افتتح المؤتمر السنوي السابع لـ “المسؤولية الاجتماعية للشركات CSR- Lebanon “، أعماله قبل ظهر اليوم في فندق فينيسيا- بيروت، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وفي حضور شخصيات رسمية سياسية، إقتصادية، وممثلي القيادات العسكرية والأمنية، وحشد من المشاركين لمؤسسات وشركات من مختلف القطاعات.
القصار
استهل المؤتمر في جلسته الافتتاحية بكلمة مؤسس CSR- Lebanon خالد القصار، الذي اشار الى “ان المنتدى يعالج هذه السنه قضية “الهدف” من الأعمال والشركات ويطرح سؤالا جدليا ما هو الهدف منها؟ وهل هدف الشركات هو تحقيق الأرباح فحسب؟ هل نحن فعلا نستيقظ صباح كل يوم ونعمل ونشقى من أجل تحقيق الأرباح؟ ما هي الغاية في الأساس من وجود مصنع أو مصرف أو فندق أو صيدلية أو مخبز أو جامعة أو مستشفى أو شركة محاماة؟ ما هو المقياس الحقيقي للربح في نهاية المطاف؟”.
وقال: “ان تحقيق تأثير اجتماعي وبيئي إيجابي وحقيقي للشركات Social impact هو تحد كبير يواجه قادة الأعمال في كل انحاء العالم، فرؤساء الشركات الكبرى باتوا يهتمون بالتأثير الاجتماعي والبيئي لأعمالهم والقيمة الاجتماعية لعلاماتهم التجاريه أكثر من أي وقت في التاريخ الاقتصادي. ولا شك أن الضغوط الحالية في لبنان تشكل تحديات أكبر في هذا المجال، ولا سيما أن القطاع الخاص هو محل تدقيق شعبي شديد بشأن المبادئ وأخلاقيات الأعمال (Business Ethics) التي تحكم اداء الشركات على اختلافها”.
اضاف: “كما تعلمون، اتفقت دول العالم في ايلول 2015 وتحت مظلة الأمم المتحده على أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر Sustainable Development Goals أو ما بات يتعارف علية بـ 2030 Agenda وهذه الاهداف رسمت وزينت بهدف انخراط الشركات مع الحكومات وهيئات المجتمع المدني من أجل تحقيقها”.
وتابع: “هذا المنتدى ليس مجرد مؤتمر، انه حاضنة ومنبر ايضا للشركات الاجتماعية الناشئة والجمعيات الانسانية والبيئية والاجتماعية. ومنذ تأسيس المنتدى حتى اليوم، استضفنا ودعمنا وتعاونا مع اكثر من 300 جمعية وشركة اجتماعية من كل لبنان. ويسرني اليوم ان نستضيف نخبة جديدة أخص منها بالذكر نحو 20 جمعية جاءت اليوم خصيصا من عكار للمشاركة معنا، بقيادة وتشجيع من الجمعية اللبنانية للانماء الريفي -LRD بقيادة الصديقين جان ورولا موسى اللذين يبذلان جهودا قيمة تقدر لهما في منطقة عكار وغيرها من المبادرات على المستوى الوطني”.
مجموعة الفطيم
من جهته، أعلن المسؤول عن استراتيجية الإستدامة في “مجموعة ماجد الفطيم” ومنسق آسيا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ابراهيم الزعبي “ان هذا المنتدى يؤكد استدامة ممارساتنا التي نقوم بها في المجموعة”، مثنيا على “فريق عمل المجموعة الذي هو البطل الحقيقي وراء استدامة اعمالها”.
وقال: “ان مشاركتنا في هذا المنتدى ليس فقط للتشارك بأفضل الخبرات انما لنظهر ما وعدنا به في السنوات السابقة وما انجزناه، ونحن هنا لنؤكد التزامنا بلبنان وبالتنمية المستدامة. نحن ملتزمون بأن نقوم بأعمالنا بشكل جيد وأن نكون استباقيين. ويسرنا ان نطلق استراتجيتنا حول الإستدامة وهي تطلق للمرة الأولى من لبنان، واذا استمرينا بنفس طريقة العيش الحالية فنحن بحاجة لخمسة كواكب لتلبية ما يحتاجه الناس من موارد. نحن نحاول ان نكون قدوة للأخرين وان نجد افكارا جديدة”.
