افتتح قبل ظهر اليوم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلاً بوزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان منتدى المرأة العربية لرائدات الاعمال – NAWF الذي انعقد في سنويته العاشرة في فندق موفنبيك بيروت، والذي تنظمه مجلة الحسناء التابعة لمجموعة “الاقتصاد والاعمال”.
شارك في افتتاح المنتدى نحو 300 مشارك من لبنان وعدد من البلدان العربية والأجنبية يتقدمهم وزراء سابقون وممثّلو السلك الديبلوماسي إضافة إلى حشد من رائدات ورواد أعمال ومزودي خدمات وخبراء وأكاديميين وسياسيين وممثلين عن الحكومات والمنظمات المتعددة الجنسيات والمنظمات التي تعنى بشؤون المرأة.
أوغاسابيان
وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان قال إن المنتدى يسلط الضوء على موضوع المرأة وريادة الأعمال حيث بات معلوماً واستناداً إلى تقرير صدر عن البنك الدولي أن ريادة الأعمال لدى النساء أقل شيوعاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمقارنة مع اجزاء أخرى من العالم النامي. ولكن التقرير يشير في الوقت نفسه إلى أن الشركات المملوكة من نساء في منطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا تميل لأن تكون شركات كبيرة وإنتاجية وشديدة التنظيم. فقد أثبتت التجربة أنه يمكن للمرأة أن تبدع وتبتكر من خلال ريادة الأعمال، كما أن انخراطها في العمل يسهم في ردم الفجوة الجندرية وفي دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وتطرّق أوغاسابيان إلى الحواجز الكبيرة المرتبطة بتأمين التمويل وزيادة رأس المال، وللأسف فإن حوالي سبعين في المئة من المشاريع النسائية في البلدان النامية والناشئة لا تتلقى أي تمويل أو النزر اليسير من أجل الدعم والاستمرار. وانطلق من هذا الواقع ليشدد على أهمية المنتدى كمناسبة للدعوة إلى مراجعة القوانين وتنزيه التشريعات من التمييز بحق المرأة، وتعديل الممارسات الإدارية لضمان حصول المرأة على الموارد الاقتصادية بالتساوي مع الرجل من خلال تسهيل حصولها على القروض والائتمانات المصرفية وضمان وصولها إلى أحدث تقنيات التكنولوجيا والمعلومات من خلال توفير التدريب وبناء القدرات والمهارات العلمية اللازمة للنساء.
وختم أوغاسابيان موضحاً أن تطوير واقع المرأة وخلق الظروف التي تساعدها على النجاح ليس منة بل هو واجب لتعزيز التنمية في مجتمعاتنا والتقدم بها نحو الأفضل. مشيراً إلى أن وجود الرائدات من مختلف البلدان العربية بيننا سوى تأكيد على ما تتمتع به المرأة من قدرات متميزة على الابتكار والنجاح في تأسسيس الأعمال وتوسيعها وتنظيمها.
عباس
وانطلقت مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة عليا عباس من قضية الدور الريادي للمرأة لتشير إلى دور المرأة المغيب أو المخفي عن الساحة العامة للوطن نتيجة لثقافة مهيمنة ولنظام حكم يستمد قوته وسيطرته بفعل منح الامتيازات لأعضاء المجتمع حسب تراتبيت جندرية، وطائفية وغيرها من معايير التفرقة والتمييز على كافة الأصعدة. فعلى الصعيد السياسي وعلى الرغم من خصوصية لبنان عرف الديمقراطية قبل معظم البلدان العربية إلا أن هذه الديمقراطية كانت تتوقف دوماً عند حقوق المرأة مما حال دون لعبها أدواراً مهمة في الحياة السياسية. فالمرأة اللبنانية التي تشكل 50 في المئة من حجم الناخبين وفق لوائح الشطب للعام 2009 بقي حجم وجودها البرلماني لا يتجاوز 8 في المئة من حجم أعضاء البرلمان اللبناني، ولا يتجاوز 1 في المئة من حجم المجلس الوزاري وبالتالي لم تتمكن من الوصول إلى مراكز القرار بالحجم المطلوب الذي يمكنها من التأثير على الأقل في القرارات المتعلقة بقضاياها الخاصة مثل منح الجنسية لأولادها وتعديل القوانين اللبنانية التي تنتقص من حقوقها في مجال العقوبات والعمل وغيرها.
