أقام اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان برئاسة محمد شقير وجمعية تجار بيروت اليوم في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، لقاء حواريا مع وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري الذي اضطر الى التأخر بسبب مشاركته في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، وكلف مدير عام الاقتصاد عليا عباس بتمثيله. وحضر اللقاء حشد من المدراء العامين ورؤساء الهيئات الاقتصادية ورؤساء الجمعيات والنقابات التجارية والصناعية والسياحية والمصرفية وكبار رجال الاعمال.
شقير
بداية، القى شقير كلمة رحب فيها بالوزير خوري “في بيته في غرفة بيروت وجبل لبنان “بيت الاقتصاد اللبناني”. وقال: “لقد اقفلنا العام الماضي بلقاء مميز جمع قيادات القطاع الخاص مع دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وكان لقاء من القلب الى القلب، وسمعنا من دولته كلاما مطمئنا ومشجعا في آن، حول القرارات والخطوات الاقتصادية التي ستتخذها الحكومة خلال ولايتها للتعاطي مع الملف الاقتصادي ولا سيما لجهة تحفيز الاقتصاد بمختلف قطاعاته وتحسين مناخ الاعمال والبدء بعملية اصلاح الادارة”.
أضاف: “بالأمس كان أول الغيث، إقرار مرسومي النفط والغاز الذي نعتبره خطوة هامة تظهر وجود إرادة قوية للانطلاق في المشاريع الاقتصادية الكبرى والاساسية التي تحتاجها البلاد والاقتصاد الوطني”.
وتابع شقير: “اليوم ونحن ندخل العام الجديد أردنا ان نفتتح باكورة نشاطاتنا في غرفة بيروت وجبل لبنان بهذا اللقاء المميز مع وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، ابن القطاع الخاص اللبناني وهو العليم بمعاناة هذا القطاع وحاجات مؤسساته على اختلافها ومتطلباتها. كانت نهاية العام 2016 سعيدة للبنانيين بشكل عام ولنا كقطاع خاص، مع انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، لكن هذا الامر على الرغم من انه اعطى دفعا ايجابيا ونقل البلد من مرحلة الى مرحلة، لكن انت تعلم جيدا ان الاقتصاد الوطني يتطلب أكثر من ذلك، فهو بحاجة فعلية لعملية انقاذية عبر اتخاذ سلة اجراءات شاملة ومتكاملة”.
وقال: “لذلك لا بد اليوم من ان نطرح أمامك مجموعة من الخطوط العريضة، التي نراها اساسية في هذه المرحلة، ابرزها:
– الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته بحاجة ماسة الى سياسة تحفيزية والابتعاد عن فرض اي اعباء ضريبية جديدة.
– اقرار مشاريع القوانين المتراكمة في مجلس النواب والمتعلقة بالشأن الاقتصادي ولا سيما قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتوقيع الالكتروني وغيرهما.
– البدء بعملية المكننة الشاملة لادارات الدولة واجهزتها ومؤسساتها.
– انجاز التعيينات الادارية استنادا الى معايير الكفاءة.
– العمل على اقفال المؤسسات غير الشرعية التي “تخنق” المؤسسات اللبنانية.
– ولا ننسى هنا ضرورة وضع حد للمزاحمة التي تتعرض لها اليد العاملة اللبنانية”.
وقال شقير: “صحيح ان ولاية الحكومة قصيرة لكن بإمكانها فعل الكثير، ونحن من جهتنا سنضع كل امكاناتنا لدعم جهودكم الانقاذية والاصلاحية”.
