رعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلا بوزير الإتصالات جمال الجراح، “منتدى مكافحة الفساد وتبييض الأموال/ تمويل الإرهاب والتهرب الضريبي #مصلحة وطنية” الذي تنظمه نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان وهيئة التحقيق الخاصة في فندق فينيسيا في بيروت، في حضور وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني ممثلا بالقاضية رنا عاكوم، جاد معلوف ممثلا وزير العدل، ربيع كرباج ممثلا الوزير طلال أرسلان، النقيب السابق إيلي عبود ممثلا رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، جان طويلة ممثلا رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، إيلي وهبة ممثلا رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، النائب غسان مخيبر، رئيس غرفة التجارة والصناعة والتجارة محمد شقير، القاضية ميسم النويري المدير العام لوزارة العدل، القضاة: أحمد حمدان وفوزي خميس وغسان خوري، ممثلون عن مصرف لبنان ووزارة المالية والجامعات وعن المصارف والهيئات الإقتصادية، نقباء خبراء المحاسبة السابقون وحشد من الخبراء والمهتمين.
الجراح
استهل المنتدى بكلمة السيدة هانيا داود، رحبت فيها باسم المنظمين الراعي والحاضرين، ثم ألقى وزير الإتصالات جمال الجراح كلمة باسم رئيس الحكومة راعي المنتدى، فأشار الى انه يجب علينا ان نوضح مفاهيم وأطر واساليب العناوين المطروحة في هذا المنتدى لما لها من اهمية كبرى فلا يمكن ان يكون لدينا القدرة على مكافحة التهرب الضريبي ومكافحة الفساد من دون الاطر القانونية والتنظيمية لهذه العناوين فجميعنا يعلم اننا بجاحة ماسة لتحديث قوانيننا الضريبية والمالية لكي يكون لدينا وحدة قياس بهدف مقاربة العمل الجيد قياسا الى معايير معتمدة دولية تخدم الاقتصاد المحلي”.
وقال: “لقد خضنا في السابق معارك في المجلس النيابي لاصدار القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد وتمويل الارهاب، وعانينا ما عانيناه الى ان اصدرنا بعض القوانين اللازمة والضرورية لتشكل اطارا واضحا ومقياسا جديا لعمل هيئة التحقيق الخاصة، والحمداالله اننا في هذا المجال خطونا خطوات اساسية ومهمة يجب استكمالها في الاطار القانوني والتنفيذي لكي نصل الى وقت يكون فيه لدينا فعلا قانونا ونظاما نقيس عليه عملنا وتقدمنا”.
وتابع: “ان الهدر هو جزء اساسي من الفساد الذي نعاني منه في الدولة اللبنانية لأن انظمتنا تسمح احيانا ببعض من هذا الهدر لذلك لا يمكننا ان نستمر بهذه الانظمة التي تتيح احيانا لاصحاب النفوذ بأن يستغلوا الثغرات القانونية لكي يتسببوا في هدر المال العام”.
واعتبر الجراح انه “لم يعد هناك في العالم موازنات كالتي تحصل في لبنان، فالعالم الآن يتجه الى نظام موازنات قائم على برامج معروفة ومحددة لقطاعات واهداف اقتصادية محددة لها اطرها وتمويلها وطرق صرفها، كل هذه الامور للاسف لا تزال في مرحلة الالتباس في لبنان”، لافتا الى “ان الحل يكمن في الشراكة بين القطاعين العام والخاص لأنه ثبت ان القطاع الخاص لديه آليات التخطيط والتنفيذ والمراقبة والاداء والانجاز بفوارق كبيرة عن المؤسسات الحكومية”.
اضاف: “ان قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا يزال في ادراج المجلس النيابي دون اي توجه الى انجازه على الرغم من حاجتنا الماسة اليه في ظل ما نعانيه من عجز في موازناتنا ما يقارب 5 مليار دولار ولدينا صعوبة في الحصول على التمويل، ولكن مع الاسف لا زلنا ندير ظهرنا الى القطاع الخاص اللبناني الذي اثبت نجاحا كبيرا”.
