نظمت لجنة الطاقة والمياه في نقابة المحامين، بالتعاون مع المركز اللبناني لحفظ الطاقة، في “بيت المحامي” – بيروت، مؤتمرا عن “الاستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة في لبنان: الدافع والتحديات القانونية”، برعاية وزير الطاقة والمياه ارتيور نظريان ونقيب المحامين في بيروت انطونيو الهاشم.
عيسى
بداية النشيد الوطني ثم نشيد نقابة، وألقى رئيس لجنة الطاقة والمياه في النقابة الدكتور طوني عيسى كلمة اشار فيها الى ان “الطلب المتزايد على مصادر الطاقة في كل نواحي الحياة، اوجد العديد من التحديات، بعضها يتصل بأمن الطاقة او استنفاد مصادر الطاقة غير المتجددة (اوالوقود الاحفوري) التي تمثل حاليا اكثر من 85 في المئة من الطلب العالمي على الطاقة، والبعض الآخر يرتدي ابعادا بيئية خطيرة متصلة بتلوث الهواء من جراء الانبعاثات والملوثات الناجمة عن احتراق الوقود الاحفوري، وتأثيرها المباشر في تعجيل ظاهرة احترار الارض، او ما بات يعرف بمشكلة تغير المناخ العالمي، وهي تعد المشكلة البيئية الابرز في العالم”.
وأضاف: “بهدف هو الحد من الانعكاسات البيئية والصحية والاجتماعية الناتجة من الاستهلاك المتنامي لمصادر الطاقة التقليدية، ابرم المجتمع الدولي منذ تسعينات القرن الماضي، اتفاقات ومعاهدات عدة، كان آخرها في باريس في نهاية العام المنصرم، لمواجهة التحديات المستقبلية لانعكاسات تغير المناخ تتضمن التزامات واجراءات واسعة عن ترشيد الطاقة وكفايته ضرورة التحول وبسرعة، نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة وغيرها من القرارات المهمة ذات الصلة”.
ورأى ان “السؤال المطروح هو: “أين موقع لبنان من هذا الملف الحيوي في عملية التنمية المستدامة؟ وهل لدينا بالفعل استراتيجية وطنية حول الطاقة المستدامة؟ هل توجد امكانات جدية لتعزيز ترشيد استخدام الطاقة التقليدية، او لتنفيذ حلول الطاقة المتجددة من دون عرقلة الانتاج والنمو الاقتصادي؟ الى اي حد يمكن لبنان ان يفيد من موقعه الجغرافي لانتاج الطاقة بالاعتماد على الشمس او الموارد المائية او السدود او حتى الرياح؟ ما هي المعوقات التي تحد من قدرة القيمين على هذا الملف على تنفيذ أي استراتيجية موضوعة؟ وما هو مدى ملاءمة النظام القانوني الحالي وجهوزيته لمواكبة موضوع الطاقة المستدامة في لبنان؟”.
وتابع: “ان المؤتمر حول “الاستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة في لبنان: الواقع والتحديات القانونية” ينعقد ليفتح ملف الطاقة المستدامة، للمرة الأولى في نقابة المحامين في بيروت، ويعرض ابرز التحديات والاشكاليات التي يثيرها، ويصوغ التوصيات اللازمة التي من شأنها تمكين المحامين من الاطلاع عن كثب على هذا الملف ، ويرسي ثقافة “الوعي حول الطاقة” ضمن المجتمع الحقوقي. ولعل الجديد الذي يأتي به المؤتمر انه سيركز على الابعاد القانونية والتنظيمية لموضوع استدامة الطاقة، كما سيكون مناسبة لعرض مشروع القانون الذي اعدته وزارة الطاقة والمركز اللبنانية لحفظ الطاقة حول كفاية الطاقة والطاقات المتجددة ومناقشته قبل عرضه على مجلس الوزراء”.
ورأى “ان هذا النشاط هو جزء لا يتجزأ من عمل لجنة الطاقة والمياه في لبنان التي تأسست في العام 2012، والتي تركزت انشطتها بداية على قضايا النفط والغاز، ثم على موضوع المياه، وهي اليوم تستكمل نشاطها بالتطرق الى موضوع الطاقة المستدامة الذي لا يقل شأنا او أهمية، إن لم يكن الاكثر اهمية في الاساس. وكان تعاون اللجنة مع المركز اللبناني لحفظ الطاقة الذي وقعنا معه اتفاق تعاون في العام الماضي، اساسيا في التحضير لهذا المؤتمر وفي اعداد جدول اعماله واقتراح الخبراء والمتحدثين”.
