عون: بيان مؤتمر بروكسل يؤشر الى توطين مقنع يتعارض مع دستورنا ويناقض سيادتنا ولن نسمح به على الإطلاق.
باسيل أعلن عن مشروعي قانون تغييّر إسم ” وزارة الخارجية والمغتربين” إلى “وزارة الخارجية والمنتشرين والتعاون الدولي” وإنشاء “المجلس الوطني للإنتشار”.
برعاية وحضور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اطلق وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل صباح اليوم، مؤتمر الطاقة الإغترابية في دورته الخامسة في بيروت في مركز” سي سايد ارينا” – بيال، بمشاركة عدد كبير من اللبنانيين المنتشرين وفاعليات سياسية وديبلوماسية وروحية ونقابية واجتماعية وامنية واقتصادية واعلامية، يتقدمها رئيس الجمهورية الاسبق امين الجميل، والمعتمد البطريركي في روسيا المطران نيفن صيقلي ووزراء الدفاع الوطني يعقوب الصراف، الاقتصاد والتجارة رائد خوري، البيئة طارق الخطيب، الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي، العدل سليم جريصاتي، الطاقة والمياه سيزار ابي خليل ووزيري الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول ولشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني، وعدد من النواب الحاليين والمنتخبين واعضاء السلكين الدبلوماسي والقنصلي اللبناني والعربي والاجنبي.
استهل الحفل بالنشيد الوطني اللبناني بصوت الفنانة تانيا قسيس، ومن ثم لوحة فنية، فكلمة مقدمة الحفل السا يزبك. وعرض شريط مصور عن مؤتمرات الطاقة الإغترابية الثلاثة عشر التي اقيمت على مدى السنوات الخمس.
باسيل
والقى الوزير باسيل كلمة قال فيها: “اقف هنا بينكم، في مؤتمر الطاقة الاغترابية LDE الخامس في بيروت، والثالث عشر في العالم، أتطلع الى وجوهكم التي أعرف الكثير منها، لأرى فيها أبعد من البلدان التي زرتها لألقاكم، ومن المسافات التي قطعتها لأصل اليكم، أرى بهجة اللقاء وأمل “البكرا” وشوق العودة، اراهم يحلون مكان وجع الفراق ومرارة البارحة ووحشة الغربة. أفتكر بالحقيبة التي حملتموها يومها، رغما عنكم، وحملتم فيها طموحاتكم وذكرياتكم وافكاركم وأفكر بالحقيبة التي تحملونها اليوم وتحملون فيها نجاحاتكم وأحلامكم وعواطفكم، فيما قلبكم الذي تناسيتم اخذه وتركتموه هنا، تجدونه هنا بانتظاركم ساعة شئتم”.
اضاف: “ارى فيكم، احبائي، جورج، الذي لم يزر لبنان مرة، وقد تمنت علي والدته لو أن ابنها الذي يعمل في شركة النفط Petrobras، يمكنه العمل في نفط لبنان، واستذكر عبركم بكاء النائبة البرازيلية جانديرا فغالي (عمتها صباح) في الريو عندما استلمت مني وسام رئيس الجمهورية للاغتراب وقدمته لروح والدها، وتظهر امامي انحناءة انطوني الزعني، هذا الكبير في اعماله الاميركية، حين استلامه لجنسيته اللبنانية في فيغاس، وتنطبع في ذهني ابدا صورة اول لبناني ايمن ابو صالح الذي انتخب في الخارج في سلطنة عمان صبيحة ذاك النهار في 27 نيسان 2018 وانا اشاهده بالتزامن من وزارة الخارجية، وتنطبع اكثر رقصة الفرح بالنجاح التي رأيتها في الدبلوماسية ميرنا الخولي وهي تعلن لي مباشرة على الشاشة اغلاق آخر صندوق اقتراع في لوس انجلس”.
وتابع: “ارى فيكم شريطا من 150 سنة من الهجرة والنزيف الوطني، المستمر بخسارة كل لبناني يغترب؛ والشريط نفسه من الانتشار والوسع الوطني المستمر بالإفادة من كل لبناني ينتشر، اما الفيلم الذي ننتجه نحن فهو مقاطع عن كل لبناني عائد، بجسده، بعمله، بزيارته، بسياحته، بجنسيته، باقتراعه … عن كل عائد الى لبنانيته”.
