برعاية الرئيس المكلف سعد الحريري ممثلا بالرئيس فؤاد السنيورة، افتتح اتحاد المصارف العربية ومصرف لبنان أعمال المؤتمر المصرفي العربي السنوي لعام 2018 تحت عنوان: “الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتحقيق اهداف التنمية المستدامة”، بالتزامن مع مرور 45 عاما على تأسيس اتحاد المصارف العربية، وذلك في فندق فينيسيا-بيروت، صباح اليوم، وفي حضور الرئيس تمام سلام، وزيرة التخطيط والمتابعة والاصلاح الاداري في مصر الدكتورة هالة السعيد، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رئيس جمعية المصارف رئيس مجلس ادارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح، امين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح، رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، المدير العام رئيس مجلس ادارة صندوق النقد العربي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي، وعدد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والعسكرية والمصرفية العربية والاجنبية وقيادات اقتصادية ومالية ومصرفية وحشد من المهتمين.
طربيه
استهل المؤتمر بكلمة للدكتور طربيه، قال فيها: “نحتفل هذا العام بذكرى مرور 45 عاماً على تأسيس إتحاد المصارف العربية الذي إستضافته بيروت، وإنطلق منها في مسيرته في خدمة قطاعنا المصرفي العربي وتطوير الصناعة المصرفية العربية. ومنذ أكثر من عشرين عاماً تستضيف بيروت المؤتمر المصرفي العربي الذي شكّل منصّة سنوية، تجمع قيادات مصرفية ومالية ومؤسسات مالية عربية ودولية، للبحث في شؤون وشجون مصارفنا وإقتصاداتنا العربية، وتنسيق العلاقات على المستويين العربي البيني، والعربي الدولي.
في هذا السياق يأتي مؤتمرنا اليوم تحت عنوان “الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة” وهو موضوع تم إختياره بسبب التحديات التي تواجه عالمنا العربي بعد سنوات من الاضطرابات والحروب والاهتزازات البنوية والدمار في البنى التحتية والاجتماعية والحضارية.
وفي مجال التنمية المستدامة، شكل اعتماد الأهداف الـ 17 التي وضعتها الامم المتحدة ضمن خطة العام 2030 واتفاق باريس لتغيير المناخ في العام 2015، لحظة حاسمة في مسار التعاون الدولي فكلاهما يدعو الدول الى رسم استراتيجيات وسياسات وطنية متكاملة تنطوي على تغييرات جذرية في النظرة الى التنمية المستدامة وتحديد جدول الاولويات، واعتماد شروط صديقة للاستثمار لتحقيق أجندة التنمية المستدامة للعام 2030. وهذه بالطبع تتطلب استثمارات ضخمة تحتاج الى آليات تمويل مبتكرة، والى تعاون قطاعات الدول كافة – الخاص منها والعام، بالاضافة الى التعاون الاقليمي والدولي.
وبالحديث عن التنمية المستدامة في عالمنا العربي، أشار التقرير الصادر عن المنتدى العربي للبيئة والتنمية AFED (Arab Forum For Environment and Development) الذي عقد مؤتمره الاسبوع الماضي في بيروت أيضاً، الى ان الخسائر الناتجة عن الحروب والصراعات في المنطقة العربية منذ العام 2011، تجاوزت الـ 900 مليار دولار. كما أشار التقرير الى أن حاجة المنطقة العربية قدّرت بنحو 230 مليار دولار سنويًّا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وهي تكلفة من المتوقع أن تزداد في ظل ظروف عدم الاستقرار السائدة. أما الفجوة التمويلية في الدول العربية التي تعاني العجز، فقدّرت بأكثر من 100 مليار دولار سنوياً.
لا نجاح في تحقيق التنمية المستدامة في عالمنا العربي إلا بالشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إن موضوع هذه الشراكة هو موضوع بالغ الاهمية، يقوم على حشد الطاقات والموارد والخبرات لدى كل من القطاعين في إنشاء وتشغيل المشاريع بمختلف أنواعها . ويبدو مقبولاً مفهوم “الشراكة بين القطاعين العام والخاص” كحل لإعادة هيكلة وتفعيل القطاع العام لزيادة إنتاجيّته وتحديث القطاعات وتطويرها عن طريق الإستفادة من الخبرة الفنية والإدارية والتكنولوجية للقطاع الخاص، التي من شأنها أن تؤدي الى تحسين نوعيّة الخدمات المسداة للمواطن وإمكانية خلق فرص عمل جديدة من جهة، مع الإحتفاظ في الوقت نفسه بملكيّة القطاع العامّ لمؤسّساته. وقد أثبتت تجارب بعض الدول بأنّ الشراكة أصبحت من أهم المساهمين في تطوير الإقتصاد، وخصوصاً فيما يتعلّق بالبنى التحتية ومشاريع التكنولوجيا والطاقة والمياه التي يعتبر تطويرها أكثر من ضرورة لأي إقتصاد حديث، لما يؤديه من دور في تحفيز الناتج المحلي وتطوير الإقتصاد وتأمين نموّه المستدام وإيجاد الأرضية المناسبة لإستقطاب الإستثمارات وخلق فرص عمل عديدة في القطاعات المختلفة. وقد لـُحظ دور كبير للشراكة مثلاً في خطط التحوّل الإقتصادي الإستراتيجي للدول العربية برؤية 2030 لكل من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وعدد من الدول العربية الاخرى.