وختم: “نحن بحاجة الى المجتمع الدولي وهو ينظر الى هذا الامر بمراقبة حثيثة وعلى الرغم من القول بأن وضعنا الآن جيد يؤدي دوره وأزال الشبهات عن لبنان أمام المجتمع الدولي والهيئات الدولية والبنك الدولي وصندوق النقد والمتعاطين بايجابية مع لبنان لكن ما نحن فيه لا يكفي فيجب علينا ان نطور انظمتنا التشريعية وقوانيننا وقدراتنا البشرية التي نتمتع بها بشكل ممتاز في لبنان وان نسير الى الامام لنصل الى مستوى نزيل خلاله كل الشبهات والتحفظات عن لبنان”.
منصور
ثم تحدث الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة الدكتور عبد الحفيظ منصور، فقال:
يُشّرفني ويُسعدني أن أتحدث إليكم في هذا المؤتمر الذي يضم نخبة من المسؤولين الرسميين والخبراء والمهنيين والمصرفيين اللبنانيين والذي يهدف إلى مواكبة أبرز التطورات والمستجدات المهنية لا سيما في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وعلى الأخصّ جرائم الفساد والتهرب الضريبي.
واضاف: “لا شك أن موضوع مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بات يستحوذ اهتماماً متزايداً، لما للموضوع من تأثير على القطاعات المالية، الاجتماعية والاقتصادية. في هذا الإطار، يولي لبنان أهمية قصوى للموضوع، وهو يعمل بفعالية من خلال قطاعيه العام والخاص على مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب إدراكاً منه للتداعيات السلبية التي قد تنعكس على الأفراد والمؤسسات في حال عدم الالتزام”.
ورأى ان منظومة مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب محكومة بقواعد واسس وضعتها المرجعية الدولية في هذا الشأن، عنيت بها مجموعة العمل المالي FATF ، التي يرتكز عملها على محورين، الاول يعنى بدراسة الانماط والاساليب المستجدة في عالم تبييض الاموال وتمويل الارهاب ووضع المعايير الدولية اللازمة لمكافحتها، والمحور الثاني الذي يتمثل بمراجعة مدى التزام الدول باعتماد تلك المعايير من خلال إصدار التشريعات وحسن تطبيقها. وفي حال تبين لمجموعة FATF حالات من عدم الالتزام، تتخذ إجراءات تصاعدية تجاه الدولة المخلّة، يمكن أن تصل إلى وضعها على لائحة الدول غير الملتزمة، ويعلن ذلك في بيان رسمي (Public Statement)، ومن البديهي أن البيان المشار اليه يؤدي إلى نتائج سلبية عدة على سمعة الدولة المعنية، وبالأخص على قطاعها المالي وينسحب ذلك ليطال الافراد في تعاملاتهم خارج البلاد.
وأكد أنه عند مقاربة موضوع تبييض الاموال لا بد من التذكير بأن جريمة تبييض الاموال هي جريمة تبعية، بمعنى أنها تأتي في أعقاب جريمة سابقة يشار اليها بالجريمة الاصلية التي نتجت عنها اموال غير مشروعة. بعد الحصول على الاموال بطرق غير شرعية يحاول المجرمون اخفاء المصدر الحقيقي للاموال او اضفاء المظهر الشرعي لها وهذه الاعمال تحديداً تشكل جرم تبييض الاموال. وعليه، لا تقوم جريمة تبييض الاموال دون وجود جريمة اصلية نتج عنها اموال غير مشروعة.