وقال: “انا، يا اعزائي، لا تخيفني الهجرة اذا تحولت من اغتراب واصبحت انتشارا؛ عليه، وبالرغم من معرفتي لما يحضر لي من حملة لتشويه غايتي، اعلن عن توقيعي اليوم لمشروع قانون يغير اسم ” وزارة الخارجية والمغتربين” الى “وزارة الخارجية والمنتشرين والتعاون الدولي”.
اضاف: “بما أني لا احب الغربة وخسائرها، واتقبل الانتشار وافاداته، الا أنني لا اغتبط الا بالعودة، لما فيها من عودة للبنان الى هويته، وآمل ان يأتي اليوم الذي ننشئ فيه “وزارة العائدين” التي تعنى بتأمين كل مستلزمات العودة وضرورات التحفيز لها في اللغة والعمل والسكن والمجتمع والدولة. هكذا تكون الدولة اللبنانية تهتم لأمركم، مواطنين شركاء في المواطنة والكيان. هكذا تكون الخطوة النوعية المقبلة:
– أولا، كون عملية استعادة الجنسية هي قيد التطوير ونحن نتقدم من هذا المؤتمر للحكومة بمشروع قانون لتسهيل العملية وتوسيع هامش المستفيدين.
– ثانيا، كون عملية انتخاب المنتشرين هي موضوع مطالبة دائمة منا لزيادة عدد النواب الممثلين لكم في الخارج من 6 الى 12 الى 18 نائبا، ولمنحكم البطاقة الممغنطة لتكون بطاقتكم اللبنانية الموحدة ولتمكنكم أيضا من الاقتراع اينما كنتم.
– ثالثا، كون عملية تحفيزكم على الاستثمار بدأت بصدور تعميم مصرف لبنان باعطاء المنتشرين الفعليين قروض سكن وعمل بفوائد وآجال خاصة، منخفضة وطويلة، فإننا اليوم نتقدم بمشروع قانون يعطي المنتشرين حوافز مالية واقتصادية واجرائية مع منحهم بطاقة ممغنطة خاصة بهم.
– رابعا، كون عملية اعادة تنظيم الانتشار قد بدأت ومن خلال رفضنا لممارسة اي احتكار له وأي وصاية من الوزارة عليه، فإننا نعلن أيضا تقديمنا لمشروع قانون “المجلس الوطني للانتشار” الذي يلغي المادة 12 الشهيرة من قانون وزارة الخارجية، ويعطي للانتشار صحة تمثيله عبر مجلس عالمي منتخب، وللدولة واجب رعايتها، دون وصايتها، عبر المجلس الأعلى للانتشار برئاسة رئيس الجمهورية”.
وقال: “أيتها اللبنانيات ايها اللبنانيون، نظرت لكم، كل مرة، عن اللبنانية Libanite – Libanity لأني بحثت عما يجمعنا ما بين مقيمين ومنتشرين، مسلمين ومسيحيين، ما بين غربيين وشرقيين، عرب ومشرقيين، بحثت عما يجمعنا بحضاراتنا ومشاربنا، بثقافاتنا وافكارنا، بمعتقداتنا وايديولوجياتنا، فوجدت انه الدم والجين والنخاع العظمي، واكتشفت انهم ما يفسر تميزنا عن غيرنا ويشرح نجاحنا ويطبع طاقاتنا، وإن اللبنانية وحدها يمكنها ان تكون رابطة انتمائنا. ان اللبنانية، بمسماها هذا، هي ما يؤمن وحدتنا ويزيل اختلافنا على تاريخنا ويجمع بيننا على غدنا”.
اضاف: “لقد كتبت عنها، في كل مرة التقينا، لأني اردت ان ارسخ بيننا مفهوما يرى كل واحد منا نفسه فيه، ولأني رغبت ان يعتنق كل واحد منا معتقدا وطنيا لا بل كونيا، يعطي القوة لكياننا ويشكل اللوبي الذي يحتاجه وطن صغير من انتشار كبير، لوبي لم نفلح يوما بتشكيله بسبب تميزاتنا بخصائصنا، خصائص تعطينا، على العكس، القدرة على جعله لوبيا ضاغطا وفاعلا في سبيل الحفاظ على نموذج تعددنا وفرادة مناصفتنا وريادة رسالتنا. نظرت وكتبت وآمنت عميقا باللبنانية، فكانت الحافز لمؤتمراتنا وزيارتكم، لمشاريعنا وتواصلكم، لقوانيننا وجنسيتكم واقتراعكم واستثماركم”.