واضاف: “نريد ان نلتزم بيئيا بشكل جيد، مثلا تغيير المناخ يؤثر على قدراتنا، علينا ان نضمن المياه بشكل كاف وان تكون المناطق مريحة للجميع ونحمي بيئتنا، مسؤوليتنا ان نكون ايجابيين ملتزمين، لا حدود لأحلامنا، نريد ان نؤثر على موظفينا وعلى الأشخاص المحيطين بنا. بيئيا نريد ان نخفض مستوى ثاني اوكسيد الكاربون وان نؤمن مياه نظيفة، هدفنا الإستدامة في كل ما نقوم به وان نحسن حياة موظفينا وادائهم وتأمين الإستدامة على الصعيد الإقتصادي والبيئي. هذا ما نقوم به، ولقد وقعنا عقدا مع الأردن بقيمة 30 مليون درهم لإنتاج نحو 30 بالمئة من الطاقة المتجددة في المتاجر الكبرى وسنستخدم نحو 8 بالمئة من الطاقة من الموارد المتجددة”.
ثم عرض فيلم عن مشاريع “مجموعة ماجد الفطيم” من ابرزها “واتر فرانت” الضبية، و”سيتي سنتر” و”الكارفور”.
أزهري
اما رئيس مجلس ادارة مدير عام بنك لبنان والمهجر سعد ازهري، فقال: “ليس من باب الصدفة أن يحمل المنتدى هذا العام عنوانا “ما هو الهدف أو الغاية من الشركات والأعمال؟ “What is the purpose of business?. فقد أثبتت التجارب أن الشركات الناجحة والمزدهرة هي وليدة مجتمع ناجح ومزدهر. وبالتالي، فان مسؤولية الشركات لم تعد مادية إقتصادية بحتة بل تعدت ذلك لتصبح مسؤولية إجتماعية تنموية. وعليه، فإن الشركات تضطلع بدور بالغ الأهمية في التطور الإجتماعي والإقتصادي السليم والمساهمة في تعزيز السلم الأهلي في البلد. وهنا تكمن أهمية هذا المؤتمر الذي يسلط الضوء على إنجازات الشركات في هذا الإطار، ويشكل منصة يتبادل فيها الأفرقاء الأفكار والمعلومات حول الممارسات الفضلى في مسؤوليتنا الإجتماعية”.
واضاف: “وبالرغم من الحداثة النسبية لمبدأ المسؤولية الإجتماعية، لطالما كانت ممارسات المسؤولية الإجتماعية في صلب فلسفة ورسالة بنك لبنان والمهجر وأدائه ونمط عمله. ولقد أحببنا في المناسبة أن نعرض تقريرا يسلط الضوء على أهم ما حققناه من إنجازات حتى الآن، نذكر منها على الأخص بطاقة “عطاء” التي ساهمت في نزع الألغام من 228,000 متر مربع من الأراضي في لبنان وبرنامج “بلوم شباب” الذي قدم التوجيه التعليمي والمهني إلى ما يفوق الـ293,000 طالب وطالبة. (Remember: seeing is believing!)”.
وتابع: “إضافة إلى مساهمتنا الريادية في المجالات الإنسانية والرياضية والثقافية، يولي بنك لبنان والمهجر أهمية كبيرة بالتعليم، فبالنسبة إلينا إنه حجر الأساس لبناء أي مجتمع سليم. ونتيجة لمسارنا وإنجازاتنا في هذا المجال، يسر بنك لبنان والمهجر تبني الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة والذي ينص على تأمين التعليم الجيد للجميع. وفي سياق تعزيز هذا الهدف، يسرني أيضا أن أعلن عن بعض المشاريع التي شارف التحضير لها على الإنتهاء والتي تندرج تحت لواء التعليم، وأهمها إطلاق بنك لبنان والمهجر قريبا بالتعاون مع جهات محلية ودولية منصة تؤمن معلومات وبيانات إقتصادية شاملة عن لبنان”.
وأعلن أزهري ان بنك لبنان والمهجر سيطلق اليوم، وضمن فعاليات هذا المؤتمر، مبادرة جائزة Hult Prize وهي إحدى أهم الجوائز المخصصة لفئة الشباب الذين سيتبارون لتقديم إبتكارات مستدامة وقادرة على تغيير حياة الآخرين نحو الأفضل. وقال: “ولعل أحد أهم ميزات هذه الجائزة هي أنها تجمع بين المشاريع الإيجابية والمستدامة والربح المادي، وهذا ما يسمى حاليا بالجيل الثاني من الأعمال Business 2.0.
