برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقد مثلته رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز، انعقد المؤتمر الإقليمي “أثر التغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية على واقع المرأة العربية”، بدعوة من المجلس النسائي اللبناني بالشراكة مع “هيئة الأمم المتحدة للمرأة” و”منظمة المرأة العربية”، في فندق “كورال بيتش” صباح اليوم، في حضور الوزيرة السابقة وفاء الضيقة حمزة ممثلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، النائبة بهية الحريري ممثلة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، سفيرة الإتحاد الإوروبي كريستينا لاسن، وسفراء: الجزائر احمد بوزيان، المغرب محمد كرين، وتونس محمد كريم بودالي، نائب سفير الجمهورية الإيرانية احمد الحسيني، والنواب: جان طالوزيان، رولا الطبش، ميشال معوض وفادي علامة، وممثلو الأجهزة الأمنية والعسكرية ورئيسات جمعيات وهيئات نسائية.
سبليني الزين
استهل المؤتمر بكلمة لأمينة سر المجلس النسائي اللبناني عدلا سبليني الزين عن اهداف المؤتمر فكلمة لدوغان التي عرضت جدول اعمل المؤتمر الذي يشارك فيه “العديد من الدول والذي سيتضمن تجارب شخصية وأكاديمية وعلمية وبحثية وسياسية وستشكل الهواجس والحقائق والتطلعات وسيصدر المؤتمر التوصيات و”وثيقة بيروت للتضامن النسائي العربي والدولي” والعمل على المشاريع المستقبلية الآيلة الى تحسين اوضاع المرأة اللبنانية والعربية والتشبيك ما بينها وبين المؤسسات للوصول الى الهدف المرجو.
غبريل
ممثلة رئيسة المجلس النسائي الدولي غبريل نقلت تحيات رئيسة المجلس الدكتورة جون سوك كيم وأعضاء مجلس الإدارة واعربت عن “سعادة المجلس لمناسبة تعيين 4 وزيرات للمرة الاولى في تاريخ لبنان، على امل ان يتضاعف عدد النساء في جميع مراكز القرار”. ورأت ان “الحروب والنزاعات التي عصفت بالعالم العربي اضافت الى معاناة النساء الحقيقية من فقر وعدم مساواة وعنف معاناة جديدة تمثلت بالموت والنزوح وانتهاك كرامتها الإنسانية واعتبار الإعتداء عليها احد اسلحة الحروب. واعتبرت ان عدم المساواة بين الجنسين تعني ان المجتمع يغيب 50 في المئة من قدراته وان تمكين النساء هو اسلحة محاربة الفقر والمساواة هي شرط من شروط الديموقراطية والتنمية وحقوق الإنسان”. وتطرقت الى “دراسة لمنظمة الصحة العالمية حول الصحة النفسية اظهرت النتائج تصيب الرجال والنساء على السواء ولكن اثارها على النساء صادمة، فالنساء اللواتي يعانين الإكتئاب والتوتر اكبر بكثير من الرجال. وذكر في قمة الحكومات العربية التي عقدت في دبي ان 57 مليون عربي لا يعرفون القراءة والكتابة وهناك 13 مليون ونصف لم يلتحقوا بالمدارس عام 2017 ونصفهم من النساء”.
ورأت ان “اهم التقاليد المعوقة للتقدم هي تلك التي تملك نظرة دونية للمرأة عبر تزويج الفتيات القاصرات والختان والتعنيف وتمييز الذكور عن الإناث واستبعادها عن مواقعها.
الصباح
ورأت الصباح ان “المرأة هي اساس التغيير في المجتمع، لذا لا بد من تأهيلها وتدريبها بالشكل الأمثل لتتمكن من المشاركة في التنمية المجتمعية على اعتبار انها نصف المجتمع. وبعد عام 2011 وبسبب ما شاهدته المنطقة العربية من ثورات وتغييرات سياسية اثرت بمعظمها على العملية الإقتصادية للدول. وتشكل هذه التغييرات والتحولات على الصعيد الإقليمي للمنطقة سياسات اقتصادية جديدة من شأنها التأثير على دور المرأة في التنمية الإقتصادية. لا تزال المنطقة العربية تعاني فجوة بين الجنسين في سوق العمل وخسائر في الناتج المحلي”.