وتابع: “آمنت بطاقاتكم فكانت لقاءاتنا تتكرر نجاحا، وكانت افكارنا تزداد احلاما، وكانت رؤانا تزداد تنفيذا. فلولا الحلم لما كان هناك انجاز، ولولا الخيال لما كان هناك ابتكار ولولا الفكرة لما كان هناك مشروع فتعالوا نحلم معا لتكون السماء حدودنا. آمنت بقضيتكم، وبأنكم الأصل والفصل، بأنكم لبنان الأصيل وان لا كتاب يوضع عن لبنان دون ان يكون لكم فصل فيه! آمنت بأنكم اصحاب الهوية فبدأتم باستعادة الجنسية، بأنكم اصحاب الحق فبدأتم بممارسة اقتراعكم، بأنكم اصحاب الأرض فبدأتم العودة اليها غرسا. آمنت بأنكم ستستثمرون لنبقى، بأنكم ستشترون لبناني نبيذا وعرقا وعسلا وزيتا ودبسا ليكون اقتصادنا منتجا ولنطلق معكم في هذا المؤتمر الدبلوماسية الغذائية Gastro Diplomacy، دبلوماسية لبنانية جديدة فاعلة تسعى لتسويق منتجاتنا اليكم في الخارج. آمنت بأنكم ستشتركون في Lebanese Diaspora Fund LDF / الصندوق اللبناني الانتشاري لتكونوا شركاءنا الاساسيين في مشاريع الـ (PPP ) الشراكة بين العام والخاص في الكهرباء والطاقة والمطارات والقطارات والطرقات الدائرية، وكل اشكال المواصلات والاتصالات…”.
وقال: “آمنت بكم، حق ايمان، لأشعر ان الـ Lebanon Connect غير كاف لتواصلكم وانه علينا ان نوصلكم بدولتكم، بخدمات سريعة عبر الربط الاكتروني، وبمسافات قريبة عبر القناصل الفخريين المنتشرين وبمساعدات تخصصية عبر الملحقين الاقتصاديين والثقافيين. آمنت بأن الله خلق لبنان بكم وأرسلكم الى العالم منذ ايام الفينيقية، وأؤمن ان الانسان لا يمكنه ان يغير مشيئة الخالق، وأن اللبنانية لا تغيب عنها الشمس بل هي الشمس التي تضيء رحاب الكون. آمنت بأن لبنان هو رسالة وانتم رسله، وأؤمن ان لا حدود لهذه الرسالة سوى حدود انتشاركم في العالم، ولأن نوركم يضيء في كل المعمورة كي يرى العالم اعمالكم المجيدة، جعلت من شعار الوزارة “حدودنا العالم”، واعتقدت بعالمية لبنان. نحن آمنا بكل هذا وبكم، اما انتم فآمنوا بلبنان! وبأنه الصخرة التي تهشمت عليها اطماع كل الطامعين، وبأن اسمه بالسريانية “لب أنان” ويعني قلب الله، وبأن ارزه ارز الرب، وعلى ترابه جال الانبياء والرسل”.
وتابع: “صدق البعض في لبنان أن بعدكم عنه هو جفاء، ولم يصدقوا أنكم ستعودون بهويتكم الى جنسيتكم ويجب ان تزداد اعدادكم، وبأنكم ستعودون بأصواتكم الى صناديقكم، ويجب أن تكونوا نصف مليون مقترع في الدورة المقبلة، لتزيلوا الجفاء عن ديمقراطيتنا وتعيدوا الحياة الى هوية انتشاركم. واعتقد البعض ان في ابتعادكم سكون الغربة، ولم يتوقعوا أنه في حضوركم ثورة العودة؛ عودة الى بيوت الاغتراب التي ندشن بعضها الجديد يوم السبت كما كل سنة، عودة الى متحف الاغتراب الذي تحيون فيه ذكريات مغادرتكم وتخزنون فيه ذكريات رجوعكم، وفي هذا وذاك مسحة خير اردتموها للبنان.
