القطاع المصرفي صلب ومنيع ولا خوف على أموال المغتربين والمقيمين، ولا من عقوبات أو قوانين تهدد نظامنا المصرفي
نظّم المجلس الاغترابي اللبناني للأعمال، ، مؤتمر ” بلانيت ليبانون 2017″ في نسخته السابعة، في فندق فينيسيا- بيروت، برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ممثلاً بوزير الاتصالات جمال جراح، بحضور وزير السياحة أواديس كيدانيان، المدير العام للمغتربين هيثم جمعة، وعدد من أعضاء السلك الديبلوماسي والقنصلي والتربوي والإداري والعسكري والأمني وحشد من المغتربين من مختلف دول العالم.
فواز
استهل المؤتمر بكلمة الرئيس المؤسس للمجلس الاغترابي اللبناني للأعمال الدكتور نسيب فواز قال فيها: “إن لبنان ليس مكانا نعود إليه أو بلدة نستذكر بعض تفاصيلها أو مركزا تجاريا نتبضع منه، لبنان هو كيان لصيق بنا، هو تاريخ وتراث وقصة شعب، فالدم اللبناني يسري في عروقنا، أينما كنا وفي أي قارة انتشرنا. وأقترح على أطباء العالم أن يضيفوا فئة إلى فئات الدم المعتمدة عالميا، هي فئة الدم اللبناني”.
أضاف: “نحن كمغتربين أمام ما قدمناه وما نقدمه إلى وطننا الأم لبنان، من محبة وعطاء، من دعم مالي واقتصادي، من تبشير ثقافي حضاري، في شتى أرجاء الارض، نستحق اليوم ونحن على عتبة استحقاق انتخابي طال انتظاره أن نشارك كمغتربين في شتى المسؤوليات السياسية في وطننا، وفي العملية الانتخابية، وأن يكون لنا ممثلونا في مجلسي النواب والحكومة الجديدين، وبذلك يفي لبنان بأمانته ازاء هذا المغترب الذي ضحى ويضحي في سبيل كرامته وسلامه وأمنه وعزته”.
سالم
وأكد رئيس مركز سالم للسرطان – هيوستن، تكساس البروفسور فيليب سالم أن “عظمة لبنان تكمن في رسالته التي وصلت إلى كل بقاع الأرض منذ فجر التاريخ، خصوصا أن اللبنانيين المنتشرين في بلاد الاغتراب لم يأخذوا منه بقدر ما اعطوه”، وقال: “إن 15 مليون مغترب يتحدرون من أصول لبنانية هم آبار النفط الحقيقية التي يمتلكها لبنان والثروة التي يجب ان يعول عليها في نهوضه”.
الرفاعي
وشكر أمين السر العام التنفيذي للمجلس الاغترابي المهندس غياث الرفاعي ل”رئيس الحكومة رعاية المؤتمر”، وقال: “إن دولة الرئيس حاضر بيننا. ورغم كل الصعاب لم يفارق يوما ذهن كل مغترب وقلبه”.
جراح
من جهته، قال وزير الاتصالات جمال جراح متحدثاً باسم الرئيس الحريري: “تعود بي الذاكرة الى عام 2003، حيث كنت في البرازيل برفقة دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مؤتمر بلانيت ليبانون. يومها، قال الرئيس البرازيلي: خلف كل قصة نجاح في البرازيل هناك لبناني. عندها قال الرئيس الشهيد يجب ان يفتخر المغتربون اللبنانيون بنا، ويجب ان نعمل لكي نكون موضع فخر لهؤلاء المغتربين، كما يفتخر الرئيس البرازيلي بهم”.
أضاف: “إن المغتربين اللبنانيين تبوأوا مراكز حساسة وكبيرة في الدولة والمجالس النيابية، وأصبح بعضهم حكاما لمقاطعات. وفي لبنان، مع الأسف ليسوا ممثلين في مجلس النواب والحكومة. ولذلك، ولكي نكون موضع فخر للمغتربين، علينا أن نعمل على تمثيل الاغتراب في مجلس النواب والحكومة”.
