إفتتاح ملتقى رؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال:التأكيد على تعاون دولي لكشف وضبط حالات تمويل الإرهاب

2

وسام فتوح

افتتح اتحاد المصارف العربية قبل ظهر اليوم، في فندق “كورال بيتش، الملتقى السنوي لرؤساء وحدات الإمتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في المصارف والمؤسسات المالية العربية”، في حضور سفير مصر في لبنان نزيه النجاري وممثلي اجهزة أمنية ومديري مصارف.

بداية، عرض الامين العام لإتحاد المصارف العربية وسام فتوح النشاطات التي قام بها إتحاد المصارف العربية لمكافحة تمويل الإرهاب، وهي: “برامج التوعية كالمؤتمرات والندوات والدورات التدريبية على القوانين والتشريعات الدولية، والامتثال، وموضوعات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبخاصة توصيات FATF الـ 40 ومتطلبات لجنة بازل، الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تشجيع تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وخلق فرص العمل والشمول المالي في المنطقة العربية لمكافحة الفكر الإرهابي“.

طربيه
3من جهته، قال رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه: “الإرهاب ظاهرة دولية معقدة وجريمة خطيرة تعاني منها الشعوب والحكومات، وأصبح سلاحا تستخدمه الدول والجماعات والأفراد لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب الأمن والسلام الجماعي والفردي. ان المال هو بمثابة الشريان المغذي لهذه الجماعات، وتعد عمليات تمويل هذه الجماعات بمثابة منظومة من الإجراءات التي يتم من خلالها تحويل أموال من مصادر ليست بالضرورة غير مشروعة للقيام بنشاطات إرهابية لها آثار سياسية وإقتصادية وإجتماعية وأمنية، وبذلك تختلف عن عمليات غسل الأموال المتأتية من اعمال غير مشروعة وإضفاء الصبغة الشرعية عليها، والتي تكون غالبا مصدرا للتمويل المالي للارهاب”.

ولفت الى ان “التشريعات العربية والتوصيات الدولية اعتبرت جريمة تمويل الإرهاب من جرائم غسل الأموال”، وعدد هذه المؤشرات كالاتي: “وجود عمليات في الحساب المصرفي ليس لها صلة بطبيعة نشاط صاحب الحساب، مثل الإيداعات النقدية وشراء الشيكات والتمويل، الغموض في المعلومات التي يقدمها العميل من حيث العمليات المالية، أو الأطراف ذوو العلاقة بالحساب وهوية العميل، ومهنته وبلد الإقامة، السحب من قبل أشخاص لا تربطهم علاقة بصاحب الحساب، عدم توافق حجم المبالغ المودعة أو المحولة أو المسحوبة مع طبيعة النشاط والدخل، شراء معادن أو شيكات مصرفية بكميات كبيرة دون الإهتمام بالأسعار، الإيداع في الحساب من خلال عدة فروع للبنك، أو من قبل عدة أشخاص في نفس الفرع. ان استخدام حساب أو حسابات لجمعيات أو مؤسسات خيرية لتجميع الأموال، ثم تحويلها إلى مستفيدين في الخارج يدخل في عداد طرق تمويل الارهاب”.

وتحدث عن سعي “لتعاون دولي فاعل في مجال كشف ومكافحة وضبط حالات تمويل الإرهاب والجماعات المتطرفة لأن هذه الجرائم أصبحت ذات صبغة دولية عابرة للمجتمعات والدول”، مشيرا الى ان “من سبل مكافحة الارهاب تعقيم البيئة التي ينشأ فيها من خلال تعزيز وزيادة التمويل متناهي الصغر، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز التنمية البشرية والاجتماعية في الدول العربية، لتشمل مكافحة الفساد، والفقر، والبطالة، والأمية، بما يساهم في توجيه أنظمة الائتمان الخاصة بهذه الدول لدعم الاقتصاد الحقيقي”.

