وزير الصناعة محاضراً في الجامعة اللبنانية: لا نريد إلغاء الاتفاقات مع الدول الشريكة بل تصحيحها

حاضر وزير الصناعة الدكتور حسين الحاج حسن عن “آفاق الصناعة اللبنانية ومساهمتها في التنمية الوطنية” بدعوة من جمعية خرّيجي كلية العلوم الاقتصادية وادارة الأعمال في قاعة المحاضرات في مبنى الكلية في الجامعة اللبنانية – الحدث.

وحضر عميد كلية العلوم الاقتصادية وادارة الأعمال الدكتور غسان شلوق، مدير الفرع الاول في الكلية الدكتور شوقي الموسوي، رئيس الجمعية الدكتور جورج نعمة وأعضاء الهيئة الادارية، وعدد من عمداء ومديري وأساتذة الكليات في الجامعة اللبنانية وطلاب.

في بداية الندوة، ألقى الدكتور ناجي الجمّال كلمة ترحيبية، ثم أدار الندوة الدكتور وسام شريم.

الحاج حسن

2وألقى الوزير الحاج حسن محاضرة عرض فيها كيفية تطوّر الاقتصاد عبر التاريخ وصولاً إلى الثروة الصناعية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر والتي لا زلنا نعيش في كنفها اليوم، على الرغم من تطوّر الاقتصاد الرقمي في عالمنا المعاصر.

وقال:” لا زالت الصناعة المحرّك الأساس للاقتصاد العالمي حتى اليوم. والدول الصناعية السبع الكبرى اضافة الى الصين تسيطر على نحو 80% من حجم الاقتصاد العالمي. وهي تحقّق ذلك بفضل انتاجها وصادراتها الصناعية. إن المصارف تحرّك المال في شرايين الاقتصاد، كما أن السياحة والزراعة والخدمات تشكّل جزءاً مهمّاً من الاقتصاد، لكن تبقى الصناعة الركن الأهم في اعطاء القيمة المضافة في تحقيق الثروات والرخاء والازدهار للشعوب والدول. وهذه المسلمات متعارف عليها في كلّ دول العالم، حاول البعض في لبنان القفز فوقها لأنه غير مؤمن بدور الصناعة وبقدراتها في تحقيق النمو الاقتصادي. وللتأكيد على هذه المسلمات، فان الصادرات اللبنانية هي بحدود الـ 3.5 مليار دولار سنوياً، ثلاثة مليارات دولار منها صادرات صناعية والنصف مليار دولار صادرات زراعية. بلغ العجز في الميزان التجاري 17 مليار دولار عام 2014  و15 مليار دولار عام 2015، مقابل بلوغ الناتج المحلي اللبناني حدود الـ 51 مليار دولار. إنني أعتبر هذه الأرقام أبعد خطورة من مسألة النفايات التي عانينا منها، لا بل أكثر خطورة تقريباً من أي قضية مطروحة في البلد. هذه الخطورة المتعاظمة في النزف المالي في ميزان المدفوعات وفي ميزان الصادرات والواردات. هل يعقل أن يساوي عجز الميزان التجاري على مدى ثلاث سنوات حجم الناتج المحلي اللبناني؟ ألا يعود السبب في ذلك إلى التراجع في الصادرات والنمو الكبير في الواردات وإلى ما يتركه من تداعيات سلبية على البطالة وعلى عدم تأمين فرص عمل جديدة؟ لقد وصلت البطالة إلى صفوف حملة الدكتوراه. إن القطاع الصناعي هو القطاع الأكثر توظيفاً مع عدم تجاهل دور السياحة والقطاع المصارف والخدمات في التوظيف.”

وأكد ان تكبير حجم الاقتصاد يتمّ تدريجياً عن طريق زيادة الناتج المحلي إلى حدود الـ 70 مليار دولار ورفع صادراتنا من 3.5 الى 6 أو 7 مليار دولار، وتخفيض الواردات من 17 إلى 14 مليار دولار.

وقال:”إن دور الخدمات والسياحة والمصارف أساسي، ولكن الدور الأهم يبقى في تعزيز الصناعة وتطويرها وحمايتها ودعمها. قدّم البعض حججاً بأن كلفة الانتاج مرتفعة في لبنان. هذا الأمر صحيح ، ولكن هؤلاء الذين لا يؤمنون بدور القطاعات الانتاجية هم الذين أوصلوا بسياساتهم الاقتصادية الخاطئة والفاشلة والمقصودة إلى رفع كلفة الانتاج في لبنان، وذلك بسبب السياسات العقارية التي اعتمدوها وعدم فرض الضرائب على التحسين العقاري والتفلت في تملك العقارات مما أدى الى رفع أسعار العقارات وبالتالي الى عدم توجّه أصحاب رؤوس المال الى الاستثمار الصناعي. أضف الى عنصر السياسات العقارية، هناك عنصر التمنّع عن استخراج النفط والغاز من البحر والشواطىء اللبنانية، مما ادى أيضاً الى استمرار معاناة الصناعيين من ارتفاع كلفة الطاقة. هذه السياسات الخاطئة والفاشلة والمقصودة هي التي ادت إلى رفع كلفة الانتاج وتخفيض القدرة الانتاجية والتنافسية. هذه هي السياسات التعسّفية التي اعتمدت والتي ادّت الى هذه النتائج. وفي المقابل، يتحججون بالتجارة الحرة. هذه أكبر كذبة عرفها لبنان، لأنه لا تجارة حرة في كل دول العالم. والدليل ان غالبية الدول الصناعية اذا لم تكن كلها تضع عوائق تجارية متعددة تحت عناوين وتسميات مختلفة لعرقلة التبادل الحر وحماية صناعتها الوطنية. فتضع هذه الدول مواصفات لا يمكن تطبيقها، أو تحدّد الكميات، كما تتذرّع احياناً بالمخاطر الصحية أو الاغراق أو قواعد المنشأ.فأين التجارة الحرة؟ في العالم، هناك تجارة الأقوياء. دول العالم كلها قائمة اليوم على مبدأ الحماية والدعم. وهناك لبنانيون استثمروا في دول عربية واوروبية يستفيدون من هذا الدعم وهذه الحماية. وتطبق هذه السياسة عن طريق منح الأرض أو دعم الفوائد على الرأسمال التشغيلي، أو تقديم مساهمة مجانية من قيمة الرأسمال التشغيلي.”

