دعا وزير العمل سجعان قزي الى “إنشاء مفوضية عربية عليا لشؤون النازحين السوريين”. وقال في مؤتمر العمل العربي المنعقد في القاهرة: إننا نريد عملا فعليا وجديا يساعد لبنان على تحمل عبء وجود اخوانه النازحين ريثما يعودوا إلى سوريا”. وتوجه إلى وزراء الدول العربية التي يعمل فيها لبنانيون قائلا: “ان اللبنانيين هم في طليعة من يخلق فرص عمل في العالم العربي”.
واستهل قزي كلمته بالقول: “يوجد بين بلداننا حدود مشتركة، ولكن لا يوجد بينها دائما جسور مشتركة، لذلك نهنئ مصر والمملكة العربية السعودية ببناء الجسر البحري بينهما. أما بين لبنان وسائر الدول العربية فلا توجد جسور بحرية او برية او جوية او مادية فقط، انما هناك جسر بشري مصنوع من اولئك اللبنانيين الذين يعملون في الدول الشقيقة لا سيما في دول الخليج وفي طليعتها المملكة العربية السعودية. هؤلاء اللبنانيون يساهمون في تخفيض نسبة البطالة في العالم العربي، يشاركون في انماء العالم العربي، ويحبون الدول العربية، وبخاصة الخليجية، التي يعملون فيها كما يحبون وطنهم الام لبنان ويحرصون على أمنها واستقرارها”.
أضاف: “ينعقد مؤتمرنا اليوم بعد واحد وخمسين سنة على تأسيس منظمة العمل العربية ولا بد بعد نصف قرن ان نسأل عن انجازات هذه المنظمة وما هي منهجية عملها، وما هي الآلية التي تربطها بالدول العربية؟ بعد نصف قرن لا بد ان نسأل ماذا فعلنا جميعا. هذا الموقف ليس موقفا انتقاديا بل هو موقف تقييمي لعمل مؤسسة عريقة ومهمة هي منظمة العمل العربية. هل ان الحكومات العربية سهلت عمل هذه المنظمة وطبقت توصياتها واخذت باستراتيجياتها ونفذت توصياتها؟
بعد نصف قرن لا بد ان نسأل: كم عربي وظفت هذه المنظمة وكم فرصة عمل وفرت للشباب وللشابات وللأجيال العربية الطالعة؟ من هنا اقترح ان ينعقد مؤتمر خاص اشبه بخلوة تقييمية لمعرفة ماذا فعلت هذه المنظمة، وماذا لم تفعل. وانني على ثقة بأن مدير هذه المنظمة الاخ فايز المطايري، الذي رحبنا بانتخابه وكنا الى جانبه ولا نزال، سيأخذ المبادرة بالدعوة الى مثل هذا المؤتمر المصغر”.
ودعا قزي الى “التفكير بوضع آلية جديدة تربط المنظمة بالدول العربية لأنها المنظمة ليست حكومة تضاف الى الحكومات العربية اي انها ليست سلطة تنفيذية قادرة على تنفيذ ما تقرره وتوصي به”. وقال: “لذا يجب ايجاد آلية جديدة تدفع بالدول العربية الى الأخذ بالاعتبار ما تقرره منظمة العمل العربية او على الأقل فلتكن آذان حكوماتنا صاغية الى هذه المنظمة العربية بقدر ما هي صاغية لمنظمة العمل الدولية خاصة وان منظمتنا هي ادرى بشؤوننا وتقاليدنا وعاداتنا من اي منظمة دولية اخرى”.
