سلامة افتتح ملتقى “الحوكمة الرشيدة في المصارف والمؤسسات المالية العربية”

برعاية حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامة، عقد إتحاد المصارف العربية بالإشتراك والتعاون مع معهد المال والحوكمة التابع لـلمعهد العالي للأعمال ESA، قبل ظهر اليوم فعاليات ملتقى “الحوكمة الرشيدة في المصارف والمؤسسات المالية العربية”، بمشاركة نائبي حاكم مصرف لبنان محمد بعاصيري ود. سعد عنداري، رئيس جمعية مصارف لبنان ورئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه، أمين عام إتحاد المصارف العربية الأستاذ وسام فتوح، منسق معهد المال والحوكمة لجامعة ESA ورئيس لجنة المخاطر في مجلس إدارة فرست ناشونال بنك الأستاذ هادي الأسعد، ونخبة من الخبراء من المصارف العربية واللبنانية بالإضافة إلى خبراء دوليين، في مقدمتهم الحاكم السابق للمصرف المركزي الفرنسي كريستيان نواييه.

الأسعد

2إستهل حفل الإفتتاح الأستاذ هادي الأسعد بكلمة رحب فيها بالحضور والمشاركين العرب والأجانب، وأكّد على شكره لإتحاد المصارف العربية ومصرف لبنان على تعاونهما ودعمهما في عقد هذا الملتقى.

ورأى الأسعد ان انعقاد هذا المنتدى تحت هذا العنوان ولأول مرة في بيروت هو نتاج عمل دؤوب خلال السنتين الماضيتين كرس خلالها المعهد طاقات كبيرة من أجل رفع مستوى التوعية وتنفيذ برامج تدريبية مختلفة في مجال الحوكمة عموماً وحوكمة المصارف خصوصاً.

كما كرس المعهد الرؤية الواقعية والصائبة التي تحلى بها سعادة الحاكم منذ سنين في ادارته للقطاع المصرفي اللبناني وأصول الهندسة المالية والتي ترمي دائماً الى وضع المصارف اللبنانية على أعلى المستويات في اتباع وتطبيق النظم الدولية في ممارسة نشاطاتها على كافة الأصعدة من ادارة المخاطر الى تطبيق المعايير المالية الحديثة وممارسة الحوكمة والامتثال السليمين.

وأضاف الأسعد: “ولذلك فان المعهد يقوم بوضع البرامج المتخصصة في كل هذه المجالات للمساعدة والمساهمة الدائمين في امتلاك المصرفيين اللبنانيين المعرفة العلمية والتطبيقية اللازمة، ويتجه المعهد الى اقامة اوسع العلاقات مع الأقطاب والمؤسسات المصرفية والمالية في العالم العربي والعالم المحيط من اجل تعميم هذا النمط من البرامج.

كما وكرس المعهد جهداً لا يستهان به من أجل دراسة واقعية لحال الحوكمة وتطبيقاتها في المؤسسات المصرفية والمالية العربية توجت في تقرير ينشره المعهد وهو موزع عليكم اليوم “.

فتّوح

3ثم تحدث الأمين العام لإتحاد المصارف العربية وسام حسن فتوح مؤكداً في كلمته: “إنّنا في إتحاد المصارف العربية نسعى في كل مؤتمراتنا ومنتدياتنا وملتقياتنا إلى التأكيد على أنّ نظام الحوكمة يُشكّل دليلاً ذاتياً للرقابة الذاتية، أي كيف تتصرّف الإدارة عندما لا يراقبها أحد؟. كما نؤكّد بأنّ الحوكمة تعتبر إحدى الوسائل الهادفة إلى تحقيق التنمية الإقتصادي ورفاه المجتمع، وإرساء قيم العدالة والمساواة في الفرص، والشفافية والإفصاح التي تضمن نزاهة المعاملات وتعزيز سيادة القانون، ورسم الحدود الفاصلة بين المصالح الخاصة والمصالح العامة.

كذلك، يهمنا أن نؤكّد على أهميّة الإلتزام بالحوكمة كنظام للإدارة الرشيدة من خلال تعزيز إجراءات الرقابة، ومحاربة الفساد، والتحدّي الكبير في هذا المجال يتمثّل في التعرّف على المعايير العالمية المعتمدة في الحوكمة، وتكييفها لتتوائم مع خصائص المؤسسات والأسواق المالية والأعراف.

