منتدى تعزيز السلم يختتم ملتقاه الرابع بخارطة طريق لمعالجة الإسلاموفوبيا

اختتم معالي الشيخ عبدالله بن بيه أعمال الملتقى السنوي الرابع لـ”منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة”، الذي عقد في أبوظبي على مدى ثلاثة أيام (11-13 ديسمبر 2017)، بمشاركة نحو 700 شخصية من العلماء والعقلاء والمفكرين وممثلي الأديان على مستوى العالم. وتوجه معاليه بخالص الشكر للمشاركين، راجياً أن يكون الجهد المبذول ثمرة يانعة تستفيد منها الإنسانية. وتلطف معاليه، على جري عادته، بالإشادة بالعلماء والمفكرين والباحثين وجميع المشاركين، الذي دفعوا بأعمال الملتقى الرابع إلى ذرى جديدة، في تعزيز السلم والعافية وترسيخ ثقافة التسامح، على طريق أن تتحول سلوكاً يومياً للاجتماع البشري. وقال معاليه مخاطباً الحضور شعراً:

لوعلمنا قدومكم لفرشنا  مهج القلب أو رموش العيون.

 وكان الدكتور أحمد السنوني منسق اللجنة العلمية في المنتدى، تلا البيان الختامي الذي خَلُص إلى جملة من التوصيات، أهمها تأسيس مرصد دولي للإسلاموفوبيا، يكون منبراً لدراستها علمياً، وتنظيم ملتقيات دولية للحوار بين الثقافات والأديان، وتقويم المنجزات، وتبادل الخبرات، وتوحيد الجهود.

البيان الختامي

وجاء في البيان أن ظاهرة الخوف من الإسلام تؤدي إلى أضرار بالغة داخل نسيج المجتمعات المركبة، وتتسبب بضرر فادح بنموذج العقد الاجتماعي، القائم على أسس المواطنة المتساوية؛ فضلا عن كون الظاهرة مجافية لميزان العقل والأخلاق؛ لأنها تغذي الكراهية والتمييز في الغرب، وهذا يرفد التطرف في الضفة الأخرى؛ بأسباب يتمسك بها في اكتساب نوع من الشرعية الموهومة. والمرعب في المسألة أنها تحصل في مرحلة تمتلك فيها البشرية أسلحة دمار شامل، مع غياب الضمانات الكافية لعدم استعمالها. ومع ذلك لا يجعلنا هذ المشهد المتفاقم أن نتغافل عن مواقف العقلاء في الغرب، وهم يمثلون شريحة وازنة في الأحزب ومنظمات المجتمع المدني.

وأضاف البيان أن ظاهرة الخوف من الإسلام تخدم نوعين من المتطرفين ،أحدهما يركب على مفاهيم دينية، يعزلها من سياقها؛ ليحارب بها العالم ويدمر وشائج التعارف والتعايش بين بني البشر، والثاني يوظف نفس المفاهيم المحرفة ليتهم دينا وأمة بالعنف والدموية، واستحالة التوافق مع قيم العصر ومشتركات الإنسانية. فالقول بعلاقة مزعومة بين الإسلام والإرهاب، يستنهض الذاكرة التاريخية، ويؤسس لحروب مفتوحة.

    ويرى البيان أن علاج ظاهرة الخوف من الإسلام، يمكن مقاربتها على مستويات عدة، منها، تجديد النظر إلى المفاهيم الشرعية والأحكام الجزئية في ظل القيم الأربعة الحاكمة في الشريعة، “قيم الرحمة والحكمة والعدل والمصلحة”. ما يفضي إلى توسيع  فضاء التسامح والتعايش، وينزع تبريرات المتطرفين. وهو جهد، نراه ضرورياً داخل البيت الإسلامي؛ لهزيمة الفكر المتطرف. وهذا ما جعل “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” أن يختار موضوع ” السلم العالمي والخوف من الإسلام: قطع الطريق أمام التطرف” عنواناً لملتقاه السنوي الرابع.

   ومن المقاربات في علاج ظاهرة الخوف، اعتماد “الحوار مع الآخر”، للتفاهم على أشكال للتعاون البناء، ذلك لأن الاختلاف، لا ينفي بالضرورة، الإتلاف، وبخاصة إذا ما انطلق من الاعتراف بمجمل الأديان، والدعوة لتبني قيم خلقية مشتركة. ذلك لأن الأخوة الإنسانية، والحق في الاختلاف، وحرية التدين، والجدال بالتي هي أحسن، واعتبار المسالمة على بساط البر والقسط أصلا في العلاقات مع الآخرين، هي قيم ومبادئ، من شأنها تعزيز سبل الحوار والتعارف بين المسلمين وغيرهم. هذا فضلا عن أمكانية التحالف مع أولي بقية من أهل الأديان ومحبي الإنسان.

