جمعية مصارف لبنان عقدت لقاءها الدوري مع الإعلام الإقتصادي

طربيه: مؤتمر سيدر برهان جديد على حرص المجتمع الدولي على مواصلة حماية الإستقرار في لبنان

عقدت جمعية مصارف لبنان لقاءها الدوري مع الإعلام الإقتصادي في بيروت، بحضور رئيس الجمعية الدكتور جوزف طربيه ونائبه سعد أزهري والأمين العام الدكتور مكرم صادر، وعدد مدراء المصارف وممثلي وسائل الإعلام والصحافة.

وفي كلمته قال طربيه :”يسرني أن أستضيفكم اليوم في رحاب جمعية مصارف لبنان شاكرا لكم تلبية دعوتنا الى هذا اللقاء الدوري مع الصحافة الإقتصادية، والذي يشكل مناسبة نستعرض فيها أمامكم تطور أهم المؤشرات المالية والإقتصادية، وموقف الجمعية من أبرز القضايا والشؤون الوطنية والإقتصادية والمهنية المطروحة في البلاد.

أولا: في أبرز المعطيات الإقتصادية والمصرفية
لا يزال الإقتصاد اللبناني يسجل معدل نمو ضعيفا قارب 1,5% في العام 2017، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فيما بلغ معدل التضخم 4,5% حسب دائرة الإحصاء المركزي.والكل يدرك أن هذا المستوى من النمو لا يكفي لتأمين فرص العمل اللازمة للحد من البطالة العالية ولا لضمان التراجع التدريجي لعجز المالية العامة ولمديونية الدولة.

أما على الصعيد المصرفي، فما زالت الودائع المصرفية تشكل كالعادة أهم محركات نمو النشاط المصرفي. وقد بلغت هذه الودائع في نهاية 2017 ما يوازي 173,0 مليار دولار مسجلة زيادة سنوية بنسبة ناهزت 4%.

يبقى أن حجم الودائع كاف لتغطية الاحتياجات التمويلية للاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص، وتسعى المصارف باستمرار الى استقطاب المزيد من الودائع من العملاء المقيمين وغير المقيمين.

د. جوزف طربيه

د. جوزف طربيه

أما رساميلنا وأموالنا الخاصة، فقد قاربت مستوى تاريخيا بلغ 19,1 مليار دولار مشكلة حوالى 8,7% من إجمالي الميزانية المجمعة. وتكتسب هذه الأموال الخاصة أهمية كبرى لجهة تعزيز ثقة المودع المحلي والأجنبي بالقطاع المصرفي اللبناني. كما أنها تقوي المراكز المالية للمصارف، بحيث ناهز معدل الملاءة في القطاع 16% حسب معايير بازل 3 في نهاية العام 2017.

من جهة أخرى، فإن إجمالي قروضنا للقطاع الخاص، المقيم وغير المقيم، من دون احتساب قروض مصارف الأعمال والاستثمار، قارب 60,3 مليار دولار في نهاية العام 2017 مقابل 57,2 مليار دولار في نهاية العام 2016، أي بزيادة نسبتها 5,5%، علما أن معدل ارتفاع هذه التسليفات آخذ في التباطؤ عموما، عاكسا مستوى النمو الاقتصادي الضعيف في لبنان. لكنه يبقى جيدا ومقبولا في ظل عدم الاستقرار السائد في المنطقة، ويدل على التزام المصارف بتمويل احتياجات القطاع الخاص في جميع الأوقات.

وفي هذا السياق، تستمر المصارف في تمويل القطاع الخاص المقيم وغير المقيم، أفرادا ومؤسسات، بكلفة مقبولة بالليرة وبالعملات الأجنبية، ولآجال تتلاءم مع طبيعة الأنشطة المطلوب تمويلها.

وعلى سبيل الذكر، زادت القروض الشخصية الممنوحة من المصارف في العام 2017 بنسبة 8,1%، وهي تشمل بخاصة القروض التعليمية والقروض السكنية، وقد أمن القطاع المصرفي من خلال مختلف آليات الإقراض السكني مسكنا لحوالى 131 ألف أسرة لبنانية في مختلف المناطق، ما رفع حجم محفظة القروض السكنية الى نحو 13 مليار دولار في نهاية العام 2017؛ وهي بمعظمها لمصلحة ذوي الدخل المحدود وبفوائد متدنية ومدعومة، علما أننا أضفنا الى هذه المحفظة خلال العام المنصرم أكثر من 6 آلاف قرض سكني جديد، كدليل إضافي على أن الإستقرار الإجتماعي هو من أولويات المصارف اللبنانية.

