مسؤولة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر أداتان أساسيتان للحدّ من الفساد
افتتح اليوم الأربعاء في “معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي” التابع لوزارة المال، وبرعاية وزير المال علي حسن خليل،مؤتمر إقليمي لـ”منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”(OECD) عن “إدارة المخاطر كجزء من الحوكمة وإدارة المؤسسات العامة”، هو الرابعفي إطار “مشروع رسم خرائط مخاطر الفساد من أجل إصلاحات النزاهة الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط” الذي يُنفّذ بدعم من وزارة الخارجية الأميركية، ويهدف إلى مناقشةاعتماد أنظمة جيّدة للرقابة الداخلية تساهم في مكافحة الفساد.
ويشارك في المؤتمر الذي تستمر أعماله إلى يوم غدٍ الخميس، عدد من المسؤولينعن التخطيط الاستراتيجي وإدارة مشاريع إصلاح الإدارة العامة، وعاملون في مؤسسات مكافحة الفساد والتدقيق والرقابة، من لبنان ومصر والعراق والأردن والمغرب وفلسطين وتونس.وستكون لوزير المال السابق جورج قرم مداخلة حول الموضوع في اليوم الثاني من المؤتمر.
وافتُتِحَ المؤتمر بكلمة لرئيسة”معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي” لمياء المبيّض بساط ممثلةً الوزير خليل،قالت فيها إن “لبنان قد أثبت قدرته رغم ندرة المساعدات على التحمّل الإيجابي لأعباء النزوح السوري مالياً واقتصادياً واجتماعياً من خلال استضافة العائلات، وتوفير قسم كبير من الخدمات الأولوية كالتعليم والصحة، مما وضع مؤسسات الدولة أمام تحدي التأقلم لتلبية حاجات جديدة، كما والتخطيط للمستقبل”. وأضافت: “رغم هذه الظروف،باشر لبنان منذ سنوات، ولا يزال يعمل على إصلاح إدارة المالية العامة، بالتعاون مع جهات دولية عدّة، ومن ضمنها إصلاح أنظمة التدقيق الداخلي، والتي تُعتبر كلها من متطلبات وشروط الوصول إلى حوكمة رشيدة تتجّه دول العالم اليوم إلى تحقيقها في إطار أهداف التنمية المستدامة لأفق العام 2030”. وتابعت: “من هذا المنطلق، نحن حريصون على أن يبقى لبنان على خريطة العالم، وأن يؤدي دوراً محورياً لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات والممارسات الجيدة في مجالات الإصلاح المالي والمؤسسي، بمشاركة الجهات الدولية”.
وأثنت بساط “على جهود ومبادرات منظمة التعاون الدولي والتنمية التي تواكب عمل الحكومات في الدول العربية، ومنها لبنان، من خلال تحديد الحاجات، ورسم السياسات، والحوار والمساندة التقنية لتعزيز البيئة المؤسسية، والشفافية والنزاهة”. واعتبرت أن “هذه القيم والأهداف تشكّل إطاراً ملائماً لتنفيذ السياسات المالية السليمة وتحديث إدارة المال العام وتحقيق الحوكمة الرشيدة وصولاً إلى التنمية المستدامة”.
وحيّت بساط “جهودالبلدان العربية في تعزيز ثقافة الانفتاح والشفافية في العمل الحكومي وما تقدّمه لتعزيز المهارات والكفايات على مستوى الجهاز البشري لديها”
وأملت”في أن يتمّ تشكيل الحكومة اللبنانية العتيدة بشكل سريع، على أن تُدرج هذه الحكومة من ضمن أولوياتها الملفات الإصلاحية في مجال المالية العامة وغيرها من المواضيع ذات الأهمية والتي تشكل كلها قاعدة انطلاق لإعادة انتظام الحياة المؤسسية وإطلاق مرحلة جديدة من الازدهارفي لبنان”.
