نظمت وزارة الطاقة والمياه، بالتعاون مع المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية “الاسكوا”، والمنظمة الدولية للاغذية والزراعة “الفاو”، و”المتوسط المستدام” والمكتب الدولي للمياه، مؤتمرا تحت عنوان “الترابط بين المياه والغذاء والطاقة في مواجهة التغيرات العالمية: استدامة الاجيال المقبلة او انقراضها” في فندق “حبتور – هيلتون”، برعاية وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل وحضوره، وبالتعاون مع “المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية”، وفي مناسبة “اليوم العالمي للمياه“.
قمير:
افتتح المؤتمر الذي حضرته فعاليات واختصاصيون لبنانيون وأجانب، بالنشيد الوطني اللبناني، ومن ثم كلمة المدير العام للموارد المائية والكهربائية فادي قمير، وركز فيها على “اهمية المتلازمة الثلاثية هذه لديمومة الحياة البشرية“.
وقال: “ان الهدف من هذه الندوة هو تسليط الضوء على كل العقبات التي تعترضنا وسبل تذليلها. وانطلاقا من هنا تتجلى اهمية هذه المتلازمة في تأمين الموارد الضرورية للاجيال المقبلة والحفاظ على الامن الغذائي والمائي على حد سواء، اذ تبقى هذه المتلازمة دون اي شك واحدة من اهم تحديات القرن الجاري، واستنادا الى ذلك ركزت هذه الندوة على هذا الموضوع الاساسي لانه يشكل مسألة تطاول استمرار الحياة البشرية“.
وسلط الضوء على المتلازمة الثلاثية: المياه والطاقة والغذاء، ورأى أنها “حلقة مفرغة بسبب ندرة الاغذية، فيما فروع الترابط بين هذه المتلازمة تنفذ الواحدة تلو الاخرى في مقابل حلقة حميدة تسمى: المياه والطاقة ووفرة الغذاء حيث كل فرع يدعم الاخر في تقدمه“.
أضاف قمير: “ان لبنان بلد غني بموارده ويمتاز بطقس معتدل ولكنه وعلى رغم ذلك لا يتمكن دائما من سد حاجات المواطنين من المياه“.
واعتبر ان “تحسين البنى المائية التحتية من شأنه زيادة فعالية شبكات المياه وتأمين الخدمات إلى المواطنين بجودة اكبر بغية تحقيق الامنيين المائي والغذائي المرجوين“.
كما وتحدث عن الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه بكل ابعادها. ومن ثم عرض شريطا مصورا مفصلا لهذه الاستراتيجية، وتحدث عن شعوب “المايا” كمثال للترابط، وللتداخل بين القطاعات المختلفة، ذلك ان حضارة “المايا” القديمة العهد، وتميزت بنمو سريع في الزراعة والكتابة والهندسة والفن وعلم الفلك… وفجاة اختفت هذه الحضارة فيما أرجعت النظريات اندثارها الى خلل في المتلازمة الثلاثية، وهذا المثل يشرح لنا ما ينتظر اي مجتمع غير قادر على ادارة موارده الطبيعية والحفاظ على الاثر المباشر او غير المباشر لنشاطاته المختلفة والتقارب بين المياه والطاقة والغذاء على حد سواء“.
واستنادا الى ذلك تطرق قمير الى حلول ممكنة للرد السريع والفعال على كل التحديات التي تطرحها الاشكاليات القائمة، ومنها وضع هذه المتلازمة في مقدمة الاوليات واطلاق الحوار وانشاء هيئة عليا للمتوسط كوسيلة لبلوغ الهدف“.
روسل:
وأشار رئيس المكتب الدولي للمياه بيار روسل إلى “التغير المناخي وارتفاع الحرارة بين 1990 الى 2030، وآثاره على الموارد في شكل عام”، كما تحدث عن “المخاطر المتوقعة على الصعيد الاقليمي”، وحض على الوعي وضرورة اتخاذ بعض الخطوات منها السياسة الضرورية والادوات المالية اللازمة.
الجلسة الثانية
وعرضت مديرة شعبة التنمية المستدامة في “الإسكوا” رلى مجدلاني في الجلسة الثانية لـ “الترابط بين المياه والغذاء والطاقة، ولتغير المناخ: مشروع ريكار واهداف التنمية المستدامة“.
وقالت: “إن الترابط بين القطاعات المختلفة في سياق مسودة اهداف التنمية يشكل ثورة كونها ذات طابع عالمي”. كما تحدثت عن “مختلف انواع الترابط بين الموارد المختلفة“.