وأضافت عباس أن وضع المرأة في الإدارات العامة ليس أفضل حالاً، إذ تتولى 18 امرأة فقط وظيفة في الفئة الأولى من أصل 160 وظيفة. ما يدل على أن دور المرأة في القطاع العام لا يزال خجولاً.
وذكّرت بالعقبات التربوية التي تحول دون تظهير دور المرأة الريادي والتي تتعلق بمنظومة القيم السائدة التي ترعى الأسرة اللبنانية وتحدد الأدوار لكل من الرجل والمرأة وتسمح بتعرضها للعنف النفسي والجسدي.
وشدّدت عباس في كلمتها على ضرورة العمل الجاد والهادف لضمان معرفة النساء كافة لحقوقهن وتمكينهن من المطالبة بتوفيرها وتعزيزها وممارستهن لها ما يتطلب تثقيف الجميع رجالاً ونساءً أولاداً وبناتاً. كما لا بد من جعل القوانين والسياسات والممارسات الوطنية تتفق مع الالتزامات الدولية وهذا يتطلب إلغاء كافة التشريعات التي تتضمن تمييزاً ضد المرأة وضمان أن تتفق التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وطالبت عباس بوضع خطط وبرامج عمل تتابعها الحكومة وتحدثها بانتظام وبالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وتشجيع عمل المنظمات غير الحكومية لاسيما تلك التي تعنى بشؤون المرأة وتهيئة الوسائل المناسبة للتعاون في ما بينها وبين المؤسسات الحكومية للتنسيق معها إضافة إلى العمل على إنتاج قانون انتخابي على أساس النسبية يضمن حقوق الجميع في الترشح والانتخاب على أساس برامج تنموية وليس على أساس إنتماءات طائفية أو جندرية أو غيرها.
أولانيون
وتحدّثت مديرة المعهد الفرنسي في لبنان فيرونيك أولانيون قائلة إن فرنسا، انطلاقاً من الإطار الإقليمي العام تحرص على التأكيد دائماً على دعمها للسيدات اللبنانيات والعربيات.
ولفتت إلى سياسة فرنسا في لبنان القائمة على ترويج الوحدة، والاستقرار، وسيادة واستقلال لبنان. وهذا الهدف لا يمكن بلوغه إلا متى احترمت الحقوق الأساسية والاعتراف الكامل بالمساواة القانونية، الاجتماعية والاقتصادية بين الرجل والمرأة.
وأشارت إلى أن هذه المساواة اليوم بين المرأة والرجل لا تزال قيد البناء. وفي وقت احتفلنا فيه منذ أكثر من شهر بقليل باليوم العالمي لحقوق المرأة، برزت بعض المواضيع في قلب اهتمامات عدد كبير من اللبنانيات واللبنانيين مثل منح الأم جنسيتها إلى أولادها، المساواة القانونية بين المرأة والرجل والتمثيل السياسي للمرأة، وأكثر من ذلك مواجهة العنف المتفلّت من العقاب ضد المرأة.
وتابعت أولانيون إنه في السنوات الأخيرة حصل بعض التقدّم مثل إنشاء وزارة دولة لشؤون المرأة في قلب الحكومة اللبنانية في 18 كانون الاول/ ديسمبر الماضي، وهي مبادرة نرحب بها ونشجّعها. ولا بعد من تعزيز وتقوية هذه الديناميكية المتقدّمة والعادلة.
وأوضحت أولانيون أن تعزيز موقع المرأة في الوظائف الأساسية في العمل العام هو الشرط للتعاون ذات المصلحة العامة في خدمة المساواة بين الرجل والمرأة.
وأكّدت أن أحد أولوياتنا حالياً هو مرافقة الأعمال النسائية لأنني مقتنعة تماماً بكونه عنصراً مهماً لخلق فرص اقتصادية جديدة، ولمسؤوليات جديدة وعنصر دعم للطاقات النسائية الفاعلة. فالسيدات المستثمرات هن في الواقع حاملات علم الكفاح للمساواة في العمل، وحقوق المرأة والكرامة النسائية. وهن مدعوات للعلب دور حيوي أكثر فأكثر في اقتصاد البلدان العربية وعليهن أن تحصلن على موقعهن في الإطار الاقتصادي الراهن.