وأوضح: “ماذا يدخل في عداد الجرائم الاصلية؟ الاجابة بسيطة: كل الجرائم التي يشملها قانون العقوبات والقوانين الخاصة مع التنبه الى عنصر المال فيها، مثالاً على ذلك جريمة الخطف بقصد الحصول على فدية هي جريمة اصلية لجريمة تبييض الاموال، اما الخطف بهدف الثأر او الزواج فلا يدخل في عداد الجرائم الاصلية لجريمة تبييض الاموال لخلوها من عنصر المال، وللذكر تشمل لائحة الجرائم الاصلية:
المخدرات، الارهاب وتمويل الارهاب، الاتجار غير المشروع بالاسلحة، الخطف، استغلال المعلومات المميزة في عمليات البورصة او المزايدات، السرقة واساءة الائتمان والاختلاس، الاحتيال والافلاس الاحتيالي، جرائم البيئة …، الفساد بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة واساءة استعمال السلطة والاثراء غير المشروع، والتهرب الضريبي.
وبما ان موضوع المؤتمر يتمحور حول الفساد والتهرب الضريبي، استعرض معكم المستجدات في هذين الموضوعين.
أولاً: مكافحة الفساد
هو شعار طرح منذ الاستقلال وما زال، لانه ولتاريخه لم تتعزز مكافحة الفساد بالتشريع اللازم والضروري. فلقد صدر اول تشريع في هذا الاطار في الخمسينات في موضوع الاثراء غير المشروع الذي عدل بموجب القانون رقم 154 تاريخ 27 كانون الاول سنة 1999 وهو قيد التعديل حالياً ومن المتوقع صدوره بحلة جديدة قريباً انشاء الله.
تجدر الاشارة الى انه بالرغم من انقضاء 60 سنة واكثر على صدور قانون الاثراء غير المشروع لم تقدم اية شكوى بناءً لهذا القانون.
على صعيد آخر، انضم لبنان لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب القانون 33 للعام 2008، واثر ذلك، صدر القانون 32 في العام 2008 والذي اناط بهيئة التحقيق الخاصة صلاحية تجميد ورفع السرية المصرفية عن الحسابات المصرفية وذلك تطبيقاً للاتفاقية الاممية المذكورة.
وفي العام 2015، صدر القانون 44 لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب في حلته الجديدة مدرجاً جريمة الفساد ضمن لائحة الجرائم الاصلية لجريمة تبييض الاموال.
وفي العام 2016، صدر القانون 75 بشأن إلغاء الأسهم لحامله والأسهم لأمر لتعزيز الشفافية والوصول إلى معرفة المستفيد الحقيقي BO في الشركات.
ومؤخراً، صدر القانون رقم 28 بشأن “الحق في الوصول الى المعلومات” وهو من متطلبات الشفافية التي تحد من ممارسات الفساد.
وهناك حالياً عدة مشاريع قوانين هي قيد الدرس وقد تكون بلغت مراحل متقدمة على طريق اقرارها وهي:
- قانون مكافحة الفساد وانشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي سيكون القانون الاساس في الموضوع.
- قانون حماية كاشفي الفساد و
- قانون الصفقات العمومية
لا شك في ان انجاز التشريعات المذكورة هو شرط مسبق للبدء باي عمل جدي في مكافحة آفة الفساد التي تضرب العديد من الدول في العالم، وفي رأي الامم المتحدة والبنك الدولي فان للفساد آثار ضارة على المجتمع في دول العالم الكبيرة والصغيرة، فالفساد يقوض الديمقراطية وسيادة القانون ويؤدي الى انتهاك لحقوق الانسان واضعاف الاقتصاد وهو السبب الاساس للفقر في دول العالم الثالث.
ثانياً: التهرب الضريبي
كان التهرب الضريبي ممكناً من خلال تأسيس شبكة من الشركات في بلدان الجنات الضريبية التي تتمتع بالسرية المحمية بالتشريعات المحلية. إلاّ أن السرية آلت إلى انحسار وأفل نجم الجنات الضريبية. فلم يعد سهلاً ايجاد دول تسمح قوانينها بتأسيس الشركات المغفلة الملكية لإخفاء المالك الحقيقي تسهيلاً للتهرب من الموجبات الضريبية. وقد أتى ذلك في أعقاب تعديلات القواعد الدولية لمكافحة تبييض الأموال التي ترتكز حالياً على مبدأ الشفافية وتحديد المالك الحقيقي Beneficial Owner للأموال، وهي من اولويات عمل الرئاسة الحالية لمجموعة FATF حسب البيان الذي صدر في شباط 2017.