في هذا السياق، ينظر القطاع المصرفي العربي بإيجابية كبرى إلى نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص ويرى إن إعتماده في تنفيذ وإدارة بعض النشاطات العامة ذات الطابع الاستثماري سيؤثر إيجابياً في اقتصادات الدول العربية عموماً، ويحدّ من العجز المتكرّر في الماليّة العامّة وتنامي الدين العام. الا ان تشجيع القطاع المصرفي على تمويل مشاريع التنمية المستدامة التي قد تحمل مخاطر أعلى، يتطلب حوافز من الحكومات والمصارف المركزية والمؤسسات الدولية المعنية بالتمويل والتنمية.
ان الوصول الى أهداف التنمية المستدامة يحتاج الى استثمارات ضخمة بمليارات، لا بل تريليونات الدولارات، فمن أين يأتي التمويل، في ظل انحسار مصادر التمويل العامة والخاصة في المنطقة العربية وفي ضوء ما تخلـّفه الاضطرابات والحروب من حاجات اعادة اعمار ما تهدّم، من المؤكد أن الحكومات وحدها لن تستطع تأمين المليارات المطلوبة لتمويل التنمية المستدامة. لذا فمن الضروري تعبئة جميع مصادر التمويل من صناديق تمويل التنمية العربية والدولية والقطاع الخاص وهذا يحتاج إلى سياسات وتدابير تنظيمية ومالية تقوم على الشفافية والاستقرار التشريعي، ما يخلق الأرضية الملائمة لجذب الاستثمارات.
لما كان يُعقد هذا المؤتمر على أرض لبنان، أردنا أن نواكب جهود الحكومة اللبنانية بقيادة دولة الرئيس الحريري لتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بعد تشكيل الحكومة التي نتمنى ان يكون في القريب العاجل، حتى تباشر الدولة في ظل الوضع الاقتصادي والسياسي الضاغط بالقيام بالاصلاحات الضرورية والملحّة على صعيد المالية العامة وتطوير البنى التحتيّة المترهلة، وتحسين بيئة الأعمال في ظل التغييب المتواصل للأنفاق الاستثماري، بهدف وضع البلاد على السكّة الصحيحة تمهيدأ لتطبيق مقررات مؤتمر سيدر CEDRE الذي قدّم للبنان دعماً بقيمة نحو 11 مليار و800 مليون دولار.
اننا نرى أهمية الدور الذي ستلعبه الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعلى رأسه القطاع المصرفي، في اعادة النهوض بالاقتصاد. والكل يعلم أن القطاع المصرفي اللبناني هو العمود الفقري للاقتصاد والشريك الحاضر في كل مقام ومقال، الذي يلتف حوله اللبنانيون المختلفون حول شؤون كثيرة. فهو درع الاقتصاد، والرافعة الاقتصادية التي اثبتت صلابتها على مر الأزمات الوطنية والاقليمية والعالمية.
اننا نتطلع من خلال هذا المؤتمر الى تلمّس فرص تسريع وتيرة النمو الاقتصادي المستدام والشامل في دولنا العربية، بهدف اعادة بناء الانسان العربي أولاً الذي لحقت ببنيته النفسية اشد الاضرار، ومن ثم تأمين العيش الكريم وفرص العمل لملايين الشبان في عالمنا العربي.
أجدّد شكري لدولة الرئيس سعد الحريري، ولسعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامه، وإلى ضيوفنا الأعزّاء، متمنياً لهذا المؤتمر تحقيق الأهداف المرجوة منه.
شقير
وتحدث رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية محمد شقير، فقال: “بداية لا بُدّ من أن نُعرب عن بالغ تقديرها وإعتزازنا بمصارفنا العربية التي باتت تحتل مراتب متقدّمة بين المصارف العالمية، وكذلك لدورها الرائد ومساهمتها الفاعلة في تحفيز إقتصاداتنا وتحقيق التنمية المستدامة.
في ما خصّ لُبنان، فقد التزم بلدنا بتحقيق التنمية المُستدامة، وأطلقنا الشبكة الوطنية في أيلول 2015، وهي تعمل بشكل وثيق مع مقر الأمم المتحدة الموجود في نيويورك بهدف توفير المناخ الملائم والشراكة مع القطاع الخاص لتطبيق المبادئ المُتعلّقة بحقوق الإنسان والعمل والبيئة ومُكافحة الفساد وكذلك أهداف التنمية المستدامة ال17.
كما أنّ الهيئات الإقتصادية اللبنانية إنخرطت بفعالية في هذا الجهد لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في الشبكة الوطنية، ونحن نتطلّع لشراكة وطيدة مع القطاع العام لدفع هذه العملية بقوة إلى الأمام.
من خلال تجربتنا، نستطيع أن نؤكد أنّ الشراكة بين القطاعين العام والخاص بدأت تشُق طريقها، خُصوصاً مع الحكومة الحالية برئاسة الرئيس سعد الحريري، وقد تجسد ذلك عبر التعاون في أكثر من ملف وكذلك بإقرار قانون الشراكة بين القطاعين.
لكن لمواجهة التحديات ولتحقيق تقدم أسرع على مسار التنمية، المطلوب تغيير العقلية المُحافظة السائدة التي تعمل على قاعدة ما لله لله وما لقيصر لقيصر، إلى عقلية تؤمن بعمق بأن مصلحة القطاع العام والقطاع الخاص هي مصلحة واحدة هي مصلحة البلد.
