بعاصيري: لا مشكلة لدينا كمصارف عربية مع الجانب المصرفي الأميركي، انما من الضروري ان يكون للحضور المصرفي العربي وجود فاعل امام المحافل الدولية
طربيه: نسعى دائماً ان نكون معبراً للمصارف العربية الى قواعد العمل المصرفي الدولي بما يسهل ويعزز إندماجها في الصناعة المصرفية العالمية
أعلن إتحاد المصارف العربية عن موعد انعقاد مؤتمره السنوي المشترك مع البنك الفدرالي الاحتياطي الأميركي بدورته الثامنة، وذلك في 16أكتوبر/ تشرين الأول2017 في مقر البنك الفدرالي الاحتياطي الأميركي في نيويورك. حيث يتزامن انعقاد هذا المؤتمر مع إجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين (IMF/ World Bank Meetings) التي ستعقد قبل انعقاد مؤتمر الاتحاد.
جاء الإعلان خلال مؤتمر صحافي عقده الإتحاد صباح اليوم، في فندق فينيسيا بيروت بحضور رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية في إتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه ونائب حاكم مصرف لبنان ورئيس مبادرة الحوار المصرفي العربي الدكتور محمد العاصيري والأمين العام لاتحاد المصارف العربية والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الأستاذ وسام حسن فتوح.
بعاصيري
استهل المؤتمر الصحافي بكلمة للدكتور بعاصيري وجه فيها التحية والشكر إلى كل من رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه، والأمين العام للإتحاد الأستاذ وسام حسن فتوح، قائلاً: «إن المبادرة نشأت منذ عام 2006 من إتحاد المصارف العربية برئاسة الدكتور جوزف طربيه، في حينه، بغية خلق حوار بناء وناجع بين الجانبين المصرفي العربي والأميركي، كذلك بين القطاعين العام والخاص، من أجل مناقشة المشكلات المصرفية وتطبيقاتها، والتي تُخاطب الدول العربية والولايات المتحدة الأميركية في آن واحد».
ولفت بعاصيري إلى «أهمية ما يعنينا في الجانب العربي، حيال العلاقات المصرفية العربية مع المصارف المراسلة، وخصوصاً حيال التراجع في هذا التعامل من الجانب الأميركي الذي حصل مؤخراً، مما ينعكس سلباً على صورة القطاع المصرفي العربي أمام المحافل الدولية. وأتشرف برئاسة هذه المبادرة منذ إنطلاقتها”.
وتمنى بعاصيري على المصارف العربية (وحدة تبييض الأموال) أن تركز في نشاطاتها المصرفية على الحضور العربي دولياً. علماً أنه لا مشكلة لدينا كمصارف عربية مع الجانب المصرفي الأميركي، إنما من الضروري أن يكون للحضور المصرفي العربي وجود فاعل أمام المحافل الدولية، ولا سيما القطاع المصرفي اللبناني، ونحن في هذا السياق نعول على جهود رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه الذي له باع طويل في هذا الشأن حيال المفاوضات المصرفية العربية – الأميركية».
وخلص بعاصيري إلى أهمية «نسج العلاقات المصرفية العربية – الاميركية لما لها فائدة على الجانبين ولا سيما على صعيد تسهيل العمل المصرفي بين المصارف العربية عموماً والمصارف المراسلة».
طربيه
ثم كانت كلمة للدكتور طربيه حيث قال فيها: بالرغم من إعتماد المصارف أفضل الممارسات الدولية في حقل الإمتثال، تواجه بعض المصارف العربية صعوبات في علاقاتها مع المصارف المراسلة الأميركية، وتشهد تراجعاً تدريجياً في عملياتها المصرفية، وفي بعض الأحيان إنهاء العلاقات مع المصارف المراسلة، وذلك بسبب المخاطر العالية في بعض الدول ولاسيما أيضاً كلفة متطلبات الإمتثال المتزايدة مما يؤدي بالطبع إلى إنهاء خدمات المراسلة لبعض المصارف الصغيرة والمتوسطة، ويخرجها بالتالي من السوق المصرفية، وينهي دورها في تقديم خدمات حيوية لمجتمعاتها في ظل ظروف سياسية وأمنية خطيرة تلقي بثقلها على اقتصاداتنا العربية، وظهور معالم «تصدّع سياسي» بدأت بوادره في النزاعات والتحولات التي شهدتها بعض دولنا العربية، والتي أسست لموجات من الإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي، أدّت إلى زيادة القلق والخوف من قبل المجتمع المصرفي الدولي، ولا سيما أيضاً ما آلت إليه الأوضاع في اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي، بما عرف بالأزمة القطرية، هذا الاتحاد الذي طالما اعتبرناه نموذجاً لمستقبل وحدة العرب وتعاونهم وتعاضدهم في مواجهة ما يحيط بهم من مؤامرات لشق الصف وزرع الفتن وتفريق الصفوف.