وبتنا نرى أن دولاً عريقة بالسرية المصرفية مثل سويسرا أصبحت تعتمد مبادئ جديدة في قطاعها المصرفي. فعند التحدث مع المصرفيين السويسريين الآن نسمع كلاما مختلفاً مفاده، “وداعاً للسرية وأهلاً بالشفافية”، وأصبحنا نرى أنّ تقصي أثر المال وتعقبه قد اصبح ممكناً من خلال نظم تبادل المعلومات بين وحدات الاخبار المالي (Egmont) أو من خلال التعاون القضائي الدولي الذي أصبح يعمل بسرعة وسهولة أكثر من السابق، أو مؤخراً من خلال منظومة Global Forum التي تدير عملية تسهيل تبادل المعلومات الضريبية بين وزارات المالية في العالم. ولأجل ذلك، صدر في لبنان القانون رقم 55 المتعلق بتبادل المعلومات لغايات ضريبية والذي يسمح لوزارة المالية في أي من الدول المنضوية تحي منظومة الـ Global Forum الطلب من وزارة المالية في لبنان المساعدة في قضية تهرب ضريبي، وعلى وزارة المالية والجهات الرسمية المعنية في لبنان الاستجابة وفقاً للإجراءات التي وردت في القانون المشار اليه. كذلك هناك موجب آخر على الدول هو تبادل المعلومات الضريبية تلقائياً (CRS) فيما خصّ الحسابات المصرفية لغير المقيمين ضرائبياً في تلك الدول اعتباراً من العام 2018.
وقد انضوت معظم دول العالم تحت لواء الاتفاقية الدولية لتبادل المعلومات الضريبية (Global Forum) ومن المتوقع انضمام المزيد من الدول في وقت قريب.
لقد اعتمد لبنان سياسة الالتزام من أعلى الهرم، ونفذ ذلك من خلال اقراره التشريعات للالتزام بالقواعد الدولية الصادرة عن FATF لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب وعن ال Global Forum للتعاون في مكافحة التهرب الضريبي وعن UNODC لمكافحة الفساد وذلك لضرورات الاستمرار في المنظومة المالية العالمية والاستفادة من تسهيلاتها للنظام المالي والاقتصاد اللبناني.
عبد الباقي
ثم ألقى نقيب خبراء المحاسبة المجازين في لبنان سليم عبد الباقي كلمته، فرأى أنه أجمعت دول العالم على أهمية مسألة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وانضمت معظم هذه الدول الى الهيئات التي ترعى مكافحة هذه الظاهرة، وأخذت تطور في تشريعاتها وتعمل على تعزيز التعاون بينها إقليمياً وعالمياً لمواجهة تحديات هذه الظاهرة ، وكثّفت جهودها في هذا الإطار هادفةً الى:
- حماية نزاهة (Integrity) واستقرار (Stability) النظام المالي العالمي؛
- تجفيف الموارد المتاحة للأعمال الإرهابية وزيادة صعوبة استفادة المتورطين والمتدخلين في الجريمة من أي عوائد أو أرباح متأتية عن هذه الجرائم .
إدراكاً من المسؤولين اللبنانيين لأهمية هذا الإجماع الدولي والتزاماً بقرارات مجلس الأمن وتحاشياً لوضع لبنان على لائحة الدول غير المتعاونة، أقرّ المجلس النيابي (بعد توقف عن التشريع دام سنوات) القانون رقم (44/2015) المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وقانون التصريح عن نقل الأموال عبر الحدود وآخرها القانون المعجّل رقم (55) تاريخ 27/10/2016 حول تبادل المعلومات لغايات ضريبية.