وقال : “ظن البعض انكم ستنسون مع الزمن وستيأسون من ان يناديكم الوطن، واننا سنتعب من عدم تلبيتكم لندائنا وسنيأس من وضعهم العراقيل لعملنا، ولكن طالما نبض انتشاركم يدق، ونبض الحياة في عروقنا يضخ، اينما كنا، وفي أي موقع وجدنا، فإننا سنبقى جميعا “ابناء اللبنانية” عاملين لحقوقكم جاهدين لعودتكم. واعلموا اننا سنلقاكم اينما كنتم واينما كنا. حين نلقاكم في الخارج، نفكر بلحظة اللقاء بكم هنا؛ وحين نلقاكم هنا، نفكر بلحظة الذهاب اليكم، ومن هنا نودعكم لنعود ونلقاكم في مؤتمرنا الرابع عشر في ايلول في كندا”.
وختم باسيل: “اينما نلتقي نكون لبنانيين اولا، نعيش لبنانيتنا ثانيا، ونحيي لبناننا اولا واخيرا مع ميخايل نعيمة لنقول معا: “أما أنا – ذلك اللبناني المبهم الذي لا لقب له ولا حسب؛ أنا الذي أدوس العنب في معاصرك، وأجمع الزيت والنبيذ في خوابيك، وأذري القمح على بيادرك، وأقطع الحجارة في مقالعك والحطب في غاباتك؛ أنا الذي لولاي لكنت بلا عضل، ولا عصب، ولا دم – أما أنا، فمن أنا وذو ماذا أنا، يا لبنان؟!”.
الأعور
وبعد عرض شريط مصور عن ابرز اللبنانيين الذين لمعوا في بلاد الاغتراب ووصلت شهرتهم الى العالم، القى مساعد رئيس مجلس النواب الاردني، الامين العام لحزب العون الوطني النائب فيصل الأعور الذي قال: “ان العالم يبحث عن الطاقات في الارض ولكنكم تعملون على اشرف استثمار، وهو الاستثمار في الانسان، ولن تكسر دولة غايتها الإنسان”.
وهنأ الأعور الرئيس عون على انجاز الانتخابات النيابية الذي وصفه بالإنجاز الديموقراطي التاريخي الذي يضع على صفحات المجد قوة هذا الوطن العظيم.
فرح
ثم تحدث لاعب الروكبي الاسترالي، اللبناني الاصل، روبي فرح فقال: “كوني ترعرت في استراليا، كان من السهل على الانسان الموجود في الجهة الاخرى من العالم نسيان جذور أجداده، وبغض النظر عن مكان الولادة والنشأة فإن ثمة رابطا قويا وشعورا بالفخر يمتلكني كوني لبنانيا”.
واذ عدد ابرز محطات حياته كلاعب روكبي، اعتبر ان ابرز المحطات فخرا كانت قيادته لفريق لبنان الرسمي عام 2017 في مباريات كأس العالم في الروكبي.
وكانت كلمات لكل من: رجل الاعمال الجنوب افريقي، اللبناني الاصل، تشاد رومنز واللبنانية العاجية سوزان قباني التي شاركت الحضور قصة نجاحها في معمل تصنيع الكاكاو التي انشأته مع والدها والذي تحول الى معمل شوكولا.
الرئيس عون
واختتم المؤتمر بكلمة الرئيس عون، الذي قال: “أشعر بالاعتزاز والفرح وأنا أقف أمامكم اليوم، أراكم تلبون نداء الوطن، فتأتونه من كل أصقاع المعمورة؛ تلتقون وتجتمعون، تسمعونه ويسمعكم… فجذوركم لا تزال ضاربة هنا، في هذه الأرض؛ تذهبون، تتغربون، تؤسسون لكم حياة جديدة في بلدان جديدة، تنجحون هناك، تتفوقون وتبدعون. ولكن، يبقى في داخلكم شيء ما يشدكم دوما الى هنا، الى الوطن الأم… هو الحنين، هو الشوق، هو الانتماء، هو الحلم، هو كلها مجتمعة، وكلها أراها تلتمع في عيونكم اليوم”.
