حين زار أحد المدقّقين الدوليين معهد البحوث الصناعية في لبنان، في جولة تقييم للمعهد، أبدى دهشته لحجم الإختبارات التي يقوم بها المعهد، لافتاً أنه في بلاده يحتاج إلى خمسة أضعاف عدد العاملين فيه، لتحقيق ما ينجزه عدد محدود يعمل أكثر من 60 ساعة في الأسبوع، وينتج ما يوازي خمسة أضعاف المعدّل العالمي.
هذا ما أشار إليه مدير عام معهد البحوث الصناعية د. بسّام الفرنّ، في سياق حديثه لمجلة ” الدورة الإقتصادية” وموقعها الألكتروني www.ad-dawra.com مؤكداً على نجاح استراتيجية المعهد المعتمدة، وتحقيق إنجازات لافتة، لا سيّما في التمويل الذاتي في ميزانياته منذ العام 2000، معلناً عن تحقيق نقلة نوعية خلال الأشهر القليلة المقبلة، من خلال إنجاز جديد للمعهد يتمثّل بافتتاح مبنى ملحق جديد موازٍ للمبنى الرئيسي بتوسعة نحو 6 آلاف متر مربع مجهّز بأحدث المختبرات والمواصفات العالمية والسلامة البيئية.
وأشار الفرن إلى أن استراتيجية المعهد تعتمد دائماً على تطوير الموارد البشرية وتكثيف الدورات المتخصصة، واستقدام الكادرات والكفاءات البشرية العليا من خارج لبنان، لافتاً في هذا المجال إلى جلب أكثر من 25 كادراً من الخارج من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية.
كما أشار إلى الانفتاح التي تلحظه الأستراتيجية على الكثير من المؤسسات المشابهة في العالم، وقد تم توقيع العديد من الشراكات الهامة والمشاريع الجديدة مع الإتحاد الأوروبي، والبدء بمشروع كبير، بالإضافة إلى خمسة مشاريع جديدة أخرى تمّ قبول مراحلهم الأولى والثانية، ومن المؤمّل أن يتم التوقيع عليها مع الإتحاد الأوروبي قريباً، وهي مشاريع إقليمية تغطّي دول الإتحاد وعدداً من الدول العربية وفي مقدمتهم لبنان ومعهد البحوث الصناعية، الذي يدير هذه المشاريع.
وكشف الفرن ضمن إشارته لأهمية تطوير المختبرات وإنشاء أخرى جديدة، أنه من المنتظر أن يحقّق المعهد نقلة نوعية، خلال الأشهر القليلة المقبلة من العام 2019، حيث سيتمّ تدشين المبنى الجديد الملحق للمعهد، بمساحة 6 آلاف متر مربع، وهي تساوي مساحة المبني الحالي، ما يُعدّ إنجازاً جديداً للمعهد، والأول من نوعه في لبنان والمنطقة، لافتاً إلى ميزات المبنى الأخضر 100 في المئة والصديق للبيئة، وهو مبنى معزول تماماً، وباستهلاك للطاقة بالحد الأدنى الممكن، حيث ستُعتمد إنارته على الطاقة الشمسية بنسبة 100 في المئة بحدود 120 كيلو واط.
وأوضح أن المبنى سوف يضمّ 4 مختبرات أساسية متطورة ومختبراً صيدلياً للأدوية، يّعد الأول من نوعه في لبنان وسيسدّ ثغرة مهمة ونقصاً في السوق اللبنانية، بالإضافة إلى المختبر البترولي الذي يتم تطويره، كذلك تحديث وتجهيز مختبر الهندسة المدنية والمختبر البيئي، لافتاً أن المعهد بعد التوسعة المذكورة سوف يضم 16 مختبراً، حيث لا يوجد عدد مختبرات بهذا الحجم على مستوى المنطقة، من بينها 7 مختبرات معتمدة دولياً من أهم أجهزة إعتماد دولية، أميركية وألمانية، كما أن المعهد معتمد بأجهزته وعناصره البشرية بنحو 400 طريقة إختبار، مشيراً إلى أن أقرب مؤسسة إختبار في لبنان لا يتعدى عدد طرق اختبارها الـ 15 طريقة، مؤكداً أن مجموع ما يتم اعتماده في مجمل المختبرات في لبنان لا يصل إلى حجم ما وصل إليه معهد البحوث الصناعية، لافتاً إلى أن المعهد معتمد من المنظمة الدولية لبحوث الحبوب والقمح والخبز العالمية ICC.
وأضاف الفرن، أن المعهد معتمد من قبل المنظمة الدولية لمنح شهادات لأي جهاز يتمّ إختراعه في العالم، بعد فحصه واختباره وتجربته ومن ثم إعطائه الشهادة وفق المعايير والمواصفات الدولية، لافتاً أن مختبرات المعهد أصدرت أكثر من 15 طريقة إختبار معتمدة كمرجعية دولياً، مؤكداً على قيمة شهادة المعهد وسمعته من أولى الأولويات، ومصداقيتنا التي نتعاطى بها مع العالم والشهادات المعتمدة من قبلنا تحظى بثقة العالم، وهي مرتبطة بسمعة المعهد التي تعتبر خط أحمر، حيث لا نساير بإصدار شهاداتنا، وقد استطعنا خلال 10 سنوات تجهيز المعهد بنسبة 70 في المئة من خلال الهباتن وهذا دليل مهم على ثقة المؤسسات والمنظمات الدولية وشركائنا بالمعهد، بافضافة إلى العلاقات الشخصية التي نسخّرها لمصلحة المعهد وتطويره.
وحول افتتاح فروع للمعهد في بيروت والمناطق، أشار الفرن إلى الفرع الذي تم افتتاحه العام الماضي في مبنى غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت، مذكراً بأن فكرة التوسع وافتتاح فروع في كافة المناطق اللبنانية قد تمّ التوافق عليه من قبل مجلس الإدارة، لا سيما أن الفكرة طرحت منذ أيام رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، بما فيها فتح مكاتب خاصة لدى المعابر الحدودية، فبالإضافة إلى مكتب في مرفأ بيروت، يغطي مندوبو المعهد كافة الأراضي اللبنانية، فيما يقوم مكتب بيروت بمهامه كاملة، خاصة وأنه في مبنى اقتصادي مركزي، يوفر على المواطن التنقلات ويمكنه من الحصول على الشهادات المطلوبة من خلاله، وهذا النظام يُطبق بشكل سليم.
وختم مدير عام المعهد أملاً بتشكيل حكومة في أقرب وقت، والاستفادة من مفاعيل سيدر ومداخيله، حيث ستخلق فرص عمل وتخفّف من هجرة الشباب، ما ينعكس إيجاباً على الدورة الإقتصادية في البلاد، التي تراجعت بشكل كبير في ظل الظروف السياسية التي يمر بها لبنان، مشيراً إلى التأثير الواضح على حجم الواردات، وانخفاض الصادرات، فيما حجم التبادل التجاري لم يكن خلال السنتين الماضيتين حجماً مريحاً، وأثره على الحركة التجارية في لبنان، وانخفاض حجم الاستهلاك، على الرغم من الزيادة التي أُقرت لموظفي القطاع العام.