ورداً على أسئلة عدة، قال الجراح: “أقول كمصرفي، لقد مررنا في ظروف أصعب من الظرف الحالي وفي أزمات كبيرة، ولبنان لم يتأثر. لدينا قطاع مصرفي صلب ومنيع وجدي ومسؤول عن أموال المغتربين وأموال المقيمين، فلا خوف على أموالكم، ولا خوف من عقوبات أو قوانين أو أي شيء آخر يهدد نظامنا المصرفي، ونحن نفتخر بهذا القطاع”.
وعن توحيد الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم وإنشاء وزارة للمغتربين، وجه الجراح رسالة إلى الحضور من الرئيس الحريري قال فيها: “لا تنقسموا، بل أخرجونا من انقسامنا، ولا تتمذهبوا بل أخرجونا من مذهبيتنا”، وهذا الأمر ليس بمستحيل أو صعب، بل رسالة ومسؤولية عليكم وعلينا، فإذا كنا غير قادرين على أن نتوحد، على الأقل علينا أن ننسق ونتشارك الرؤية للاغتراب، الأمر الذي يساعدنا على تخطي الكثير من المشكلات وتشجيع التواصل والاستثمار الاغترابي في لبنان”.
واشار الى ان “حكومة الرئيس الحريري تعمل بجدية على تمثيل الاغتراب في مجلس النواب، وتشجيع استثمار المغتربين في لبنان وتشجيع التنسيق مع المغتربين، وهذا المؤتمر هو حلقة من حلقات هذا التواصل”.
الجلسة الأولى
محور جلسة العمل الأولى للمؤتمر حمل عنوان “أمان القطاع المصرفي في لبنان”، وأدارها الدكتور كامل وزنه، الذي أكد أنه “رغم الأزمات السياسية والمالية، إلا أن القطاع المصرفي صمد واستمر”.
عنداري
وتحدث نائب حاكم مصرف لبنان الدكتور سعد عنداري باسم المتحدث الرئيسي حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، فطمأن إلى أن “العملة اللبنانية مستقرة والودائع آمنة”، وقال: “إن السلطة المالية والنقدية تحافظ على نزاهة الحكومة لاستعادة ثقة العالم، وإن المصارف التزمت بمبادئ الحوكمة بشكل كامل. وقد كان القطاع المصرفي اللبناني في طليعة هذه الحركة”.
أضاف: “المطلوب من المصارف اللبنانية شرح العوامل الاقتصادية الحالية المؤثرة بشروط الإقراض، وإن مطلب تنظيم القطاع المصرفي هو مطلب كل الأطراف، فهناك تنسيق، ونحن نعمل عن كثب مع السوق اللبنانية ونتعاون مع الهيئة الناظمة والمصارف والأسواق. كما نملك بيئة تنظيمية متينة ومبنية على ركائز كبيرة، وانتم أيها المغتربون إحدى هذه الركائز”.
أزهري
من جهته، تطرّق رئيس مجلس الإدارة ومدير العام بنك “لبنان والمهجر ” سعد أزهري في مداخلته إلى ثلاثة مواضيع مترابطة:
الموضوع الأول : يتناول مصرف لبنان في الأداء والتحدّيات
الموضوع الثاني : القطاع المصرفي، أيضاً في الأداء والتحدّيات
أمّا الموضوع الثالث حول مستلزمات السياسات الإقتصادية في المرحلة القادمة
في الموضوع الأول حقيقة لا جدل فيها:
الجيش اللبناني والنظام المصرفي هما من الركائز الأساسية الأولى في لبنان.
فكيف تمكّن مصرف لبنان من تعزيز الإستقرار النقدي ودعم النمو الإقتصادي؟
على مدى اكثر من 20عاماً نجحت سياسات مصرف لبنان في إنجازات عدّة:
– نجحت في زيادة رسملة البنوك وفي إرساء رقابة سليمة على عملها وفي نموّها وتوسّعها نحو الخارج.