السيسي
4بدوره، قال رئيس مجلس الامناء وحدة مكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب في مصر المستشار أحمد السيسي: “نسبة من تشملهم القطاعات المصرفية الرسمية في العالم العربي ضئيلة جدا مقارنة بتعداد السكان في الوطن العربي، مما يفرض تحديا كبيرا لعدم تمكن الدولة من متابعة الأنشطة المالية لهؤلاء المواطنين حتى لو كانت أموالهم محصلة بطريقة غير مشروعة نظرا لتفاديهم التعامل مع النظم الرسمية التي تفرض متطلبات محددة وفقا لإجراءات العناية الواجبة والمتابعة المستمرة لحسابات عملائها وأنشطتهم، لذا يجب على السلطات الرقابية والمؤسسات المالية على حد سواء اجتذاب تلك القطاعات، ويتطلب هذا الأمر تطبيق إجراءات مبسطة يمكن إتخاذها، ومن أهمها تخفيف متطلبات التحقق من هوية العميل والمستفيد الحقيقي لنوعيات معينة من العملاء وفي مؤسسات مالية دون غيرها شريطة أن يكون ذلك التخفيف مبني على إثبات وجود خطر منخفض لغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن يؤخذ القرار في ظروف محدودة ومبررة تماما”.

أضاف: “من أجل تعزيز هذا المفهوم، فقد أصدرت مجموعة العمل المالي FATF أولى توصياتها المعدلة في 2012 والتي نعتبرها من أهم التوصيات بشأن تقييم المخاطر وتطبيق المنهج المستند إلى المخاطر Risk Based Approach، حيث يجب إبتداء على الدول تحديد المخاطر التي يمثلها غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالنسبة لها وتقييم تلك المخاطر وفهمها، ونتيجة لذلك يجب عليها إتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف التأكد من التقليل من المخاطر بشكل فعال، كما يجب على السلطات الرقابية نقل نتائج هذا التقييم للمؤسسات المالية الخاضعة لرقابتها تحقيقا للتناغم في منظومة الحد من المخاطر على مستوى السلطات الرقابية والمؤسسات المالية”.

وتابع: “يظهر هذا جليا عند قيام بعض المؤسسات المالية تحوطا للمخاطر بإنهاء علاقة العمل مع بعض العملاء ذوي المخاطر المرتفعة أو عدم التعامل في بعض المنتجات المالية مرتفعة الخطورة عندما يصعب تطبيق إجراءات للحد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فيما يعرف بمظاهرة التخلص من المخاطر De-risking، إلا أن هذه الظاهرة يجب أن ينظر إليها في إطار كلي متكامل نظرا لما تفرضه من تحديات على الشمول المالي، حيث تطرد بعض الفئات من القطاع المالي الرسمي، وتؤدي إلى ازدياد التعامل في الإقتصاد الموازي مما يزيد من عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأود التأكيد في هذا الإطار على أهمية وجود نظم فعالة بالمؤسسات المالية لإدارة مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب تعتمد على المنهج القائم على المخاطر، بما يؤدي إلى عدم اللجوء إلى مبدأ التخلص من المخاطر، ويدعم مبدأ الشمول المالي في ذات الوقت”.

منصور
5أما الامين العام لهيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور فأشار الى ان “المشترع اللبناني وسع في القانون 44 الخاص بمكافحة الارهاب وغسل الاموال والصادر عام 2015، الجرائم الأصلية من 7 الى 21 وتشمل: تجريم تمويل الارهاب والنشاطات الارهابية، إرساء الأرضية القانونية للعقوبات المالية، إضافة جهات جديدة في عداد المبلغين، هي: المحامين، كتاب العدل، المحاسبين المجازين، بالإضافة الى المراقبين العاملين لدى لجنة الرقابة على المصارف لإبلاغ الهيئة بواسطة رئيس اللجنة عن العمليات التي يطلعون عليها بمناسبة قيامهم بمهامهم والتي يشتبهون بأنها تخفي تبييض أموال”.