وأضاف، إنّ تطبيق وتنفيذ مبادئ الحوكمة لا يتوقف فقط على السلطات الإشرافية والرقابية ووضعها للمعايير والمبادئ، بل يستلزم جهوداً كبيرة على صعيد التوعية والتدريب وبناء القدرات، وتقوية التواصل مع الهيئات المعنية بما يُعزّز إدراك الجميع لأهميّة الحوكمة وجوانب تطبيقها، وهذا يعتبر من صلب الأهداف التي يسعى إتحاد المصارف العربية إلى تحقيقها في إطار دوره لتطوير الصناعة المصرفية العربية.

طربيه

4من جهته، رأى رئيس مجلس إدارة الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب ورئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية الدكتور جوزف طربيه، إنّ إهتمام إتحاد المصارف العربية، بالحوكمة في المؤسسات المالية العربية، يعود إلى سنوات طويلة، بعدما تبيّن لنا أهميّة الحوكمة بإعتبارها إحدى الآليات الهامة التي يمكن الإعتماد عليها في مكافحة الفساد المالي والإداري، وكذلك بالنسبة لدورها في تحسين إدارة المؤسسة عن طريق مساعدة المسؤولين عن إدارتها على وضع إستراتيجية سليمة للمؤسسة، خاصة فيما يتعلّق بالإندماجات والإستحواذ، وربط الأجور بالإنتاجية، ومنع حدوث الأزمات الدورية، والخروج من التعثّر المالي، وزيادة القابلية التسويقية للسلع والخدمات، وتحسين القيادة وإظهار الشفافية وقابلية المحاسبة عن المسؤولية الإجتماعية وتخفيض المخاطر.

كما وأضاف، إنّ المصارف بشكل عام، تستأثر بالجانب الأكبر من الأنظمة المالية في المنطقة، وتلعب دوراً محورياً في عملية الإئتمان والإستثمار بكل ما لهذه العملية من أهميّة بالغة في مسيرة التنمية الإقتصادية.

فإذا ما أرادت المصارف المحافظة على قدرتها التنافسية في نظام عالمي يتّسم بالحيوية والتجدّد الدائمين، فإنه لا بدّ لها من مواصلة الإبتكار، وتطبيق أفضل ممارسات وأطر حوكمة المؤسسات لكي تتمكن من تلبية الإحتياجات المتجدّدة وإغتنام الفرص الجديدة.

وختم، إنّ الممارسات الفاعلة لحوكمة المؤسسات تُعدّ عاملاً أساسياً في كسب وترسيخ ثقة الجمهور بالنظام المصرفي، والتي تكتسب بدورها أهمية كبرى لتحقيق الأداء الأمثل للقطاعين المصرفي والإقتصادي بشكل عام.

وفي هذا المجال، أصبح من المتعارف عليه دولياً، بأنّ الحوكمة الرشيدة، تشكّل عاملاً أساسياً في تحقيق الشفافية والمساواة والمساءلة والمسؤولية، وتساهم في تشجيع المؤسسات على الإستخدام الأمثل لمواردها، وتحقيق النموّ المستدام، وزيادة الإنتاجية، مما يُسهّل عملية الرقابة والإشراف على أداء المؤسسات، وإستقطاب الإستثمارات وإستقرار أسواق المال، كما تُعدّ الحوكمة جوهر أجندة التنمية، وعنصراً بالغ الأهميّة في تحقيقها.

سلامة

5ثم كانت كلمة ختام حفل الإفتتاح لراعي الملتقى حاكم مصرف لبنان الستاذ رياض سلامة، أكد فيها ان الإدارة الرشيدة في المؤسسات المصرفية هي ضمانة أساسية لاستمرارها ونجاحها على المدى الطويل فهي تساهم في تمتين إدارة المصارف وتعزيز رقابتها وتؤسس لأداء مصرفي سليم  وحديث. بالفعل، ان الإدارة الرشيدة ترسخ الثقة بعمل المصارف وتزيد من إمكانياتها في جذب الاستثمارات لمشاريعها التوسعية فتعزز التنافسية وتزيد فرص العمل ومعدلات النمو والثقة في الاقتصاد الوطني.

