بدأ “ملتقى عمان الاقتصادي” أعماله في فندق شانغريلا – منتجع بر الجصة، في العاصمة مُسقط تحت رعاية معالي وزير التجارة والصناعة ونائب رئيس المجلس الأعلى للتخطيط في سلطنة عُمان د. علي بن مسعود السنيدي. وشارك في الملتقى الذي تنظمه وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع مجموعة الاقتصاد والأعمال في دورته الخامسة عدد من الوزراء العُمانيين والأجانب أبرزهموزير النقل والإتصالات د. أحمد بن محمد الفطيسي، الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط معالي سلطان بن سالم الحبسي، رئيس مجلس إدارة المنطقة الإقتصادية الخاصة بالدقم معالي يحيى بن سعيد الجابري، وزير التجارة والصناعة والمناجم الإيراني محمد رضا نعمت زاده، نائب وزير التجارة الصيني تشيان كه مينغ، ونائبة الوزير للشؤون الخارجية اليابانية ميكي يامادا، إضافة إلى أكثر من 600 مشارك من رؤساء الشركات والمستثمرين ورجال الأعمال العمانيين والعرب والأجانب. ومن بين الحضور أيضاً أكثر من 100 ممثل ورئيس لصناديق إستثمار سيادية وتقاعدية عالمية في نادي (CROSAPF) الذي تزامن انعقاد اجتماعاته في سلطنة عمان مع انعقاد الملتقى، ووفود رسمية وتجارية إيران والصين واليابان وغيرها من الدول الآسيوية.
السنيدي
الوزير السنيدي قال إن الملتقى ينعقد وسط تحديات اقتصادية محورية ليست ناتجة فقط عن التحولات الهيكلية في سوق النفط وما أدت إليه من انخفاض حاد في الأسعار والإيرادات النفطية، وإنما هي أيضاً نتاج الأوضاع الحالية التي أثرت سلباً على توقعات النمو للاقتصاد العالمي. ولفت إلى أن سلطنة عمان تأقلمت مع هذه الأزمة لحماية اقتصادها من تداعياتها وعملت على تطوير سياسات ترشيد الإنفاق العام وزيادة فعاليته وأقَرت المضي في البرامج الحكومية لتطوير البنى الأساسية وتعزيز قدرة االقطاع الخاص على النمو واستقطاب الاستثمارات الخارجية وذلك من خلال تطوير بيئة الأعمال والاستثمار وإطلاق المشاريع الاستثمارية الكبيرة إلى جانب الاهتمام بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال لتوفير فرص العمل للعمانيين وزيادة القيمة المضافة في الاقتصاد العماني.
وأكد أن سياسة ترشيد الإنفاق حافظت على مشاريع البنية الأساسية وعلى الخدمات ذات الجودة العالية المقدمة للمواطنين، ودعا القطاع الخاص المحلي والأجنبي للاستثمار في قطاعات الخدمات العامة، الصحة والصرف الصحي وإدارة المخلفات الصلبة، إضافةً إلى القطاعات الخمسة التي أعطتها الخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020) الأولوية للاستثمار وهي القطاع اللوجستي والصناعات التحويلية والسياحة والتعدين والاستزراع السمكي بالشراكة مع الأذرع الاستثمارية الحكومية والمتخصصة في القطاعات الاستثمارية المختلفة.
ولفت السنيدي إلى أن الأنشطة الاقتصادية غير النفطية حققت نمواً قدره 4.7 في المئة في 2015، مع نسبة تضخم أقل من 1 في المئة، ما يعكس نجاح السياسات الاقتصادية للحكومة لتنويع الاقتصاد. وأشار إلى مشاريع الشراكة الاستثمارية الاستراتيجية بين عُمان والصين من بينها شراكة استثمارية في إدارة الموانئ، ومشاريع مع إيران من بينها مشروع ربط الموانئ، ومشاريع الصناعات الغذائية والتخزين مع اليابان.
