية سلطة أن تستغل ثقة شعبها للتعدي على حقوق هذا الشعب الأساسية وحرياته العامة. أما في لبنان، إن مقدمة الدستور تلحظ أن الشعب هو مصدر السلطات وصاحب السيادة التي يمارسها عبر المؤسسات الدستورية. إلا أن هذا الدستور تحول، بفعل بعض الممارسات، الى مجموعة نصوص يجري تحوير معناها بحيث يتوافق تفسيرها مع برامج طائفية أو سياسية أو شخصية”.
وأردف: “تبين أن هذه الاجتهادات تتجه، للأسف، الى ابتداع أساليب عديدة لتعطيل الحياة الديمقراطية بدل أن تبتكر الوسائل التي تؤمن انتظام عمل السلطات الدستورية. فقد حولت هذه الأعمال لبنان الى دولة لا رئيس لها، أي الى دولة تفتقر لرمز وحدة الوطن الذي يتولى السهر على احترام الدستور، كما أنها جعلت من الصعب على السلطة التنفيذية العمل بشكل منتظم، وهي حالت دون أن يمارس مجلس النواب كامل صلاحياته. إلا أن من حق اللبنانيين أن لا يتوقعوا، من أي فريق سياسي، أن يسعى الى القضاء على المقومات الدنيا لأي نظام ديموقراطي، لأن من حق اللبنانيين أن يتوقعوا من ممثليهم أن يتوافقوا على أن عمل المؤسسات الدستورية يجب أن ينصب على تأمين أمنهم الاجتماعي والاقتصادي، وازدهار بيئة الأعمال في وطنهم، وحماية الاستثمارات فيه”.
أضاف دو فريج: “إن خدمة لبنان تكون بالمزيد من الاستثمارات لإيجاد المزيد من فرص العمل، وتحسين الحياة اليومية والمعيشية للمواطنين ما يعيد الى هذا البلد أهمية الطبقة الوسطى، كما ان خدمة لبنان تكون بالدولة القوية دولة المؤسسات لا دولة الفساد المشرع على مصراعيه من خلال الصراع على الاستفادة من الخدمات وتسخير لهذا الطرف أو ذاك، فمعالجة هذه المعضلة لن تتم إلا بسحب جزء كبير من هذه الخدمات من يد القطاع العام وجعل القطاع الخاص وحده يعمل على تقديمها وتطويرها، وأن تتولى الدولة في المقابل دورها كهيئة ناظمة لعمل هذه القطاعات وأن تفعل دورها الرقابي والتشريعي، وأن تركز في الأولوية على الرعاية الاجتماعية لمختلف شرائح الشعب”.
الجلسات
ثم عقدت الجلسة الأولى بعنوان “تلازم معالجة الهدر مع زيادة المداخيل”، أدارها دي فريج، وشارك فيها وزير الاقتصاد والتجارة السابق النائب ياسين جابر، ووزير الاقتصاد والتجارة السابق نقولا نحاس، ورئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء اللبنانية مارون حلو، ورئيس شؤون الأبحاث الاقتصادية في “بنك البحر المتوسط” مازن سويد.
كما عقدت الجلسة الثانية بعنوان “مستقبل لبنان بأيدي شبابه”، وشارك فيها وزير الثقافة ريمون عريجي، والنائب الأول لحاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، ورئيس جمعية تجار بيروت الرئيس العالمي لمتخرجي جمعية “MIT” نقولا شماس، والأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، ومدير عام “ب.ل.س. اينفست” فؤاد رحمة.