واعلنت ان “مجلس سيدات عمال العرب يقدم مجموعة من الحلول التي قد تسهم في زيادة نسبة مشاركة المرأة في عملية التنمية وهي توفير دور رعاية وحضانات بجودة عالية لرعاية الأطفال الى ساعات عمل المرأة، ثانيا توفير فرص جديدة لتحسين ظروف المرأة الأثرية، ثالثا العمل على تعديل الموروثات الثقافية من حيث ان الحياة رحلة مشتركة بين الجنسين في الواجبات والحقوق والمسؤوليات رابعا مشاركة القطاع الخاص في توفير فرص عمل للمرأة، خامسا ازالة الفوارق بين الجنسين من حيث الأجور وساعات العمل وفرص التوظيف، واهمية تجديد الخطاب الديني حول حقوق المرأة ودورها في المجتمع اعداد برامج عربية مشتركة لتدريب مهارات المرأة وتعزيز قدراتها”.
الناصري
ونوه الناصري بأن “لبنان قد قطع شوطا لافتا في مسار تمكين المرأة ولا سيما في المجال السياسي، وقد شهدنا خلال العام المنصرم إنخراطا أكبر للمرأة في الشأن العام، بحيث تقدمت 113 سيدة بالترشح لخوض الإنتخابات التشريعية في 2018، وهذا رقم قياسي محليا، وإن لم يصل منهن سوى 6 سيدات الى مقاعد مجلس النواب”. وتقدم من “حكومة وشعبه بخالص التهاني بتشكيل الحكومة اللبنانية مع تمنياتنا الصادقة بوافر النجاح والتقدم”.
وأضاف: “تعتز “هيئة الامم المتحدة للمرأة” بوجود أربع نساء قديرات يشغلن مناصب وزارية مهمة في وزارات: الداخلية والبلديات، الدولة لشؤون التنمية الإدارية، الطاقة والمياه، الدولة لشؤون التمكين الاجتماعي والإقتصادي للشباب والمرأة، وهذا تطور مبهج”.
وحيا رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية السيدة كلودين عون روكز، على جهودها الشخصية الدؤوبة لدعم قضايا المرأة على المستويات كافة وقدتعاونتUN Women مع الهيئة الوطنية خلال العامين المنصرمين في وضع الخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة السلام والأمن في لبنان، على أمل إقرارها قريبا. وأطلقت منظومة الأمم المتحدة في لبنان وبالشراكة مع الهيئة الموقرة حملة إعلامية وطنية واسعة النطاق في نهاية العام المنصرم، إستمرت 16 يوما، بغية إقرار قانون يحدد السن الأدنى للزواج في لبنان بـ18 عاما”.
وتابع: “إن عقد هذه المؤتمرات وإلقاء الضوء على قضايا المرأة العربية لا يزال حاجة ملحة نظرا الى ان مسألة تحقيق المساواة التامة بين الجنسين وتمكين المرأة لم تصل الى قائمة الأولويات الوطنية. فلا تزال بعض الدول العربية تتمسك بقوانين جائرة إزاء النساء على مستوى الدساتير، بحيث لا تكفل في نصوصها الدستورية المساواة بين الجنسين، وهناك على مستوى القوانين الجنائية، 11 دولة عربية تسمح بتخفيف العقوبة في قضايا مثل الزنا وتأخذ بعوامل مخففة أخرى لخفض العقوبات أو تبرئة الجناة في ما يسمى “جرائم الشرف”. لكن المشهد ليس قاتما تماما، فلننظر أيضا إلى بعض بوارق الأمل! في الأعوام القليلة المنصرمة، أتمت دول عربية عدة بعض الإصلاحات التشريعية المهمة عززت المساواة بين الجنسين وحمت النساء من العنف، أذكر، مثلا، تجريم 11 دولة عربية التحرش الجنسي في الأماكن العامة و/أو أماكن العمل”.
كيوان
بدورها، اثنت الدكتورة كيوان على هذا المؤتمر واعتبرت ان “المجتمع المدني في لبنان مشهود له بحيويته وطاقته الجامعة”. واعتبرت ان “هناك سرا يحمله المجتع المدني هو حلم تكوين دولة في لبنان قائمة على الحقوق وعاملة بالوسائل الديموقراطية، وفي هذا الحلم تحدي يسعى المجتمع المدني اللبناني الى مواجهته بالقوة الناعمة اي يثقافة حقوقية تشد المواطنين الى رحاب الوطن الكبير من دون ان يتفلتوا من روابطهم الأولية من عائلة واسرة وطقوس دينية متنوعة”.