اضاف: “إن مؤتمرات الطاقة الاغترابية هي من أهم الإنجازات التي تحققت، وأثني على جهود كل القيمين عليها والناشطين فيها. وأهميتها تكمن أولا في جمعها للانتشار اللبناني ووصلها إياه ببعضه البعض، فلم يعد اغترابا مشتتا في كل دول العالم، بل صار “لبنان المنتشر” الذي يتواصل ويلتقي ويجتمع. وثانيا في ربطها لبنان المنتشر بلبنان المقيم، سواء عبر المؤتمرات المتنقلة التي تقيمها تباعا في الدول التي يتواجد فيها الانتشار اللبناني، وما أكثرها، أو عبر المؤتمر السنوي الذي يعقد في لبنان. والهدف واحد، التواصل مع الطاقات اللبنانية في الخارج، وتعزيز الروابط بينها وبين لبنان، والاستفادة من خبراتها في شتى الميادين”.
وتوجه الى اللبنانيين القادمين من كل أنحاء العالم بالقول: “إن لبنان مقبل على مرحلة جديدة يؤمل منها الكثير، فالانتخابات النيابية التي جرت منذ أيام انتجت مجلسا نيابيا جديدا، تمثلت فيه كل القوى السياسية وفقا لأحجامها، وذلك بفضل القانون الانتخابي الجديد الذي اعتمد النسبية لأول مرة في تاريخ لبنان، والذي منحكم أيضا حق الاقتراع من حيث أنتم موجودون؛ فصار لكل لبناني، أينما كان، صوته الفاعل والمؤثر في مجريات السياسة في وطنه. ويبقى، أن يستعمل هو هذا الصوت، فلا يخنقه ويسكته بعد اليوم كما حصل مع القسم الأكبر من مواطنينا في الانتخابات الأخيرة”.
وتابع: “إن صحة التمثيل التي يعطيها القانون النسبي ستؤمن استقرارا سياسيا يحتاجه لبنان لمواجهة التحديات التي تنتظره على كل الأصعدة، فالاختلاف في الرأي والموقف من بعض القضايا، وتعارض المقاربات للحلول في بعض المشاكل، سيكون مسرحهما الندوة البرلمانية حيث تتمثل كل الآراء والقوى السياسية التي ستتحمل جميعها مسؤولية العمل معا لمجابهة تلك التحديات، وأيضا لاستكمال مسيرة النهوض بالوطن. فلبنان يحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى إلى المزيد من التضامن بين أبنائه، وإلى تغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة أخرى، فردية كانت أو حزبية أو طائفية”.
ورأى ان “أول التحديات، لا بل المخاطر التي تواجهنا هي الوضع الإقليمي والدولي الضاغط؛ فلبنان يعاني من تبعات حرب لا قرار له فيها، والأعباء التي يتحملها جراءها تفوق بكثير قدرته على التحمل. فهو قد تعاطى مع أزمة النزوح السوري من مبدأ علاقات الأخوة والتضامن الإنساني، ولكن النزوح تحول الى مشكلة ضاغطة تتهدده من كافة النواحي، خصوصا بعد أن ازداد عدد القاطنين فيه في فترة وجيزة قرابة ال 50% من سكانه، وهو ثقل تعجز الدول الكبرى عن تحمله، فكيف بلبنان البلد الصغير المساحة والمحدود الموارد والذي يعاني اصلا من كثافة سكانية وضائقة اقتصادية وبطالة، والمعروف عنه أنه بلد هجرة وليس بلد استيطان، وانتم خير شهود على ذلك”.
وقال: “ان أكثر ما يثير قلقنا وريبتنا أن المجتمع الدولي يربط عودة النازحين بالتوصل الى حل سياسي. وتجارب قضايا الشعوب المهجرة في العالم، وانتظار الحلول السياسية لا تطمئن أبدا. وفي دول الجوار أكثر من شاهد. قبرص مثلا، والحرب التي شطرتها الى نصفين في العام 1974، وأهلها الذين هرب قسم كبير منهم الى لبنان، ولكنهم عادوا فور إعلان وقف إطلاق النار ولم ينتظروا الحل السياسي، الذي لم يتحقق حتى يومنا هذا، حيث لا تزال مدن الجزء الشمالي منها مفرغة من أهلها، وخصوصا المدينة الشبح The Ghost Town التي تحولت من مدينة سياحية تضج بالحياة الى مدينة مسيجة ومهجورة بالكامل، لا يستطيع أحد الدخول اليها منذ أربعة وأربعين عاما، لأن أوان الحل لم يحن بعد”.