– نجحت في تثبيت سعر الصرف على مستوى يُقارب السعر التوازني للإقتصاد، ممّا ساهم في حماية ثروة المواطنين والتخفيف من الإختلالات الخارجية والحدّ من معدلات التضخّم. هذا بالإضافة إلى المحافظة على هياكل معقولة ومشجّعة لأسعار الفائدة.
– وأيضاً نجحت ، وفي غياب دور فعّال ومُستدام للحكومة في الإقتصاد، في تشجيع القطاعات الإنتاجية والإجتماعية من خلال قروض ميسّرة وتشجيع
قطاع إقتصاد المعرفة عن طريق ضمانه لإستثمارات البنوك.
فما هو وقع هذه الانجازات؟
في الأرقام :
- إرتفعت في العشرين سنة الماضية ميزانية مصرف لبنان من حوالي 10 مليار دولار الى 109 مليار دولار.
- وارتفعت أيضاً موجوداته الخارجية من 3 مليار دولار إلى 42.5 مليار دولار، وهو مستوىً كافٍ بحسب العديد من المؤشرات لدعم سعر الصرف والتوازنات الخارجية.
وأضاف: إنني على يقين أن جميع الحاضرين اليوم يرون الصورة المُشرقة لهذه الإنجازات، ولكن لكلّ نجاح هناك في المقابل تحدّيات وعقبات قد تُواجه المركزي )إنني أتكلّم الآن كإقتصادي لديه أكثر من منظور).
التحدّي الأول يرتكز على قدرة مصرف لبنان في الظروف الحالية على إستقطاب التدفقات الرأسمالية لدعم موجوداته الخارجية وسعر الصرف من دون رفع سعر الفائدة والآثار السلبية لذلك على خدمة الدين العام والإقتصاد.
والتحدّي الثاني يتمثّل باستطاعة مصرف لبنان التعامل بشكلٍ سليم ومُرضٍ لجميع الفرقاء فيما يتعلّق بالتطبيق والإمتثال لأيّة عقوبات جديدة قد تُفرض من قبل مجلس النواب الأميركي.
أمّا التحدّي الثالث فيعكس إمكانيّة مصرف لبنان على تحمُّل كلّ الأعباء التي تنجم عن حمله لجزءٍ من الدين العام وقيامه بالعديد من المبادرات والهندسات المالية.
هذا في الموضوع الأول، أمّا في الموضوع الثاني فهو يتعلّق بالقطاع المصرفي الذي يمثّل الجزء الآخر من النظام المصرفي إلى جانب البنك المركزي.
وأشار أزهري: لقد تطوّر القطاع من حيث نشاطاته وإمتداده ليصبح قطاعاً مصرفياً شاملاً. وترون ذلك من الأمثلة على إنجازاته:
– تنتشر وحداته في 32 بلداً إقليمياً وأوروبياً .
– نمت ميزانية القطاع خلال العشرين سنة الأخيرة من25 مليار دولار إلى 207 مليار دولار، وأصبح من الملاذات الآمنة للودائع حيث ارتفعت ودائع غير المقيمين من حوالي 2 مليار دولار إلى 35 مليار دولار.
– يُعتبر القطاع المموّل الأول لاحتياجات القطاعين الخاص والعام إذ تبلغ قروضه أكثر من 100% من الناتج المحلي الإجمالي ويحمل حوالي 50% من الدين العام.
– يلتزم القطاع بكلّ المعايير والقوانين الرقابيّة والتنظيميّة المحليّة والدوليّة.
– لا يكتفي القطاع بتمويل عجز الميزانية العامة فحسب، بل يساهم أيضاً في إيراداتها إذ يُمثّل حوالي الـ 40% من إجمالي ضرائب الشركات و28% من إجمالي ضرائب الأفراد.
– فيما لا يتمتّع القطاع بربحية فائضة إذ يبلغ المردود على متوسط الموجودات 1% فقط مقابل أكثر من 2% في الدول الناشئة (هذا بالطبع لا يجعل المصارف كما يعتقد البعض”حيتان المال” خصوصاً وأن 15 مليار دولار من محفظة قروضه هي قروض ميسّرة( .
