وزير المالية: لترشيد الإنفاق وزيادة فاعليته تفادياً للإنزلاق إلى أزمات خطيرة
دعا وزير المالية علي حسن خليل خلال احتفال نظّمه معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي اليوم الجمعة إلى “ترشيد الإنفاق وزيادة فاعليته”، سعياً إلى “تفادي الإنزلاق إلى أزمات خطيرة”، محذّراً من أن “كلفة عدم السلامة المالية تتحملها أجيال المستقبل وغالبا بأثمان مضاعفة”.
ورعى خليل ممثلاً بالسيدة لمياء المبيض بساط، مديرة معهد باسل فليحان المالي والإقتصادي، الحفل الذي اختتم فيه المعهد عام 2017 وأطلق خطته لسنة 2018، وحضره وزير الدولة لشؤون حقوق الإنسان أيمن شقير ورئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطيّة والنائب الأول في السفارة المغربيّة ورئيسة مركز صندوق النقد الدولي للمساعدة التقنيّة وممثلون عن وزراء العدل والدفاع والطاقة والمهجّرين ووزير الدولة لشؤون النازحين والنائب سامي الجميّل وعن قيادة الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة والدفاع المدني وممثلة السفارة الفرنسيّة إضافة إلى رئيس المجلس الأعلى للجمارك ومديرها العام ومدير الماليّة العامة والمدير العام للعقاريّة وعدد من القضاة والمديرين العامين والمستشارين في وزارة الماليّة ومؤسسات القطاع العام وموظفي وزارة المال.
كلمة وزير المالية
ونوّه الوزير في كلمته التي ألقتها عنه بساط، “بعمل المعهد الدؤوب لتأمين الخدمة العامة وللتحديث وللانفتاح على سائر الإدارات وعلى المنطقة”.
وأضاف: “صحيح أن متطلبات المواطن كثيرة، وهو محقّ، وأن القوانين، في بعض الأحيان، قد تقف في وجه طموحات التحديث، وأن الأوضاع الإدارية وضغط العمل قد يعيقان تحقيق الأهداف المرجوة، وأننا نعاني من أوضاع اقتصادية ومالية وأمنية دقيقة، إنما، وبجهودكم ومثابرتكم، وبثقة الشركاء والمستفيدين من خدمات الوزارة، استطعنا أن نخرق معاً الكثير من الصعوبات والتحديات”.
وتابع: “في العام 2017 كان لوزارتنا رغم كل الظروف الصعبة انجازات كبيرة، أبرزها الخدمات الالكترونية في الضرائب والعقارية، خصوصاً حيث أننا في مسار تحديثي بات المواطن يشعر بنتائجه ، واستطعنا اقرار الموازنة ومعها حزمة من الإجراءات الضريبية التي سمحت بإعادة التوازن إلى الوضع المالي وقد حرصنا أن تراعي هذه الإجراءات أوضاع المواطنين والاقتصاد ومتطلبات سلسلة الرتب والرواتب”. وأشار إلى أن الوزارة “وضعت موازنة 2018 ضمن المهل ومشروع القانون المتعلق بالأحكام الضريبيّة على الأنشطة البتروليّة”. وأضاف: “في إدارة التبغ والتنباك حزنا مراتب الجودة الأعلى وتقدمنا على مسار التصنيع فافتتحنا أحدث مصنع في الشرق الأوسط لفرز التبوغ وتوسّعنا في التصنيع، وكذلك في الجمارك حيث العمل جار على قدم وساق”. وأشارضمن الإنجازات أيضاً إلى “نتائج عمل المعهد المالي في تدريب العاملين في الدولة لاسيما شبكة المسؤولين الماليّين، واعداد التقارير والأبحاث المتخصّصة وأدلة المواطنين في المواضيع المالية والضريبية “.