الخوري
من جهته، قال المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة المهندس بيار الخوري الى “ان لبنان شهد خلال السنوات الخمس الاخيرة تطورا كبيرا في اسواق الطاقة المتجددة وكفاية الطاقة، ما دفع بلدنا في مصاف الدول العربية الاكثر تقدما في هذا المجال. ولكن لتحقيق كل الاهداف الوطنية التي وضعناها نصب اعيننا، لا بد للبنان ان يكون مدهشا في اطار قانوني وتشريعي حديث ومتطور يضمن تعميم كل التجارب الناجحة على كل القطاعات المستهدفة للطاقة آخذين في الاعتبار العناصر البيئية ومفاهيم الصحة والسلامة العامة.
وفي هذا الاطار، تم توقيع مذكرة تفاهم بين نقابة المحامين في بيروت والمركز اللبناني لحفظ الطاقة برعاية كريمة من وزير الطاقة والمياه الاستاذ ارتيور نظريان”.
وأضاف: “يأتي لقاؤنا اليوم لاكمال مسيرة التعاون بين النقابة والمركز ولا سيما لجهة اقرار قانون حفظ الطاقة والطاقات المتجددة في لبنان، والاهم من ذلك العمل لكي تكون التشريعات والقوانين اللبنانية منسجمة وفي حال تكامل”.
وختم: “يحرص المركز اللبناني لحفظ الطاقة على تطوير الخطط الوظيفية وتطبيقها في مجال الطاقة المستدامة في لبنان وسيعرض الزملاء في المركز خلال هذا اللقاء بعض التجارب والافكار التي يمكن المحامين ان يفيدوا منها”.
الهاشم
وألقى النقيب الهاشم كلمة قال فيها: “الإستدامة” مصطلح بات يتردد في أكثر من مناسبة في عصرنا الحاضر. وهو بمعناه يقارب القدرة على حفظ نوعية الحياة التي نعيشها على المدى الطويل.
فالبشرية تعيش بطريقة لا استدامة فيها نتيجة تزايد مضطرد في عدد سكان الأرض، وبالأخص لما هو عائد للإستخدام الخاطئ لموارد الأرض الطبيعية، حتى بتنا قاب قوسين أو أدنى من منحدر بيئي، من أخطر نتائجه ما بات يعرف بالتغير المناخي أو الإحتباس الحراري إلى ما هنالك من تسميات.
وليس خافيا على أحد ان مشاكل الطاقة في لبنان هي مزمنة. كما ان الحلول المعتمدة لم تقارب النتائج المرجوة. في حين ان المشاكل إلى مزيد من التفاقم في ظل انعدام الخطط السليمة للإنماء الشامل، وبالأخص ما يتناول نواحي الحياة الإجتماعية التي ترمي إلى حماية المواطنين إلى جانب الحفاظ على البيئة السليمة”.
واضاف: “إلى ذلك فإن تنفيذ إلتزامات لبنان في مجال إستدامة الطاقة له من الأهمية بمكان بحيث ينعكس على كل القطاعات الإنمائية والإقتصادية والبيئية، ما يتطلب تضافر جهود القيمين لإقرار خطة وطنية شاملة وتنفيذها في هذا الضمار ما يستوجب إشراك كل القطاعات المهنية والإقتصادية بغية الوصول إلى الإهداف الناجعة. وهذا، بطبيعة الحال، يستلزم إعداد التشريعات اللازمة لمواكبة عملية تنفيذ استراتيجية وطنية عبر إصدار قوانين ومراسيم وقرارات حديثة تشجع على تنمية إستخدام مصادر الطاقة المتجددة وتحفيز الإستثمار والأبحاث العلمية وتطوير الصناعة الوطنية ودعم مبادرات القطاع الخاص وإقرار الإعفاءات الضريبية إلى ما هنالك من أمور تتصل وسياق هذه الإستراتيجة”.