وأضاف: إن إقامة نقابة خبراء المحاسبة المجازين في لبنان لهذا المنتدى جاء شعوراً من مجلسها بالمسؤولية المهنية تجاه المجتمع والاقتصاد الوطني وكذلك تجاه خبراء المحاسبة. وفي إطار التعاون مع هيئة التحقيق الخاصة وبمشاركة البنك الدولي تحت عنوان “مكافحة الفساد وتبييض الأموال / تمويل الإرهاب والتهرب الضريبي #مصلحة_وطنية” برعاية كريمة من دولة رئيس مجلس الوزراء السيد سعد الحريري وحضور ومشاركة اصحاب المعالي الوزراء والنواب الكرام، هو دليل واضح على عزم المسؤولين اللبنانيين على حماية الاقتصاد والمجتمع من الآثار السلبية لظاهرة الفساد وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، كما أنه برهان على حرص النقابة على الإسهام بشكل فعّال في دعم الجهود المبذولة في هذا الإطار.
وتابع: “لقد استحدث القانون رقم (44/2015) آليات قانونية خاصة بالعقوبات المالية ووسع نطاق الجرائم التي يشملها هذا القانون الناتجة عن ارتكاب أو محاولة ارتكاب، أو من الاشتراك في أي من الجرائم المعددة فيه والبالغة (21) جرماً منها على سبيل المثال وليس الحصر الإرهاب وتمويله وفقاً لأحكام القوانين اللبنانية ، الاتجار غير المشروع بالأسلحة، الفساد بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ، السرقة وإساءة الائتمان والاختلاس، الاحتيال بما فيها جرائم الافلاس الاحتيالي….. وآخرها التهرب الضريبي وفقاً للقوانين اللبنانية”.
وأشار: “سوف نقوم خلال اليومين القادمين بتسليط الضوء على هذه المسائل ومتابعة التوجهات الجديدة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، كذلك البحث بالتدابير المتخذة من قبل هيئة التحقيق الخاصة والجهات المعنية، بالاضافة الى الدور الذي تلعبه النقابة وباقي الهيئات، كهيئات رقابية، للحد من المخاطر المتصلة بهذه الظاهرة.
داعين الى متابعة التدابير والإجراءات المتخذة حتى يومنا هذا، آخذين بعين الاعتبار أن هناك المزيد من العمل مستقبلاً، فالخطر المتمثل بالإرهاب والجريمة ما زال يهدد الاقتصاد العالمي، وتطور تقنيات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب “وكلاهما نشاطين عابرين للحدود”. يفترض من الهيئات العاملة في مكافحة هذه الظاهرة التكامل فيما بينها وتكثيف المشاركة في أنشطة الهيئات الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون الدولي، والتكيف المستمر مع التغيرات التي يشهدها عالم الجريمة والتقنيات المتغيّرة والأدوات المستخدمة، وتكثيف دورات التدريب بهدف نشر المعرفة وزيادة الوعي، وصقل مهارات وخبرات العاملين في المكافحة”.
كما أشار إلى إن أبرز أهداف هذا المنتدى، الذي يشرفنا رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء له ومشاركة هذه الكوكبة من المعنيين بهذا الموضوع من كافة القطاعات ومحاضرين من أصحاب الاختصاص والخبرة في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، تتمحور حول ما يأتي:
- المتطلبات والأطر القانونية المرعية الإجراء لمكافحة الفساد في القطاع العام؛
- مفاهيم التهرب الضريبي استناداً لمتطلبات القوانين اللبنانية؛
- تأثير التهرب الضريبي على الخزينة اللبنانية والاقتصاد الوطني؛
- دور الهيئات الرقابية في تعزيز الشفافية وتفعيل دورها في مكافحة التهرب الضريبي؛
- التحديات التي تواجهها المصارف والمؤسسات المالية في ضوء التشدد في تطبيق متطلبات الامتثال؛
- علاقة المصارف المحلية بالمصارف المراسلة وأهمية إجراءات الامتثال وانعكاس متطلبات الامتثال وأعباؤها على المصارف؛
- مسؤوليات وواجبات إدارة المؤسسات غير الخاضعة لقانون السرية المصرفية في تطبيق القانون رقم (44/2015)؛
- مسؤوليات وواجبات مدققي الحسابات وكتاب العدل والمحامين والهيئات الرقابية ذات الصلة لجهة الامتثال في تطبيق القانون رقم (44/2015).