ونبّه إلى أن “كلفة عدم السلامة المالية تتحملها أجيال المستقبل وغالبا بأثمان مضاعفة، لذلك يترتّب على الجميع، كلّ من موقعه، إدراك التحديات الماليّة المستقبليّة الكبيرة والعمل على ترشيد الإنفاق وزيادة فاعليته لتفادي الإنزلاق إلى أزمات خطيرة، من خلال تبسيط الاجراءات والمكننة وتعزيز المهارات والمعارف في إدارة المال العام، مال المواطن”.
وإذ أكد أن “وزارة المالية هي وزارة رئيسية في لبنان وعليها أداء دور قيادي في تحقيق الأمان المالي”، شدد على أن جميع مسؤولي الوزارة “كلّ في موقعه، مسؤول عن الأداء المالي في الدولة”، وعليهم “واجب الحرص والاستباق والتنسيق والانفتاح على القطاعين العام والخاص للنهوض من الأزمة”. وأضاف: “علينا جميعاً مسؤولية أن تستعيد الوظيفة العامّة قيمتها، وتنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع على قاعدة الفاعليّة واحترام الحقوق، بما يثبّت الثقة بالمؤسسات، ويحافظ على هيبة الدولة”.
ورأى ان “المطلوب اليوم تضافر الجهود داخل كل دائرة ومصلحة ومديرية عامة ومع المشاريع الدولية”. وقال: “علينا أن نبتكر مشاريع وحلولاً في مواجهة الصعوبات، وأن ندير عملنا بأسلوب ذكي، وأن نتحلّى برؤية ودراية لنحقق النتائج الأفضل للوزارة وللبلد. فلا الموارد البشرية ولا الموارد المالية ولا الأوضاع الحالية تسمح لنا بإهدار الوقت والطاقات”.
ولاحظ أن معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي، الذي طوى في أيلول من العام 2016 عشرين عاماً من الخدمة، هو اليوم مؤسسة رائدة في كنف وزارة الماليّة، قادرة على أن تؤدي دوراً مركزياً في تحسين الأداء المالي على المستوى الوطني وفي تعزيز الثقافة الاقتصادية والمالية لدى جيل الشباب”. وأضاف: “سنحرص على تحقيق ذلك، فباعتقادنا أن معاهد التدريب الحكوميّة هي حلقة أساس في التحضير ومواكبة مشاريع التحديث، والتعلّم المستمر المرتبط بالأداء، هو مرتبط بمشروع دولة قادرة، ورُكنٌ من أركانه، ولم يعد مقبولا، في وضعنا الراهن، أن يتم تعيين موظّفين في منصب حكوميّ من أيّ نوع كان، وخصوصا من يتولى منهم مهام إدارة المال، إن لم يجرِ إعدادهم لتحمّل مسؤوليّاتهم بشكل مهنيّ، ولم يلزموا لاحقًا بتلقي التدريب المتخصص والمستمرّ”.
وإذ أشار إلى أن “وزارة الماليّة كانت سبّاقة في انشاء معهد متخصص هو أداة لتنفيذ السياسة التي يضعها وزير الماليّة”، جدّد “التأكيد على دور هذه المؤسسة وموقعها داخل الوزارة وفي خدمة الدولة”. ولاحظ أن “المعهد ساهم في إحداث نقلة نوعيّة في الأداء في الوزارة وفي الدولة اللبنانية ككلّ، إضافة إلى رفعه اسم لبنان في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا”. وختم: “أنا كوزير للماليّة، وكوصي على هذا المعهد، وموجّه لنشاطاته، لا بدّ أن أنوّه بهذه المؤسسة كبيت خبرة وأدعو القيّمين على المديريات والمؤسسات والمعاهد التدريبية كافة في لبنان كما والمؤسسات الاقليميّة والدوليّة الشريكة، للإفادة منها، ومدّ يدّ التعاون لها”.
كلمة بساط
أما في كلمتها، فتناولت “الصعوبات التي رافقت تحوّل المعهد من مشروع تعاون لبناني-فرنسي إلى مؤسسة قائمة قانوناً في كنف الدولة اللبنانيّة، ومن تفاوت الرؤى حول موقعها ودورها وتكاملها مع غيرها من مؤسسات بسبب تعدد الثقافات الإداريّة”.