في كل الأحوال ننتظر بفارغ الصبر تشكيل الحكومة، للسير بكل المشاريع التي تُرضي طموح اللبنانيين، ومنها التنمية المستدامة.
لكن بكل صراحة وضع البلد يتطلب بإلحاح تشكيل الحكومة، حكومة تُوحي بالثقة، حكومة إنقاذ إقتصادي مُتجانسة ومنتجة، بإمكانها إتخاذ قرارات سريعة وملائمة.
في نهاية كلمي لا بدّ أن أحيي القطاع المصرفي اللبناني الذي يُشكّل العمود الفقري لإقتصادنا الوطني. أحييه على إمكاناته الكبيرة وقدرته الفائقة على التوسّع والتطوّر حتى في عزّ الأزمات وكذلك على التزامه بأعلى المعايير العالمية، ما جعله محط ثقة في الداخل والخارج.
نعم، نحن نثق بقطاعنا المصرفي وندعمه بقوة لأنه صمام أمان إقتصادي وإجتماعي لبلدنا.
ثابت
بعدها، القى الامين التنفيذي للجنة الاقتصادية الاجتماعية لغربي آسيا “الاسكوا” بالانابة منير ثابت كلمة جاء فيها “ان خطة عمل اجندة 2030 تؤكد اهمية تضافر الجهود من قطاع عام وخاص ومجتمع مدني واكاديمي وسائر الشركاء من اجل انجاح العملية التنموية المنشودة وجعلها مستدامة. كما تؤكد ايضا هذه الاجندة ضرورة تكامل مصادر التمويل من اجل تنفيذها”، مشيرا الى “ان التنمية المستدامة الشاملة والعادلة تصبح واقعا بقدر ما تكون المجتمعات قادرة على ارساء شراكات عضوية من القطاع العام والقطاع الخاص، ومصادر التمويل الجديدة المبتكرة”.
لقد وضع الاطار العالمي الجديد لتمويل التنمية آليات لحفز القطاع الخاص والمبادرات التعاونية والتمويل المبتكر، بالاضافة الى المصادر الاخرى (المصارف التنموية والتعاون الدولي والمؤسسات الخيرية ) لكي يتحمل كل قطاع مسؤولياته المجتمعية من اجل تجاوز تحديات التمويل المتشعبة ( عجز الميزانية وتقليص الدين المحلي والخارجي وتوسيع الحيز المالي) وتوسيع آفاق المعرفة ( زيادة الانتاجية والتشغيل والابتكار) ومن اجل تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وبلوغ اهدافها السبعة عشر”.
يحتفظ الاستثمار الخاص بمقومات هائلة تنعكس في حجم التدفقات المالية والاستثمارات الخاصة التي تواصل الخروج من المنطقة حيث تشير تقديرات الاسكوا الى ان لكل دولار اميركي جذبته المنطقة خرج منها في المقابل 1,8 دولار اميركي في صورة استثمارات عربية خاصة، وذلك بالاضافة الى 230 مليار صافي الاصول والايداعات العربية في المصارف الاجنبية”.
ووجه باسم الاسكوا عدة رسائل حيوية وهي:
1- ان توافر البيئة التشريعية لتحفيز القطاع الخاص ضرورة بقدر اهمية العمل على تغيير النهج القائم على “خصخصة المنافع العامة وتعميم المخاطر”.
2- عندما نتحدث عن القطاع الخاص في المنطقة، فنحن نتحدث عن منشآت صغيرة ومتوسطة ومتناهية الصغر، التي تشكل اكثر من 90 % من النشاط الخاص في المنطقة، ويظل الشاغل الرئيسي لها هو استمرار نشاطها والربحية، وهذا دون شك حق مشروع. فالمطلوب اذا هو خلق نوع من التوازن بين الربحية وبين خدمة المجتمع، وهنا تكمن مساحة العمل لسياسات الاستدامة المنشودة.
3- ثمة توافق تقوده خمسون وكالة تابعة للامم المتحدة مؤداه ان الشراكات العامة – الخاصة PPP تحمل فرصا وتحديات متشابكة، ولا يوجد نموذج مطلق يمكن اعتماده او معيار وحيد يسري على جميع الدول والقطاعات وفي كل الظروف.
4- من هذا المنطلق طرحت الاسكوا حزمة من المقترحات لانجاح هذه الشراكات ومن بينها انشاء مرصد اقليمي وتخصيص نصيب من المحافظ الانتمائية للمصارف لدعم المنشأت الصغيرة والمتوسطة، وايجاد آليات لتفعيل التمويل الجماعي وتوسيع دائرة تمويل المخاطر وتخصيص موارد كافية لمشاريع صديقة للبيئة، وذلك ضمن اطار متكامل من الاصلاحات المؤسسة والتشريعية الرامية الى ارساء مجال للامن الاقتصادي الحيوي العربي ACCESS والذي يظل تجسيده على الارض مقرونا بقدراتنا على الانتقال من التحليل الى التنفيذ والمبادرة الجماعية”.
وختم متمنيا نتائج مثمرة بمستوى التوقعات المنتظرة من هذا الحشد من الخبراء رفيعي المستوى بغزارة معارفهم وعظيم خبراتهم.
الصباح
ثم تحدث رئيس مجلس ادارة اتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح، فقال: ” ان مؤتمرنا اليوم يركّز على الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص ودورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وكما تعلمون أيّها السادة، فقد زاد الإهتمام بتحقيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص منذ مطلع التسعينات بعد أن إتّضح بأن عملية التنمية الإقتصادية والإجتماعية تعتمد على حشد جميع إمكانات المجتمع بما فيها طاقات وموارد وخبرات لدى القطاعين، لذلك لا تزال الدول المتقدّمة والنامية على حدّ سواء تسعى إلى بناء علاقات تشاركيّة تسهم فيها قطاعات المجتمع في توحيد المشاريع والأعمال وإدارتها وتشغيلها وتطويرها وتنميتها من أجل خدمة أهدافها على أساس مشاركة فعلية، وحوكمة جيّدة، ومساءلة شفافة، ومنفعة متبادلة.
أمام التحديات التي تواجه منطقتنا العربية اليوم، والتي تعيق تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وإستناداً إلى الأهداف التنموية للألفية الجديدة، إختار إتحاد المصارف العربية أن يعقد مؤتمره المصرفي العربي السنوي لعام 2018، إنطلاقاً من أن مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في جوهره، هو آليّة أو وسيلة لتقديم خدمات معيّنة، وقد أصبح مصطلحاً شائعاً في دوائر الأعمال والحوكمة، ولا سيّما في مجال التنمية الإقتصادية، مع الإشارة إلى إدراك صانعو القرار في المنطقة العربية لأهميّة مشاركة القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك عبر لحظ دور كبير لهذا القطاع في خطط التحوّل الإقتصادي الإستراتيجي للدول العربية، كرؤية 2030 لكل من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية، وبعض الدول العربية الأخرى.
إنّنا في إتحاد المصارف العربية نتطلّع إلى أن نخطوا خطوات كبيرة على طريق تعزيز الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، وسنولي هذا التوجّه جلّ إهتمامنا لتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية خصوصاً في بعض دولنا العربية التي عانت من أحداث وإضطرابات وتحتاج إلى إعادة تمويل بنى تحتية تسهم في إيجاد الأرضية المناسبة لإستقطاب الإستثمارات وخلق فرص عمل عديدة في كافة القطاعات ولكل الطبقات الإجتماعية على إختلافها.
أجدّد شكري وتقديري لدولة الرئيس الحريري، ولسعادة حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامه ولمعالي الدكتور عبد الرحمن الحميدي، وإلى كل من حرص على مشاركتنا هذا اللقاء، متمنياً التوفيق والنجاح لأعمال هذا المؤتمر وتحقيق الأهداف المرجوة منه.
الحميدي
بدوره، اكد الدكتور حميدي “ان صندوق النقد العربي يلعب دورا هاما كمركز للتلاقي والتشاور لصانعي السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية الى جانب دوره في بناء القدرات، من خلال برامج التدريب المتخصص التي يقدمها معهد السياسات الاقتصادية في الصندوق لكوادر الدول الاعضاء، كذلك تشمل هذه المزايا متانة المركز المالي للصندوق بما يعزز ثقة الدول الاعضاء فيه، اضافة الى دوره في تقديم خدمات قبول الودائع وادارة الاستثمارات للدول الاعضاء”.
واشار الحميدي الى “بعض المؤشرات التي تضمنها تقرير افاق الاقتصاد العربي، الذي اطلقه الصندوق عن شهر ايلول الماضي”، وقال: “على الصعيد العالمي، من المتوقع ان يواصل الاقتصاد العالمي نموه بوتيرة مرتفعة نسبيا خلال عامي 2018 و2019، مستفيدا من الزيادة الملموسة في انشطة الاستثمار التي كان لها الاثر الاكبر في دعم مستويات الطلب الكلي، ونمو حركة التجارة الدولية مؤخرا، حيث من المتوقع ان يؤدي هذا الواقع الى ارتفاع معدل النمو العالمي الى 3,9 % في كل من عامي 2018 و2019 وفق تقديرات بعض المؤسسات الدولية، وبما يشكل أعلى وتيرة نمو مسجلة في اعقاب الازمة المالية العالمية”.
واضاف: “على صعيد البلدان المتقدمة، من المتوقع ارتفاع معدل النمو فيها بفعل عدد من العوامل، يأتي في مقدمها استمرار السياسات النقدية التيسيرية في بعض هذه الدول، وتبني سياسات مالية توسعية في بعضها الاخر، وهو ما سيدعم الطلب الكلي على مستوى دول المجموعة، كما من المتوقع ان تواصل الدول النامية واقتصادات السوق الناشئة استفادتها من تحسن مستويات الطلب الخارجي وارتفاع الاسعار العالمية للنفط”.
وأشار الى “ان اسواق النفط العالمية بدأت في الاتجاه نحو استعادة التوازن منذ عام 2017، منهية فترة طويلة من التراجع على مدى السنوات الثلاث السابقة، حيث شهدت مستويات الاسعار العالمية للنفط ارتفاعا بنسبة 33 % خلال الفترة من كانون الثاني الى ايلول 2018 مقارنة بالمستويات المسجلة عام 2017”.
وتابع: “عربيا وفي ما يتعلق باتجاهات النمو العربي، فقد شهد اداء الاقتصادات العربية تحسنا خلال عام 2018، مستفيدا من الارتفاع في مستويات الطلب الخارجي، ومن الزيادة المسجلة في اسعار النفط العالمية، ومن بدء ظهور الاثار الايجابية لبرامج الاصلاح الاقتصادي التي يجري تنفيذها في عدد من هذه الدول. وبناء عليه، فقد تم رفع توقعات النمو للدول العربية كمجوعة خلال عام 2018 الى نحو 2,3 % فيما تم الابقاء على التوقعات الخاصة بالنمو خلال العام المقبل من دون تغيير عند مستوى 3 % تقريبا”.
وقال: “من اجل تعزيز النمو الاقتصادي في منقطتنا العربية، فقد وضعنا استراتيجية عمل لصندوق النقد العربي للفترة 2015 -2020 تتضمن الاهداف التالية:
– الهدف الاستراتيجي الاول: الارتقاء بانشطة وبرامج دعم الاصلاحات التي تعزز الاستقرار الاقتصادي الكلي في الدول العربية.
– الهدف الاستراتيجي الثاني: توسيع برامج ومبادرات القطاع المالي والمصرفي وتعزيز فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية.
– الهدف الاستراتيجي الثالث: تعزيز الدور المحوري للصندوق كمركز للتلاقي والتشاور لصانعي السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية، وفي دعم مشاريع التكامل الاقتصادي والمالي والنقدي في الدول العربية.
– الهدف الاستراتيجي الرابع: دور الصندوق كمركز للمعرفة والخبرة والمشورة الفنية، وبناء القدرات في مجال اختصاصه”.
وأعلن ان صندوق النقد العربي أطلق العديد من المبادرات اهمها مبادرة نظم الدفع العربية لتطوير نظام مقاصة وتسوية المدفوعات والاوراق المالية (API ) عام 2015، بناء على طلب من البنوك المركزية في دول منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وجاءت هذه المبادرة نتيجة تعاون مشترك بين كل من صندوق النقد العربي (AMF ) وصندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي، وذلك بهدف تعزيز سلامة وكفاءة انظمة الدفع وتسوية الاوراق المالية في البلدان العربية، وتعزيز التعاون الاقليمي ورفع مستواه وتطويره بين السلطات العامة ومحافظي البنوك المركزية والمنظمين للاوراق المالية في مجال انظمة الدفع والمقاصة والتسوية للاوراق المالية”.
السعيد
من جهتها، ألقت وزيرة التخطيط في مصر د. هالة السعيد كلمة قالت فيها: “حرصت مصر عند وضع استراتيجيتها الوطنية على تحقيق التنمية المستدامة متمثلة في رؤية مصر 2030 التي تم اطلاقها في حضور رئيس الجمهورية في شباط عام 2016، ان تكون صياغة واعداد هذه الاستراتيجية من خلال شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص وكذلك المجتمع المدني: وهو ما نطلق عليه المثلث الذهبي لتحقيق التنمية، وان يكون تنفيذ هذه الاستراتيجية وما تضمنته من محاور وبرامج مختلفة للعمل من خلال شراكة فاعلة ايضا بين كل هذه الاطراف الثلاثة”.
وأعلنت “ان الحكومة المصرية تحرص على النهج التشاركي سواء في تنفيذ اهداف رؤية مصر 2030، او في تنفيذ برامج العمل وخطط التنمية المرحلة”، وقالت: “يأتي في اطار ذلك البرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي، والذي بدأت الحكومة تنفيذه اعتبارا من نوفمبر 2016، ونفذت الدولة من خلاله العديد من الاصلاحات والاجراءات لتحقيق النمو الشامل والمستدام، بتحرير سعر الصرف والاصلاح الهيكلي لبعض القطاعات وفي مقدمتها قطاع الطاقة، بهدف زيادة القدرات التنافسية واعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، وتحفيز النمو الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص كشريك رئيسي للحكومة في تحقيق التنمية، وارتكزت هذه الاجراءات والاصلاحات على عدة محاور:
– اولا: اصلاح المنظومة التشريعية والمؤسسية القائمة من خلال اصدار حزمة من القوانين والتشريعات التي تهدف الى رفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الاعمال، وذلك من خلال اصدار قانون جديد للخدمة المدنية، بالاضافة الى اصدار قانون التراخيص الصناعية، واصدار قانون جديد للاستثمار، وقانون الافلاس او الخروج من السوق، بهدف تبسيط اجراءات اقامة المشروعات، وتهيئة بيئة الاعمال، وتشجيع القطاع الخاص والاستثمار المحلي والاجنبي، فضلا عن اجراءات دعم وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال انشاء جهاز واحد مسؤول.
– ثانيا: العمل على تهيئة البنية الاساسية اللازمة لعملية التنمية من خلال تكثيف الاستثمار في مشروعات البنية التحتية واهمها: مشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروعات قطاع الطاقة بالتوسع في مشروعات انتاج الطاقة الجديدة والمتجددة والاستفادة من الامكانيات الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها مصر من مصادر لانتاج هذه الطاقة (الشمس – الرياح) حيث تقوم مصر حاليا بانشاء اكبر محطة للطاقة الشمسية على مستوى العالم في منطقة بنبان في محافظة اسوان، بالاضافة الى مشروعات تنمية محور قناة السويس، واقامة المناطق الصناعية، والمدن الجديدة ومن بينها انشاء العاصمة الادارية الجديدة وغيرها المشروعات القومية الكبرى ذات الاثر الاقتصادي والاجتماعي.
– ثالثا: اصلاح الجهاز الاداري للدولة، وذلك وادراكا من الدولة المصرية لاهمية تحقيق الاصلاح الاداري كضرورة لرفع كفاءة المؤسسات وتهيئة بيئة الاعمال الداعمة لدور القطاع الخاص والجاذبة للاستثمار، وباعتباره احد المقومات الرئيسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
– رابعا: وايمانا من الدولة المصرية بالدور الحيوي الذي يلعبه القطاع المالي في تحقيق التنمية، تتبنى الحكومة توجها جادا للتحول الى مجتمع رقمي، وتحفيز وتشجيع استخدام وسائل الدفع الالكترونية، وتحقيق الشمول المالي كأحد الدعائم لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمستدامة، فيمثل ذلك احد الاهداف الرئيسية لخطط وبرامج عمل الحكومة لتنفيذ رؤية مصر 2030، كما يحظى هذا التوجه وما يتم في اطاره من خطوات واجراءات تنفيذية بدعم كامل من القيادة السياسية، وجاء في هذا الاطار انشاء المجلس القومي للمدفوعات في فبراير 2017 برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية البنك المركزي المصري وعدد من الوزارات المعنية، كأحد اهم الخطوات التنفيذية لتحقيق هذا التوجه، ويسعى المجلس لخفض استخدام اوراق النقد خارج القطاع المصرفي، ودعم وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الالكترونية في الدفع بدلا من الاوراق النقدية، وكذلك تطوير نظم الدفع القومية والاشراف عليها والعمل على تحقيق الشمول المالي بهدف دمج اكبر عدد من المواطنين في النظام المصرفي”.
وقالت: “اننا نسير على الطريق الصحيح، الا انه في الوقت ذات ندرك تماما ولعلكم تتفقون معنا، ان ذلك غير كاف، فتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في ظل تزايد التحديات سواء المحلية او الاقليمية او الدولية يتطلب سنوات من العمل الجاد والمتواصل والجهد الدؤوب يتعاون فيه كافة شركاء التنمية من قطاع خاص ومجتمع مدني من الحكومة، لذا فان الدولة المصرية لديها ارادة وخطة عمل واضحة تساندها وتدعمها ارادة سياسية لمواصلة الجهود واستكمال ما بدأته من خطوات خلال الفترة الماضية في اطار البرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي واتساقا مع رؤية مصر 2030، حيث وضعت الحكومة برنامجا خلال السنوات المقبلة ترتكز اولوياتها على:
– المفهوم الشامل لبناء الانسان المصري في الصحة والتعليم والثقافة والرياضة وبما يعمل على تكوين شخصية مصرية قادرة على التعامل الايجابي مع المستجدات المحلية والدولية.
– تعزيز دور الاستثمار الخاص في دفع هذا النمو بمواصلة الجهود المبذولة لتحسين بيئة الاعمال”.
وأشارت الى احد الآليات التي تستهدف من خلالها الحكومة المصرية خلق مزيد من فرص الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ استثمارات مشتركة تحقق النفع والمصالح المتبادلة، وتساهم في الوقت ذاته في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، فيأتي ضمن هذه الآليات انشاء صندوق مصر السيادي (بقرار السيد رئيس الجمهورية في اغسطس 2018 باصدار القانون رقم 177 لسنة 2018 برأس مال مرخص به 200 مليار جنيه ورأس مال مدفوع 5 مليار جنيه مصري)، والذي يهدف الى تعبئة الموارد، وتعظيم الاستفادة من امكانيات واصول وموارد الدولة غير المستغلة، بتعظيم قيمتها وزيادة الاستثمار المشترك مع القطاع الخاص والمؤسسات الاستثمارية والصناديق السيادية العربية والدولية، وذلك من اجل اعطاء دفعة قوية لتحقيق التنمية المستدامة التي تراعي مصالح وحقوق الاجيال القادمة”.
سلامة
بدوره، ألقى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كلمة، أكد فيها أن لبنان يستفيد من الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام. نجاح الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام يفيد الاقتصاد اللبناني ويحفز النمو ويوفر فرص عمل. اننا نقدر ان كل مليار دولار أميركي مستثمر يولد نمو بنسبة 2%.
ونحن نأمل ان تكون مشاركة القطاع الخاص عن طريق الرسملة أساسا، وان يبقى التمويل من خلال الدين محدودا، بعد ان بلغت مديونية القطاع الخاص تجاه القطاع المصرفي ما يمثل 110% من الناتج المحلي.
كما نأمل ان يكون مصدر التمويل خارجياً، وذلك حفاظاً على ميزان المدفوعات أن الشراكة حاجة للقطاع العام لكي يستمر بلعب دوره الريادي في التنمية دون زيادة الدين العام.
يُشكّل مؤتمر سيدر ومقاربة التمويل التي أقرت خلال هذا المؤتمر مدخلاً وإطاراً صالحين لتفعيل الشراكة مع المحافظة على الإستقرار.
نحن نعتبر أن لهيئة الأسواق المالية دوراً لدعم نجاح هذه المقاربة.
