افتتحت جامعة الروح القدس – الكسليك، مركز أشير للابتكار وريادة الأعمال فيها مؤتمرًا دوليًا حول البحوث التطبيقية بعنوان “القوة التحويلية للابتكار والأنظمة البيئية لريادة الأعمال”، مُنحت في خلاله دكتوراه فخرية إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في حضور قدس الأب العام الأباتي نعمة الله الهاشم الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية والرئيس الأعلى للجامعة، ممثلًا بالأب المدبر هادي محفوظ، رئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور جورج الترس، رئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة، نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال هاشم، مؤسس مركز أشير للابتكار وريادة الأعمال وعضو مجلس الأمناء الدكتور أنطوني أشير، مدير واختصاصي التعليم الرائد في البنك الدولي ومدير الوكالة الجامعية للفرنكوفونية فرنشيسكو مارموليجو، إضافة إلى أعضاء مجلس الجامعة وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة كليفلاند ستايت الدكتور سانجاي بوتريفو وجمع من الشخصيات الروحية والحزبية والعسكرية والسياسية والأمنية والديبلوماسية والاقتصادية والثقافية، في قاعة يوحنا بولس الثاني في حرم الجامعة الرئيسي في الكسليك.
أبو فاضل
النشيد الوطني بداية، تلاه كلمة لعريفة الحفل الإعلامية ليا فيّاض، ثم تحدّث مدير مركز أشير للابتكار وريادة الأعمال في الجامعة الياس أبو فاضل الذي أشار إلى أنّ “منح الدكتوراه الفخرية إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة جاءت تقديراً لدوره الوطني ومساهمته في الاستقرار النقدي في لبنان ودعم الابتكار اللبناني والأنظمة البيئية لريادة الأعمال. ويأتي هذا المؤتمر الدولي بمثابة منصة عالمية تجمع الباحثين والخبراء وصانعي القرار والمبتكرين ورواد الأعمال للبحث في كيفية مواجهة التحديات المستجدة بشأن دور الابتكار وريادة الأعمال والمقاربات المتعددة الاختصاصات في تسهيل النمو وقيادة الاقتصادات الحديثة وضمان التنمية المستدامة”. كما شكر رعاة المؤتمر وهم: Arabnet، الوكالة الجامعية للفرنكوفونية، بنك بيروت، Beirut Digital District، Berytech، بنك بيبلوس ومجلة Lebanon Opportunities.
بوتريفو
ثم ألقى عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة كليفلاند ستايت الدكتور سانجاي بوتريفو كلمة استعرض فيها “لسير العملية التعليمية في الجامعة، فهي تقوم على مبدأ ريادة الأعمال وتتخطى فكرة مجرد إعطاء المواد التدريسية في الصفوف. إذ يحظى الطلاب بفرصة المشاركة في ورش عمل ونشاطات ومسابقات متعددة. ونحرص على تأمين البيئة المناسبة لهم ليختبروا النظريات ويحولوا أفكارهم إلى نماذج مبدئية ثم إلى منتجات ثم نقلها إلى الأسواق”. كما أعرب عن “سروره بهذه الشراكة مع جامعة الروح القدس آملاً أن يتطور هذا التعاون الثنائي من خلال تعزيز التبادل الطلابي وإجراء البحوث المشتركة”.
أشير
بعد ذلك، كانت كلمة لمؤسس مركز أشير للابتكار وريادة الأعمال في جامعة الروح القدس طوني أشير اعتبر فيها أنّ “الجامعات هي مكان ولادة المئات من الأفكار الجديدة. ويحتاج لبنان إلى الالتزام بنظام فعّال يستند إلى ريادة الإعمال. من هنا، جاءت فكرة تأسيس مركز هدفه خلق فرص عمل للشباب اللبناني. إنّ التعلّم يساعد الإنسان على إيجاد سبل جديدة لحلّ المشاكل ويعطيه فرصة للإبداع، والتعاون وتخمين الجهود المطلوبة وفهم المخاطر… ويبقى الابتكار وريادة الأعمال المفتاح الأساسي لتحقيق النجاح وتطوير المواهب”.