   وقال البيان إن المنتدى يتطلع إلى مقاربة جديدة في علاقات المسلمين بغيرهم -بل وفي العلاقات بين الثقافات والأديان عموما- قوامها القبول بالاختلاف بدل النقد والاتهام المتبادل، وتحالف الجميع لخدمة الإنسان على هذه الأرض. فالديانات الإبراهيمية عندما تتصالح وتتصافح تستطيع تعزيز روح السلام في العالم، وتسهيل الولوج إلى طريق العدالة والخير ومعالجة المظالم والمظلوميات. إذ من دون القيم المستوحاة من الأديان، يعيش عالمنا اليوم تدهورا أخلاقيا مريعا لا يمنع معه التقدم العلمي ولا التطور التكنولوجي من وصول القيم إلى الحضيض. وتحالف القيم يمكن أن يقوم على ثلاثة عناصر جامعة للقيم المشتركة: التسامح، وقبول الاختلاف والتعددية، والحوار والتواصل. أما بشأن الوسائل التي تمكن من الحوار البناء، فيرى المنتدون  أن الحاجة ماسة إلى مراجعة المناهج الدراسية في المجتمعات المسلمة في ضوء قيم الإسلام الأصيلة بما تضمنته من تسامح واحترام لبقية الأديان وحث على حسن المعاملة مع معتنقيها وبما تختزنه التجربة التاريخية للمجتمعات المسلمة في هذا المجال من ثراء وعطاء. فهذه المراجعة محتاج إليها أيضا على المستوى الدولي للتحقق من مدى استجابة المناهج الدراسية عموما لمقتضيات العيش المشترك وإشاعة قيم احترام الاختلاف والتعارف والتسامح والتضامن. ومن ضمن متطلبات ذلك “ميثاق شرف إعلامي عالمي ينضم إليه المؤمنون بهذا التوجه ويسعون إلى توسيع أنصاره وتضييق شقة الخلاف بينهم وبين معارضيه لمصلحة التعايش والسلم بين البشر”.

    وختم البيان بالتوصيات التالية:

– تأسيس مرصد دولي للإسلاموفوبيا يكون منبرا للدراسة العلمية لأسبابها ومظاهرها وقوة اقتراحية لسبل التصدي لها والتوعية بمخاطرها.

– تنظيم ملتقيات جامعة على الصعيد الدولي لمؤسسات التواصل والحوار بين الديانات والثقافات لتقويم المنجزات وتبادل الخبرات وتوحيد الجهود…

– تأسيس برامج علمية ومنح دراسية لتشجيع التعارف وتبادل الخبرات بين أقسام الدراسات الشرعية في جامعات العالم الإسلامي والجامعات المعنية بتدريس الأديان في الغرب.

– تشجيع البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والإنسانية والاجتماعية في موضوعات التعايش والتعارف وتخصيص جائزة سنوية لأفضل الدراسات في هذا المجال.

ويهنئ المؤتمرون منتدى تعزيز السلم على احتضانه للقافلة الأمريكية للسلام -المرتكزة على إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في المجتمعات المسلمة- باعتبارها دليلا على إمكانية؛ بل ضرورة الشراكة الإيجابية من أجل التعايش السعيد. ويحدو المؤتمرين الأمل في أن تتطور هذه القافلة وترتقي إلى حلف فضول؛ لتجسيد القيم المشتركة، قيم السلام والمحبة والوئام بين ديانات العائلة الإبراهيمية؛ لتشع بعدها على الديانات والثقافات لصالح الإنسان والإنسانية.

كما يهنئونه باختيار المؤسسة المصرية “بيت العائلة” المجسدة لقيمة التعايش والشراكة بين الأزهر الشريف والكنيسة القبطية في تعزيز اللحمة الوطنية للفوز بجائزة مولانا الحسن بن علي للسلم.

   وتركزت فعاليات اليوم الأخير على  ثلاثة محاور رئيسية، وكل محور تضمن ثلاث ورش.

المحور الأول: تناول موضوع  “إسلاموفوبيا اليوم”، فنظمت لهذا الغرض ثلاث ورش، عقدت الأولى بعنوان ” الخوف من الإسلام .. الأسباب والسياقات”، وترأسها الدكتور يوسف حميتو عضو اللجنة العلمية في المنتدى. وتحدث فيها كل من: السيدة خولة حسن، مستشار في المجلس الإسلامي، وأستاذة في “إمام أونلاين”- بريطانيا. والدكتور جوزيف مسعد، أستاذ تاريخ الأفكار في جامعة كولومبيا، والدكتور نصر محمد عارف، رئيس قسم الحضارة الإسلامية في جامعة زايد، والدكتورة عائشة العدوية، رئيسة جمعية “كرامة”.

     أما الورشة الثانية فعقدت تحت عنوان “الخوف من الإسلام من منظور المسلمين في الغرب”. وترأست الورشة الدكتورة أماني لوبيس، عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، وتحدث فيها كل من: الدكتور محمد البشاري عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، والدكتور ستيفان ويدنر محرر مجلة “فكر وفن”، والدكتور شرمان جاكسون أستاذ الدراسات العربية والإسلامية في جامعة ميتشغان، والدكتور هشام هيلر نائبا رئيس فريق عمل الحكومة البريطانية في معالجة التطرف .