واشار : ولكن أيضاً لا تخلو الطريق أمامه من تحدّيات وعقبات( مثل معظم طرقات لبنان). وأذكر تحدّياتٍ ثلاث:
التحدّي الأول يرتبط بالمنافسة الحادّة وحالة الإشباع في السوق الداخلي.
التحدّي الثاني يتعلّق بالتعامل الكفوء مع الإلتزام بالعقوبات والقوانين الدولية
المتزايدة.
أمّا التحدي الثالث والأهم يتمثّل بإنكشافه اللافت على الأدوات السيادية حيث
تبلغ توظيفاته لدى مصرف لبنان والدولة حوالي 59%من موجوداته.
وأخيراً الموضوع الثالث: مستلزمات السياسات الإقتصادية في المرحلة القادمة.
إنّه لواضحٌ جداً أن مصرف لبنان يتحمّل اليوم أعباءً بعيدة عن مسؤولياته تجاه السياسة النقدية والإجراءات الرقابيّة.
فهل مطلوبٌ من المركزي وحده أن يلعب دوراً رئيسياً في السياسات المالية من خلال تمويله لجزءٍ من عجوزات الميزانية من ثمّ تعقيم ذلك للحفاظ على مستوى مقبول للسيولة؟
وهل مسؤولية المركزي إدارة السياسة الصناعية والتجارية من خلال دعمه
للنشاطات الإنتاجية والتكنولوجية في الإقتصاد؟
وأكد أزهري أن ما ينجم عن ذلك ليس فقط تحمّل المركزي للمزيد من الأعباء والمسؤوليات بل أيضاً أخطاراً معنوية (moral hazards) تتجسّد في عدم “إكتراث” مؤسسات الدولة الأخرى بتحمّل مسؤولياتها أو عدم إعطائها الأهمية المطلوبة على أمل أن المركزي لديه القدرة على عمل ذلك وإصلاح الأمور التمويلية والنقدية في البلد إلى ما لا نهاية !
وفي هذا الإطار، نتمنّى من الرئاسة والحكومة العتيدة في أية خطة تُعدّها للإصلاح الإقتصادي والإداري أن تحدّد وتعزّز المسؤوليات والسياسات التي تقع على عاتق مختلف مؤسسات الدولة.
على سبيل المثال:
وزارة المالية: إعداد سياسة مالية تهدف إلى ترشيد الإنفاق وخفض الدين العام وتحسين الجِباية الضريبية، والأهمّ من ذلك إصلاح نظام معاشات التقاعد الذي لا يمكن الإستمرار به كما هو عليه (إذ يمثّل في الحقيقة “قنبلة موقوتة”).
وزارتي الصناعة والإقتصاد: القيام بمبادرات لتحسين المناخ الإستثماري وبيئة مزاولة الأعمال.
ووزارة الطاقة: المبادرة بإسراع البرنامج لإصلاح قطاع الكهرباء والبدء بتطوير قطاع النفط والغاز.
إن مثل هذه الإصلاحات ترفع من إنتاجية السياسات الإقتصادية ومن القدرات التنافسية للقطاعات، كما تفسح المجال أمام المركزي والمصارف بأن يقوما بعملهم في تفعيل السياسة النقدية وتثبيت الإستقرار النقدي بأكثر كفاءة وفعالية.
وفي الخاتمة، لدينا مثلّث متكامل مترابط ومتلائم: مصرف لبنان، القطاع المصرفي والسياسات الإقتصادية. إذا إقترن هذا المثلّث بإستقرار وإجماع سياسي مُستدام فإن الإقتصاد اللبناني قد ينهض من جديد ليصبح مركزاً مزدهراً في المنطقة يفتخر به كلّ أبنائه وبناته من مقيمين ومغتربين.