وتابع: “شاهد آخر، ولعله الشاهد الأكبر والأكثر معاناة، لم يعد، والحل في عالم الغيب، وأعني به الشعب الفلسطيني، الذي بدأت مأساته منذ سبعين سنة، في العام 1948 حين انطلقت موجات نزوحه ولجوئه بشكل تصاعدي، حتى فرغت فلسطين من معظم أهلها الذين توزعوا على دول الشتات، وكان للبنان الحصة الأكبر. ولا زال بعض المسنين منهم يحملون مفتاح الدار، يورثونه لأولادهم وأحفادهم، بانتظار الحل السياسي وتنفيذ القرار 194 وحق العودة، ومعهم ينتظر لبنان، لأن أزمة اللجوء الفلسطيني أيضا قد أنهكته…”.
وقال: “إن أكبر المخاطر التي تواجهنا هي الموقف الدولي بشأن النازحين، والذي عبر عنه البيان المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الصادر عن مؤتمر “دعم مستقبل سوريا والمنطقة”، الذي انعقد في بروكسيل، والذي يؤشر الى توطين مقنع يتعارض مع دستورنا ويناقض سيادتنا، ولن نسمح به على الإطلاق. ودوركم محوري، أنتم، يا من تشكلون امتداد لبنان في العالم، خصوصا وأن بينكم من صوته مسموع في دول القرار، فكونوا قوة ضغط حضارية، تعمل ضمن القوانين والأنظمة، لإجبار المجتمع الدولي على إعادة النظر في مواقفه”.
اضاف: “ودور آخر ينتظركم، يتمثل في إقناع الدول التي تتواجدون فيها بدعم ترشيح لبنان في الأمم المتحدة، ليكون مركزا دائما للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق؛ فلبنان بمجتمعه التعددي هو نقيض الأحادية، وهو نموذج عيش الوحدة ضمن التعددية والتنوع، استطاع أن يحفظ وحدته على الرغم من الجوار المتفجر حوله. وهو، وإن يكن قد تأثر بالغليان الحاصل في المنطقة، فارتفعت فيه حرارة المواقف والتصاريح، إلا أنها ظلت كلها تحت سقف الوحدة الوطنية، ما أمن له الحماية، ومنع انتقال الشرارة اليه”.
وتابع: “تحد آخر يواجهه لبنان، هو الوضع الاقتصادي، وسينصب اهتمامنا في المرحلة المقبلة على الورشة الاقتصادية، وكلي ثقة بأننا سننجح في هذه المهمة، خصوصا إذا ما تكاتفت كل القوى السياسية بصدق لمواجهة الأزمة، لأنها، لا شك، تتحسس دقة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تحاصر مجتمعنا.. ودوركم هنا أيضا محوري، يا أبناءنا في الانتشار، فأنتم تختزنون إمكانات وطاقات بشرية وعلمية واقتصادية استثنائية.
إن العمل على الخطة الاقتصادية سينتهي قريبا، وهي ستضع تصورا لمعالجة المشاكل القائمة، وتحدد مكامن القوة في الاقتصاد، وتحدد أيضا القطاعات المنتجة التي يمكن الاستثمار فيها”.
واكد ان “لبنان أثبت مصداقيته للمستثمرين المقيمين وغير المقيمين، اللبنانيين وغير اللبنانيين، لجهة تمسكه الحازم بالحقوق والحريات الاقتصادية الأساسية، بالإضافة الى نظامه المصرفي الذي يلتزم المعايير والأنظمة المصرفية الدولية. وكلها، تشكل ضمانة للاستثمار في لبنان. من هنا أدعوكم للمساهمة في النهضة الاقتصادية، فتوظفون خبراتكم وإمكاناتكم في سبيل إنجاحها، وتستثمرون في وطنكم، في القطاعات التي تناسبكم.. فأرضنا طيبة، والزرع فيها لا بد أن ينمو ويكبر ويعطي الغلال الوفيرة”.
وختم:”أنتم من زرع هذه الأرض، جذوركم هنا وأغصانكم هناك، ويقيني أنكم لن تسمحوا للجذر أن يطاله اليباس، إذ أكثر من يعرف معنى الوطن هو من عرف معنى الغربة”.
وسام المغترب اللبناني
وفي الختام، سلم الرئيس عون والوزير باسيل والى جانبه مديرة المراسم في وزارة الخارجية السفيرة نجلا عساكر كلا من الاعور ورومنز وفرح وقباني وسام المغترب اللبناني.