ورأت ان “الحركة النسائية في لبنان تكتسب اهمية خاصة في تأسيس المجتمع الوطني الواسع الأفق واعتبرت ان هناك كباشا بين نزعة ماضوية محافظة ونزعة تنويرية تقدمية. واعلنت ان منظمة المرأة العربية هي منصة المرأة في العالم العربي ومنبرا لها وجسرا للتلاقي وتبادل الرأي والخبرات والعمل في خدمة مجتمعاتنا”.
وختمت: “ان لبنان يعود من خلال هذه الندوة الى موقعه ساحة الحوار والتلاقي الحر حيث ينعم الإفراد بالحريات الشخصية والجمعيات بحرية التأسيس والعمل. اما التنوع والإختلاف الموصوفان في لبنان فانهما اوكسيجين لا يمكن أي مجتمع ان يتنفس من دونه.
لاسن
والقت السفيرة لاسن كلمة اعتبرت فيها ان “الموضوع المطروح هو في صلب اولويات الإتحاد الأوروبي من خلال عمله في هذه المنطقة وما زالت الطريق طويلة، ونحن نركز على التزام المرأة واشراكها في المسار السياسي والإقتصادي والإجتماعي وتمكينها الإقتصادي”.
وأثنت على “وجود 4 وزيرات في لبنان ومن بينهن وزيرة للداخلية التي بدأت تتطرق لبعض القضايا الهامة مثل محاربة العنف الأسري. ورأت ان مشاركة المرأة في سوق العمل في هذه المنطقة لا يزال ضئيلا ويشكل نحو 18 بالمئة من القوة العاملة وهذه الفجوة بين الجنسين سيتم ردمها بعد 153 اذا استمر الأمر على هذا المنوال”.
وأضافت: “يعمل الإتحاد الأوروبي على تمكين المرأة واشراكها في الدورة الإقتصادية من اجل تعزيز المساواة بين الجنسين ولمنح المرأة الفرصة لتحقيق نفسها”.
وتطرقت الى “العمل الذي يقوم به الإتحاد الأوروبي في هذا المجال في لبنان مع المجتمع المدني من اجل تغيير القوانين التمييزية ومختلف العوائق التي تحول دون تقدم المرأة”، وتابعت: “نتطلع الى العمل والتعاون مع الحكومة المشكلة حديثا، وسنعمل على مكافحة التمييز العنصري والعنف المنزلي، ولقد سمعت الرئيس الحريري يتحدث في الأسابيع الماضية عن القوانين التي تم تعديلها والمتعلقة بالإعتداء الجنسي ضد المرأة وتعديل بعض مواد قانون الضمان الإجتماعي لتكريس المساواة بين الجنسين”. واعتبرت انه “لا يزال هناك كثير من عمل يفترض القيام به في سبيل تطوير العديد من القوانين من اجل مجتمع يضمن التوازن والمساواة بين الرجل والمرأة”.
الحريري
وألقت النائبة الحريري كلمة قالت فيها: “قبل 20 عاما كان لبنان قد استعاد الكثير مما خسره في سنوات النزاع الطويلة، وآثارها المدمرة على الإنسان والعمران والدولة والكيان. وكنا قد استعدنا الأمل والرجاء بمستقبل أكثر إنتظاما وتألقا ونجاحا. يومها تلقيت من سمو الشيخة لطيفة الفهد السالم الصباح رئيسة لجنة المرأة في الكويت دعوة الى المشاركة في منتدى خاص حول المرسوم الأميري الذي أعطى المرأة الكويتية حق الترشح والإنتخاب. ولم يصادق عليه البرلمان. وشكل ذلك المنتدى بارقة أمل على مشارف الألفية الثالثة فأطلقنا حينها من الكويت مبادرة المرأة العربية “معا مئة عام”، والتي دعت إلى الإستعداد للقرن القادم بتكامل وتنسيق يليق بما حققته المرأة العربية من تطور وانجازات ومكتسبات. ووجدت هذه المبادرة تجاوبا مع مبادرة موازية للمجلس الأعلى للثقافة في جمهورية مصر العربية، ودعوته الى مؤتمر خاص بعنوان “مئة عام على تحرير المرأة” في مناسبة مئوية صدور كتاب قاسم أمين “تحرير المرأة”.