وأشار إلى أن مصرف لبنان طور من خلال سلسلة من التعاميم، الهيكلية الادارية للقطاع المصرفي في لبنان . فقد بادر ومنذ سنوات الى تفعيل أنظمة الرقابة والإدارة الرشيدة لدى المصارف وتركيبة مجالس الإدارة لديها وذلك بشكل عملي وتطبيقي.

ومن هذا المنطلق، عمد مصرف لبنان في أواخر العام 2000 الى تحديد اطر الرقابة الداخلية لدى المصارف نظرا لاهميتها وفاعليتها ودورها في تنبيه المصارف الى المشكلات الخفية او التي قد تطرأ في المستقبل بما يخفف المخاطر ويدعم استقرار الاسواق المالية ويجعلها تعمل بطريقة شفافة وبمنافسة متكافئة.

كما أشار أنه في العام 2006، توجه مصرف لبنان الى المصارف اللبنانية بضرورة ان يتمتع أعضاء مجلس إدارة كل مصرف  بالجدارة لإشغال مراكزهم وأن يدركوا بوضوح دورهم في الإدارة الرشيدة وأن يكونوا قادرين على إبداء آراء سديدة في شؤون المصرف. وطلب أيضا من مجلس الإدارة أن يحدد الأهداف الإستراتيجية وأن يعممها في المصرف ويشرف على الإلتزام بها على جميع المستويات.

ولم يكتف مصرف لبنان بهذا القدر بل ظل مواكبا للتطورات العالمية والمفاهيم الجديدة قي موضوع الحوكمة لحماية المتعاملين مع المصارف ووضع ضوابط للعمل المصرفي وأنظمة الرقابة لديه.

لذلك شددنا على ضرورة تطبيق تشريعات مالية مطابقة للمتطلبات الدولية وأن تكون الممارسات المصرفية شفافة ومتلائمة والأنظمة المتعلقة بكفاية رأس المال والادارة الرشيدة والامتثال، وهذا ما حصل في لبنان حيث حرص البنك المركزي على وضع جميع الأسس لحماية القطاع المالي في لبنان وجعله متلائما مع التطلعات المالية العالمية. ومن أبرز هذه الممارسات الاحترازية انشاء لجان لدى المصارف تقيم مخاطر التوظيفات، ولجان تتأكد من الإدارة الرشيدة، اضافة الى انشاء دائرة امتثال لدى المصارف ولدى مصرف لبنان وكل ذلك يهدف الى تعزيز الشفافية ويجعل من المنظومة المصرفية اللبنانية منظومة حديثة وقابلة للتعاطي دوليا مع المصارف الأجنبية دون التعرض لأي ضغوطات.

وأكد سلامة، في مجال تفعيل كفاءة وفعالية مجالس الادارة، طالبنا المصارف اللبنانية بان تعزز مجالس ادارتها بأعضاء غير تنفيذيين وأعضاء مستقلين. وطلبنا من المصارف إنشاء “لجنة تدقيق” من بين أعضاء مجلس ادارتها غير التنفيذيين تشرف على عمليات الرقابة الداخلية وتعيين ومتابعة اعمال مفوضي المراقبة. كما عمد مصرف لبنان الى دعوة رؤساء مجالس ادارة المصارف وجميع الاعضاء لحضور برامج التدريب في الادارة الرشيدة التي يعدها خصيصا لهم وهي تهدف الى ابقائهم في جو آخر التطورات في عالم الحوكمة.

وفي مجال الادارة المصرفية الرشيدة، كنا قد طلبنا من المصارف إعداد “دليل الادارة المصرفية” وتضمينه الهيكلية الادارية وحجم ودور مجلس الادارة وتكوينه وغيرها من الامور التي تزيد من الشفافية وسياسة الافصاح في عمل المصرف.

وفي سياق العمل على ترسيخ الحوكمة، طلب مصرف لبنان مؤخرا من مجلس ادارة كل مصرف لبناني اقرار خطة موثقة تسمى “خطة اختيار اعضاء مجلس الادارة”. يتم اعداد هذه الخطة بحسب استراتيجية المصرف المستقبلية بحيث يؤخذ بعين الاعتبار هيكلية المجلس وثقافته لجهة توفر الكفاءات والمهارات والخبرات والصفات الشخصية المناسبة للاعضاء.