أبو زكي
المدير التنفيذي لمجموعة “الاقتصاد والأعمال” وليد أبو زكي قال إنها المرة الخامسة التي نشارك فيها كمجموعة في تنظيم هذه التظاهرة الإقتصادية المميزة، ونحن نعمل مع كل دورة لإضفاء الأفضل على الملتقى، وهذا سبب استمراره ونجاحه في استقطاب عدد أكبر من المشاركين العمانيين والعرب والأجانب. وتأتي الدورة الخامسة للملتقى هذا العام في ظل تغيرات جذرية في اقتصاديات المنطقة طالت أيضاً سلطنة عُمان وخلطت أوراق القيّمين على سياستها الاقتصادية، إلّا أن هذا لم يؤدِّ إطلاقاً إلى التراجع عن سياسات الدولة الإقتصادية وأهدافها التنموية، بل شكل دافعا لابتكار أساليب تمويل جديدة والعمل على إرساء قواعد الشراكة الكاملة مع القطاع الخاص، فضلاً عن ترشيد الإنفاق الإستهلاكي والإسراع في إقرار قانون إستثمار عصري.
وأضاف أبو زكي أن “ملتقى عُمان الاقتصادي”، طرح أربعة محاور أساسية هي: إنعكاسات أسعار النفط على الإنفاق الإستثماري والتكيف مع الأسعار الجديدة، الآفاق وفرص الاستثمار في إطار الخطة الخمسية التاسعة، علاقة السلطنة ببلدان آسيا، وكيفية إستفادة المستثمرين العرب والأجانب من البنى التحتية المتطورة جداً في عُمان ومن موقعها فتكون جسر الشراكة العربية – الآسيوية.
الفطيسي
وزير النقل والاتصالات العماني د. أحمد بن محمد الفطيسي رأى أن عامل الأمان والاستقرار في سلطنة عمان وموقعها الجغرافي المميز هما القاعدة الأساسية لاقتصادها، وأيضاً بناها التحتية من مطارات وموانئ وشبكات الطرقات جيدة جداً حيث أنفقت السلطنة الكثير لتطويرها. وأشار إلى أن الموانئ الثلاثة في البلاد فيها كفاءة تشغيل عالية ووفق المعايير العالمية. أمّا بالنسبة للمطارات فتقترب السلطنة من إنجاز منظومة جديدة من المطارات، والعمل جارٍ لانشاء سكة الحديد وهو مشروع خليجي. وأكد أن هذه البنى التحتية تسهم بنسبة كبيرة من مزايا الاستثمار في السلطنة، والتركيز سيكون على ترقية قطاع النقل واللوجستيات الذي أعطي أولوية الاستثمار في الخطة الخمسية التاسعة.
الحبسي
بدوره تناول أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط سلطان بن سالم الحبسي الخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020) لافتاً إلى أنها تمهد للرؤية المستقبلية “عمان 2040”. واستعرض أهم مؤشرات الخطة الخمسية الثامنة حيث بلغ متوسط النمو 3.5 في المئة مقابل 1.7 في المئة في البدول المتقدمة و3.3 في المئة في بلدان الشرق الاوسط وشمال أفريقيا. ونمت القطاعات غير النفطية بنسبة 6.1 في المئة مقابل 2.4 في المئة للأنشطة النفطية، ما يعني أن التنويع الاقتصادي في المسار الصحيح وأن السلطنة نجحت في تحقيق أهداف الخطة الخمسية الثامنة بزيادة معدل نمو الناتج المحلي بموازاة خفض معدلات التضخم التي بقيت دون 1.5 في المئة في 2015 رغم زيادة أجور الموظفين. والخطة التاسعة ستنجز الاهداف الموضوعة في الرؤية المستقبلية “عمان 2020 ” خصوصاً المتعلقة بالقطاع الخاص وزيادة التنويع الاقتصادي وفرص العمل. فالقطاع الخاص ورغم مساهمته بنسبة 50 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي خلال الخطة الخمسية الثامنة، إلّا أن معدل نموه (2.7%) لا يزال بطيئاً مقارنة بنمو القطاع العام (5%).