وتظهر الإحصاءات أن إجمالي التسليفات المدعومة الفوائد، الموافق عليها في فترة 1997- نهاية أيلول 2017 وصل الى 11,028 مليار ليرة (ما يعادل 7,13 مليار دولار). وقد شكلت حصة الصناعة من إجمالي هذه التسليفات 59% مقابل 30% للسياحة و11% للزراعة.

ولم تترافق زيادة التسليفات المصرفية مع تدهور في نوعية محفظة الإقراض للقطاع الخاص، إذ بقيت نسبة الديون الصافية غير العاملة(NNPL’S) إلى إجمالي المحفظة في مستوى متدنٍ وبحدود 3,86%، فيما بلغت نسبة المؤونات إلى الديون المشكوك بتحصيلها 60,9%.

أخيرا، بلغت التسليفات للقطاع العام في نهاية العام 2017 ما يوازي 31,9 مليار دولار مسجلة تراجعا بنسبة 8%، شأنها في العام 2016.

ثانيا: في آخر التطورات المحلية والدولية
يهم الجمعية أن تتوقف بخاصة عند حدثين مهمين، واحد محلي وآخر دولي، سيكون لهما أثر أكيد في حياتنا العامة، لا سيما من الناحيتين الإقتصادية والمالية.

فقد شهد الشهر المنصرم التزام الحكومة والمجلس النيابي التعهد المقطوع للرأي العام بإعداد وإقرار الموازنة العامة لسنة 2018، في ما شكل دليلا واضحا على حرص السلطات المختصة على إعادة الإنتظام والشفافية الى المالية العامة، ووقف التسيب الإنفاقي المتفلت من أية ضوابط. وإننا إذ نحيي هذا النهج ونناشد الإستمرار فيه، نأمل استكماله بالتصديق على قطع حسابات السنوات الطويلة السابقة، لإزالة كل التباس يشوب إدارة المال العام في لبنان.

ويهمنا على هذا الصعيد أن نؤكد مجددا وتكرارا موقف جمعية المصارف الرافض للتشريع الجديد الوارد في موازنة العام 2017، والذي فرض الازدواج الضريبي الذي طاول بعض النشاطات وطاولنا كقطاع مصرفي بشكل خاص. وكنا نأمل إدراج نص في صلب قانون الموازنة العامة لعام 2018 يصحح هذا الإجراء. فليس طبيعيا أن يكلف القطاع المصرفي بضريبة تصل نسبتها عمليا إلى 50% على أرباحه، ما يحد من تطوير رساميله وتاليا من قدرته على استقطاب الودائع وعلى تمويل الدولة والاقتصاد في فترة تضمن برنامج الاستثمار بالبنى التحتية حصة عالية من التمويل على عاتق القطاع الخاص. نأمل أن تجد السلطة النقدية المشرفة على القطاع والسلطات المالية الحريصة على العدالة الضريبية معالجة إيجابية لهذا الموضوع. فليس من سلطة في العالم تكلف مصارفها بالضرائب على ودائعها لدى البنوك المركزية، ثم تعود وتكلفها بالضريبة على أرباحها من المبالغ نفسها!.

أما على الصعيد الدولي، فقد جاء انعقاد مؤتمر “سيدر” في 6 نيسان الجاري ليشكل بدوره، سواء من خلال مشاركة عدد كبير من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية أم من خلال التعهدات المالية تجاه لبنان، علامة إيجابية في رصيد العهد والحكومة اللبنانية، وهو برهان جديد على حرص المجتمع الدولي على مواصلة حماية الإستقرار في لبنان والحؤول دون انزلاق بلدنا الى ما دون الخطوط الحمر الإقتصادية والإجتماعية والمالية. وإننا إذ نحيي ونشكر حكومة فرنسا الصديقة والرئيس ماكرون على الإهتمامه الدائم بلبنان في أحرج الأوقات والظروف، وعلى الجهود الجدية والمثمرة التي بذلت لإنجاح مؤتمر “سيدر” ، فإننا نضم صوتنا الى أصوات الدول والمنظمات المشاركة في هذا المؤتمر والتي طالبت لبنان الرسمي بإجراء سلسلة إصلاحات جذرية وبنيوية باتت ملحة في المجالات المالية والإدارية والإقتصادية. ونأمل أن يتمكن لبنان من تشكيل حكومة جديدة بعد الإنتخابات النيابية، في أقصر وقت ممكن، وأن تعكف السلطتان التنفيذية والتشريعية على تنفيذ التعهدات الإصلاحية المقطوعة، تأكيدا على مواكبة الالتزام الخارجي حيال لبنان بالتزام داخلي رسمي لا مناص منه.