وأضاف:” الصناعات التي اندثرت في لبنان بسبب هذه السياسات انتقل أصحابها الى الاستثمار في بلدان أخرى. هذا الأمر لا يعني أنهم غير كفوءين، وانما انتقلوا حيث البيئة حاضنة ومؤاتية اكثر. والصناعات التي صمدت وبقيت واستمرت وتطورت وازدهرت وها هي اليوم تنافس في الاسواق العالمية، فانما يحدث ذلك بسبب نوعيتها العالية وجودتها والتزامها المواصفات العالمية في التصنيع.”

 

وشدّد الوزير الحاج حسن على أن تقوية الاقتصاد وتخفيض العجز لا يتمّان الا بتكبير حجم الصناعة من خلال اجراءات عديدة منها:

1-        قرار سياسي متفهم ومساعد. واعتقد ان الجو السياسي تجاه الصناعة بدأ بالتحسّن.

2-        اجراءات استراتيجية انطلاقاً من العديد من الخطط والطروحات المطروحة سواء عبر رؤية الوزارة التطويرية للعام 2025 وسواء عبر التنسيق مع الوزارات والادارات العامة والقطاع الخاص.

3-        الاستمرار في سياسة دعم الفوائد للصناعة والزراعة

4-        تعزيز القدرة التنافسية للصناعيين عبر تخفيض الضرائب المفروضة على الأرباح المتأتية من التصدير. وهناك قانون معمول به على هذا الصعيد.

5-        التحضير لمشروع قانون يقضي بالغاء الضريبة على القيمة المضافة على الالات الصناعية وعلى بعض المواد الاولية المستوردة.

6-        دعم الفوائد على الرأسمال التشغيلي

7-        اصدار قانون دمج المصانع

8-        تفعيل العمل بقانون مكافحة الاغراق وحماية الانتاج الوطني

9-        تعديل الاتفاقات التجارية القائمة مع شركائنا التجاريين.

وهنا أريد التشديد على اننا نريد ان نبقى على صداقة تامة مع جميع شركائنا التجاريين. ولا نريد الغاء الاتفاقيات التجارية القائمة، بل نريد اعادة النظر في بعض بنودها لتصحيح الخلل في التبادل التجاري الناجم عنها.”

أما بالنسبة الى الانضمام الى منظمة التجارة العالمية، فأعرب الوزير الحاج حسن عن التمسّك بموقفه من هذا الامر قائلاً: ” إذا لم يصر الى وضع دراسة علمية موثقة يتعهد اللبنانيونبنتيجتها الاقرار بأهمية الانضمام الى هذه المنظمة والفوائد وانعكاسات الانضمام الايجابية على الاقتصاد اللبناني، فان موقفي سيبقى رافضاً الانضمام. فلقد جرّب لبنان باتفاقيتي الشراكة مع اوروبا والتيسير العربية، واغدقت الوعود علينا بان اسواق هذه الدول ستفتح امام منتجاتنا. لكن ذلك لم يحصل. بل حصل العكس. وفتحت اسواقنا امام الآخرين. نستورد من اوروبا 8.5 مليار دولار، اي بما نسبته 40% من مجموع الواردات اللبنانية، بينما نصدر اليها بحدود 300 مليون دولار، أي بحدود الـ 10% من الصادرات اللبنانية. لا يجوز ان يستمر الوضع على هذه الحالة. المطلوب منهم أن يفتحوا اسواقهم امام منتجاتنا، ويزيلوا العوائق التجارية واهمها المتعلقة بشهادات المنشأ.”

وختم:” سنظل نعمل على تحقيق هذه الخطة، والا ستزداد نسبة البطالة وتستمر زيادة العجز في الميزان التجاري وفي ميزان المدفوعات وفي المديونية العامة. وهذا الامر لن نقبل به بعد الآن. لدينا المقومات للنجاح. رأس المال البشري والمتعلم والكفوء متوفر. كما لدينا الطاقات الفكرية والعلمية والخبرات والمهارات، ولا ينقصنا المال، فضلاً عن ان سمعتنا التجارية في افضل حالاتها في دول العالم قاطبة. وأدعو الطلاب الى المساهمة معنا في اطلاق حملات ترويجية للصناعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. المطلوب اذاً ان ندافع عن اقتصادنا. وعلى الدولة ان تتحمل المسؤولية للمحافظة على الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي.”

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الأمل في عيد الميلاد من باب إلى باب. تطبيق noknok يرسم البسمة على وجوه اللبنانيين

في زمن يرمز إلى النور والأمل، أطلق noknok ، أسرع تطبيق لتوصيل المنتجات في لبنان، ...

الذهب يعود إلى التراجع اليوم مع استئناف الدولار لمكاسبه

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com يستأنف الذهب تراجعه اليوم بعد يوميه من ...

أسهم أبوظبي تقود أسواق الخليج بدعم من القطاع المالي

تحليل السوق التالي عن هاني أبوعاقلة، كبير محللي الأسواق في XTB MENA ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٤ ...