وأضافت: “تأكيدا لارادتنا بالتكامل، بادرنا بالدعوة إلى دورة ثانية لمتابعة مؤتمر قاسم أمين في لبنان، بالتعاون مع المجلس الأعلى للثقافة في مصر. ثم كان الإجتماع التحضيري للاتحاد البرلماني العربي في بيروت.. فبادرنا إلى تقديم إقتراح بتشكيل لجنة المرأة في الاتحاد. ودعم هذا الإقتراح دولة الرئيس نبيه بري. وشاركنا في مؤتمر الإتحاد في الجزائر حيث أقرت لجنة المرأة في الإتحاد البرلماني العربي وهناك تقدمنا بإقتراح باعتبار مناسبة صدور المرسوم الأميري في الكويت يوما للمرأة العربية. واعتمد هذا الاقتراح أيضا. ونظمنا في بيروت منتدى البرلمانيات العربيات. ثم تقدمنا بمبادرة قمة المرأة العربية مع جمهورية مصر العربية وجامعة الدول العربية. وفي اليوم نفسه الذي تم إشهار تأسيس المجلس القومي للمرأة في مصر، بدأنا الأعمال التحضيرية لإنعقاد أول قمة للمرأة العربية بالتعاون بين المجلس القومي للمرأة في مصر وجامعة الدول العربية ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة. وكانت قمة ناجحة تلتها منتديات للمرأة في السياسة والاقتصاد والإعلام في تونس والإمارات والكويت ولبنان.
ثم كانت القمة الإستثنائية الثانية في القاهرة أيضا. ثم القمة الثالثة في الأردن بحيث تم التحضير لها بشكل مميز.. وتمثل بأعمال القمة العادية وبموازاة ذلك مؤتمر لمناقشة تقرير التنمية الانسانية العربية الأول الصادر عن “UNDP”. تلا ذلك تأسيس منظمة المرأة العربية وانتظام عملها ودوريتها والتي يسعدنا أن تكون السيدة كلودين عون روكز رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وممثلة فخامة رئيس الجمهوية العماد ميشال عون راعي هذا الإحتفال، رئيسة الدورة الحالية لمنظمة المرأة العربية”.
وتابعت: “إن هذه المراجعة المتواضعة ما كانت لتحدث لولا إنعقاد هذا المؤتمر المميز بالمضمون والشركاء والمتحدثين والحضور لأنني إنقطعت عن تلك التجربة، ثم عاد الإهتمام إلى تحصين الوحدة الوطنية وحماية السلم الأهلي من التصدع والتداعيات.
ثم كانت سنوات الفوضى المدمرة في العديد من مجتمعاتنا العربية وهي مستمرة حتى الآن.. مما يضع المرأة أمام تحديات التحولات والتغيرات التي حدثت وتهدد وحدة المجتمعات بحيث بلغت نسبة النزوح العربي أكثر من 50 في المئة من النزوح العالمي. وإن العناوين التي يقاربها مؤتمركم يجب أن تتحول من أبحاث وآراء الى مبادرات وإنجازات. وكلي ثقة بقدرتكم على تحمل المسؤوليات وفي المقدمة المجلس النسائي اللبناني الذي تزامن تأسيسه مع انتزاع اللبنانيات حق الترشح والانتخاب.. فكل التقدير والاحترام للصديقة والرفيقة رئيسة المجلس النسائي اللبناني الأستاذة إقبال مراد دوغان وزميلاتها العزيزات ولرئيسة المجلس النسائي الدولي ممثلة بالسيدة جمال هرمز غبريل ولمنظمة المرأة العربية والأمينة العامة الدكتورة فاديا كيوان، وللمدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة الأستاذ محمد الناصري، مع التقدير لصديقة لبنان سعادة السفيرة كريستينا لاسن رئيسة بعثة الإتحاد الأوروبي في لبنان. وكل التقدير للقامات الكبيرة المشاركة، وللمرأة العربية وتضحياتها ونجاحاتها. واشكركم على إعطائي هذه الفرصة الثمينة. وأتمنى لمؤتمركم النجاح”.
