نظّم معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي التابع لوزارة المال ضمن في معرض الكتاب الفرنكوفوني حلقة نقاشية عن “الإدارة البلدية بين الأزمات والقدرة على الاستمرار”.
وشارك في الحلقة النقاشية منسّق أنشطة الأمم المتحدة والممثل المُقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان فيليب لازاريني ورئيس بلدية عينطورة لبيب عقيقي، والرئيس المؤسس لجمعية “أركانسيال” بيار عيسى. وتولت إدارة النقاش هدى عضيمي، مسؤولة التنمية والتنسيق في جمعية المدن المتحدة في لبنان- المكتب التقني للبلديات اللبنانية.
لازاريني
ولاحظ لازاريني أن “لبنان يمرّ بوضع استثنائي جرّاء أزمة النازحين السوريين، إذ يواجه ضغوطاً ديموغرافيّة وسياسية-اقتصادية”. ورأى أن اللبنانيين أثبتوا جدداً “قدرتهم على الاستمرار”، ورأى أن “العوامل التي تتيح للبنان البقاء مستقراً ومتماسكاً رغم هذه الظروف، تتمثل في العقد الاجتماعي بين جميع مكوّناته، والصلة مع الانتشار اللبناني الذي بقيت نسبة تحويلاته المالية كبيرة على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية”. وأضاف: وأبرز دور الهيئات والمجتمعات المحليّة والبلديات في استضافة النازحين”.
وقال لازاريني إن “البلديات كانت العمود الفقري في امتصاص وقع أزمة النازحين وقد أظهرت ضيافة وتسامحاً كبيرين تجاههم وهي تحاول المحافظة على انسجام اجتماعي محلّي”.
وأشار إلى أن “الأزمة اضطرت البلديّات إلى تحمّل مسؤوليّة الأمور والقرارات التي كان يجب أن تتّخذ على المستوى المركزي، ولذلك فإن المساعدات الدوليّة لا تقتصر على اللاجئين السوريّين إنّما تتوجه أيضاً إلى تقوية البلديات لمواجهة وقع الأزمة”.
وشدد على ضرورة “الاستثمار في مجالات كانت حتى الآن مهملة، ومنها البنى التحتيّة وإدارة النفايات”. وأضاف: “لدينا أدوات تسمح بتحديد الأولويّات المحليّة، والأمم المتحدة بمساعدة المانحين تحدّد المشاريع”. وأشار إلى أن “نحو 90 في المئة من النازحين موجودون في 250 بلديّة من الأكثر فقراً، وقد تحصل توتّرات بين الأهالي واللاجئين، وثمة مسائل تتعلّق بالنفايات والصحة وغيرها. ونحن أيضاً نعمل على تعزيز قدرات البلديّات في مجال الماليّة العامة بحيث تكون السلطات المحليّة مستعدة لتطبيق قانون اللامركزيّة لدى اقراره مستقبلاً”.
عيسى
أما الرئيس المؤسس لجمعية “أركانسيال” بيار عيسى فقال إن “ليس أمام البلديات خيار آخر، وهي تقوم بما في وسعها وبما لديها من إمكانات للتعامل مع مسألة اللاجئين”. وعرض المشاكل الناجمة عن النزوح، ومنها مشاكل على مستوى التنظيم المدني والمياه ومشاكل اجتماعيّة، إضافة إلى ارتفاع نسبة البطالة بين اللبنانيين”. وأشار إلى أن “آركنسيال” نفذت مبادرات، منها بناء منازل من الطين في البقاع، ونشاطات في الزراعة والسياحة البيئية وغيرها تهدف إلى توفير فرص عمل للنازحين بالحد الأقصى الممكن”. لكنه شدد على أن مشكلتي المياه والنفايات “تتعلقان بمشكلة حوكمة وفساد هي في أساس مشاكل لبنان”. وشدد على ضرورة تمتع البلديات باستقلالية أكبر، مؤكداً الحاجة إلى نصوص قانونية تتعلق مثلاُ بالمعوقين والنفايات الطبية.
عقيقي
أما رئيس بلدية عينطورة لبيب عقيقي فقال إن البلديات واجهت بفعل النزوح السوري “مشاكل تتخطى طاقاتها وقدراتها”. وتحدث عن تجربة عينطورة التي استقبلت عدداً كبيراُ من النازحين السوريّين. وأضاف: “واجهنا مشكلة المياه الآسنة وأكبر تحدٍ للبلديّة يبقى اليوم كيفيّة معالجة النفايات”. وأضاف أن ناديي “روتاري” و”روتاراكت” ساهما في تحويل عينطورة “بلدة بصفر نفايات”، من خلال مشروع لمعالجة النفايات. وإذ أشار إلى أن هذا المشروع أتاح توفير فرص عمل للنازحين السوريين، أعلن أن ثمة مشروعاً لإقامة مركز للتسبيخ قريباُ. وإذ أشار إلى تعاون مع البلديات الفرنسيّة في بعض المشاريع، أكّد الحاجة إلى تمويل. وأضاف: “تعاملنا مع النازحين السوريين بشكل طبيعي جداً ولم نعتمد إجراءات كمنع التجول، بل حاولنا استيعابهم وجعلناهم يعملون في مختلف المجالات في البلديّة وأشركناهم في الأنشطة والاحتفالات، من دون أن يعني ذلك أننا نشجّعهم على البقاء عندنا”.
عضيمي
وتولت إدارة النقاش مسؤولة التنمية والتنسيق في جمعية المدن المتحدة في لبنان- المكتب التقني للبلديات اللبنانية هدى عضيمي التي لاحظت أن “الوضع على المستوى المحلّي مقلق، إذ أن أزمة النازحين السوريين تسبب ضغطاً كبيراً على البنى التحتية والخدمات الأساسية، يضاف إلى أزمة النفايات منذ العام 2015”. ولاحظت أن أعضاء المجالس البلدية “يبذلون أقصى جهودهم للتعامل مع الأوضاع الطارئة اليومية التي يواجهونها لتأمين تنمية محلية لكنهم لم يتمكنوا من تأمين تنمية محلية متوازنة ومستدامة”. ورأت أن على الدولة المركزية “أن تعزز قدرات المؤسسة البلدية على كل المستويات، من تدريب أعضاء المجالس البلدية والموظفين على كل المستويات، وتطوير الهيكليات الوظيفية، وتوظيف أشخاص مؤهلين، واعتماد أدوات تخطيط وتنمية مناسبة في مجال الإدارة”.