برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري ممثلاً بوزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات المهندس عادل أفيوني افتتح في فندق فينيسيا-بيروت قبل ظهر اليوم، منتدى المال والأعمال “لبنان في عين المؤتمرات الدولية”، الذي تنظمه “شركة كونفكس انترناشيونال” بالتعاون مع مصرف لبنان ، في حضور الرئيس السابق العماد ميشال سليمان، الرئيس حسين الحسيني، الرئيس فؤاد السنيورة، الرئيس تمام سلام، وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن، وزير المالية علي حسن خليل، وزير الإعلام جمال الجراح، نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان نبيل فهد ممثلا وزير الإتصالات محمد شقير، وزير السياحة أواديس كيدانيان، وزير العمل كميل ابو سليمان، النائب زياد حواط، الوزير السابق فريج صابونجيان، النائب السابق سليم دياب، وعدد من السفراء، حاكم مصرف لبنان رياض سلامه، رئيس غرفة طرابلس ولبنان الشمالي توفيق دبوسي، رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني، رئيس جمعية مصارف لبنان، رئيس مجلس الإدارة – المدير العام لمجموعة الإعتماد اللبناني، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزيف طربيه، رئيس مجلس إدارة “بنك لبنان والمهجر” سعد أزهري، رئيس مجلس إدارة الندوة الإقتصادية، وشركة “كونفكس” رفيق زنتوت، رئيس جمعية الضرائب اللبنانية هشام المكمل، ونخبة من المسؤولين وأصحاب الإختصاص في القطاعين العام والخاص، ومسؤولين من كبرى الشركات اللبنانية والمؤسسات المالية.
وتمحورت جلسات العمل حول سبل الإستفادة من المؤتمرات الدولية الداعمة للبنان، ومستقبل الإقتصاد اللبناني في ظل التحركات الخارجية.
زنتوت
قدمت للمنتدى الزميلة جويل الحاج موسى، ثم ألقى زنتوت كلمة استهلها بالقول: “حط قطار المؤتمرات الدولية الداعمة رحاله في لبنان، بالتزامن مع اطلاق عجلات القطار الإصلاحي لإعادة الوطن إلى السكة الاقتصادية والمالية الصحيحتين. فمن باريس وبروكسل مرورا بروما، كان وقود محطات الدّول يضخ باتجاه العمل على ضرورة حماية لبنان من رياح الأزمات التي تحاصره، مدعوماً بتوجه إقليمي يهدف إلى حفظ استقراره وأمنه السياسيين والاجتماعيين”.
وأضاف: “مما لا شك فيه، أن هناك توافقا من قبل رئيسي الجمهورية، العماد ميشال عون، والمجلس النيابي نبيه بري، لجهة عدم تفويت الفرص التي توفرها تلك المؤتمرات، وتحقيق أكبر قدر من الإستفادة لمصلحة اللبنانيين، لأن المرحلة لا تحتمل التأخير والمماطلة، لذلك نلمس إصرار رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على القيام بكل ما هو مطلوب لتحفيز آليات حكومة “الى العمل”، وانجاز كل الملفات العالقة، واجراء الاصلاحات الاقتصادية. ولا بد هنا، من التنويه، بأن اقرار الموازنة يعيد الإنتظام المالي، وكذلك وضع خطة لمعالجة مشكلة الكهرباء، كلها مؤشرات تشكل حافزا للدول المانحة على مواصلة دعمها لنا”.
وتابع زنتوت: “يتجدد اللقاء معكم، لنسلّط الضوء على الانعكاسات الإيجابية للمؤتمرات الدولية، ولنخرج من الصورة القاتمة “بصيص أمل” يسهم في تحقيق النهضة الاقتصادية. فقد شبعنا تضخيما لخطورة الأوضاع الإقتصادية. والجميع يعلم بأّن الدولة وفت بالتزاماتها في كثير من المحطات الداهمة. وهنا أستطيع القول، استنادا لما يتم طرحه من مشاريع استنهاضية، أن الأمل موجود طالما أن هناك مساع رسمية، محلية ودولية، لمساعدة لبنان على الخروج من النفق الإقتصادي المظلم، لأنه لا بد في نهايته من نور مقبل”، لافتا إلى أن “المنتدى يوفر مساحة مشتركة لتبادل الطروحات والرؤى بين رجال الأعمال وأصحاب القرار السياسي، ومناقشة مزايا المؤتمرات الداعمة والجدوى منها، مع التركيز على سبل الإستفادة من مشاريعها، وترجمتها في عمليات تحقق نموا يلبي حاجات اللبنانيين”.