وتابع: “تعتبر مصادر الطاقة التقليدية، تلك التي توشك على النفاذ بسبب الإسراف في استعمالها حتى يومنا هذا، أثرت سلبا على سلامة البيئة وعلى صحة الإنسان. ما استدعى تحرك المجتمع الدولي برمته في أوسع عملية تعبئة سياسية دولية، نتج منها إبرام العديد من الإتفاقات الدولية، توجت باتفاق دولي ملزم ل195 دولة اجتمعت في “قمة باريس” في نهاية العام المنصرم 2015 لجبه التحديات المقبلة لإنعكاسات تغير المناخ على المياه والطاقة، وطريقة تقليص الإنبعاثات الكربونية، إضافة إلى قرارات داعمة للبيئة والتنمية المستدامة”.
وقال: “إن لبنان معني كغيره من الدول في مجابهة التحديات. وقد وقعت غالبية الإتفاقات الدولية الصادرة في هذا المضمار، والتزمت حكومته أن تشكل الطاقة المتجددة ما يعادل 20 في المئة من مجموع استهلاك الطاقة مع حلول العام 2020.
فأين نحن اليوم من هذه الإتفاقات، وإلى أي مدى يمكن الوفاء بهذا الإلتزام مع حلول العام 2020؟”.
وأضاف: “لقد سرني الإطلاع على الجهود الجبارة التي تبذلها وزراة الطاقة والمياه في هذا الإطار، وبمؤازرة مباشرة من المركز اللبناني لحفظ الطاقة، الذي يعمل ضمن كنف الوزارة، والذي ينكب منذ أعوام على الإحاطة بكل المواضيع المتعلقة بحفظ الطاقة واستدامتها. ويعمل المركز على تنفيذ العديد من المشاريع التي تساهم في تعميم مفهوم الطاقة المستدامة في لبنان وتطوير استخدامات الطاقة المتجددة”.
وتابع: “إن نقابة المحامين في بيروت، ومن موقعها القانوني والوطني، معنية مباشرة بمتابعة كل هذا المواضيع ومقاربتها ومواكبتها عن كثب. وهي معنية كذلك باطلاع المحامين على كل المستجدات ذات الصلة. وما تأسيس لجنة الطاقة والمياه في النقابة منذ العام 2012 إلا خير تعبير عن مدى وعي النقابة المبكر للأهمية الإستراتيجية المستقبلية لقطاعي الطاقة والمياه في لبنان”.
وقال: “تنكب اللجنة، منذ تأسيسها، على عقد المؤتمرات والندوات التدريبية وورش العمل المتخصصة حول الجوانب القانونية والتنظيمية لهذا القطاع. وهي على إتصال مباشر وتنسيق دائم مع الوزارات والمؤسسات الرسمية المعنية، وبخاصة وزارات العدل والطاقة والبيئة، وهيئة إدارة قطاع البترول، والمركز اللبناني لحفظ الطاقة الذي وقعت نقابتنا معه مذكرة تفاهم في آب 2015 بمباركة مشكورة من معالي وزير الطاقة والمياه الأستاذ أرتيور نظريان، موضوعه مساعدة النقابة على تحويل “بيت المحامي” إلى مبنى مستدام وأخضر، وهو حاليا قيد التنفيذ، إلى جانب التعاون المشترك لتنفيذ أنشطة علمية وقانونية ذات اهتمام مشترك”.
وأضاف: “ان تنظيم هذا المؤتمر حول الإستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة في لبنان: الواقع والتحديات القانونية، من نقابة المحامين والمركز اللبناني لحفظ الطاقة، يندرج في هذا السياق، ويهدف إلى نشر ثقافة مفهوم الطاقة المستدامة ضمن مجتمع المحامين”.
وتابع: “علمت أن هذا المؤتمر سيشكل، وبكل تأكيد، مناسبة لعرض مضمون مشروع قانون الطاقات المتجددة وكفاية الطاقة في لبنان، والذي تعده الوزارة حاليا، وسيكون موضع نقاش للمرة الأولى. كما ان نقابة المحامين، هي على أتم الإستعداد للمساعدة والضغط حيث تدعو الحاجة بغية الإسراع في إقرار مشروع القانون فور جهوزه”.
وشكر “معالي وزير الطاقة والمياه الأستاذ أرتيور نظريان ورئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة والأعضاء، وجميع الخبراء والأساتذة المحاضرين، أكان من جانب المركز أم من جانب نقابة المحامين ولجنة الطاقة”، متمنيا “لهذا المؤتمر النجاح وللمشاركين تحقيق الغاية المرجوة”.