وفي هذا السياق، نجدد التأكيد على أهمية الشراكة بين القطاعين الخاص والعام وعلى ضرورة استكمال الشروط والتدابير التنظيمية الواجبة لمباشرة تطبيق القانون الجديد الناظم لهذه الشراكة، تسريعا للافادة من انعكاسات المشاريع المقترحة للتمويل الدولي الميسر على الحركة الإقتصادية في البلاد وعلى تحفيز النمو واستحداث فرص عمل جديدة.

وغني عـن البيان أن القطاع المصرفي اللبناني الذي يشكل الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني بقطاعيه العام والخاص، يعتبر نفسه معنيا بصورة مباشرة وأولوية بالمشاركة بفعالية في تمويل مشاريع البنى التحتية الملحظة في البرامج الحكومية، خصوصا وأن قطاعنا يتمتع بالقدرات التمويلية كما بالخبرات والكفايات اللازمة لتأدية هذا الدور البديهي، على نحو يعزز دوره الإنمائي المعهود.

تبقى الإشارة الى الزيارة التي قام بها مؤخرا وفد من جمعية المصارف الى واشنطن ونيويورك في إطار برنامج الإتصالات الدورية مع مراكز القرار الأميركية ومع المنظمات الدولية المعنية بالشؤون المالية والمصرفية. وكانت هذه الزيارة مناسبة جددت فيها هذه المرجعيات الخارجية تقديرها لحسن أداء القطاع المصرفي اللبناني في تطبيق قواعد الإمتثال تحت سقف السطات النقدية والرقابية المحلية، كما أعربت المصارف الأميركية المراسلة عن ارتياحها للتعامل مع النظام المصرفي اللبناني استنادا الى عاملين اثنين: الأول هو حسن إدارة المخاطر من قبل المصارف العاملة في لبنان، والثاني هو التزام المصارف اللبنانية بقواعد العمل المصرفي الدولي، بما فيها القواعد الأميركية.

وقال:”يشكل القطاع المصرفي دعامة أكيدة وثابتة للاستقرار الإقتصادي والمالي والإجتماعي في البلاد، وهو أيضا دعامة دائمة للاستقرار الأمني الذي يضمنه ويظلله الجيش اللبناني وسائر المؤسسات العسكرية والأمنية الشرعية.

فالقطاع المصرفي اللبناني، المؤلف حاليا من 65 مصرفا يساهم بحوالى 6% في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وهو يستخدم حوالى 26 ألف موظف، بينهم 60% دون سن الأربعين و48% من الإناث و79% من حمَلة الشهادات الجامعية. كما أنه يقدم لموظفيه ، من خلال عقد العمل الجماعي، شروط عمل لائقة تُعد من الأفضل في البلاد.

ومن سمات مرحلة الإستقرار الراهنة أن لبنان هو الآن على عتبة استحقاق انتخابي نيابي طال انتظاره، يؤمل أن يحدث نقلة نوعية في حياتنا العامة، سواء على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية، أم على مستوى تفعيل أداء اقتصادنا الوطني وتوفير المحفزات اللازمة لنمو مستدام ومتزايد نحن بأمس الحاجة إليه.

تثبت هذه المعطيات أن القطاع المصرفي اللبناني استطاع أن يبرهن مرة أخرى عن مناعة راسخة في وجه التحديات الداخلية والخارجية، وعن قدرة واضحة وأكيدة على التكيف مع أصعب الظروف وأكثرها تعقيدا. فالنتائج التي حققها قطاعنا إيجابية وجيدة في ظل الأحداث السياسية التي شهدتها البلاد وفي ظل تلبد الأجواء الإقليمية المنعكسة سلبا على مختلف مجالات الإستثمار في لبنان، بما فيه الإستثمار المالي. مصارفنا قوية بقاعدة مودعيها ورساميلها وبنوعية محافظ إقراضها، وقوية بشبكة انتشارها الداخلية والخارجية، وبكفاءة مواردها البشرية وبالتضامن المتميز بين إداراتها وأسرة العاملين فيها”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

اقتصاديات الحروب وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية

 محمود عبد العال فراج / كاتب وباحث اقتصادي في ظل الصراعات والحروب العسكرية الانية التي ...

الذهب يرتفع وسط الإشارات المختلطة حول الانتخابات الأمريكية وترقب المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com يتقدم الذهب بشكل طفيف اليوم بنسبة 0.15% ...

توقعات أسعار النفط بعد قرار أوبك+ تأجيل زيادة الإنتاج

كُتب بواسطة: رانيا جول، محلل أول لأسواق المال في XS.com تستمر أسعار النفط الخام في مواجهة ...