    في حين تناولت الورشة الثالثة موضوع “الإسلاموفوبيا والإعلام ووسائل الاتصال”، وترأسها بيتر ويلبي، مستشار في مركز “الدين الجيوبولوتيك” في بريطانيا، وتحدث فيها كل من: الدكتورة ربيعة شوذري، مستشارة قانونية ومقدمة برامج في نيويورك تايمز، والأستاذ إدريس الكنبوري، خبير بمركز أبحاث في مجلس الجالية المغربية بالخارج، والدكتور مدثر أحمد شريك مسير UNTAS للتواصل في بريطانيا، والدكتور  مقصود كروز المدير التنفيذي لمركز “هداية”.

المحور الثاني من أعمال اليوم الثالث جاء بعنوان “الإسلام والعالم – رؤية إسلامية للسلام العالمي”. ونظمت لهذا المحور ثلاث ورش، حملت الأولى عنوان “من الدار إلى الجوار”، وعقدت

 برئاسة الدكتور محمد الخلايلة، مفتي الأردن، وتحدث فيها كل من: الدكتور عبدالله الجديع، مدير “مركز الجديع للبحوث  والاستشارات” في ليدز – بريطانيا، والدكتور أحمد عبد العزيز الحداد، مدير إدارة الإفتاء بإمارة دبي وعضو مجلس حكماء المسلمين، والدكتور أحمد شحلان، أستاذ جامعي – المغرب.

أما الورشة الثانية فحملت عنوان “الجهاد في خدمة السلام”، وعقدت برئاسة الدكتور عبد الكريم شوقي علام، مفتي مصر. وتحدث فيها كل من: فضيلة الشيخ أسلمو ولد سيد المصطف، مستشار الوزير الأول الموريتاني، والدكتور عبد الحميد عشاق، عضو اللجنة العلمية في المنتدى، ومعالي الدكتور قطب سانو، وزير مستشار برئاسة جمهورية غينيا.

الورشة الثالثة حملت عنوان “السلم في مقاصد الشريعة الإسلامية”

وعقدت برئاسة فضيلة الشيخ محمد مختار ولد امباله، رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم في موريتانيا. وتحدث فيها كل من: السيد علي الأمين، عضو مجلس حكماء المسلمين، والدكتور عبد المجيد الصغير، أستاذ بجامعة محمد الخامس – المغرب، والدكتور عبد الناصر أبو البصل، رئيس جامعة العلوم الإسلامية العالمية سابقا- الأردن.

المحور الثالث والأخير، كان بعنوان “الإسلام والعالم – مسارات التعارف والتضامن”، فحملت الورشة الأولى عنوان “من جهاد القتال إلى جهود الوصال.. من الصدام إلى التعارف”، وعقدت برئاسة الدكتور رافع طه الرفاعي مفتي العراق، وتحدث فيها كل من: الدكتور عطاء الله مهاجراني، عضو مجلس أمناء تعزيز السلم، والدكتور إبراهيم مشروح، عضو اللجنة العلمية في منتدى تعزيز السلم، والدكتور محمد السماك، عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم
أما الورشة الثانية فحملت عنوان “جسور التعارف ودوائر التضامن”، وعقدت برئاسة الدكتور عثمان بطيخ، مفتي تونس، وتحدث فيها كل من: الدكتورة عائشة حدو، مديرة مركز حوار الأديان وبناء السلام للبحث والتكوين التابع للرابطة المحمدية لعلماء المغرب، وتحدث فيها كل من: الدكتور أيريك جوفروي، متخص في دراسات الإسلام بجامعة ستراسبورغ، والدكتورة أمينة هوتي، المديرة التنفيذية لمركز “الحوار والعمل” في الولايات المتحدة.

في حين حملت الورشة الثالثة والأخيرة من أعمال الملتقى الرابع؛ عنوان “استشراف مستقبل التعارف والتضامن في المجال الدولي”، وترأسها محمد فطريش بن بكرام، مفتي سنغافورة، وتحدث فيها كل من: الدكتور مصطفى شريف، أستاذ جامعي – الجزائر، والدكتور عبد الجبار الرفاعي، أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة بغداد، والدكتور برين جريم، رئيس مؤسسة الحرية الدينية والأعمال – الولايات المتحدة، والدكتور إلواد علمان مدير البرامج والتنمية في مركز “إلمان للسلام وحقوق الإنسان” – الصومال.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ضمان الاستثمار”: 121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار والتمويل في الدول العربية خلال عام 2023

كشفت في نشرتها الفصلية عن ارتفاع حصة الدول العربية من إجمالي الالتزامات الجديدة عالميا إلى ...

“الريجي” ضبطت منتجات تبغية مهربة ومزورة في بيروت

في إطار جهود إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” المتواصلة لمكافحة التهريب، ضبطت فرقها كميات ...

الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) تدعم بلدية جبيل في إطلاق مبادرة فرز النفايات، لتحسين التحديات المتزايدة للنفايات في المدينة

بدعم من الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة (USAID) ، أطلقت بلدية جبيل مبادرة لفرز النفايات بهدف ...