الجابري
وقال رئيس مجلس إدارة هيئة المنطقة الإقتصادية الخاصة بالدقم يحيى بن سعيد الجابري انشئت هذه المنطقة لتكون بوابة التجارة بين دول شرق آسيا والشرق الأوسط ودول شرق أفريقيان ودوره حيوي جداً في التنويع الاقتصادي في كل القطاعات بما فيها قطاع الخدمات اللوجستية الذي يُتوقّع أن يساهم بنحو 12 في المئة من الناتج المحلي للسلطنة. وقال إن المنطقة تمتد على 2000 كلم 2 في محافظة الوسطى، بواجهة بحرية طولها 75 كلم وتشمل: ميناء تجاري وحوض جاف، ومنطقة للصناعات البتروكيماوية وفيها كل البنى التحتية والمرافقن ميناء للصيد البحري لتعزيز القطاع السمكي، ومنطقة للخدمات اللوجستية مع مطار وسكة حديد وشبكة طرقات ما يجعل منطقة الدقم مع مينائها مركزاً إقليمياً للخدمات اللوجستية، ومنطقة لتخزين النفط الخام في رأس مركز بعد ضمه للمنطقة الاقتصادية، والمنطقة السياحية والمنتجعات للاستفادة من المعالم السياحية الكثيرة في المنطقة،
مينغ
كان الحضور الصيني مميزاً في الملتقى ما يعكس تعاظم العلاقات العمانية الصينية ووصولها إلى مرحلة الشراكة الاستثمارية الاستراتيجية. وقال نائب وزير التجارة الصيني تشيان كه مينغ إن الملتقى حدث اقتصادي مهم في المنطقة خصوصاً بشعاره “سلطنة عمان جسر الشراكة الخليجية- الآسيوية”. فموقع عمان مميز، وهي تربط الخليج بآسيا، وتربط أيضاً آسيا بأفريقيا. وهي دولة مهمة على طريق الحرير. وقال “إننا على ثقة بأن نجاح هذه الدورة من الملتقى سيعزز التعاون بين عمان ودول المنطقة، وسيعزز ميزتها الفريدة كقوة دفع للتبادل التجاري والاستثمار بين دول مجلس التعاون والبلدان الآسيوية والأفريقية”.
يامادا
بدورها قالت نائبة الوزير للشؤون الخارجية اليابانية ميكي يامادا إن اليابان يمكن أن تكون شريكاً مثالياً لسلطنة عمان ويعتمد عليه، وهذا ما يظهره وجودنا في السلطنة والتزامنا بالمشاريع خصوصاً في ظل سياسة تنويع الاقتصاد. وللشركات اليابانية موقع متقدم في قطاعي النفط والغاز الطبيعي المسال، وكذلك في قطاع توليد الكهرباء وتحلية المياه، في عمان.
نعمت زاده
وأخيراً كانت كلمة لوزير التجارة والصناعة والمناجم في إيران محمد رضا نعمت زاده الذي قال إن إيران ستشهد تطورات اقتصادية مهمة بعد توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات، وهذه التطورات ستكون لها انعكاسات إيجابية على إيران والمنطقة ككل. وقال “إننا هنا لاستكشاف الفرص المتاحة بعد رفع العقوبات لنا وكذلك لجارتنا عمان”.
وقال إن لدى إيران إمكانيات كبيرة تتمثل بناتج محلي يفوق 400 مليار دولار، ونحن ننتج 150 مليون طن من المنتجات الزراعية، ولدينا 5600 حقل معادن وننتج 43 مليار طن من المعادن والمواد الخام. وأكد أن في إيران 90 ألف شركة صناعية وهي تصدر ما يقارب 30 مليار دولار من السلع الصناعية. وخلال السنوات الأخيرة أنجزت شركات المقاولات الإيرانية 360 مشروعاً بقيمة 16 مليار دولار في 48 دولة. وقال إن وزارته وضعت خطة استراتيجية لجعل القطاع التصنيعي الإيراني أكثر كفاءة وتنافسية وقابلة للتصدير.