أكّد حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامه في مقابلة أجرتها معه قناة بلومبرغ (Bloomberg)، “أن الأزمة هي سياسية لا نقدية. وطمأن أن لبنان ومصرف لبنان بالتحديد قد اتخذا إجراءات استباقية إذ إن السيولة بالليرة وبالعملات الأجنبية باتت مرتفعة لدى القطاع المصرفي والمصرف المركزي. وهناك أيضا عوامل سياسية إيجابية ترجمت من خلال الخطوات التي قام بها رئيس الجمهورية لصون وحدة لبنان والتعاون الوثيق مع الأسرة الدولية التي دعمت لبنان من خلال تصاريح صادرة عن الولايات المتحدة وأوروبا. إذن بفضل وضع السيولة المتين والدعم السياسي الدولي، نأمل أن يسود الإستقرار في لبنان.”
وردّا على سؤال حول العمليات المالية التي قام بها مصرف لبنان، قال الحاكم إن المركزي أجرى في السنتين الماضيتين عمليات مالية مع المصارف، فسجلت الميزانية العمومية مستويات تاريخية لجهة الإحتياطيات، كما سجلت ودائع المصارف زيادة ملحوظة بلغت 11 مليار دولار السنة الماضية أي نسبة 6% على أساس سنوي. وأضاف أن الميزانية العمومية لدى المركزي تدعم استقرار الليرة اللبنانية واستقرار معدلات الفوائد.
وعلى سؤال حول تواصله مع الرئيس الحريري وما إذا كان هذا الأخير مرغما على البقاء في السعودية، أجاب الحاكم سلامه “ليس لديّ معلومات دقيقة عن وضعه في السعودية، باستثناء ما سمعناه على التلفزيون مساء أمس حيث وعد بالعودة الى لبنان في الأيام القليلة المقبلة. فنحصل عندها منه على جواب واضح.
وإذ سئل الحاكم سلامه عمّا ينتظره من المجتمع المالي الدولي ومن الرئيس ترامب، أجاب “لسنا بحاجة إلى دعم مالي، بل إلى نقل رسالتنا إلى المجتمع الدولي مفادها أن مصرف لبنان لديه القدرة على المحافظة على الاستقرار في الأسواق. كما نعتقد أن سندات الخزينة اللبنانية بالعملات الأجنبية تقدّر حاليا بأقل من قيمتها. لكن، متى انتهت الأزمة وعادت الأمور الى طبيعتها، ستستعيد هذه السندات مستويات أفضل”.
وفي معرض الجواب على مدى اعتماد لبنان على تحويلات اللبنانيين المقيمين في دول الخليج وباقي العالم، قال الحاكم سلامه “إنه استنادا إلى أرقام البنك الدولي لهذا العام، يصل مجموع التحويلات إلى نحو 8 مليار دولار، يَرِد منها نحو مليار دولار من اللبنانيين في دول الخليج، علما أن هذه الأرقام كانت أعلى، لكنها انخفضت بسبب تراجع أسعار النفط.
وحول استقالة رئيس الحكومة، قال الحاكم سلامه: “بحسب الدستور اللبناني، يجب أن يقدّم رئيس الوزراء استقالته شخصيا في لبنان. وبالتالي، لم يعتبر الرئيس عون أن الرئيس الحريري مستقيل. كما أنه متى قدّم استقالته في لبنان، عليه أن يبقى على رأس حكومة تصريف أعمال.”
وعن سبب عدم عودة الحريري حتى الآن إلى لبنان، أضاف الحاكم سلامه “أنه يقوم بالتحضيرات اللازمة لتكون عودته الى لبنان آمنة”.
قناة CNBC
وفي مقابلة أجرتها معه قناة CNBC، رأى سلامه إنه بفضل الدعم الدولي من الولايات المتحدة ومن أوروبا، كما وظهور رئيس الوزراء سعد الحريري على شاشة التلفزة، وجهود الرئيس ميشال عون لصون الوحدة والتواصل مع الأسرة الدولية، أعتقد أننا وصلنا إلى مرحلة استقرار نسبية في الأزمة، لا إلى تسوية للأزمة.
وردّا على سؤال من المذيعة مفاده أن لبنان، بعد سنوات من الهدوء، وجد نفسه مجددا في خضمّ حرب ومعركة نفوذ بين السعودية وإيران وأن دولة الرئيس الحريري استُخدِم كدمية من قبل السعوديين، قال الحاكم: لن أستعمل كلمة دمية. إلا أن النزاع بين السعودية وإيران قد تسبب بأضرار للبنان. فقد سبق أن استقال رؤساء حكومات وحكومات عديدة في لبنان، إنمّا عامل الخوف الراهن جاء نتيجة الاستقالة من خارج لبنان. نأمل أن تعود الأمور الى مجراها الطبيعي مع تصريح الرئيس الحريري بعودته الى لبنان وإجراء محادثات مع الرئيس عون. لكننا لا نرى مخرجا للأزمة على المدى القصير.
وعلى سؤال حول إمكانية تجنّب حرب وما يرافقها من تكاليف اقتصادية وبشرية، كالحرب التي اندلعت عام 2006، أكّد الحاكم إمكانية تجنب الحرب. وقال “لسنا اليوم في وضع يهدد بحرب على لبنان. فلبنان يستضيف اليوم 1.5 مليون لاجئ سوري، ولا داعٍ لحرب تتسبب بمشاكل اقتصادية في بلد يعاني أصلا من عبء اللاجئين السوريين، فضلا عن مشاكل إنسانية قد تضطر أوروبا إلى مواجهتها. أعتقد إذن أن الأسرة الدولية ستمارس الضغوط اللازمة لتجنّب اندلاع حرب في لبنان.”
وحول الشعور بإحباط في حال أطاحت الأزمة السياسية بالإنجازات الاقتصادية، من إقرار البرلمان لأول موازنة منذ 12 عاما ونمو اقتصادي نسبته 2%، أجاب الحاكم بأن لبنان هو اقتصاد لديه القدرة على التحمّل والصمود، والوضع النقدي مستقر والليرة اللبنانية ستبقى مستقرة، ولسنا قلقين بشأن القدرة الإئتمانية للحكومة والقطاع المصرفي.