وقالت: “نحن نعلم أن بلادنا تمرّ اليوم بفترة انتقالية ستُحدّد معالم مستقبلنا وعلاقتنا مع جوارنا لعقود قادمة، كما نعلم أن شبابنا (…) سيطالبوننا بإدارات قادرة على تحقيق خدمة أفضل بكلفة أقلّ، بإدارات مرنة، مبادِرة، منفتحة، على صورتهم”. ورأت أنّ “تحقيق آمالهم لا بدّ أن يَمُرّ من طريق بناء الرأسمال البشريّ وتحديداً المسؤول عن إدارة المال العام”، مشدّدة على “أهمية الإعداد والتدريب المستمرّ لكلّ من يتولى مهام إدارة الأموال العامة أينما وجد: في الإدارات المدنيّة والعسكريّة أو في المدارس العامة والبلديّات والمؤسسات العامّة، وذلك بغضّ النظر عن وضعه الوظيفي أي بالتعيين أو بالتكليف أو بالمداورة وغيرها من أشكال التوظيف، فلا يدير الأموال العامة من ليس مخولا بالحجّة العلميّة”.
وأكدت بساط أن “المعهد قادر على أن يؤدي دوراً مركزياً في تحسين الأداء المالي على المستوى الوطني، لكنّ ذلك يحتّم نصوصاً واضحة يصبح بموجبها تلقي التدريب في المهن الماليّة في الدولة الزامياّ وكذلك شروط إدارة الطاقات البشريّة العاملة في هذا المجال”.
وشكرت لوزير المالية علي حسن خليل “دعمه المستمر لعمل المعهد”، مشيرة إلى أنه “لا يتردد قي تلبية احتياجات المعهد لأنه يدرك أهمية الدور الذي يقوم به”.
خطة المعهد
وعرض فريق عمل المعهد نتائج العام 2017 سواء لجهة النتائج المتعلّقة بتعزيز الكفايات في إدارة المال العام، أو من حيث المساهمة في تحقيق التقارب بين الوزارة والمواطن. وجاء في العرض أن المعهد نظّم 70 برنامجاً منذ بداية السنة بلغ عدد المشاركين فيها 1718، انضموا إلى أكثر من 50 ألف متدرب على مدى السنوات العشرين المنصرمة. وكان لوزارة المالية الحصّة الأكبر من نشاط المعهد (42%)، أمّا من خارج وزارة المالية، فأبرز المستفيدين هي الجهات الرقابية والمؤسسات العامة وأيضاً القوى العسكرية والأمنيّة من جيش وأمن داخلي وأمن دولة وأمن عام ودفاع مدني.
أما خطة العام 2018، فتواكب إعادة انتظام العمل المالي وتحسين التخطيط وحسن إدارة المال العام من خلال مجموعة برامج في الموازنة العامة والشراء العام والضرائب والاقتصاد.
ويطلق المعهد للمرة الأولى سلسلة برامج حول الشراكة بين القطاعين العام والخاص تساهم في التحضير لتطبيق القانون الصادر حديثاً وفي توفير فرص النمو والاستثمار. وينظم المعهد برامج في مجال المحاسبة والرقابة “بغية تقليص الفجوة في إعداد الحسابات وفي تعزيز النزاهة وفي مساندة أجهزة الرقابة في أداء مهامها”. وتساند مجموعة البرامج العقارية المديرية العامة للشؤون العقارية “في تحمّل مسؤولية استثنائيّة في خدمة الناس وقضاياهم”. كذلك تشمل الخطة برامج خاصة بالبلديات، وبالكوادر العليا في الإدارة اللبنانية، وأخرى تواكب المكننة والخدمات الإلكترونية.
دروع
وفي ختام الإحتفال، سلّمت بساط دروعاً تكريمية إلى كلّ من مدير المالية العام آلان بيفاني، والمدير العام للشؤون العقارية والمساحة جورج معرّاوي، ورئيس إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي.