افتتح “مركز لبنان للعمل التطوعي” و”المنظمة العالمية لدبلوماسية التطوع والتعليم” في مقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان بعد ظهر أمس، المؤتمر العربي الثالث لتنمية الشباب بعنوان “التنمية في الثقافة والتراث والسياحة” برعاية رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير وحضور سفراء وقناصل وممثلي قوى امنية وهيئات تطوعية.
جنون
بداية، تحدث رئيس المؤتمر د.محمد علي جنون، فأكد إن دور الشّباب في التنمية والخدمات العامّة هو الأبرز في تثقيفهم وتوجيههم. فمُشاركتهم بالأعمال التطوعيّة المُختلفة قادرةٌ على بناء شخصيّاتهم وتقويتها، وتعزيز روح المُواطنة لديهم، وتجعلهم يُساهمون في مُساعدة الآخرين، ويُقدّمون لمُجتمعاتهم طاقاتهم الإيجابيّة، وقوّتهم في المجالات الصّحيحة، ممّا يُمّكّنهم من تطويره وتنميته. فللشّبابِ أدوارٌ هامّةٌ في تنمية اقتصاد الدّول، ومنها أنّ الشّبابَ قوّةٌ اقتصاديّةٌ كبيرةٌ يُمكن استثمارها في التّنمية الشّاملة، وفي جميع القطاعات، ويُمكن من خلال تحفيزهم على الإبداع في المجالات المُختلفة، الحصول على أفكار رياديّة خلاّقة، وزيادة الإنتاج والدّخل لهم وللعاملين في تلك المجالات، ممّا يضمن النّجاح والتقدّم للمُجتمع بمُختلف قطاعاته. الشّباب هم الفئة الأكثر تَقبُّلاً للتّغيير، وهم الأكثر استعداداً لتقبُّل الجديد والتّعامل معه، لا بل الإبداع فيه، وهم الأقدر على التكيُّف بسهولةٍ دون إرباك، ممّا يجعل دورهم أساسيٌّ في إحداث التّغيير في مُجتمعاتهم.
وعليه قررت إدارة مركز لبنان للعمل التطوّعي تنظيم هذا المؤتمر سنوياً وهو اليوم بنسخته الثالثة. والهدف الاساسي منه هو ايجاد فرص عمل للشباب في لبنان عوضاً عن هجرتهم للخارج بما يتوافق مع التحديث والتطوير، فشبابنا هم المستقبل.
ورأى ان تقدم الدول وازدهارها تقاس بمدى ثقافة ورقي شعبها، وعنوان مؤتمرنا اليوم هو التنمية في الثقافة والتراث والسياحة، وكما نعلم ان عالمنا العربي غني بالاماكن التراثية والسياحية ونرى اليوم اجحافاً في الاضاءة والاعلان عنها، مع العلم انه لا يوجد بلد عربي خال من الاماكن الاثرية والسياحية المميزة والقيمة والتي تضاهي الاماكن السياحية في الدول الغربية. لافتاً ان القطاع السياحي في لبنان هو الأول في دعم الاقتصاد اللبناني وما نراه اليوم في وضع لا يحسد عليه. مع ارتباطه بالوضع السياسي والامني مما أدى الى منع عدة دول عربية واجنبية من سفر مواطنيها الى لبنان، وهذا حال عدة دول عربية. مشيراً إلى أن دورنا اليوم هو تنمية شبابنا اللبناني والعربي على التثقيف والتوعية للاهتمام بالمعالم الاثرية والسياحية العربية وابراز قيمتها الداعمة للاقتصاد والترويج الى لها عوضا عن السياحة الغربية. والطلب من الوزارات والجهات المعنية الاهتمام بتنمية السياحة، وتثقيف وتوجيه الشباب العربي للسياحة الداخلية والعربية وتنشيطها وتأمين الدعم اللازم لها.
وختم آملاً ان تتطور السياحة العربية ويرتقي شعبنا بالثقافة.
عجاقة
ثم تحدث الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة فشدد على ان “الانسان هو محور كل السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية والبيئية وبالتالي فإن كل سياسة لا تتمحور حول الانسان هي سياسة فاشلة”.
ورأى ان “العلاقة بين التنمية والثقافة والتراث والسياحة هي علاقة وطيدة وفق عدد من الدراسات التي تتبع هرم ماسلو الذي يحدد حاجات الانسان ويصنفها بحسب الاولويات، وهنا تظهر العلاقة بين الاقتصاد والثقافة من جهة والتنمية من جهة اخرى”.
ولخص “حاجات الانسان الاساسية بالعمل والاكل والصحة والتعليم والامان والبيئة والعدالة”، لافتا الى انها “امور بسيطة في الظاهر لكن تأمينها يتطلب سياسات اقتصادية واجتماعية فاعلة تؤمن التوزيع العادل للثروات وهذا الامر لا يمكن ان يتحقق من دون دعم القطاع الخاص بشقيه المواطن والشركات”.
واقترح “اتباع النموذج المبني على اعتماد الانسان محورا للسياسة وهو يقوم على الابعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والسياسية والقضائية والادارية والثقافية”، مشددا على اهمية “البعد الثقافي لان له تأثيرا كبيرا على الشق الاقتصادي”، مشيرا الى ان “القطاع السياحي يؤمن وظائف ل 25 في المئة من اليد العاملة في لبنان ويساهم ب 25 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، من هنا ضرورة دعم هذا القطاع من خلال تأمين الاستثمارات اللازمة لدعم البنى التحتية والنقل والخدمات التي تدور حول هذا القطاع”.
مخايل
اما مدير قسم البحوث في “بلوم بنك” مروان مخايل فلفت الى ان “النمو الاقتصادي لم يتخط ال 1 في المئة منذ عام 2011 وانه لن يتخطى هذه النسبة في 2018 بحسب مؤشر مديري المشتريات”، عازيا الامر الى “تباطؤ نمو قطاعي السياحة والعقارات اللذين يعتبران قاطرتي النمو في لبنان”، رابطا “تباطؤ النمو في الانفاق السياحي بتراجع عدد السياح الخليجيين في لبنان في 2018”. ، مضيفا ان “تدفق اللاجئين السوريين الى لبنان ومزاحمتهم اليد العالمة اللبنانية في هذا القطاع زاد نسبة البطالة الى حدود 18 في المئة، كما زادت نسبة البطالة عند الشباب الى حدود 35 في المئة في بلد هو في امس الحاجة الى خلق فرص عمل جديدة لشبابه الوافدين الى سوق العمل”.
ولفت الى ان “لبنان جذب 1.5 مليون سائح عام 1974 وأن مصر لم تصل الى هذا الرقم الا عام 1982 فيما كان الاردن لا يزال يستقبل 700 الف سائح فقط عام 1994، وقياسا على ذلك كان على لبنان ان يستقطب 13 مليون سائح في 2018 اذا احتسبنا نسبة نمو 5 في المئة سنويا”.
عيتاني
من جهتها، رأت الناشطة في مركز لبنان للعمل التطوعي د. ملك عيتاني أن الشباب في يومنا هذا يعاني من نقص في التوعية الاقتصادية والثقافية بسبب الظروف الاقتصادية التي بثت في روح الشباب الخوف من المستقبل، وزرعت في نفوسهم عدم الثقة، وباتوا رهائن للشكوك والمشاكل النفسية المترتبة عن ذلك الخوف من المجهول.
وأضافت، كما نعلم بأن الأوطان تبنى بشبابها الذين هم نبض المستقبل، وهنا يأتي دورنا في تنميتهم وتثقيفهم وتوجيههم دون التعرض إلى إملاء خبراتنا عليهم بل بتثقيفهم حول كيفية استقلالهم اقتصاديا في سنوات الدراسة ومنحهم الفرص لاكتساب الخبرات وذلك عبر تأمين فرص العمل لهم كي لا يلجأوا إلى السفر بداعي حجة تامين لقمة العيش.
وأكدت أنه مما لا شك فيه أن دور مركز لبنان للعمل التطوعي بإقامة هكذا مؤتمرات هو مفتاح أمل للبحث عن الحلول مع الخبراء المختصين وليس للتحدث فقط عن المشاكل، ويبدأ ذلك بترسيخ مبدأ الإنتماء للأوطان الذي فقد في أيامنا الحالية وباتت فكرة السفر هي السائدة في عقولهم.
ومع ذلك فإن إقامة معارض وتبادل ثقافات وتعرف على حضارات جديدة هي محرك إقتصادي مميز لتعريف الشباب حول كيفية النهضة ببلادهم سياحياً وبالتالي جذب الأنظار لثقافة الوطن وتحسين وضعه اقتصادياً عبر إقامة محافل تعنى بإبراز أهم ما بتميز به بلدنا وتعريف شبابنا على ارث عريق وتراث مميز عليه التغني به.
وختمت بأن الشباب كنز المستقبل وصحته النفسية ومشاكل عدم الثقة والأمان هي مسؤوليتنا تجاههم كأخصائيين في كافة المجالات بإزالة وهم الخوف من رؤوسهم وبحثهم على المثابرة للنجاح والوصول إلى أهدافهم والنهضة ببلادهم .