وأضاف إننا في اتحاد المصارف العربية ننتظر ونأمل تبديد هذه الغيمة السوداء، وتحكيم العقل في معالجة قضايانا بالاحتكام إلى التواصل والحوار والتفاهم، وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، وأن يستمر اتحاد دول مجلس التعاون الخليجي في مسيرته الداعمة للاقتصادات العربية، ومواجهة الأزمات الانسانية والاجتماعية على ساحة الوطن العربي.
ومن هذا المنطلق وإستشعاراً من إتحاد المصارف العربية المبكّر لأية مخاطر أو إنعكاسات سلبية على قطاعنا المصرفي العربي، أطلق إتحاد المصارف العربية في العام 2006 مبادرة الحوار المصرفي العربي – الأميركي وتكرّر عقده عدّة مرات لإدراكه ضرورة تفعيل هذه المبادرة، ليس في الولايات المتحدة الأميركية فحسب، بل أيضاً في أوروبا حيث توجه في الإطار نفسه إلى عقد الحوار المصرفي العربي – الأوروبي، الذي عقد العام الماضي في مقر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في باريس، بمشاركة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة، والمدير التنفيذي لمؤسسة العمل المالي (FATF) وعدد كبير من الشخصيات المصرفية والمالية وأصحاب القرار المالي والدولي في أوروبا والولايات المتحدة الأميركة والعالم العربي، الذين يمثلون مؤسسات القطاعين الخاص والعام والسلطات التشريعية الرقابية.
وأوضح أنه من أجل الإستمرار في هذا الدور الجامع وأمام هذا الواقع، يسعى اتحاد المصارف العربية كما في السنوات السابقة إلى جعل هذا الحوار المصرفي العربي – الأميركي في دورته الثامنة، منصة حوار مباشر بين المصارف العربية والبنوك المركزية العربية وبين المصارف الأميركية والسلطات الرقابية، سيشارك فيها مسؤولون من البنك الفدرالي الأميركي في نيويورك، ومن مجلس الاحتياط الفدرالي في واشنطن، ووزارة الخزانة الأميركية، وصندوق النقد والبنك الدوليين، وخبراء من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، وخبراء من هيئات مالية ورقابية دولية، وقيادات مصرفية عربية وأوروبية، ومؤسسات مالية ومصارف أعضاء في أسرة الاتحاد، لمناقشة «مكافحة الإرهاب وتمكين العلاقات مع المصارف المراسلة»، ولبحث القضايا الراهنة حول التطورات الرقابية في ما يتعلق بالعقوبات وعلاقة البنوك المراسلة، ومسألة مكافحة الفساد والرشاوى، وكلها مواضيع هامة وأساسية للدفع بإتجاه العمل المؤسساتي المصرفي العربي والدولي السليم، وذلك استناداً إلى التطورات والتعديلات الطارئة على المشهد الرقابي والتنظيمي، وتحديداً في ما يتعلق بالمتطلبات الأكثر صرامة التي دفعت ببعض المصارف الأميركية إلى إقفال حسابات بنوك تطبيقاً لقوانين وتشريعات صادرة في هذا المجال.
كما سيناقش هذا المؤتمر الاتفاقية الأخيرة لمكافحة الإرهاب، التي وقّعت مؤخراً خلال أعمال القمة العربية الإسلامية – الأميركية، إضافة إلى عوامل قانونية تتعلق بالمعلومات القائمة أمام تبادل المعلومات والحاجة إلى التخفيف من حدة المخاطر والتصدّي للتهديد الصادر عن تمويل الإرهاب، الأمر الذي يشكِّل الكثير من الضغوط على مصارفنا العربية.