وأضاف: “أنا آت اليكم من لينان، لبنان الذي لم يعد أرض الشعب اللبناني فقط، انه اصبح أرض النازحين ايضا حيث يعيش فيه الآن ثلاثة شعوب على الأقل: اللبناني والفلسطيني والسوري. لقد استقبل اللبنانيون كل نازح عربي خصوصا وان اتى من سوريا الدولة الأقرب الى لبنان جغرافيا، كما استقبلنا في العام 1948 إخواننا الفلسطينيين بعدما اغتصبت اسرائيل ارضهم. واتمنى في هذه المناسبة على منظمة العمل العربية ان تتبنى مطلب السلطة الفلسطينية وتعمل مع منظمة العمل الدولية والامم المتحدة لكي تدفع اسرائيل للسلطة الفلسطينية كل ما جنته من ضرائب ورسوم على العمال الفلسطينيين الذين عملوا على الاراضي المحتلة طيلة اربعين عاما”.
وتابع: “في لبنان اليوم ازمة بطالة كبيرة فسنة 2012 كانت نسبة البطالة في لبنان 11.3 %، وفي نهاية العام 2015 اصبحت البطالة 25% في حين ان نسبة البطالة في العالم العربي اجمع هي بين 18 و20%. ومن بين هذه النسبة هناك 36% من الشباب والشابات.
وإذ ذكر قزي بأن هناك 346 ألف شاب لبناني خرجوا من سوق العمل الى البطالة بين عامي 2012 و2014 بسبب تداعيات النزوح السوري الى لبنان”، قال: “أصبح عدد اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر او في موازاته حتى نهاية ايلول 2015 مليون ومائة وسبعون الف لبناني، ورغم ذلك لا تأتينا المساعدات الا تقطيرا. لا نطلب مساعدات للبنان الدولة والشعب ، انما ليتمكن لبنان من تحمل عبء نزوح الشعب السوري الذي اضطرته المأساة لأن ينزح الى لبنان والاردن وغيرهما من الدول المجاورة وحتى في الداخل السوري”.
أضاف: “في هذا الاطار وفيما الامم المتحدة والدول الكبرى والدول الغربية أنشأت مفوضية عليا للنازحين السوريين، ما بالنا نحن العرب وما بال منظمة العمل العربية لا تنشئ مفوضية عربية عليا للاهتمام بالنازحين؟”.
وسأل: “لماذا نترك للغرب ولأميركا ولأوروبا مثل هذه المسألة؟ وبعدها نقول لا للاستعمار، لا للتدخل في شؤوننا. فلنتحمل نحن مسؤولياتنا لكي لا يتدخل الآخرون ويملؤون ما ننكفئ نحن عن القيام به”.
وقال: “انها مسؤولية عربية مشتركة فلا نريد صناديق لأن هذه الصناديق اصبحت مثل اللجان مقبرة الاعمال والتوصيات. نريد عملا جديدا فعالا يساعد لبنان والاردن على تحمل عبء وجود النازحين السوريين على ارضنا.
نجتمع اليوم فيما يمر عالمنا العربي بأزمة كبرى، ازمة كيانات وانظمة وحدود، ولا نعرف ماذا سيكون عليه غدنا. ورغم ذلك لا تسارع الدول العربية إلى اتخاذ قرارات بمستوى الازمة المصيرية”.
وختم قزي: “اذا لم يأت الانقاذ من خلال السياسة فليأت من خلال العمل وفرص العمل، ومن خلال التنمية والاستثمارات، لأننا عبثا نبحث عن فرص عمل خارج اطار النمو. في لبنان مثلا منذ عام 2012 الى اليوم تراجع النمو كل سنة 2.9 % بين العام 2012 وبدايات 2016. من هنا زادت البطالة في العالم العربي وهي تتضاعف نتيجة الحروب واذا كانت الارقام التي اوردتها منذ قليل بأن نسبة البطالة 20% في العالم العربي فهذه الارقام مرشحة لأن تكون 38% عام 2025 اذا لم تتحرك الحكومات العربية والنخب العربية لإيجاد فرص العمل للأجيال الطالعة. فكل عاطل عن العمل هو مشروع تخريبي، وكل عامل هو مشروع نهضوي. فلنقدم على المشاريع النهضوية ونبتعد عن الحروب والفتن وندخل في عالم الاستقرار والاستقلال والسيادة والكرامة”.