وأمل في الختام، نجاح هذا المنتدى ونتوقع أن يصدر عنه مقترحات وتوصيات تنعكس إيجاباً، وتحفز في وضع آليات قانونية وإجرائية للمساهمة في تعزيز مناعة لبنان للحد من الفساد والتهرب الضريبي، ولما فيه من خير ومصلحة للوطن.
شقير
وبعد انتهاء حفل الإفتتاح الذي أعقبته استراحة، بدأت أعمال المنتدى، فعقدت الجلسة الأولى التي تحدث خلالها القاضية رنا عاكوم نيابة عن وزير الدولة لمكافحة الفساد نقولا تويني، النقيب السابق إيلي عبود، النائب غسان مخيبر، مدير برنامج البنك الدولي في لبنان بيتر مويلي ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة محمد شقير، الذي قال في كلمته:
ان الموضوع المثار في هذه الجلسة هو في غاية الأهمية، خصوصا اننا بتنا اليوم في بلد ينخره الفساد الذي أصبح وباءً يتفشى ويتمدد ويضرب بقوة في كل مكان وعلى امتداد الوطن.
لن اتحدث عن الارقام التي باتت واضحة للجميع، لأن الواقع على الأرض اصعب واقسى من أي رقم يتم تداوله، خصوصا ان الخسائر لم تعد محصورة في الجانب المالي على اهميته انما تعدت ذلك لتطال سمعة بلدنا وثقافتنا وحضارتنا.
الجميع يعلم ان الموضوع تخطى شيء اسمه فساد بالبلد، فهو أصبح سرقة موصوفة، لذلك فإن السكوت عنه جريمة وطنية.
ومما لا شك، فيه ان مكافحة الفساد، ليست محصورة بجهة واحدة، انما مسؤولية الجميع من دون استثناء، وهي تتطلب تضافر الجهود بين السلطة بكل اجهزتها وبين المجتمع المدني بكل فئاته.
وهنا ارى ان القضاء على هذه الآفة يتطلب خطوات اساسية لا بد منها،هي:
– اتخاذ قرار سياسي واضح وعلني وجدي لمحاربة الفساد.
– تشكيل لجنة وزارية يكون محركها الاساسي الوزير المعني الاستاذ نقولا تويني وتضم ايضاً ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني لوضع خطة متكاملة حول محاربة الفساد.
– تحديث ألية المناقصات العامة ووقف التعاقد بالتراضي.
– تفعيل الاجهزة الرقابية، واطلاق يد القضاء لملاحقة المرتكبين ومعاقبتهم.
– اجراء اصلاح اداري، وتحفيز ادارات الدولة ومؤسساتها واجهزتها وتفعيلها وتطويرها.
– ترشيق إدارتها الدولة، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب.
– مكننة إدارات الدولة وربطها بعضها ببعض لمزيد من الشفافية وتداول المعلومات في ما بينها.
– اقرار مشروع قانون التوقيع الالكتروني، لاطلاق انجاز المعاملات وكل الخدمات التي توفرها الدولة الكترونيا.
– تمكين المواطنين او اي جهة من الحصول على المعلومات لدى الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة، عبر نشرها على مواقعها الالكترونية.
وقال: هذه بعض العناوين، لكن الامر يتطلب أكثر من ذلك، فهو يفترض قيام ورشة وطنية في إطار اللجنة الوزراية المذكورة آنفاً.
وختم شقير: “نعم، ان التعاطي مع هذا الملف الشائك لا يمكن معالجته بقرار من هنا او اجراء من هناك، خصوصا ان الازمات المتلاحقة التي ضربت لبنان في السنوات الماضية، كان ابرز نتائجها ليس فقط تخلف بلدنا عن ركب التقدم والتطور، انما ادت الى تدهور كل نواحي الحياة فيه خصوصا إدارات الدولة واجهزتها ما عدا العسكرية والامنية، التي نكن لها كل احترام وعرفان بأنها حمت البلد من الضياع والخراب”.