غبريل
أما كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك “بيبلوس” نسيب غبريل فسأل: ماذا يفعل لبنان لاستمرار استقطاب المغتربين اللبنانيين الذين لديهم مسؤوليات وأولويات وإلتزامات في بلدان انتشارهم، وأشار إلى أهمية دورهم معدداً:
أولاً: الاعتراف بأن تحويلات المغتربين الذي يظهر أكثر من غيره، يبلغ 7,2 مليار دولار سنوياً، بالرغم من كل التطورات في المنطقة ومصادر تحويلات المغتربين، خصوصاً هبوط أسعار النفط العالمية وتراجع أسعار صرف العملات في بعض البلدان الأفريقية، ىوهذا المعدّل يساوي 1600 دولار لكل فرد لبناني مقيم في لبنان، ما يعتبر أعلى نسبة من بين جميع الأسواق الناشئة.
ورأى أن مساهمة الاغتراب اللبناني هو في استمرار الاستهلاك ورفع مستوى معيشة اللبناني المقيم، بالرغم من الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرّة وتراجع نسب النمو في بلدان الاغتراب. لافتاً إلى المساهمة غير المرئية والتي تعتبر حيوية للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والمالي والنقدي، وهي ودائع المغتربين في القطاع المصرفي اللبناني. حيث تشكل ودائع غير المقيمين، تقنياً، فقط 21 % من مجموع الودائع في المصارف في لبنان والتي بلغت 166 مليار دولار في آخر شهر أيار 2017، لكن فعلياً فإن 40 % من هذه الودائع هي ودائع تعود لمغتربين، ما يساوي 66 مليار دولار تقريباً.
ما يعني أن الاغتراب اللبناني يساهم ويساعد المصارف اللبنانية على الاستمرار في التسليف للقطاع الخاص الذي بلغ نحو 58 مليار دولار في آخر أيار 2017، ما يعتبر ككتلة نقدية، أكبر من حجم الاقتصاد اللبناني.
ثانياً: تساهم هذه الودائع بتمويل حاجات الدولة للاستدانة ذات المستوى المرتفع جداً ومتوقع لها أن ترتفع أكثر، ما يساهم باستقرار المالية العامة، بالرغم من عجز الموازنة الذي يبلغ 10 بالمئة من الناتج المحلي ونسبة دين 150 بالمئة من الناتج المحلي.
ثالثاً: تساعد هذه الودائع على تدعيم قدرات مصرف لبنان من الإحتياطي، لجهة الإحتياطي الإلزامي ومن خلال الودائع غير الإلزامية، ولجهة شراء أدوات مالية يصدرها مصرف لبنان.
رابعاً: تساعد المصارف اللبنانية على الحفاظ على مستوى عالٍ من السيولة، ونسبة التسليفات إلى الودائع التي بلغت 36 % في آخر أيار 2017، والذي يعتبر من أفضل النسب في أي قطاع مصرفي في العالم.
وأشار غبريل إلى العوائق التي تواجه المغتربين للاستثمار في لبنان ، لافتاً إلى دراسة للبنك الدولي تبين أن 54 % يعتبرون تراجع بيئة ومناخ الاستثمار، هو العائق الأساسي لعدم أستثمارهم في لبنان.فيما 47 % يعتقدون أن عدم الإستقرار السياسي هو سبب رئيسي لذلك، يتبعهم 29 % يرون أن عدم وجود مؤشرات إقتصادية كافية وأرقام إقتصادية ومعلومات عن فرص الإستثمار هي العائق الأساسي، كما ينظر ما نسبته 22 % إلى ترهّل البنى التحتية كأحد العوائق الأساسية للاستثمار.
وزني
وتناول الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور غازي وزني محور “المصارف بين التحديات والآفاق”، فأشار إلى نمو القطاع المصرفي منذ عام 1998 وحتى اليوم، حيث تضاعفت الموجودات بنسبة 20 مرة، والرساميل بنسبة 15 مرة، وأرباح المصارف 17 مرة، فيما تضاعفت التسليفات بنسبة 18 مرة، معتبراً هذه المؤشرات عوامل إيجابية، مرّ بها القطاع المصرفي خلال 20 عاماً، بالرغم مما مرّت به المنطقة من مشاكل وأزمات كبيرة، وواجه فيها لبنان تداعيات أمنية واقتصادية، بما فيها انعاسات الأزمة المالية العالمية، واستطاع القطاع المصرفي في لبنان أن يثبت جدارته ومتانته وأن يحقق نمواً مستمراً، واعتماد سياسة استقرار نقدي ثابتة اتسمت بالإيجابية.