عون روكز
وألقت عون روكز كلمة استهلتها بالقول: “يشرفني أن أشارك معكم في هذا المؤتمر ممثلة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، للتباحث في واقع المرأة العربية في ضوء التغيرات الطارئة في زمننا وفي منطقتنا – ويسعدني أن ألتقي مع هذه المجموعة من السيدات والسادة، من الناشطات والناشطين في مجتمعاتنا، للنظر في المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الواقعية، التي ينبغي لنا أخذها في عين، لتطوير استراتيجياتنا العملية دعما لموقع النساء في بلداننا”.
وأضافت: “إن عالم اليوم، يتميز عما كان عليه في الأزمنة السابقة، بأنه لم يعد يسمح فيه بالتقوقع والانعزال. فاستخدام التقنيات الحديثة للأهداف السلمية، كما للأغراض الحربية، بات معمماً في جميع أنحاء العالم وباتت كثيفة، حركة تبادل السلع والأفكار. والمجتمعات التي كانت بالأمس متباعدة، باتت اليوم مضطرة على التشارك، بغية تأمين مقتضيات الحفاظ على البيئة الطبيعية وعلى السلام بين الشعوب.
أكثر من الدول والحكومات، باتت المجتمعات، هي القادرة على دفع عَجَلة الحضارة الإنسانية إلى الأمام، وعلى التصدي لآفات الحروب والإرهاب والظلم والفقر والجهل والأخطار البيئية. ونحن كنساء نعلم ما هي قدراتنا في تحقيق التحولات المجتمعية الإيجابية، ونعلم ما هي العوائق التي تقف في وجه تفعيل هذه القدرات وفي وجه النهوض في بلداننا.
فليست هذه المرة الأولى في تاريخنا تواجه النساء العربيات تحديات التطور الاجتماعي والسياسي والاقتصادي. علينا ألا ننسى، أن بلداننا مدينة لنسائها الرائدات في مجالات الأدب والصحافة والتربية، وفي تفتح النهضة العربية في بدابات القرن الماضي. وهذه النهضة، التي منها انبثقت مجتمعات عربية تفتخر اليوم بانتشار مستويات التحصيل العلمي وبتفوق العنصر النسائي فيه، مثلت ثورة في العادات والتقاليد”.
وتابعت: “نحن اليوم أمام ثورة صامتة تتوسع بروِّية لكن بثبات. وتتمثل هذه الثورة في دخول النساء إلى ميدان النشاط الاقتصادي والسياسي وإلى ميدان المشاركة في صناعة القرارات. وليس لمجتمعاتنا أن تخرج من واقع الركود التي تعانيه على الصعيد الاقتصادي ومن واقع التباعد بين القواعد والقيادة على الصعيد السياسي، إلا بوصول هذه الثورة الصامتة إلى خواتيمها. وبذلك تحقيق تكافؤ الفرص المتاحة للرجال كما للنساء، ليتحملوا معا المسؤوليات التي تقع على عاتقهم كمواطنين راشدين مسؤولين عن نفسهم وأسرهم ومجتمعهم وعالمهم.
هذه الثورة حاصلة اليوم، لكن وتيرتها لا تزال متأخرة عن السرعة التي يتطور بها العالم والتاريخ. فالأزمات التي تعيشها مجتمعاتنا قد تكون قاتلة، قاضية على انبعاث حيويتها من جديد، ان لم نستدرك الأمر حكاما وشعوبا. لذا، علينا أن نعطي دفعا جديدا للإصلاحات التي من شأنها توسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرارات، من جانب الرجال كما من جانب النساء، وإتاحة تكافؤ الفرص المتوافرة لذلك.
فما نحتاج اليه في مجتمعاتنا أولا هو تغيير الصورة النمطية للنساء والرجال، وهذا يعني مشاركة النساء في الأدوار التي كانت تعتبر في العصور الماضية حكرا على الرجال مثل مزاولة المهن الحرة والريادة الاقتصادية والقيادة الإدارية والسياسية. ويعني أيضا مشاركة الرجال في الأدوار التي بقيت إلى يومنا هذا محصورة بالنساء كالأدوار الرعائية وتربية الأولاد والاهتمام بالشؤون العائلية. فهذه أدوار قائمة في ذاتها ولا ينشأ مجتمع متوازن، إذ ظلت حكرا على النساء داخل الأسرة أو إذا بقينا مقتنعين بأنها ليست بمهمة، يكفي لتأمينها، اللجوء إلى يد عاملة مستوردة غير مؤهلة ومتدنية الكلفة”.