ورأى “ان اقتصادنا الوطني أمام مرحلة واعدة، والوقت ليس في مصلحة أحد، فالجميع في مركب واحد، وهناك فرصة سانحة أمامنا لإنعاشه. دعونا نضع الخلافات السياسية جانبا، ولننظر الى مصلحة لبنان العليا، ونستغل عاملي الإجماع الوطني والإستقرار الأمني، لنتلاقى ضمن استراتيجية اقتصادية تخرج البلد من كبوته، خصوصا بعد أن نجح الرئيس الحريري، لما يتمتع به من ثقة دولية ترجمت، في إقناع المؤتمرين في “سيدر” بضرورة تقديم الدعم المالي لمساعدتنا على تنفيذ المشاريع، التي تساعد لبنان على تخطي أزمته وتفعيل دورته الاقتصادية”.
وختم قائلا: “نحن كهيئات اقتصادية ورجال أعمال متفائلون بالنتائج التي سنجنيها من مؤتمر “سيدر”، لأن قطاعنا الخاص، لديه القدرة الكاملة، على المشاركة في برامجه”.
طربيه
بعدها، تحدث رئيس جمعية مصارف لبنان رئيس مجلس الإدارة – المدير العام لمجموعة الإعتماد اللبناني، رئيس مجلس إدارة الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، فقال: “للمصادفة الزمنية، نلتقي اليوم بعد عام بالتمام على انعقاد مؤتمر “سيدر”، وما تم بعده من انجاز للانتخابات النيابية وفق قانون جديد، ثم تأليف حكومة جديدة برئاسة الرئيس سعد الحريري لاقت دعم المجتمع الدولي، مع وعدها بالتزام اصلاح شامل. وقد سبق الانجازين المذكورين خروج لبنان من دوامة الفراغ الدستوري وانطلاقة العهد الجديد برئاسة العماد ميشال عون، مما وفر فرصة طيبة لتثبيت ركائز الاستقرار والعودة الى الاهتمام بالاقتصاد وتعويض خسائر الركود المتمادي بعد العام 2011”.
اضاف: “برزت عناوين الاجراءات المطلوبة في مذكرة الحكومة السابقة الى مؤتمر سيدر. وصارت لاحقا جزءا ملزما لخطة النهوض ومستلزماتها من مساعدات وقروض للقطاعين العام والخاص، وبما يتجاوز 11.6 مليار دولار، تمثل أكثر من 20 في المئة من اجمالي الناتج المحلي”.
وتابع: “لا أجد فائدة مرجوة في عرض وقائع ومحطات عايشناها معا طوال عام مضى. انما أردت التوقف امام المشهد العام وتأثير التأخير في عكس وجهة النتائج المتوخاة. انه التأخير، انه الوقت الثمين الذي نستهين بوزنه في تغيير المعادلات. مع كل ذلك، نحن لا نستسلم. القطاع الخاص هو قاطرة النمو للبلد وناسه واقتصاده. ولن ندخر جهدا ممكنا للدعوة في اتجاه الايفاء بالتزامات مؤتمر سيدر، ولمطالب كل مكونات الشعب اللبناني، وتوصيات الدول والمؤسسات الشقيقة والصديقة، التي تظهر عزمها في معاونة بلدنا على معاودة النهوض، خصوصا وان اللبنانيين كلهم متفقون في الجوهر، وما يفرقهم هي التفاصيل التي يمكن تجاوزها امام تفاقم الاخطار”.
ودعا طربيه الى “خريطة طريق تليق بلبنان وموقعه ودوره وبمواطنيه الذين نشروا ثقافاتهم واسهاماتهم ونجاحاتهم وانجازاتهم عملا واغترابا في المنطقة والعالم، آخذين بعين الاعتبار ما يلي:
أولا: نحن ننظر بايجابية الى كثافة الاهتمام الخارجي بلبنان، وحفز مسؤوليه على تسريع المعالجات في المجالات التي اصبحت معروفة للقاصي والداني، وفي مقدمها المالية العامة، حيث تتكاثر مصادر عجز الموازنة. ومن ابرز المهتمين بذلك البنك الدولي، وهو شريك استراتيجي في التزامات مؤتمر سيدر ويحمل حصة الدعم الأكبر. والوصف عينه ينطبق على الدولة الفرنسية التي تطوعت بدور المنسق المركزي للمؤتمر. كما يتمدد التقييم الى كل الدول والمؤسسات المهتمة والراغبة بدعم لبنان واقتصاده، وخصوصا الدول العربية الشقيقة المساهمة في تمويل برنامج سيدر.
ثانيا: هناك سباق مع الزمن لانجاز الاصلاح المرتجى والوقت مكلف في ظل تباطؤ الاقتصاد وتفاقم أزمة المالية العامة وانحدار مجمل الأنشطة الانتاجية وتوسع عجز الميزان التجاري الى نحو 17 مليار دولار وتراكم عجز ميزان المدفوعات الى مستويات مقلقة، والتراجع في أغلب القطاعات الانتاجية”.
وأكد ان “المطلوب جدول أولويات يتقدمه بند إجراء الإصلاحات الجذرية والبنيوية المنتظرة منذ مدة في المجالات المالية والإدارية والإقتصادية وتنفيذ المقررات المتخذة في المحافل والمؤتمرات الدولية التي سبقت الإنتخابات النيابية الأخيرة (باريس ، وروما وبروكسيل) لما فيها من مبادرات ومشاريع والتزامات محفزة للنمو الإقتصادي والاستقرار الاجتماعي في لبنان”.