فالإستثمار من قبل القطاع الخاص يُمكن أن يكون إستثماراً مباشراً من ذوي الإهتمام، بل يمكن أن يكون أيضاً من خلال طرح أسهم وسندات في الأسواق.
وللتمكن من ذلك، يقتضي أن يكون في لبنان أسواق منظمة ومراقبة تبعاً للمعايير الدولية، تتمتع بالسيولة ليكون التداول في الأوراق المالية سهلاً وشفافاً.
لبنان بلد منفتح يسمح لغير اللبنانيين ولغير المقيمين وللمغتربين الإستثمار، والقانون اللبناني يسهّل ذلك.
ستقوم هيئة الأسواق المالية بالمبادرات الأساسية لكي يكون التعاطي بالأوراق المالية اللبنانية يُشبه ما هو معمول به عالمياً، وبالتالي يطمئن إليه السوق العالمي.
سعى مصرف لبنان من خلال عملياته المالية إلى المحافظة على الإستقرار النقدي.
وطوّر ونوّع هذه العمليات بما يخدم هذا الهدف.
سيستمر مصرف لبنان متّبعاً هذا الأسلوب الذي أمّن ويؤمن أهدافه النقدية.
الإقتصاد اللبناني مدولر وقد بلغت دولرة الودائع 70%.
وبلغ التبادل الإقتصادي المدولر في لبنان نسبة تفوق ال75%.
نجحت المصارف بالإبقاء على التدفقات بالعملات الأجنبية نحو قطاعها مدعومة من مصرف لبنان، مما ساهم بالمحافظة على حركة إقتصادية مقبولة لمدى ارتباط النشاط الإقتصادي بتوفّر العملات الأجنبية نظراً لدولرة إقتصادنا.
ارتفعت الودائع بنسبة 4% كمُعدّل سنوي، منها إرتفاع بنسبة 4.3% بالدولار.
نتوقّع أن ينمو الإقتصاد بنسبة 2% في العام 2018 وهي نسبة قريبة من معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
تتراوح الكلفة لإجتذاب هذه الأموال مع تراوح المخاطر، لا سيّما المخاطر السياسية، ومع وضع العجز في المالية العامة ومع نسبة التضخم.
يحترم مصرف لبنان توجهات السّوق في تحديد الفوائد التي بلغت مستويات تؤمن التوازن النقدي.
إنّ معدّل الفائدة على الودائع بالليرة اللبنانية 8.5%.
كما أن معدّل الفائدة على الودائع بالدولار 5%.
وقد تفوق الفوائد هذا المعدل في منتجات خاصة تمثل ما يقارب 1% من مُجمل الودائع ولا تعبر عن المعدل العام لقاعدة الفوائد في لبنان.
السنيورة
واختتم حفل الإفتتاح بكلمة للرئيس السنيورة قال فيها: “أحمل إليكم تحيات دولة الرئيس سعد الحريري الذي يتطلع إلى انعقاد مؤتمركم السنوي الهام في بيروت، وهو كان يرغب أن يكون معكم هذا الصباح، لكن ظروفه حالت دون تمكنه من المشاركة وهو يتمنى لمؤتمركم كل النجاح والتوفيق”.
اضاف: “أهلا وسهلا بكم في بيروت في هذا المؤتمر المصرفي العربي، الذي كما في كل عام يجمع نخبة متميزة من المهتمين بالشؤون المالية والاقتصادية ومن المصرفيين ومن الأشقاء العرب. وكما عودنا القيمون على هذا المؤتمر، ان تناقش في جلساته أبرز القضايا الاقتصادية والمالية المطروحة في المنطقة والعالم. وما من عنوان في هذه المرحلة يتقدم على عنوان مؤتمركم اليوم: “الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وتابع: “يشهد العالم في هذه المرحلة، وفي العديد من مناطقه ومن أسواقه المالية، تركز الاهتمام على مجموعة من القضايا والمسائل التي تتمحور حول الشؤون السياسية والاقتصادية والأمنية والمالية، وأيضا على تزايد التداعيات التي تحملها معها الإجراءات الحمائية والعقابية، وتزايد حجم العجوزات في الموازنات العامة، وتنامي أحجام الدين العام، وتراجع معدلات النمو الاقتصادي. ومن ذلك ما يتعلق بأزمة حقيقية تتصاعد آثارها السلبية في ما خص شح السيولة في الأسواق المالية، وبشكل خاص في الاسواق الناشئة وتحديدا في دولنا العربية. وهذا ما تشير إليه دراسات المؤسسات المالية الدولية وبشكل خاص ما صدر عن صندوق النقد الدولي، الذي أشار في تقريره الاخير حول “آفاق الاقتصاد الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط” الى مخاطر ارتفاع الفوائد عالميا التي تعد من أكبر التحديات التي تواجهها دول منطقتنا العربية في المرحلة القادمة. وبأنه ولمواجهة تلك التحديات يقتضي الاسراع في تنفيذ الاصلاحات في الماليات العامة، وفي إجراء الاصلاحات الهيكلية اللازمة. وهي الإصلاحات التي طال انتظارها، بما في ذلك ضرورة العمل على ترشيق حجم الدولة، والتأكيد على أهمية تعزيز الإنتاجية، وأيضا على أهمية تفعيل دور القطاع الخاص في تأمين جزء من التمويل المستدام الذي تحتاجه دول المنطقة العربية لتحقيق النهوض”.