سيلا
أمامحللة ومنسقة البرامج في قسم شراكة الحوكمة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة رلىسيلا، فلاحظتأن “مكافحة الغش والفساد تشكل تحدياً لحكومات المنطقة وإداراتها العامة”، مشيرة إلى أن “الحكومات أدركت أن الفساد لا يسيء إلى المال العام فحسب، بل يؤثر سلباً كذلك على حياة المواطنين كل يوم”. وأشادت بالإصلاحات التي نفّذها عددمن دول المنطقة في العقود الأخيرة “لتعزيز انفتاحها وشفافيتها، وتنويع اقتصاداتها، وتحسين نوعية نظم الإدارة العامة فيها”. وقالت إن “واحداً من كل ثلاثة أشخاص في دول المنطقة دفعوا رشوة العام الفائت، أي نحو 50 مليون شخص”، مشيرة إلى أن”68 في المئة من هؤلاءيرون إن حكوماتهم لم تتمكن من مكافحة الفساد، لا بل يعتقد 61 في المئة منهم أن درجة الفساد ارتفعت خلال الأشهر الإثني عشر الأخيرة”. وكشفت أن “92 في المئة في لبنان يرون أن درجة الفساد ارتفعت”، استناداً إلى دراسة بعنوان “الناس والفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2016”.
وشددت على أهمية الرقابة الداخلية في “الحدّ منالمخاطر المتعلقة بالغش والفساد، وفي رصدها ومواجهتها”. وعرفت ببرنامج الحوكمة في منظمة التعاونمعتبرة أنه “شراكة استراتيجية بين المنظمة ودول المنطقة لتبادل المعرفة والخبرات، ولإرساء معايير ومبادىء الحكم الرشيد الذي يساهم في جهود الإصلاح في دول المنطقة”. واعتبرت أن “الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر، نظراً إلى كونهما يساهمان في مكافحة الفساد، يشكلان أداتين أساسيتين لتحقيق أحد أهم أهداف البرنامج، وهو إعادة بناء الثقة بين المواطنين والقطاع العام”. وأشارت إلى أن خطة عمل البرنامج في السنوات المقبلة “تتمثل في التركيز على الثقة والنزاهة والمحاسبة والشفافية وحكم القانون والتنمية المحلية ومشاركة الشباب والمساواة بين الجنسين في الخدمة العامة”.
بينيس
ثم تحدث أنجيلوس بينيس من قسم نزاهة القطاع العامفي منظّمة التعاون الاقتصادي والتنمية”، فعرض لمراحل المشروع وللأنشطة التي تضمنها، وأشار إلى نحو 100 مسؤول من 13 دولة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يشاركون فيه. وتحدث بينيس عن الدراسة التحليلية التي سيتم نشرها قريباً والتي تتطرق إلى كيفية دعم أسس الرقابة الداخلية من أجل إصلاحات مكافحة الفساد في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وشرح أن الرقابة الداخلية يمكن أن تكون أداة فاعلة لتحسين الادارة العامة والعمليات اليومية. وشدّد أن لدى الموظفين والعاملين في الادارات العامة دوراًفاعلاً في تخصيص الواجبات والمسؤوليات وفقاً لما يسمّى “الخطوط الثلاثة لنظام الدفاع”.
المؤتمر
ويناقش المؤتمر الخطوات العملية لإدراج عمليات الرقابة الداخلية وإدارة المخاطر في المنظومة العامة للحكم والإدارة في مؤسسات الدولة،ودور الرقابة الداخلية في تعزيز وصيانة قيم النزاهة والأخلاقيات في القطاع العام.
وتُعرَضُخلال المؤتمر نتائج الدراسة الإقليمية حول دور الرقابة الداخلية في تأمين فاعليّة الإصلاحات وتعزيز النزاهة، على أن يضع المشاركون الملاحظات الختامية على النسخة الأوّلية من التقرير، ويقدّموا تصوّراً عاماًللمرحلة الثانيةمن المشروع.
يشار إلى أنّ المؤتمر الأوّل ضمن “مشروع رسم خرائط مخاطر الفساد من أجل إصلاحات النزاهة الفعالة في منطقة الشرق الأوسط”،عُقد في باريس في نيسان الفائت خلال أسبوع “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية” حول النزاهة، بمشاركة فاعلة للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ((ACINET. أما المؤتمران الثاني والثالث فعُقِدا من 30 أيار إلى 2 حزيران في مدينة الكويت، بالتعاون مع مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط (IMF-CEF).