الدورة الإقتصادية الدورة الإقتصادية
نظّمت كلية إدارة الأعمال والعلوم التجارية في جامعة الروح القدس- الكسليك محاضرة ألقاها وزير العدل السابق إبراهيم نجّار بعنوان “تغطية العقود الآجلة في الأسواق المالية”، بحضور نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية الأب طلال هاشم، وعميد الكلية المنظمة البروفسور إيلي عسّاف، إضافة إلى أساتذة الكلية وطلابها.
سركيس
بدايةً، تحدثت العميدة المساعدة للدراسات العليا ومديرة النشاطات في الكلية الدكتورة ندى سركيس أشارت فيها إلى الدور الذي قامت به صناديق التحوط وصناديق الأسهم الخاصة وصناديق رأس المال الاستثماري في توفير السيولة لنظامنا المالي وتحسين فعالية الأسواق. إلا أنّ المخاطر الناجمة عنها قد ارتفعت بالتوازي مع تطوّر دورها. وخلال الأزمة المالية الأخيرة، أثبتت القروض غير المضمونة والأسواق المشتقة ضعفها أمام جمود الأسواق، الأمر الذي أدى إلى تدهور ظروف السيولة والائتمان في النظام المالي. ومنذ 2009، لجأت الجهات الفاعلة في الأسواق الخاصة أكثر فأكثر إلى الضمانات بهدف تأمين المعاملات المالية. وبناءً على ما سبق، ألا يبدو جلياً أنّ التعديلات القانونية هي ضرورية لمعالجة نقاط الضعف الكامنة في النظام المالي العالمي؟”
عسّاف
ثم تحدّث عميد كلية إدارة الأعمال والعلوم التجارية البروفسور إيلي عساف منوهاً بالوزير السابق إبراهيم نجّار الذي “سيشاركنا اليوم بتجربته ليس في مجال الحقوق فحسب بل في المجال المالي والسياسي والاجتماعي والإنساني، وسيعرض لمسيرته الطويلة كرجل قانون ورجل سياسة. وتكمن أهمية هذه المحاضرة بأنها تجمع بين عالم المال والأعمال وعالم القانون”.
نجار
وقدّم بعدها وزير العدل السابق إبراهيم نجّار محاضرة بعنوان “تغطية العقود الآجلة في الأسواق المالية”. وقد أوضح في بدايتها أنّ “هذا الموضوع هو شائك ويطرح تعقيدات عدة إلاّ أنّ هدفي اليوم هو تبسيطه وإيجاد لغة مشتركة يفهمها رجال الاقتصاد والمال ورجال القانون على حد سواء. من المفيد أولاً تعريف الشراء الآجل، فهو شراء سلعة معينة أو عملات أو أوراق مالية توقعاً لارتفاع سعرها أو زيادة الطلب عليها في المستقبل، فيتم الشراء بأسعار منخفضة عند انخفاض الطلب عليها ليصار فيما بعد إلى إعادة بيعها أو استعمالها عند ارتفاع سعرها. ولكن يترتّب على هذه العملية مخاطر عدة لعلّ أبرزها مرور الوقت على عملية الشراء وتغيّر الأسعار وتبدّل العرض والطلب… وقد ظهرت أسواق مالية عالمية متخصصة ببيع وشراء السلع الأساسية مثل الحبوب والحديد والمواد الزراعية والنفط…، ومنها بورصة شيكاغو المتخصصة في التداول بالعقود الآجلة على السلع والعملات وسندات الخزينة. من هنا، تظهر أهمية الدور المشترك للخبير الاقتصادي والمالي من جهة والخبير القانوني من جهة أخرى بما خصّ توقّع المستقبل ومواجهة المخاطر المحتملة، وتحديد أفضل طريقة وتوقيت للشراء الآجل…”
وتابع بالقول: “في ظل التقلبات التي تشهدها الأسواق المالية، يبرز دور رجل القانون في السيطرة على العوامل المتغيرة بهدف ضمان توفّر سيولة فورية لضمان إمكانية دفع السعر المطلوب في أي لحظة، وإلاّ نصل إلى إفلاس يشمل جميع عناصر الدورة الاقتصادية في كل أنحاء العالم، لأنّ من يبيع اليوم كان قد اشترى أمس بهدف البيع. إذاً، يبقى توفر السيولة شرطاً أساسياً لضمان التماثل خلال الشراء الآجل”.
كما تطرّق إلى “القانون اللبناني في موضوع التغطية التي يعتبرها ضمانة أساسية ضد المخاطر الناجمة عن الشراء الآجل. ولا بد من الإشارة هنا إلى صدور عدد من المراسيم والمذكرات التي تنظّم هذه التغطية، لاسيما وأنّ المشرّع اللبناني يعي ضرورة حماية الشاري والمستثمر بالرغم من جميع الظروف الراهنة. ولا بد من إجبار الشاري على تأمين التغطية وإلا ستظهر مخاطر كثيرة خلال عملية الشراء. وبالتالي، يجب فرض التغطية التي لا تحمّل عميل التبادل المسؤولية وحده بل الشاري أيضاً، أو بمعنى آخر فرض تغطية نقدية فورية تؤمن تزويد الشاري بمعلومات دورية وحديثة. وإنّ هذا الإجراء يؤكّد عملية شراء آجلة سليمة تضمن حقوق مختلف الجهات الفاعلة فيها بشكل تبقى الأسواق سَلِسَة، تحتوي على السيولة المطلوبة في حين تنجح البورصات في التغلّب على خطر انهيارها. وهذا ما يبيّن دور القانون الفاعل في حماية الأسواق المالية من المخاطر والمجهول والتقلبات وتجنيبها مواجهة أزمة جدية في نظامها وهيكلتها”.
وختاماً، شدد على “الارتباط الوثيق بين الوضع المالي والوضع السياسي إذ أنّ الاستقرار السياسي ينعكس استقراراً اقتصادياً يترجَم بتحسّن وضع الأسواق المالية من ناحية البيع والشراء والعرض والطلب، وإنّ أي حدث أو تطور سياسي سلبي يؤثّر سلباً في الوضع الاقتصادي ويعرقل النمو”.