ورأت أن “مسودة 2030 تتضمن حجر اساس وهو حقوق الانسان التي تأتي قبل أي شيء آخر”. وشددت على “الحق في المياه والطعام كما في الحصول على الطاقة”. واضافت ان “أهداف التنمية المستدامة الـ 17 هي في غالبيتها مرتبطة بالمياه، وهذا الترابط مهم جدا بين العناصر المختلفة“.
كما سلطت الضوء على “أهمية الامن الطاقوي في هذه المتلازمة”، واعتبرت ان “نظرية الاسكوا نحو المتلازمة الثلاثية هي نظرة مؤسساتية”، وركزت على “التحديات التي نواجهها اليوم”، وشددت على “التعاون والتواصل بين مختلف القطاعات”، مشيرة إلى مشروع “ريكار” واهداف التنمية المستدامة 2 و6 و7، وكون المياه موضوعا حساسا بسبب ارتفاع الحرارة وانخاض كميات المتساقطات وغيرها“.
الجلسة الثالثة
وعقدت الجلسة الثالثة تحت عنوان “الشراكة بين القطاعين: العام والخاص، اداة مبتكرة في تمويل البنى التحتية الهيدروليكية” وألقاها البروفسور مايكل سكولوس الذي رأى أن “هذه المتلازمة لا تقتصر على المياه والغذاء والطاقة، بل وتتعدى هذه العناصر وتضم البيئة وعناصر اخرى طبيعية“.
وتابع: “يجدر بنا ان نستثمر في حماية الموارد الطبيعية، واذ لم نحم الطبيعة فلن يبقى شيء اخر نحميه، والعالم سيعاني قريبا شحا مائيا بفعل زيادة عدد السكان. ونحن مجبرون على رؤية الحقيقة التي لا يمكن التغاضي عنها، فالاستثمار وايجاد توازن بين المتلازمة ككل هما امران ضروريان لتحقيق الامن والتنمية المستدامة للاجيال المقبلة، ونشهد اليوم أهمية تأمين التمويل اللازم لكل من عناصر هذه المتلازمة الثلاثية“.
وأوضح أن “المال العام لا يكفي للقيام بالتمويل اللازم لهذه العناصر، لذلك نرى ضرورة تحفيز الاستثمار فيها من القطاع الخاص”. ووسلط الضوء على “أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتدخل القطاع الخاص في هذه المسائل، وبخاصة القطاع المصرفي”، كما ركز على “أهمية التدريب على اجراء عقود الشركة بين القطاعين العام والخاص”، معلنا ان “التدريب المقبل سيكون في لبنان وقريبا“.
وركز أيضا على “الشراكة مع القطاع الخاص وبخاصة في قطاع المياه لانه لا يتطلب تمويلا فقط وانما شراكة خلاقة لتحسين الخدمات والصيانة”. وختم كلمته بانه لا يريد ان يدخل اكثر في التفاصيل.
الجلسة الرابعة
وكانت الخبيرة في “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” سورينا مرتضى القت مداخلة الجلسة الرابعة التي حملت عنوان: “الطاقة المتجددة في الترابط بين المياه والغذاء والطاقة: التبطيق على لبنان“.
وتحدثت عن سياسات “مركز حفظ الطاقة” وعن “سبل تحسين قطاع الكهرباء وضرورة زيادة الانتاج من الطاقة الكهربائية”. وتطرقت الى “حملات التوعية الضرورية لتحقيق الاهداف المرجوة”، كما اشارت الى “خطة العمل المختصة بالطاقة الوطنية المتجددة”، واعتبرت ان تطبيق خطط العمل لا يتحقق الا بدعم من القطاع الخاص. كما تحدثت عن توليد الطاقة باستخدام المياه والرياح.
الجلسة الخامسة
وفي الجلسة الخامسة تحت عنوان: “العلاقة بين المياه والغذاء: الرؤية الاستراتيجية لمنظمة الاغذية والزراعة في منطقة الشرق الاوسط”، توقع الدكتور موريس سعادة ممثل “الفاو” في لبنان “زياة عدد السكان في العالم التي تعود الى التغيرات التي نشهدها: اذ تغير نمط الحياة مع مرور الوقت وتغيرت معه اشكال الاستهلاك وأنواعه“.
واعتبر ان “كلما ارتفع مستوى المعيشة، تغير النمط الغذائي للبشر، وزادت الرفاهية. فاليوم تزداد نسبة استهلاكنا للمشتقات الحيوانية، ما يعني زيادة في استهلاك المياه علما ان تغذية الحيوانات تطلب الكثير من المياه، بمعنى اخر فسر ازدياد المدخول الفردي الذي يؤدي الى ازدياد الهدر وبالتالي استنزاف الموارد“.