اضاف: “وأذكر مبادرة جديدة قمنا بها بالرغم من عدم إرتباطها مباشرة بمجال التعليم وهي التعاون مع المديرية العامة للأمن العام بهدف مكننة آلية الدفع من خلال تجهيز مراكز الأمن العام بأجهزة الدفع الإلكتروني POS. وتأتي هذه الخطوة في سياق المساهمة في تحصين الأمن وتطوير الإدارة في هذه المؤسسة المهمة في حياة المواطنين”.
وقال: “ان ما ينطبق على بنك لبنان والمهجر في مجالات المسؤولية الإجتماعية ينسحب إلى حد بعيد على القطاع المصرفي بأكمله. فلدى القطاع المصرفي دور مكمل في نشاطاته الإجتماعية والإنسانية والثقافية، ويوازي بذلك نشاطاته في المجالات المصرفية والمالية. فالقطاع المصرفي يوفر حوالى الـ26 ألف فرصة عمل تتسم بأعلى الإنتاجية بين القطاعات الإقتصادية، كما يعمل بإنتظام وبالتعاون مع البنك المركزي على الحفاظ على ثبات سعر الصرف وبالتالي على ثروة المواطن وقيمتها الشرائية، كذلك يؤمن التمويل الكافي للقطاع العام حتى يقوم بواجباته وخدماته الإجتماعية والإقتصادية. وعلاوة على ذلك، توفر المصارف ما يفوق الـ 15 مليار دولار من القروض المدعومة للقطاع الخاص تشمل مختلف النشاطات الإنتاجية كالسكن والتعليم والصناعة والبيئة، وقد ساهمت أيضا بما يقارب الـ 400 مليون دولار بمبادرة مصرف لبنان عبر تعميم 331 في إستثمارات داعمة لتطوير إقتصاد المعرفة ولخلق فرص عمل جذابة في قطاعات واعدة كتكنولوجيا المعلومات”.
سلامة
ثم تحدث حاكم مصرف لبنان مستهلا كلمته بتهنئة القصار وشركة “سي. أس. آر. ليبانون” على “هذا الحدث الهام وعلى الجهود المبذولة، نظرا لأهمية وجود تعاون بين القطاعات الاقتصادية والمجتمع اللبناني، ما يعزز التقدم والتطوير”.
وقال: “ان مصرف لبنان ملتزم بتحفيز تمويل المشاريع ذات الإفادة الاجتماعية التي يستفيد منها الكثير من المواطنين. وفي هذا الصدد، يشكر مصرف لبنان ويقدر جهود القطاع المصرفي الذي تجاوب مع كل المبادرات التي أطلقها المركزي لدعم المجتمع اللبناني، وعددها يناهز الـ15، ومن أهمها القروض السكنية. فمصرف لبنان يعد البرامج ويقوم بتمويل المصارف التي تقرض بدورها القطاع الخاص، لأن المركزي لا يستطيع أن يمول مباشرة القطاع الخاص. وبالتالي، يتحمل القطاع المصرفي ايضا المخاطر الائتمانية التي تنطوي عليها القروض التي تمنح لقطاع السكن والقطاعات الانتاجية. كما يتحمل جزئيا مسؤولية الاستثمارات في قطاع اقتصاد المعرفة الرقمية، هذا القطاع الواعد الذي يستطيع برأينا أن يؤمن للبنان مستقبلا أفضل اقتصاديا واجتماعيا ويساعده على الانخراط في العولمة ويمنحه القدرة التنافسية. لتاريخ اليوم، أنشئ أكثر من 800 شركة وصناديق استثمار، وتم خلق أكثر من 9000 فرصة عمل”.
واضاف: “لا شك أن دور مصرف لبنان أوسع من البرامج غير التقليدية التي يقوم بها كمصرف مركزي. وقد سئلنا مرارا عن الموضوع من قبل عدة مصارف مركزية ومؤسسات دولية تسعى بشكل او بآخر إلى تحفيز انخراط قطاعاتها الاقتصادية والمصرفية في المسؤولية الاجتماعية”.