وأعلن “ان تأمين التمويل المستدام لتنفيذ المشاريع الاساسية لتحقيق التنمية المستدامة يبقى التحدي الأبرز التي تواجهه منطقتنا العربية. ذلك ما يضع مسؤولية أساسية على الحكومات العربية لإيجاد وتطوير الأساليب الجديدة والملائمة لتمويل تلك الحاجات الأساسية، وعدم الاكتفاء والركون إلى الأساليب القديمة التي تعتمد على الموازنات العامة المرهقة أساسا. وبالتالي فإن الحاجة وكذلك طبيعة الأوضاع العامة التي نمر بها في هذه المرحلة توجب الاستعانة بالقطاع الخاص، بما يستطيع أن يؤمنه من موارد مالية ملائمة بأحجامها وطبيعتها وكفاءة إدارتها للاستثمار في المشاريع التي تسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وهذا الأمر يقتضي بدولنا العربية تأمين الحوافز والجواذب الفعالة، وإيجاد الأطر الاقتصادية والمالية الصحيحة، وإقرار القوانين الملائمة، وتحديث الأطر المؤسساتية التي ترعى وتنظم عمل القطاع الخاص في دولنا العربية. والثقة كبيرة ولا شك بإمكانيات القطاع الخاص العربي وتحديدا القطاع المصرفي، القادر بما يملكه من كفاءات وخبرات ومهنية وحرفية عالية وموارد مالية وبشرية، على القيام بدور بناء وخلاق في تدبير التمويل وإيجاد الأطر اللازمة لإدارة وتمويل المشاريع التنموية الضخمة التي تسهم في إيجاد فرص العمل الجديدة ولاسيما للعدد الكبير من الشباب والشابات الذين يدخلون أسواق العمل العربية في كل عام”.
وقال: “نحن في لبنان، أيها الاشقاء والأصدقاء، قد حددت الحكومة اللبنانية أولوياتها في هذا المجال، وقدمت رؤية متكاملة لتعزيز الاستقرار وإطلاق النمو والتنمية المناطقية، ومجالات إيجاد فرص العمل الجديدة. وفي هذا النطاق تكمن أهمية انعقاد مؤتمر سيدر في مطلع هذا العام، ورؤيته بشأن تطبيق أهداف ومتطلبات التنمية المستدامة في لبنان. وهذه الرؤية ترتكز وبشكل أساسي على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وهذه الشراكة هي موضع ثقة عالية لما توفره من قدرات وإمكانات وخبرات وفرص واعدة. وهذا ما مهدت اليه الحكومة عمليا عبر اقرار قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في العام الماضي”.
اضاف: “وفي هذا الإطار، لا بد لي من أن أشير وأنوه بما قامت به الحكومة مؤخرا لجهة إطلاق ثلاثة مشروعات رئيسية في البنى التحتية سوف تشكل مع كثير غيرها قاطرة لدفع عجلة النمو والتنمية في لبنان وهي: توسيع مطار رفيق الحريري الدولي، والطريق الدولي لقاء رسم مرور من خلدة جنوبي بيروت إلى العقيبة في شمال لبنان، ومشروع مركز لبنان الوطني للبيانات. علما أن هناك العديد من المشروعات الأخرى التي سيتم اطلاقها تباعا في المراحل القادمة والتي ستشكل فرصا استثمارية جديدة ومهمة للقطاع الخاص وواعدة للاقتصاد الوطني. وهي التي يمكن أن يقوم القطاع المصرفي اللبناني والعربي بدور كبير في إطلاقها. وأنا على ثقة بأن دولة الرئيس سعد الحريري، الذي يدعوكم للاطلاع عن كثب على تلك المشاريع وعلى الفرص الاستثمارية الأخرى المدرجة في برنامج الانفاق الاستثماري في البنى التحتية الذي قدمه لبنان للمشاركين في مؤتمر سيدر، على استعداد شخصي لمتابعة اهتماماتكم بشأن الاستثمار في لبنان، والعمل على معالجة وازالة أي عراقيل قد تطرأ في هذا الإطار”.
وتابع: “لبنان سيكون بعد شهرين وفي كانون الثاني 2019 القادم على موعد مع أشقائه العرب ومع أصدقائه في العالم، لاستضافة القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية. ولقد تم توجيه معظم الدعوات الرسمية لحضور هذه القمة، التي يريدها لبنان أن تكون قمة ناجحة ومثمرة اقتصاديا واجتماعيا وعلى الصعيدين العربي واللبناني، وأن تحاكي آمال اللبنانيين وطموح شاباتنا وشبابنا.
لذلك، فإن لبنان يتطلع لمشاركة واسعة في هذا المؤتمر من جانب القطاع الخاص العربي، وذلك لدوره الاساسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في دولنا العربية، ولأهمية الدور الكبير الذي يمكن أن يقوم به في مواجهة التحديات الجمة التي تواجه منطقتنا ودولنا العربية في المرحلة القادمة”.
تكريم
بعد الافتتاح، جرى حفل تكريم للشخصيات والقيادات العربية، أعلن خلاله الامين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح عن جائزة الرؤية القيادية للدكتور الحميدي. كما اعلن عن الشخصية المصرفية العربية لهذا العام وهو الرئيس التنفيذي للاستشاريين في مجال المال والاستثمار البحري، عبدالله السعودي.