نظريان
وألقى الوزير نظريان كلمة قال فيها: “يشكل انعقاد هذا المؤتمر اليوم بادرة طيبة من نقابة المحامين استنادا الى الجهد الكبير الذي تبذله لجنة الطاقة والمياه في النقابة، كما يشكل بارقة أمل تنير نفوسنا وعقولنا تمهيدا للانارة الشاملة المنشودة التي نسعى الى البحث عنها في كل مصدر تتوافر فيه الفرص وتقل فيه التحديات.
وقد يسأل البعض ما علاقة المحاماة بالطاقة والمياه باعتبار انها مهنة الرسالة الإنسانية والإجتماعية وليست مهنة التقنيات المعقدة وخصوصا أنني تعلمت من تجربتي في هذه الوزارة أن الحديث عن الطاقة في بلدنا هو الحديث عن الأزمات المفتوحة والحلول المرتهنة”.
وأضاف: “حتى لا نبقى في دائرة ازدواجية المعايير المعتمدة في الأنماط السياسية السائدة، لا بد من العودة دائما الى القوانين المرعية والسعي الى تطبيقها وليس البحث عن مخارج للتفلت منها لتصبح الأعراف أقوى منها وتصدر أحكامها الإستنسابية على قياس المصالح المباشرة.
من هنا التعويل على دور المحامي في تكامله مع دور المشرع لإنتاج قوانين قابلة للتطبيق تراعي المصلحة العامة للبلد والناس وترتقي بالخدمة العامة الى حيث يجب أن تكون، والحديث عن استراتيجية التنمية المستدامة كما هو عنوان مؤتمركم اليوم يشمل العديد من المحاور، ولعل أهمها تلك التي تتناول موضوعات كفاية الطاقة والطاقات المتجددة”.
وتابع: “في هذا الصدد، نعمل حاليا على الإستثمار في قدراتنا الذاتية ذات الكفاية العالية على رغم محدودية الإمكانات في موازنة الدولة اللبنانية، وبالتالي لن نتقاعس في إقناع كل المنظمات الدولية والجهات المانحة بتوجيه اهتماماتها نحو موضوعات التنمية المستدامة واعتبارها من الأولويات استكمالا لنتائج “قمة باريس” الأخيرة وان كان التظهير العملي سيرى النور اعتبارا من العام 2020″.
وقال: “سيتناول مؤتمركم اليوم مجموعة من العناوين الكبرى وستشكل المحاور المطروحة على مستوى السياسات والتشريعات خارطة طريق واضحة للأعوام 2016-2020، وتزداد أهميتها في عرضها ومناقشتها أمام مجموعة رائدة من القانونيين، ونلفتكم الى ان تطوير أي نظام طاقوي يعتمد على الركائز الآتية: الإرادة السياسية، التمويل، التقنيات، الحوافز التشريعية، الشراكة وخفض المخاطر”.
وتمنى أن “تخرج التوصيات بخلاصات يمكن البناء عليها، مع إيماننا بدور النقابات كقوى حية أساسية في الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية”.
وشكر لنقابة المحامين “هذا الدور الرائد وحسن الإستضافة”.
جلستان
بعدها عقدت جلسة بعنوان “استراتيجية الطاقة المستدامة في لبنان : من الرؤية الى التنفيذ” ادارها نائب رئيس لجنة الطاقة والمياه المحامي ريان قوتلي، وقدم مداخلة فيها مستشار المركز اللبناني لحفظ الطاقة عن الخطة الوطنية للطاقة المتجددة وكفاية الطاقة”، وتحدثت المهندسة هيلدا جبور عن “المبادرات التنفيذية في لبنان”.
وتلتها جلسة ثانية عن “الواقع القانوني وآفاق التطوير” ادارها نائب رئيس المركز اللبناني لحفظ الطاقة، وحاضرت فيها الخبيرة القانونية في شؤون الطاقة والبترول المحامية كريستينا ابي حيدر عن “الواقع القانوني للطاقة المستدامة في لبنان ومقارنته مع المنطقة العربية.
وقدم الخبير في شؤون الطاقة وسياسساتها المحامي علي برو مداخلة عن “مشروع قانون الطاقات المتجددة وكفاية الطاقة في لبنان”.