وأضاف: لقد شكّل اتحاد المصارف العربية، منذ إطلاق مبادرة الحوار المصرفي العربي – الأميركي في دورته الأولى عام 2006، وحتى دورته الحالية التي ستعقد هذا العام، جسر تواصل بين وزارة الخزانة الأميركي والاحتياطي الفدرالي والقطاع المصرفي الأميركي، وكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية من جهة، والقطاع المصرفي العربي من جهة ثانية، عمل خلالها على تحييد القطاع المصرفي العربي عما يجري حوله من أحداث، وأصبح تقليداً سنوياً لاستمرار التواصل والتنسيق بين القطاع المصرفي العربي ونظيره الأميركي حول مسائل باتت تقلق مصارفنا العربية، ومن بينها مكافحة تبييض الأموال والإرهاب ومتابعة المستجدات في هذا الصدد، وتأكيد التزام المصارف العربية تطبيق التوصيات الصادرة عن المنظمات والهيئات الرقابية الدولية. وقد شكّلت جميع هذه المؤتمرات التي عقدها الاتحاد في واشنطن ونيويورك، منصة لحوار جدي بين القطاع المصرفي العربي والقطاع المصرفي الأميركي، والتي ساهمت جميعها في وضع أسس العلاقات مع البنوك المراسلة ضمن برنامج فعّال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتزام النظم والقوانين المتعلقة بمكافحة العمليات غير المشروعة، وانعكاساتها على النشاط الاقتصادي.
وقد أشادت الخزانة الأميركية والبنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي في عدّة مناسبات بالدور المحوري والهام لاتحاد المصارف العربية في حرصه على مواصلة هذه اللقاءات، لإبراز أهمية مواصلة الدول العربية والولايات المتحدة العمل معاً لتحقيق أهدافهما المشتركة، ولضمان قطاع مالي شفاف ومنظم، قادر على تحمل الأخطار الناجمة عن عمليات التمويل غير المشروع.
واشار إلى الدور المميز والهام للاتحاد في توفير كل مناسبة لتقديم الدعم للقطاع المصرفي العربي، وتأمين التواصل مع مراكز القرار المالي والمصرفي في العالم، وفتح ملف العلاقات بين المصارف العربية والمصارف الأميركية، وتأمين الفرص لمصارفنا العربية للجلوس مع صانعي ومنفذي القرار الاقتصادي والمالي في الولايات المتحدة الأميركية، الذين يرسمون أو ينفذون السياسات التي تتحكم بالأسواق المالية العالمية، وهؤلاء الذين لا مناص من التحاور والتعامل معهم بكفاءة وحكمة ودراية، وخصوصاً في الظروف الاستثنائية التي مرت وتمر بها منطقتنا العربية، والتي أرخت بثقلها على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولفت طربيه أن الاتحاد استطاع، رغم الظروف الصعبة، أن يعقد هذه الحوار في مصر والإمارات، ثم في واشنطن عام 2008، وفي نيويورك عامي 2014 وعام 2016، وعقد الحوار المصرفي العربي – الأوروبي في بروكسل – بلجيكا عام 2015.
وختم: إننا في إتحاد المصارف العربية نسعى دائماً إلى أن نكون دائماً معبراً للمصارف العربية إلى قواعد العمل المصرفي الدولي بما يسهل ويعزّز إندماجها في الصناعة المصرفية العالمية، وعاملاً آساسياً في حماية مصالحها والدفاع عنها، خصوصاً في هذه الظروف حيث أصبحت العقوبات المالية أداة سياسية، وقد شهدنا مؤخراً سلسلة عقوبات على عدّة دول أو تشديد عقوبات قديمة، بما يثبت أن السياسة العالمية تعتمد على العقوبات لفرض بعض الامور، وأودّ أن أشير هنا إلى ان العقوبات تبقى أقلّ أذى من الحروب، علماً أنها على المدى الطويل تسبب إضراراً كبيرة ومؤذية مثل الحروب.