منذ أن أقرّ قانون إنشاء المصارف الإسلامية في لبنان عام 2004، صدر عن المصرف المركزي سبعة تعاميم تحدّد آلية عمليات المصرف الإسلامي والممتلكات الثابتة وتأسيس المصرف الاسلامي، وتعرّف عقود أو أدوات المصرف والمهام والشروط الأساسية لإنشاء صناديق الاستثمار. ما يستدعي ضرورة تحديث القوانين بما يتناسب وفكرة الصيرفة الاسلامية، ما شكل الكثير من العوائق أهمها، الاحتياط القانوني، وعدم استفادة المصارف الاسلامية من ضمان البنك المركزي لودائعها.
في ظل هذا الواقع استطاع بنك البركة- لبنان، عضو مجموعة البركة المصرفية، تحقيق أنجازات لافتة، وفاز بالعديد من الجوائز منها المصرف الأقوى في لبنان من حيث الخدمات المصرفية الإسلامية لسنة 2015، تقديراً لإنجازات البنك وتميّزه في مجال الخدمات المصرفية الإسلامية في لبنان، ضمن قطاع المصارف الإسلامية العاملة.
مدير عام بنك البركة- لبنان، معتصم محمصاني تحدّث لـ ” الدورة الإقتصادية” عن أداء المصرف والعوائق، معتبراً أن نتائج عام 2015 وأرباحه كانت مقبولة، قياساً للظروف التي تمرّ فيها المنطقة ولبنان، إلا أن البنك شهد تحسّناً نسبيّاً ملحوظاً.
ورأى محمصاني أن الأسواق، لا شكّ تزداد صعوبة، ولا يمكن نكران ذلك، خاصة بعدما اتخذته المملكة العربية السعودية ودول الخليج، من إجراءات في التعامل مع شريحة معيّنة في لبنان، ما سينعكس على المصالح الإقتصادية في لبنان، لافتاً أن القطاع المصرفي ليس بمنأى عنها، لناحية إحجام زيارة السوّاح الخليجيين وذوي الأملاك والسيولة الخاصة بهم التي باتت محدودة بشكل كبير.
وأكّد أن البنك، رغم كل الظروف، استمرّ بانتهاج سياسة المجموعة التوسّعية بتحفّظ، التي لولا الظروف لكانت وتيرتها أسرع مما هي عليه اليوم، مشيراً إلى افتتاح فرع جديد في منطقة الزيدانية في بيروت، معتبراً أنه أنسب لنوعية عمل البنك، خاصة وأنه مصرف رأسماله غير لبناني، وتوسّعه ليس كما هي عليه المصارف اللبنانية، ما يستدعي تواجده في أسواق قريبة من زبائنه، آملاً أن يعطي النتائج المرجوّة.
وأشار محمصاني إلى إمكانية التوسع إلى مناطق أخرى، خارج العاصمة، في محافظتي الشمال والجنوب قبل نهاية العام الجاري، مؤكداً في نفس الوقت، على عملية تحديث تجري في كافة الفروع من الجوانب كافة وذلك من ضمن البرنامج المخطط للبنك، إلى جانب الدورات المستمرة للموارد البشرية، داخل لبنان وفي الخارج، ومن خلال المشاركة في دورات وورش العمل التي يقوم بها إتحاد المصارف العربية، كذلك الاستفادة من خبراء مجموعة البركة، وابتعاث الكوادر لمتابعة دوراتهم.
وعن الخدمات، أشار إلى تقديم منتجات جديدة للجمهور، والخدمات للأفراد والطلاب والشباب، وبرامج صديقة للبيئة، والمعلوماتية، وغيرها.. كبقية الخدمات التي تقدمها المصارف الأخرى، مشدداً التركيز على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم. لافتاً أن خدمات البنك ودراساته التمويلية تعتبر من أقل المصارف كلفة لتمويل قروض السيارات أو بطاقات الإئتمان، التي تحمل ميزة المبلغ السنوي المقطوع، مقارنة بالبطاقات الأخرى التي تحتسب عليها الفائدة، وهذه المعادلة تحتاج إلى وعي المتعاملين.
واعتبر محمصاني وعي المتعاملين، مسألة أساسية، يعمل البنك على تعميمها من خلال الندوات المتنقلة بين المحافظات، وبالتعاون مع غرف التجارة والجامعات في المناطق، مشيراً إلى الاستعانة بخبراء مختصّين بالصيرفة الإسلامية والإقتصاد الإسلامي لإلقاء محاضرات في هذا المجال. لافتاً أن المودع والمستثمر اللبناني وشريحة كبيرة من المتعاملين لا يتعاملون مع المصرف الإسلامي من منطلق ديني أو شرعي، حيث يبقى هذا المفهوم محدود جداً.
وأكد مدير عام البركة- لبنان، على التعامل والمنافسة كأي مصرف يقدم خدماته في لبنان، إلا أن المصارف الإسلامية تواجه عوائق عديدة، منها ما يقدمه البنك المركزي كتمويلات مبنية على فوائد لا يمكن الإستفادة منها، وهذا ما لم يتم تطويره بما يتلاءم وعمل المصارف الإسلامية. وشدّد على ضرورة تعديل القوانين والتشريعات المتعلقة بالعمل المصرفي الاسلامي، منوّهاً بورشة العمل والمراجعة التي يقوم بها النائب الأول لحاكم مصرف لبنان، الأستاذ رائد شرف الدين، لإصدار تعاميم تتلاءم مع عمل البنوك الإسلامية وتعديل ما يمكن تعديله ويعطيها تنافسية معينة في أعمالها، والتي تعتبر خطوة جيدة.
ورأى أنه لا يمكن وضع المنافسة بين البنوك الإسلامية والتقليدية في لبنان على نفس المستوى ، فحجم القطاع المصرفي في لبنان يتجاوز 160 مليار دولار، في حين حجم القطاع الإسلامي منه لا يتجاوز المليار دولار، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود تشريعات مناسبة تساعد على نمو القطاع، حيث تحتاج إلى تعديلات، فيما يتعلق بأدوات الصيرفة وكيفية عمل البنوك الإسلامية ، وأي تعديل في الوقت الراهن يحتاج لموافقة المجلس النيابي، الذي يبقى آخر هموم السياسيين في لبنان.