شماس
وتحدث رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس مرحبا بالحضور، وقال: “ان نجاح مصرف “سيدروس” جزء لا يتجزأ من شخصية الوزير خوري الذي شكل مع رئيس مجلس ادارة “سيدروس” فادي عسلي ثنائيا ناجحا يحتذى به من قبل النشأ الطالع، فانهما بوقت قصير تمكنا من اختراق القطاع المصرفي مرتين، الاولى لدى تأسيس المصرف المتخصص والمرة الثانية من خلال استملاك مصرف بنك “ستاندرد تشارترد” بمشاركة مجموعة مرموقة من المساهمين”، مضيفا: “اني لاتشرف ان اكون نائب مجلس ادارة سيدروس التجاري”.
وتابع: “اتوقع ان يأتي الوزير خوري الى الوزارة بهذه الصفات الحميدة وأن يرسي رؤية متطورة للاقتصاد الوطني”.
وختم: “بمناسبة عيد الغطاس نقول دايم دايم وبارك الله لبنان وشعبه واقتصاده”.
عسلي
وتحدث رئيس مجلس ادارة سيدروس انفست بنك فادي عسلي، شاكرا شقير وشماس على هذا اللقاء، وتحدث عن الصفات التي يتمتع بها “الوزير الشاب رائد خوري، الذي أعرفه من الجامعة الاميركية وعملنا معا في القطاع المصرفي في لبنان وسويسرا والسعودية”.
واشار عسلي الى ان “ذكاء الوزير خوري يسمح له دائما بتحديد الاهداف الصحيحة واختيار أقصر الطرق لبلوغها، واهدافه دائما طموحة”، مشيرا الى “ان اقتصادنا بحاجة الى العمل دون ابطاء لتعويض الماضي واللحاق بالمستقبل وبحاجة الى انجازات استثنائية في وقت قياسي”.
وختم: “إذا وضعتم يدكم بيد الوزير خوري تستطيعون ان تحققوا طموحات تبدو صعبة، وبتعاونكم معه تصبح قريبة المنال”.
كلمة خوري
والقت عباس كلمة الوزير خوري التي يخاطب فيها الحضور بالقول: “أيها المقاومون، سيدات ورجال الأعمال، المكافحون في سبيل استمرار النشاط الاقتصادي وديمومته. رغم ما تواجهون من صعاب ومعوقات أتوجه إليكم بجزيل الشكر ووافر الامتنان، لمبادرتكم هذا اليوم، تنظيم هذا اللقاء الحواري بغية مد جسر للتواصل والحوار بينكم وبين الدولة، في عهدها الجديد، عهد فخامة الرئيس ميشال عون، الذي وضع نصب عينيه، وطليعة أهدافه، انتشال الوضع الاقتصادي المتردي من الدرك الذي وصل إليه، بعد سنوات من الانقسام والفراغ والتعطيل، على مستوى مسيرة الدولة وانتظام مؤسساتها.
وأضافت :” من حسن حظنا أن يتلاقى فخامة الرئيس في سعيه لهذا الهدف، مع توجهات دولة الرئيس سعد الحريري وحكومته الوطنية الجامعة، مما يجند السلطة التنفيذية وينسق جهودها، ويوحدها، حول هدف إعادة الحياة إلى اقتصادنا الوطني، بعد الأضرار الفادحة التي تعرض لها. وكان إصدار مرسومي النفط في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس، بعد طول انتظار، أول ثمار هذا التعاون، ومؤشرا على المستقبل المشرق الذي ينتظر لبنان واقتصاده. ومن معالم هذا المستقبل المشرق تخصيص فخامة الرئيس زيارته الخارجية الأولى الى المملكة العربية السعودية، مملكة الخير، لإعادة شد أواصر علاقة لبنان التاريخية مع الخليج العربي.
ان المرحلة التي انقضت مع انتخاب فخامة رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة كانت مشحونة بالتطورات والمؤشرات الاقتصادية السلبية. لقد تراجع نمو الناتج المحلي إلى أقل من 1.5%، وتفاقم عجز الميزان التجاري، وتراجعت الاستثمارات العامة والخاصة، وتقلصت الاستثمارات الخارجية والأموال الوافدة، واستمر تراكم الدين العام، وقفزت البطالة الى مستويات غير مسبوقة مع نزوح أكثر من 1.5 مليون لاجىء إلى لبنان هربا من آتون الحرب السورية.