وأوضح ان “القانون 44 أجاز لهيئة التحقيق أن تطلب من الاشخاص والجهات المعنية الرسمية والخاصة اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع التصرف بأموال منقولة أو غير منقولة عائدة للأسماء المدرجة أو التي تدرج على اللوائح الوطنية الصادرة عن السلطات اللبنانية المختصة أو أي لوائح أخرى تعممها بموضوع الارهاب وتمويله والاعمال المرتبطة بهم، وعلى الاشخاص والجهات المعنية الرسمية والخاصة أن تستجيب من دون أي تأخير لهذا الطلب”.

ولفت الى أن “المجلس النيابي أقر الاسبوع الماضي التشريعات التالية: قانون تحديد الموجبات الضريبية للأشخاص الذين يقومون بنشاط ال TRUST قانون إلغاء الأسهم لحامله والأسهم لأمر وقانون تبادل المعلومات لغايات ضريبية”، معتبرا ان “القانون 44 وتعاميم مصرف لبنان وتعاميم هيئة التحقيق الخاصة، ترسم مجتمعة الإطار المتكامل لمنظومة مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب وفقا للمعايير الدولية”.

وأشار الى أنه “في سياق التجديد على صعيد التشريعات، أقر مجلس النواب في 19/10/2016 قانون تحديد الموجبات الضريبية للأشخاص الذين يقومون بنشاط الـ Trustee فبات على كل شخص مقيم في لبنان، ويمارس بصورة مهنية أو غير مهنية، نشاط الـ Trustee لـ Trust أجنبية بأي شكل من الأشكال، أن يتقدم بطلب تسجيل لدى الادارة الضريبية، وان يصرح سنويا على أساس الربح الحقيقي وان يمسك السجلات المحاسبية وفقا لما هو محدد في قانون الإجراءات الضريبية، كما اقر قانون إلغاء الأسهم لحامله والأسهم لأمر وقانون تبادل المعلومات لغايات ضريبية”.

حلقة حوار

وعقدت حلقة حوار حول المستجدات في تشريعات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في لبنان شارك فيها: القاضي ندى الأسمر، المحامي العام لدى النيابة العامة التمييزية في لبنان، العميد زياد الجزار، رئيس قسم المباحث الجنائية الخاصة في الشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي، وطارق زهران، المدير التنفيذي، رئيس وحدة التحقّق في هيئة التحقيق الخاصة (مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) في لبنان.

الأسمر  

6وتناولت الأسمر المستجدات في التشريعات المتعلقة بقانون تبييض الأموال وتمويل الإرهاب والقوانين الضريبية والمالية. ورأت أن التطوّر السريع والهائل في الأساليب المستخدمة في تبييض الأموال وتمويل الإرهاب يفرض ضرورة خلق معايير جديدة وإيجاد أطر فعّالة لمكافحة هذه الجرائم والتصدي لها، كون هذا الموضوع يأخذ المزيد من الاهتمام عالمياً وعلى الصعيد الوطني ابتداء من السلطات الرسمية والقضائية والأمنية مروراً بالمصارف والمؤسسات المالية وانتهاء بالمنظمات الدولية نتيجة تزايد هذه العمليات التي أصبحت عابرة للحدود بإمتياز.

وأشارت إلى الضغوط الدولية التي تعرّض لها لبنان في العام المنصرم وتحت تأثيرها، وبغية المحافظة على مكانته المالية والمصرفية الدولية أصدر المجلس النيابي أربعة قوانين كانت مطلوبة دولياً ضمن المنظومة المالية والمصرفية والمحافظة على تقييمه على الصعيد الدولي.

كما تطرقت الأسمر إلى صلاحيات هيئة التحقيق الخاصة المستحدثة، وصلاحية النائب العام التمييزي المستحدثة في ما خصّ الإجراءات الواجب إعتمادها، وتداخل إجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى القانون المتعلق بتبادل المعلومات الضريبية والقوانين المالية.