وتابع: “أما من حيث دورنا التقليدي، فقد حافظ مصرف لبنان على التوجهات والاهداف التي وضعها”، مؤكدا ان “الليرة اللبنانية عملة مستقرة رغم كل الشائعات التي أثيرت منذ سنة ونصف السنة حتى اليوم. موجودات مصرف لبنان من العملات الاجنبية تساوي اليوم 43 مليار و500 مليون دولار. هذا الامر يطمئن، وكلامنا يستند إلى وقائع وأرقام. فالتغطية على الليرة اللبنانية بالعملات الاجنبية مرتفعة. وهناك أيضا توفر مهم من العملات الاجنبية لدى القطاع المصرفي اللبناني. لا حاجة إذا لأن يكون هناك طلب على الليرة من اجل تأمين العملات الاجنبية. ومن المهم للبنان أن تبقى الفوائد مستقرة”، مشيرا الى ان “الهدف من الهندسات المالية التي يقوم بها المركزي أن يبقى قادرا على تأمين استقرار الفوائد في الاسواق اللبنانية ولا يلجأ إلى رفع الفوائد من اجل الحفاظ على الاستقرار النقدي او مواجهة اوضاع لها علاقة بعجز الموازنة وتمويله”.
وبالنسبة للاوضاع الاجتماعية، قال سلامة: “يهمنا ايضا من خلال التحفيز على خدمة المجتمع أن نحقق هدف الشمول المالي الذي يعمل عليه مصرف لبنان كما والمصارف المركزية في المنطقة والعالم. ثمة توجهات لدى صندوق النقد الدولي تدعو إلى مواصلة جهودنا وتعزيز انخراط المجتمع وانفتاحه على كل الخدمات المصرفية. هذا الامر يفيد الطرفين. فهو من جهة يمكن المصارف من توسيع أعمالها وتحسين خدماتها بسبب المنافسة، ومن جهة أخرى يتيح للمواطن الحصول على خدمات مصرفية تسهل أعماله وحياته، على غرار القروض الاستهلاكية التي تشمل ايضا القروض السكنية. قطاع القروض الاستهلاكية كان الاكثر نموا في السنوات الاخيرة وقد زاد للغاية عدد اللبنانيين الذين يتعاطون مع القطاع المصرفي ويستفيدون من خدماته. فضلا عن ذلك، توخيا للعدالة والشفافية في التعاطي مع المستهلك، انشأنا في مصرف لبنان، تحديدا في لجنة الرقابة على المصارف، وحدة لحماية المستهلك”.
وأعلن “ان مصرف لبنان يواكب عن كثب التطورات التي يشهدها العالم. لذلك نسعى دوما إلى تطوير الصيرفة الالكترونية وتقنيات الخدمات المصرفية، وإلى اطلاق برامج لحماية المستهلك لجهة التعاطي مع الصيرفة الالكترونية. المبدأ الذي يرتكز عليه مصرف لبنان هو أن يمتلك المواطن أولا حسابا مصرفيا قبل أن يباشر باستخدام الوسائل الالكترونية كالبطاقات الائتمانية او الهاتف الجوال او الانترنت”.
وقال: “نحن ندرك ان العملة الالكترونية ستلعب دورا مهما في المستقبل. إنما يتوجب على المركزي قبل ذلك أن يقوم بالتحضيرات اللازمة، وبالأخص استحداث أساليب الحماية من الجرائم الالكترونية. فهيئة التحقيق الخاصة ولجنة الرقابة على المصارف تتعاونان لوضع نظام يمنع هذه السرقات”، مشيرا الى “ان العملة الالكترونية في لبنان ستكون عملة من اصدار مصرف لبنان وتحت اشرافه”.
اضاف: “نحن منعنا بشكل جازم استعمال الـBITCOIN او اي نوع آخر من العملات الالكترونية، لانها تشكل خطرا كبيرا على المستهلك وعلى أنظمة الدفع. فهذه ليست عملات بل سلعا ترتفع وتنخفض أسعارها بلا مبرر. لذلك منع مصرف لبنان منذ سنوات التعامل بها في السوق اللبنانية لشراء او بيع السلع. إنما ستصبح العملة الإلكترونية في السنوات القادمة من اصدار مصرف لبنان”.
وختم متمنيا لهذا المؤتمر “النجاح على أمل أن ينعقد مجددا”، مؤكدا “ان مصرف لبنان سيواصل دعم نشاطاته، لأنه من المهم جدا أن تكون المؤسسات المصرفية والاقتصادية في خدمة المجتمع اللبناني وتقوم بمساعدته”.