وختمت أولانيون بأن ما يعيق النساء المستثمرات المحتملات اليوم هي العوائق الاجتماعية والصورة النمطية عن المرأة. لذا لا بد من محاربة كل هذا المعوقات وإنه بفضل مبادرات مثل هذا المنتدى يتحقق التقدم في مجال المساواة.
القصّار
بدوره، تناول نائب رئيس ومدير عام البناك اللبناني للتجارة نديم القصار تجربة Blc bank فقال: آمنا منذ عشر سنوات بقدرات المرأة وإمكاناتها، واعتمدنا، ضمن استراتيجية نمو البنك، خيار دعمها وتمكينها اقتصاديا وتأمين كل التسهيلات والخدمات غير المالية التي تساعدها على التطور ضمن بيئتها، رغم ان هذه البيئة لم تكن مشجعة او مساعدة، بل على العكس تماماً نتيجة قيود مجتمعية او قانونية مرتبطة بنظرة نمطية خاطئة الى المرأة ودورها في المجتمع، وذلك انطلاقاً من إيماننا الشديد بأن المرأة كي تواجه، يجب أن تكون لديها مقومات أو إمكانيات الصمود. وأهم إمكانية للصمود في عالمنا اليوم هي الصمود الاقتصادي.
ولفت القصار إلى أنه صحيح ان الدستور في لبنان أعطى المناصفة بين الرجل والمرأة ولكن القوانين بقيت بعيدة عن تحقيق أهداف المرأة في المجتمع، فقررنا خوض التجربة والبحث عن حلول. فشكلنا فريقاً من القانونيين والإقتصاديين والفنيين لوضع إستراتيجية ملائمة لذلك. وانطلقنا في مشوار طويل سرعان ما تبين أن جهودنا أوصلتنا إلى الهدف وفوجئنا بان هذه الشريحة المهمشة تملك طاقات هائلة لكنها تحتاج فقط إلى من يكتشفها وينمّيها.
وأضاف أنه منذ 5 سنوات أي منذ العام 2012 أنشأنا ما يعرف اليوم بـ ” we Initiative” وهو منتج أو خط Line مخصص للمرأة، يتكلم لغتها ويتفهم معاناتها ويلاقي لها حلولا. وهذه المبادرة ليست مكرسة لعملاء المصرف بل تحاكي كل نساء المجتمع، وتنظم دورات تدريبية وتجد حلولا مصرفية والاهم تفتح أسواقاً داخلية وخارجية لكل عميل. ونجاح We Initiative جعل المؤسسات الخارجية تنظر عن قرب إلى عملنا. وقد خضنا مع GBA مشواراً أوصلنا العام الماضي إلى رئاسة هذا التحالف وتسلمت الرئاسة تانيا مسلم، وهي من ابرز كوادر البنك. كما طلب منا التحالف أن نكون مدربين أساسيين ونقدّم من خبرتنا لمصارف أخرى، فأعددنا دورات تدريبية لـ15 مصرفاً إقليمياً وعالمياً.
وتابع أنه ضمن هذا المسار التزمنا مبادئ UN WEPS وتضم 35 من قادة عالميين. ونحن الجهة الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط وشمالي افريقيا الممثلة في هذه المنظمة الأممية .
وأكمل عن مبادرات المصرف فقال إنه منذ 5 سنوات ايضا، نظمنا جائزة BLA تستفيد منها النساء والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقد أصبحت تقليدا سنويا وتلقى اصداء ممتازة وتحث النساء على المشاركة والتنافس وتفتح أمامهن ابواب الشهرة والنجاح وبالغالب اسواق خارجية كان يتعذر عليهن الوصول اليها. وفي فترة قياسية أصبح أكثر من 51 في المئة من موظفي البنك من النساء، جزء كبير منهن في مراكز قيادية. وخلال 5 أعوام، منذ 2012 لغاية اليوم، ارتفعت ودائع النساء في البنك بنسبة 46 في المئة، وارتفعت حصتهن في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالفترة ذاتها بنسبة 33 في المئة والتسليفات المخصصة للنساء في المؤسسات المتوسطة والصغيرة زادت بنسبة 73 في المئة. وبالتالي ، زادت محفظة المصرف بشكل قياسي والاهم بطريقة سليمة.