لقد التزمت الحكومة بمجموعة من الأولويات لإنقاذ الاقتصاد، والحد من آثار التردي الاقتصادي على حياة اللبنانيين. فقد تعهدت بإقرار الموازنة العامة التي غابت لأكثر من عقد من الزمن، والتزمت بالسعي إلى إقرار التشريعات الهادفة إلى تحسين مناخ الأعمال في لبنان وتعزيز القطاعات الانتاجية، ولا سيما قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأكدت ضرورة تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات، الذي يملك لبنان فيه كل المقومات لكي يحتل موقعا اقليميا، بل عالميا مرموقا. هذا طبعا بالتزامن مع القطاعات الإنتاجية التقليدية التي تمثلونها ببراعة. ولا يخفى عليكم إدراك الدولة في مرحلتها الجديدة لمخاطر الفساد على الحياة العامة وعلى المجتمع، والعبء الذي يشكله على قطاع الأعمال. لذلك فقد أصبحت مكافحة الفساد، كما يبدو للقاصي والداني، من أول أولويات الدولة في مرحلة الاستقرار الجديدة.
منذ اليوم الأول لمباشرة مهامي كوزير للاقتصاد والتجارة، بدأت بالتعاون مع فريق من المتخصصين في مجالات الاقتصاد والتنمية بتحضير خطة عمل متوسطة الأمد، ترتكز بشكل أساسي على صياغة تصور ماكرو اقتصادي، يعنى بمجموعة متقاطعة ومتكاملة من القطاعات الاقتصادية، ضمن سلة انتاجية مترابطة. تتضمن الخطة خطوات لتطوير القدرات الانتاجية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغية رفع قدراتها التنافسية، عن طريق مواءمة معايير الجودة والمقاييس العالمية، كذلك عن طريق خلق آليات تمويل مبتكرة بالتعاون مع القطاع المصرفي. وسنسعى إلى ربط عدة قطاعات في ما بينها ضمن سلسلة واحدة بحيث ترفد، على سبيل المثال، القطاعات الزراعية منتجات الصناعة الغذائية، التي تخدم بدورها قطاعات التجارة والسياحة. كما تتضمن الخطة تعزيز إتفاقيات التبادل التجاري بين لبنان والعديد من الدول، بما فيها الإتحاد الأوروبي والدول العربية. وتعزيز مصلحة حماية المستهلك بهدف بناء جو شراكة بناء يفيد المواطن وأصحاب المؤسسات الخاصة على حد سواء وعبر تعزيز الثقة بالمنتج الوطني. وتحتاج هذه القطاعات، لكي تتمكن من منافسة البضائع الأجنبية وتخفيض كلفتها، إلى بنى تحتية متطورة، من اتصالات وكهرباء وماء وطرقات ووسائل نقل حديثة.
لقد ركزت في هذا العرض السريع على توجهات الدولة في العهد الجديد، وبعض عناصر خطة وزارة الاقتصاد والتجارة، ولكن ذلك كله لا يكفي ولا يؤدي الغرض المنشود إلا بالتعاون بين الدولة والهيئات الاقتصادية. من جهتي، كلي آذان صاغية للاستماع إلى ملاحظاتكم وأفكاركم ومشاريعكم، وخصوصا إلى شكاواكم. وبابي مفتوح لكم، ويدي ممدودة للتعاون من أجل إنقاذ قطاع الأعمال والاقتصاد اللبناني”.
غداء وحوار
وبعد القاء الكلمات، اقام اتحاد الغرف اللبنانية برئاسة شقير غداء على شرف الوزير خوري، في نادي الاعمال في غرفة بيروت وجبل لبنان، وكانت مناسبة لتبادل الافكار والطروحات مع الهيئات والفعاليات الاقتصادية.