الأب حبيقة
وألقى رئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة كلمة أشاد فيها “بدور مركز أشير للابتكار وريادة الأعمال في نشر وتطوير التعليم القائم على ريادة الأعمال والمهارات العملية التي تساعد طلابنا على تحسين المجتمع المحلي والمباشرة بأعمال جديدة وإطلاق عملية الابتكار وتحفيز فضولهم الذي يُعتبر من أهم محفزات النجاح، فكما يقول أينشتاين “أنا لست موهوباً، أنا فضولي”، معتبراً أنّ “بلدنا يحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى باحثيه وصانعي القرار فيه، ولاسيما مواطنيه الشباب للنهوض وإظهار إبداعهم الفطري. وقد أثبت الكثير من الباحثين أنّ تمكين الأعمال التنافسية وتطوير الأشخاص المبتكرين هي الركيزة التطويرية الأساسية التي من شأنها أن تقود بلدنا إلى مستقبل أفضل…”
وأردف قائلاً: “نحتفل اليوم بمنح دكتوراه فخرية إلى رجل متألق، لا يمتلك رغبة قوية وصلبة في النجاح فحسب، بل هو حريص أيضاً على نشر هذه الرغبة بين الشباب ورواد الأعمال اللبنانيين من خلال جهوده الدؤوبة وتفانيه وشغفه. إنّه رياض سلامة، حاكم مصرف لبنان وأحد أفضل حكّام المصارف المركزية عالمياً”.
وتابع بالقول: “يمنحنا هذا الاحتفال فرصة مميزة لتسليط الضوء على إنجازات الحاكم سلامة الذي لعب دوراً مهماً في تعزيز مصداقية لبنان المالية لدى المجتمع الدولي. وقد وضع نموذجاً مالياً وهندسة نقدية دقيقة من أجل الحفاظ على العملة اللبنانية وضمان قاعدة لنمو اقتصادي واجتماعي متواصل. ولطالما اعتبر أن الثروة الحقيقية والفعلية للبنان تكمن في ذوي المهارات العالية والأشخاص المبتكرين والطموحين. ولطالما آمن بأنّ شباب لبنان لديهم القدرة على تطوير حلول ابتكارية ليس فقط لأهداف مهنية ولكن من أجل خير المجتمع. وفي هذا السياق، أطلق مصرف لبنان عدداً من المبادرات التي تتوجّه إلى رواد الأعمال بهدف مساعدتهم على تمويل مشاريعهم الجديدة في حقل المعرفة والابتكار والبحوث ومشاريع التطوير في القطاعات الإنتاجية. كما تم إطلاق سلسلة مبادرات تمكّن المصارف من المساهمة في تمويل أسهم الشركات الناشئة ومحاضن المؤسسات والمُسرِّعات الاقتصادية ورأس المال الاستثماري. ونحن على يقين أن تعزيز المعرفة الاقتصادية اللبنانية يحسِّن أداء مختلف القطاعات الاقتصادية ويخلق فرص عمل ويزيد الناتج المحلي الإجمالي للفرد ويضمن التنمية المستدامة. إنّها أمثلة عن الدور الريادي لحاكم مصرف لبنان الذي حفّز الاقتصاد اللبناني وعزّز النمو والتوظيف، خلال 24 سنة من الحوكمة والقيادة”.
سلامة
ثم سلّم الأب حبيقة شهادة الدكتوراه الفخرية إلى سلامة، الذي ألقى كلمة قال فيها: “يشرفني وجودي بينكم اليوم وأودّ أن أشكركم لانضمامي إلى هذا الصرح، متمنيا الإزدهار والنجاح لمركز ASHER للإبتكار وريادة الأعمال. كما تعلمون، يمرّ لبنان اليوم بأزمة سياسية جديدة. لكن رسالتي لكم هي أن هذه الأزمة هي سياسية، وليست نقدية. لقد استبق مصرف لبنان وقوع أية أزمة محتملة في لبنان. وكما نعلم جميعا، إن التطورات الاقتصادية والنقدية لا تتأثر فقط بالمؤشرات الاقتصادية والمالية، بل كذلك بالأزمات الفجائية التي شهدها لبنان والتي أكسبته مناعة. إن الإمكانيات متوافرة لدى مصرف لبنان لضبط الأوضاع”.
وشدد على “إننا كمصرف مركزي، نعتبر أن المعرفة هي سلعة قيّمة، بل الأهم في القرن الحادي والعشرين. إن المعرفة سلعة مؤاتية للبنان باعتبار أنه يملك الموارد البشرية اللازمة لتطوير هذا القطاع. وقد أدرك مصرف لبنان أهمية الاقتصاد الرقمي، رغم تلكؤ لبنان في هذا المجال. ما حملنا على السعي لإبقاء لبنان منخرطا في العولمة المالية والاقتصادية وإصدار التعميم رقم 331 ضمن القوانين النافذة، وذلك بهدف خلق تعاون بين القطاع المالي وقطاع اقتصاد المعرفة الرقمية. يشكر مصرف لبنان جهود الشركات المسرّعة للأعمال وجهود بلدان عديدة اهتمت لهذا التعميم ودعمت إنشاء هذه المسرّعات في لبنان: بريطانيا من خلال الـUKLTH ، وفرنسا عبر Smart ESA، وحاليا الولايات المتحدة عبر مركز ASHER ، وكندا وألمانيا وغيرها. والأهم أن حاضنات الأعمال ومسرّعات الأعمال بدأت تظهر وتزدهر في الجامعات، ما يشجعه ويدعمه مصرف لبنان”.