وقالت: “من المحرج بالنسبة إلينا، منظمات وحكومات، أن نرى أنه على الرغم من الجهود والتضحيات التي تقوم بها النساء العربيات، لا تزيد النسبة المئوية لمساهمتهن في الناتج القومي في أوطاننا العربية مجتمعة، عن 18 في المئة، فيما تصل هذه النسبة إلى معدل 37 بالمئة على الصعيد العالمي حسب أرقام البنك الدولي. فمعظم النساء في بلداننا لا يقمن بنشاط اقتصادي وفي لبنان فقط 25 بالمئة منهن تنشطن اقتصادياً، ونسبة البطالة لدى الإناث هي ضعف ما هي عليه لدى الذكور.
والفجوة القائمة بين نجاحات النساء وتفوقهن في التحصيل العلمي في لبنان والعالم العربي، وبين تدني مساهمتهن في النشاط الاقتصادي، تعود بنوع خاص إلى كون الأدوار الرعائية والأسرية لا تزال محصورة في بلداننا بالنساء دون الرجال.
كذلك، إننا في لبنان نشعر بالخيبة، عندما نرى أنه، على الرغم من النجاحات التي تحققها النساء في ميادين المهن الحرة، في المحاماة والطب والهندسة، كما في مجالات القضاء والتعليم الأكاديمي وميدان الفنون، يأتي تصنيف بلدنا عالميا في العام 2018، في المرتبة 140 من أصل 149 من حيث المساواة بين الجنسين.
وأضافت: “إننا في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عازمات على العمل لتصحيح هذا الوضع. لذا نقوم بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لرفع مستوى تمكين النساء من المشاركة في الريادة والقيادة في المجال الاقتصادي كما في المجال السياسي. ونعمل أيضا جاهدات لإيجاد منظومة تشريعية وقضائية وأمنية تحمي النساء في لبنان من الممارسات الخاطئة الموروثة من عصور الجهل والمبررة للتسلط بالعنف على مصائرهن.
من هنا كان اهتمامنا بتطبيق قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف، باستحداث المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي الخط الساخن 1745 لتلقي الشكاوى عن حصول حالات عنف ضد النساء. ونسعى الى استحداث مركز موحد لدى القوى الأمنية للتقدم بالشكاوى وتوفير الخدمات للنساء المعنفات. ومن هنا أيضا تركيزنا في الحملات التوعوية التي نقوم بها، على تصحيح الموروثات الثقافية التي تحط من شأن النساء وكرامتهن، وتحول دون تمثيلهن بنسب مقبولة في البرلمان وفي المجالس البلدية كما في الهيئات النقابية. وبإيجاز فنحن مثابرون في الهيئة على العمل بغية تنزيه كل القوانين من المواد المجحفة بحقوق المرأة والفتاة. ونأمل في التوصل قريبا إلى حمل المجلس النيابي على اعتماد سن ال 18 عاما سنا أدنى للزواج للشابات كما للشباب، وعلى اعتماد كوتا لتمثيل النساء في البرلمان، مرحليا، وفي المجالس البلدية. ونأمل في أن تتبنى الحكومة الجديدة الخطة الوطنية التي أعددناها مع كل الإدارات المعنية لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1325 حول المرأة والأمن والسلام”.
وتابعت: “كلنا أمل في أن تنجح حكومة بلادنا الجديدة، في إعطاء دفع جديد لدينامية مجتمعنا، الذي لطالما شكلت الحركة النسائية فيه قوة حية مكنته عبر العقود من التغلب على التفكك والانهيار. ولنا آمال كبيرة في أن ينجح التعاون بين الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ووسائر الوزارات والإدارات ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، في تحقيق نهضة جديدة، تتيح لشاباتنا وشباننا، التخلي عن الخشية من المستقبل، والتحلي بالثقة بقدراتهم الذاتية على المساهمة في بناء مجتمعنا”.
وشكرت المجلس النسائي اللبناني الذي “كان ولا يزال جامعا لنساء لبنان وشاهدا على مساهمتهن في تشييد كيانه وثقافته، على تنظيم هذا المؤتمر. وأحيي منظمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة على مشاركتهم في إقامته. فمن شأن اللقاءات الإقليمية والدولية أن تثري ثقافتنا وتوسع آفاقنا وان تنمي التعاضد بين النساء وهيئاتهن في منطقتنا العربية وفي العالم”.