وزير الطاقة:
وتحدث الوزير سيزار ابي خليل من جهته عن “أهمية الترابط بين المياه والطاقة والغذاء الذي يحمل ابعادا عالمية ووطنية واقليمية، كون الترابط قائما بين عناصر هذه المتلازمة الثلاثية تاثير على اقتصادات الدول وسياساتها“.
ورأى أن “منطقة الشرق الاوسط ولبنان تحديدا يشكلان منطقة حساسة بفعل المتغيرات المناخية التي تترك اثرا كبيرا على الموارد المائية”، مشددا على “أهمية المبادرات التي تقوم بها وزارة الطاقة والمياه لتأمين موارد اضافية للاجيال المقبلة في اطار الادارة المتكاملة للموارد المائية على مستوى الحوض“.
وأوضح أن “هذه الاستراتيجيات تشكل رافعة لتطور الاقتصاد اللبناني، ونحن نعتمد على الشراكة مع القطاع الخاص لتحقيق التنمية اللازمة”. واعتبر ان “استراتيجية بناء السدود مهمة جدا للحد من الهدر الحاصل، كما وأن هذه الخطوة توفر الاموال الطائلة بعكس استراتيجية تحلية مياه البحر المكلفة، والتي تطلب طاقة كهربائية كبيرة، ويمكن ان ترتفع كلفتها سنويا بحسب اسعار النفط، بعكس استراتيجية بناء السدود التي تنحصر كلفتها الكبيرة في انشائها“.
وتابع الوزير أبي خليل: “انطلاقا من هنا اعتبر ان الاستراتيجية الوطنية التي وضعتها الوزارة اصبحت خطة ملزمة لكل الادارات والوزارات المتعاقبة بعد اقرارها عام 2012 من قبل مجلس الوزراء“.
وأما في موضوع الكهرباء فقد أوضح الوزير أن الطلب على الطاقة يتزايد بسبب “النمو الطبيعي للسكان، وازدياد الحاجة الى الطاقة، كما وبفعل النزوح السوري“.
وقال: “كان من الضروري اطلاق انشاء 3 معامل لانتاج الكهرباء على البر: أحدها جديد في الزوق، وآخر في الجية، وثالث في دير عمار“.
وركز على “النقص في استثمار الدولة اللبنانية في هذا المجال، منذ 1994 تاريخ انشاء معملي الزهراني ودير عمار”. واشار الى “عراقيل سياسية منذ 13/11/2014 تاريخ اقرار هذه لمشاريع بموجب محضر جلسة مجلس الوزراء رقم 57، والتي وافق عليها ديوان المحاسبة” موضحا أن “هذه العراقيل ما لبست ان اختفت أخيرا، ولم يتبين وجود اي مشكلة ادارية او فنية“.
واستند إلى “البنك الدولي الذي حدد الخسارة المتأتية من انتاج الكيلوات الواحد من الكهرباء، بأنها تقدر ب 6 سنتات. وأما في عدم الإنتاج فالخسارة تقدر ب 70 سنتا، وهذا ما هو محسوب في الطاقة البديلة التي نحصل عليها من المولدات الخاصة“.
وجزم ان “وزارة الطاقة والمياه هي أول من اعتمدت على الشراكة مع القطاع الخاص من خلال مقدمي الخدمات. وهذا ما حصل فعليا عام 2012 من خلال مشروعين لشمال جبل لبنان ولبنان الشمالي، وقد تم تحقيق ربح بقيمة 149 مليون دولار، هو حصيلة زيادة الجباية مع الاصول الثابتة التي وضعها مقدمو الخدمات، بحسب اخر تدقيق“.
كما أشار إلى “تحقيق الارباح في منقطتي بيروت والبقاع، على عكس مناطق اخرى كبدت مؤسسة كهرباء لبنان خسائر بسبب قلة الجباية التي يعاقب عليها مقدمو الخدمات، بالاستناد الى مؤشرات الاداء“.
واثنى على ماورد في كلمة البرفسور مايكل بولس بان “الشراكة بين القطاعين العام والخاص ليست وصفة لحل كل شيء، وهذا المثل هو خير دليل على ذلك”. وتابع أن “الشراكة مسؤولة من قبل الطرفين، مقدمو الخدمات من جهة والدولة من جهة اخرى لتقديم الخدمات بجودة ونوعية وتامين فرص النجاح للقطاع الخاص عوضا عن خلف العراقيل“.
وفي الختام اثنى أبي خليل على “المداخلات المثمرة والمفيدة لعناصر المتلازمة الثلاثية التي تخللتها هذه الندوة” وقال: “سنبقى على مواعيد لاحقة مماثلة لنتمكن من النهوض بهذا القطاع“.
ومن ثم وزعت الميداليات على المدراء العامين السابقين للمؤسسات العامة للمياه.