ونوّه “بالجهود التي تبذلها المصارف اللبنانية في قطاع المعرفة. فمصرف لبنان يغطي 75% من استثمارات المصارف في هذا القطاع، ما يعني أن المصارف تتحمل مخاطر بنسبة 25%. إنها مبادرة ناجحة، وقد صنّف لبنان في المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والثامنة في العالم، رغم انطلاق جهودنا منذ 4 سنوات فقط. إن الاقتصاد الرقمي هو قطاع واعد بالنسبة لاقتصاد لبنان ومستقبل البلد. على صعيد استراتيجي، يملك لبنان 3 قطاعات رئيسية- القطاع المالي، وقطاع اقتصاد المعرفة، وقطاع النفط والغاز- من شأنها أن تساعد على تطوير القطاعات الأخرى. القطاعات التقليدية كالصناعة والزراعة والسياحة هامة بالنسبة إلى العمالة والناتج المحلي الإجمالي والصادرات. وهي ستكتسب قدرات تنافسية بفضل تطور التكنولوجيا في لبنان. يمثل اقتصاد المعرفة اليوم 1.5% من إجمالي الناتج المحلي اللبناني. أما القطاعان الواعدان المتصلان بالتكنولوجيا في لبنان، فهما التكنولوجيا المالية والأمن السبراني. وسيتلقى لبنان في هذا الصدد طلبا من القطاع المالي المحلي والخارجي. القطاع المصرفي في العالم بحاجة إلى التكنولوجيا المالية ضمانا لاستمراريته، في ظلّ المنافسة وتراجع المردودية. أشجع على المهتمين بابتكار تطبيقات أن يركزوا على هذا المجال بالذات”.
وأشار إلى أنه “سيتوسع مصرف لبنان في المجال الرقمي. لدى جهوزية البنية التحتية الرقمية، سيصدر المركزي عملة رقمية تخضع لإشرافه ومراقبته، حفاظا على سلامة المستهلك والثروة الوطنية. لدينا اليوم عملات آمنة مثل الـbitcoin. إلا أن مصرف لبنان رفض استعمالها كوسيلة دفع في لبنان لاعتبارها سلعة لوليس عملة، ولعدم وجود أي جهة تراقب أو تشرف أو تدير الأموال الموضوعة بشكل bitcoins”.
وختم: “إن مبادرات مصرف لبنان غير التقليدية ترتكز على احتياجات البلد، بهدف تعزيز القروض الى القطاعات الإنتاجية وقطاعي السكن والبيئة، وتحقيقا للشمول المالي. وقد تكللت هذه المبادرات بالنجاح. في غضون 24 سنة، ارتفع عدد المدينين في القطاع المصرفي من 60 ألف إلى مليون، كما وصل عدد القروض السكنية إلى 126 ألف. ما دعم الإنتاجية والاستهلاك والاستقرار الاجتماعي. وضع مصرف لبنان مؤخرا رزمات تحفيزية جديدة لإقراض المصارف مبلغا قيمته مليار دولار ومواصلة تمويل هذه القطاعات الإنتاجية الهامة (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والسكن) مع التشديد على البيئة والطاقة المتجددة والإبداع الفنّي. إني على ثقة من أن تضافر الجهود بيينا وبين المجتمع اللبناني والهيئات الاقتصادية سيحوّل لبنان إلى مكان أفضل يحلو العيش فيه”.
الجلسات
وبما أن البحوث التطبيقية هي مفتاح لتغذية الصناعات والمؤسسات لاسيما في مجال الابتكار وريادة الأعمال حيث التطبيقي يقود النظري، أتت فكرة هذا المؤتمر الذي جمع باحثين وأهل اختصاص وصانعي قرار من كل أنحاء العالم لمناقشة التحديات المستجدة وطرح حلول طويلة الأمد تطال التكنولوجيا والابتكار واستدامة المواهب العالمية وصناعة الأعمال في اقتصاداتنا المعولمة.
هذا ويستمر المؤتمر ليومين يناقش فيه المؤتمرون خلال جلسات العمل مواضيع: الأنظمة البيئية لريادة الأعمال، الإدارة الاستراتيجية لريادة الأعمال، ريادة الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، ريادة الأعمال وعلم التربية.