ولفت وزني إلى التحديات التي يواجهها القطاع المصرفي الداخلية منها والخارجية. ففي التحديات الداخلية رأى:
– ان النمو الاقتصادي في لبنان ما بين 2010- 2016 قد تراجع من نسبة 8 % الى أقل من 1,5 %، ولا شك أن هذا التراجع أثّر على الاستثمارات الأجنبية المباشرة وانخفضت من 9,4 مليار دولار إلى 7,2 مليار. ومداخيل السياحة من 8 مليارات دولار عام 2010 إلى أقل من 4 مليارات. كذلك تراجعت الصادرات اللبنانية من 4,4 مليارات إلى أقل من 3 مليارات دولار. وهذه العوامل تأثر بها القطاع المصرفي.
– التحدي الثاني، يعتبر من التحديات الداخلية المزمنة، المتمثّل بالعجز في المالية العامة، وقد تفاقم في السنوات الأخيرة، حيث يبين المؤشر الرسمي في العام 2017 انه وصل الى نسبة 8,6 % من الناتج المحلي. لافتاً أن العجز الواقعي والفعلي يتجاوز 10 % من حجم الاقتصاد، ما ينعكس سلباً على القطاع المصرفي، الذي يُعتبر منكشفاً على الديون السيادية.
أما في التحديات الخارجية، أشار وزني إلى:
– دول الخليج العربي، وتراجع مداخيلها بنسبة 50 %، منذ حزيران 2014 وحتى اليوم، بعد هبوط أسعار النفط العالمية، فيما سجل نمو هذه الدول تراجعاً من نسبة 5 % إلى ما دون 2 %. ومن الطبيعي أن يتأثر لبنان بهذا التراجع، حيث يعمل أكثر من 500 ألف لبناني في دول الخليج تقدّر تحويلاتهم بنحو 4,5 مليارات دولار سنوياً.
وأشار إلى أن التحويلات اللبنانية الخارجية حافظت على استقرارها نسبياً، رغم الإضطرابات في المنطقة وتراجعت من 7,5 إلى 7,2 مليارات دولار سنوياً.
– التحدّي الخارجي الثاني، يتمثّل بالعقوبات الأميركية على حزب الله، منذ العام 2016، مؤكداً على أن القطاع المصرفي مُلزم وغير مُخيّر بالامتثال بالعقوبات الأميركية لأسباب عدّة، كي يبقى ضمن المنظومة المالية العالمية. بالإضافة إلى أن الإقتصاد اللبناني مُدولَر، حيث أن نسبة 66 % من الودائع في القطاع المصرفي بالدولار الأميركي، وكذلك اليون والتحويلات الخارجية، وأكثر من 70 % من الإستيراد بالدولار.
– أما التحدي الثالث، يتعلق بالمعايير والقواعد والقوانين المالية، التي تتوسع في العالم، وتلزم كافة القطاعات المصرفية في العالم تطبيقها، من قوانين غافي والفاتفا، وتناول المعلومات الضرائبية مع الخارج، وقوانين مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
أما لناحية الآفاق فعدّد وزني 4 نقاط رئيسية:
1- موضوع النفط والغاز، الذي يعتبر أساسي، ومن المنتظر أن يتم التوقيع بين لبنان والشركات العالمية قبل نهاية العام الجاري، وحسب التقديرات يساوي نحو المليار دولار أميركي.
2- إعادة الإعمار في سوريا، الذي بات حديثاً دائماً، يتمّ الاستعداد له من قبل دول الجوار والشركات العالمية، ولبنان مؤهّل للعب دور بارز في هذا المجال، ولا سيما القطاع المصرفي.
3- قطاع المعرفة، حيث جهد مصرف لبنان منذ 2013 ومن خلال التعميم رقم 331 بتشجيع المصارف باستعمال ما نسبته 4 بالمئة من رساميلها الخاصة وتوظيفها في قطاع المعرفة، وضمان 75 % من الاستثمارات. ما يؤدي إلى تحويل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد المعرفة.