وختمت بالتأكيد على أن الجهود والمساعي لإيجاد حلول استباقية من خلال اتخاذ الإجراءات المناسبة والرادعة واتخاذ جميع الأحتياطات اللزمة التي من شأنها الحدّ من كل أشكال الجرائم المنصوص عليها في القوانين التي ذكرتها هي الغاية الأساسية التي يقتضي العمل على تحقيقها، منوهة بالجهود التي بذلتها الدولة في هذا المجال لجهة سنّ القوانين وتعديلاتها عند الاقتضاء لمراعاة أحكام الإتفاقات الدولية والإمتثال بالمعايير المطلوبة في الالتزامات المصرفية الدولية المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، ووضع آليات عملية لتنفيذها.

العميد الجزار

7بدوره، رأى العميد الجزار أن الجريمة المنظمة لا تزال بمختلف أشكالها وأنواعها، وبما فيها الجريمة العابرة للحدود، تشكل هاجساً مقلقاً للسلطات المعنية في كافة دول العالم، وتعتبر جرائم تبييض غسل الأموال وتمويل الإرهاب أخطر أنواع الجريمة المنظمة نظراً لكونها تمسّ أمن الوطن والمواطن على حدّ سواء.

ولفت أنه رغم الكثير من الجهود التي بذلت لتحقيق المتطلبات الدولية لمكافحة الجرائم المالية وتمويل الإرهابـ يبقة لبنان ( والدول العربية) معرّضاً لإمكان أن يتحوّل ملجأ لعمليات مشبوهة لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، خاصة في ظل الاضطرابات التي تعيشها الدول العربية وسرعة انعكاس تداعياتها السلبية على هذه الدول، خصوصاً مع تطور العمليات الإرهابية واتساع نطاقها الجغرافي، بحيث أصبح يُنظر إلى لبنان، وبعض الدول الأخرى، في معظم التقارير الدولية بأنه يقع في وسط منطقة عالية المخاطرـ الأمر الذي أخضع العمليات المصرفية ( لا سيّما التحيلات ونقل الأموال..) إلى شكوك تهدّدها بمخاطر السمعة ( إن كان بالنسبة للأموال الناتجة عن الجريمة أو بالنسبة إلى تمويل الإرهاب).

وتناول مشاريع القوانين المطلوبة التي بتّ بها المجلس النيابي لكي يبقى لبنان ضمن المنظومة المالية والمصرفية الدولية، معدّداً المواد القوانين التي تمّ إقرارها، بما فيها تبادل المعلومات الضريبية. مشيراً إلى الموجبات والالتزامات المتنوعة المترتبة على المصارفـ، وفي مقدّمها الالتزام بالقواعد والمعايير الدولية العالمية الموضوعة من قبل لجنة “غافي” ولجنة “بازل” والمؤسسات المالية الدولية وأخيراً من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، لا سيما الامتثال الضريبية ( FATCA  ).

وأشار الجزار إلى الجهود التي بذلت من قبل قوى الأمن الداخلي في موضوع مكافحة الجريمة الألكترونية، لا سيما في ما بين المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وهيئة التحقيق الخاصة والمصارف وبالتعاون مع مجموعة الاقتصاد والأعمال، حيث تمّ عقد العديد من الملتقيات وورش العمل حول هذا الموضوع، وتأليف فريق عمل الذي عمل على إعداد الدليل الاسترشادي للوقاية من الجريمة الألكترونية.

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اقتصاديات الحروب وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية

 محمود عبد العال فراج / كاتب وباحث اقتصادي في ظل الصراعات والحروب العسكرية الانية التي ...

الذهب يرتفع وسط الإشارات المختلطة حول الانتخابات الأمريكية وترقب المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com يتقدم الذهب بشكل طفيف اليوم بنسبة 0.15% ...

توقعات أسعار النفط بعد قرار أوبك+ تأجيل زيادة الإنتاج

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com تستمر أسعار النفط الخام في مواجهة ...