كما طلبنا من المصارف اللبنانية اعداد “خطة تعافي” لاعادة الاستقرار الى اوضاعها المالية والى مواجهة أي صعوبات مستقبلية في اوقات الازمات على ان يتم تحديثها سنويا بموافقة مجلس الادارة.

وقد ركز مصرف لبنان أيضا على ضرورة ادراج الثقافة المالية في الادارة الرشيدة للمصارف فعمد الى تحديد الاطر والمؤهلات العلمية والتقنية والاخلاقية الواجب توافرها لدى الاشخاص المولجين بممارسة بعض المهام في القطاعين المصرفي والمالي، ولذلك تعاون مصرف لبنان مع المعهد العالي للاعمال في بيروت والمعهد البريطاني للاوراق المالية والاستثمار لتطوير ثلاث شهادات مصرفية ومالية.

وفي نفس الاطار قام مصرف لبنان بانشاء وحدة حماية المستهلك وهي تابعة للجنة الرقابة على المصارف وهي تقوم بمتابعة فعالية الانظمة والتجهيزات والراسمال البشري لدى المصارف بما يكفل التعاطي الشفاف مع الزبائن ويحسن سمعة القطاع المصرفي. والزم المصارف في اطار تقديمها للخدمات والمنتجات المصرفية والمالية، بالعمل على تثقيف العملاء وتوضيح حقوقهم من خلال نشر برامج توعية وتأمين وصول المعلومات الدقيقة والواضحة حول المنتجات ومخاطرها.

وبالإضافة الى التعاميم التي تتناول أنظمة الإدارة المصرفية الرشيدة والسياسات والإجراءات المكملة لها، أنشأ مصرف لبنان وحدة الإدارة الرشيدة في العام 2009 وهي تهدف الى تعزيز ثقافة الإدارة الرشيدة لدى المصارف والمؤسسات المالية عن طريق تحفيزها على احترام الشفافية وتطوير الرقابة الفعالة لديها، كما تم إنشاء “لجنة الإدارة المصرفية الرشيدة” في العام 2009، وهي لجنة مشتركة بين مصرف لبنان وجمعية المصارف، لمواكبة آخر التدابير والمبادئ الصادرة والتي ستصدر عن المؤسسات الدولية ولا سيّما لجنة بازل لتعزيز الإدارة المصرفية الرشيدة.

كما أكد سلامة أن مصرف لبنان سيتابع تأدية دوره الأساسي والفعال والاهتمام بكل ما يساهم في تعزيز الحوكمة والادارة الرشيدة لدى القطاع المصرفي اللبناني، هذا القطاع الذي سيبقى رائدا وقدوة في مجال الصناعة المصرفية. ونشدد في هذا السياق على اهمية الالتزام بالبرامج والتعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لان السوق اليوم منفتح عالميا بحيث يجب علينا التميز بالشفافية التامة في تعاملاتنا.

وختم: “في النهاية لا بد من أن نتمنى لهذا الملتقى كل النجاح، حيث أنه دون شك مناسبة هامة للإفادة من خبرات بعضنا وتعزيز سبل التعاون بغية مواجهة التحديات ومواكبة التطورات الناشئة في هذا المجال”.

x

‎قد يُعجبك أيضاً

“ضمان الاستثمار”: 121 مليار دولار قيمة عمليات تأمين التجارة والاستثمار والتمويل في الدول العربية خلال عام 2023

كشفت في نشرتها الفصلية عن ارتفاع حصة الدول العربية من إجمالي الالتزامات الجديدة عالميا إلى ...

“الريجي” ضبطت منتجات تبغية مهربة ومزورة في بيروت

في إطار جهود إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي” المتواصلة لمكافحة التهريب، ضبطت فرقها كميات ...

الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) تدعم بلدية جبيل في إطلاق مبادرة فرز النفايات، لتحسين التحديات المتزايدة للنفايات في المدينة

بدعم من الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة (USAID) ، أطلقت بلدية جبيل مبادرة لفرز النفايات بهدف ...