وأوضح القصار أن ما أورده للتأكيد على أن تمكين المرأة إقتصاديا يوازي بأهميته تمكينها علميا وسياسيا. وختم مشيراً إلى أن هدفنا اليوم هو في كيفية تعزيز الاقتصاد، وكيفية زيادة الانتاج وخلق فرص عمل. وبقدر ما نركز جهودنا على توفير الفرص وفتح الاسواق امام المرأة، بقدر ما تكون مساهمتنا في تكبير حجم الاقتصاد وتعزيز نموه مهمة. وإذا تمكنا من تغيير نظرة الجيل الجديد الى المرأة ومن اقتناعه بأهمية المناصفة الحقيقية بين الرجل والمرأة، نكون مهدنا الطريق وعبدناها لمستقبل أفضل تتساوى فيه المرأة مع الرجل بالواجبات والحقوق
نادين أبو زكي
وكانت استهلت المؤسّسة والرئيسة التنفيذية للمنتدى ورئيسة تحرير مجلة الحسناء د. نادين أبو زكي كلمتها مذكّرة بتاريخ انطلاق المنتدى عام 2007 كأول منبر حر للمرأة. وقالت إنه عام 2007، أعلن NAWF صورة المرأة الجديدة التي طال انتظارها في العالم العربي. امرأة ذات ثقافة ورؤية جديدة، امرأة صنيعة نفسها، تبتكر أسلوباً جديداً لمقاربة أنوثتها في عصر العولمة والتقنيات الجديدة. تجدِّد الحوار مع نفسها لكي تولد من جديد. امرأة متأهبة، لا تقبل الركون إلى المُكتسبات. منفتحة، تتطلع أبداً إلى المستقبل. نعم، هي امرأة تختار مصيرها بملء حريتها. امرأة تجرؤ على التعبير.
وتابعت أنه منذ عشر سنوات.مشى NAWF على وَقْعِ خَطَواتِهِنَّ في مسيرة شعارها “سوا سوا”. سرنا نساء لبنانيات وليبيات وسوريات وأردنيات ومصريات ويمنيات، في باريس واليمن وبيروت في اليوم نفسه. مشيرة إلى أنها 10 أعوام من النضال البطيء الصامت. المثابر والعنيد. نضال لم يكن نضالاً انثويّا. نضال لم يحمل شعار الضحية أو الاتهام، والمطالبة بالحقوق والمساواة. نضال يتعدّى الطموح. اضطلاع بدور في بناء الواقع الجديد للمرأة العربية. مخاطبتها جسداً وعقلاً. نقل صورة معاصرة، وبالتالي إيجابية وجديدة، عن المرأة بوصفها عنصراً فاعلاً لإحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية وسياسية. تلك هي الغاية التي حدَّدها NAWF لنفسه.
وذكّرت أبو زكي بأنه منذ البداية، جاهرنا بما نريده لمجتمعات الغد. طالبنا بالتمييز عوضاً عن المساواة. إنما تمييز إيجابي يحفظ هوياتنا الفريدة، يسلّط الضوء على اختلافاتنا ويؤكّدها. لا يمكن أن تُبنى حضارة أو مجتمع أو مستقبل بدون احترام تلك الاختلافات. هو عنوان القرن الواحد والعشرين.
وختمت مؤكّدة أن العام 2017، عنوانه امرأة جديدة.. واقعٌ نسجته النساء سويةً عبر إعطاء تعريف مؤثر لمفهوم الأنثوية. أنثوية جديدة محررة من القيود والنماذج المتوارثة. مشيرة إلى أنه في 2017 بات التغيير واقعاً. فهو كالقوس أطلقته النساء بكلّ ما أوتين به من قوّة. فإرادة المرأة هي المسار الحتمي والوجهة الضرورية لسهم هذا القوس. نعم، التغيير بات واقعاً.