4- النقطة الأخيرة تتمحور حول الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، الذي من المنتظر إقراره في القريب العاجل.
الجلسة الثانية
وعقدت جلسة العمل الثانية تحت عنوان “الحوكمة والشفافية: إدارة الأعمال ومكافحة الفساد في القطاعين العام والخاص”.
وبعد تقديم من محمد عالم، تحدثت المديرة العامة لوزارة العدل القاضية ميسم النويري التي مثلت وزير العدل سليم جريصاتي، فقالت: “لا تعريف واحدا للفساد”.
ولفتت إلى “دور وزارة العدل على صعيد التشريعات وتنفيذ الاتفاقيات الدولية وتفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد”، مشيرة إلى “ضرورة تفعيل لبنان لمعاهدة مكافحة الفساد الدولية التي صادق عليها عام 2008”.
بدوره، شدد المستشار القانون المحامي وديع عقل ممثلا المتحدث الرئيسي في الجلسة وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، على “أهمية إعادة ثقة الاغتراب اللبناني بالوطن في ظل السمعة السيئة التي اكتسبها لبنان، نتيجة السياسات المتراكمة”.
وأكد “أهمية قانون الوصول الى المعلومات وأهمية الإسراع في إقرار مشروع القانون المتعلق بحماية كاشفي الفساد”، مشددا على “ضرورة أن يتخذ الشعب اللبناني قراره بالمحاسبة والمساءلة من خلال العملية الانتخابية”.
من جهته، طالب القاضي سالم سلامة من الولايات المتحدة الأميركية ب”ضرورة التعاون بين الدولة ومواطنيها”، منتقدا “غياب الشفافية وانتشار الفساد في لبنان”.
أما القاضي السابق فوزي أدهم فلفت إلى أن “لبنان غارق بثقافة الفساد بكل أشكاله، وأن الديمقراطية أهم سلاح في وجه الفساد”.
الجلسة الثالثة
وعالجت جلسة العمل الثالثة موضوع “دعم الاغتراب اللبناني وتشجيع الاستثمار في لبنان”، وأدارتها ميرنا منيمنة.
وتحدث فيها الوزير جراح ممثلا بالمدير العام لهيئة “أوجيرو” الدكتور عماد كريدية، الذي شدد على “اهمية قطاع الاتصالات وتأثيره على الناتج المحلي والاقتصادات الوطنية”، وقال: “مقارنة بدول الجوار، فلدى لبنان سجل جيد في مجال الابداع والاختراعات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وهي طاقات تنتظر الدعم.
ومن جهته، شرح المدير في المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات “إيدال” عباس رمضان “دور المؤسسة في تشجيع الاستثمار، لا سيما استقطاب المغتربين”، عارضا ل”مجموعة من الاحصاءات المتعلقة بقطاعات حيوية لاستثمار المغتربين مثل التكنولوجيا والاعلام وصناعة الاغذية والسياحة”.
أما نائب رئيس المجلس الاغترابي اللبناني للاعمال المهندس فهيم الجميل فعرض “تجربته في الولايات المتحدة الاميركية”، مشددا على “ضرورة جعل لبنان خيارا أساسيا ومرغوبا به من قبل المغتربين”.
وبدوره، لفت رئيس تجمع رجال الاعمال اللبنانيين الفرنسيين أنطوان منسى إلى أن “المغترب لن يعود ولن يستثمر في لبنان، إلا بعد وضع خطة استراتيجية واضحة من قبل الدولة لاستقطاب الثروات الاغترابية وتشجيعها”.
وكذلك، عرض كل من زياد بعذراني والمدير العام للشؤون العقارية في وزارة المال جورج معراوي الخدمات الاكترونية المتعلقة بالمديرية وكيفية استفادة المغتربين منها.
كما عرض عضو هيئة المديرين في المجلس الاغترابي اللبناني للاعمال المهندس المعماري غسان شكور “مشروع بيت المغترب اللبناني وكيف يمكن المساهمة في نقله من الخرائط الى ارض الواقع”.