وقال: “البداية هي في ملف الكهرباء، واقرار الموازنة العامة للعام الحالي، مع اعادة هيكلة النفقات والواردات بما يفضي الى اعادة خفض معدل العجز من 11 الى 8 % من الناتج في المرحلة الأولى، ومن ثم اعادة الاعتبار لالتزام خفض العجز الى 5 % من الناتج خلال 5 سنوات، مضى منها واحدة، وفقا لما التزمته الحكومة أمام المجتمع الدولي”.
واكد “ان لبنان اليوم يجب ان يواجه الحقيقة بشجاعة، ويجري التحسينات الهامة المطلوبة في المجالات السياسية والاقتصادية والمالية، والالتزام بالانضباط المالي والتقشف مراعاة للامكانات الحقيقية للدولة وبمنأى عن المكرمات الشعبوية”. وقال: “ان الاصلاحات المطلوبة تتخطى موضوع الموازنة ومعالجة ملف الكهرباء. فقد أتى الوقت لمعالجة الخلل البنيوي في الميزان التجاري، الذي يشكل السبب الاول في عجز ميزان المدفوعات الذي تفاقم في الفترة الاولى من هذا العام حيث قارب الملياري دولار اميركي، وهو ناتج عن ارتفاع فاتورة الاستهلاك في اقتصاد استهلاكي مع ضعف مستوى الصادرات. لبنان يستهلك اكثر مما ينتج باضعاف ويتم تمويل هذا العجز من خلال الاستدانة. ان تفاقم العجز يخفض تصنيف لبنان ويرفع سعر الفوائد ويزيد الكلفة ويهدد الاستقرار”.
كما اكد ان “المطلوب اصلاحات هيكلية لتحسين الميزان التجاري وليس الكلام النظري عن تخفيض الفوائد فيما يزيد تفاقم العجز من الاسباب التي تؤدي لرفعها”. وقال: “ان هذا الموضوع حري بالمعالجة لانه احد اسباب العلل البنيوية للعجز، اما الاسباب الاخرى، فنحن نرصد على هذا الصعيد، ومنذ فترة مقاربة جديدة في اعداد مشروع قانون الموازنة العامة وفي التوجهات المالية للدولة عموما”.
واوضح انه “يصب في هذا السياق المحاولات الجادة لضرب مناخ الفساد، ووقف التوظيف العشوائي واعادة هيكلة وتنسيق أعمال الجمارك والمديريات العقارية والتدقيق في طلبات سلف الخزينة ومشروع قانون الغاء الاعفاءات الجمركية غير المبررة، ويأتي في مقدمة كل ذلك الخطوات المنتظرة في مجال الكهرباء وكذلك تسريع ملف النفط والغاز”.
ثالثا: ان القطاع المصرفي، والذي أتشرف بتمثيله، ليس محايدا في صناعة الانقاذ وفي اعادة تصويب مسار الاقتصاد على سكة النهوض والنمو. وما من شك أن القطاع المصرفي اللبناني سيظل ملتزما مساندة الدولة بمؤسساتها وسلطاتها الدستورية. فهذا خيار استراتيجي لم نفرط باي من ركائزه حتى في أصعب الظروف التي مر بها لبنان.
وذكر بأن “القطاع المصرفي يدير مدخرات اللبنانيين في لبنان والخارج، ويجب عدم استنزافه بضرب مناخ الثقة به وبفرض ضرائب جائرة عليه صعبة الاحتمال، كما حصل العام الماضي، في فرض الازدواج الضريبي على فوائد ايداعات المصارف، وهو أمر مستغرب وغير موجود في اي مكان في العالم. وادى هذا التدبير الى تدمير هيكلية ميزانيات المصارف، وخلق الاضطراب في سوق الفوائد التي ارتفعت بسرعة غير مسبوقة ملحقة الضرر بكل طالبي القروض من سكنية وتجارية وشخصية وعقارية، وبالاقتصاد اللبناني وبالمصارف نفسها”.
وقال: “لذلك، فان استسهال التعرض لقاعدة الودائع ولرساميل المصارف نفسها نتيجة التدابير الضريبية المجحفة، يضعف قدرتها على الاستمرار في جذب الودائع، وبالتالي يحد من قدرتها على التسليف الميسر للاقتصاد في وقت تستمر حاجة الدولة والمجتمع الى التمويل المصرفي. لذلك فان ما نسمعه من بعض الاصوات التي تستهدف المصارف وتوظيفاتها في الدين العام كسبب لتفاقم عجز الموازنة، بدلا من معالجة الاسباب الحقيقية لهذا العجز، ينتج عنه في المحصلة ابقاء الوضع دون معالجة اسبابه وتسميم المشهد المالي بما يؤدي الى خفض التصنيف الائتماني واقفال الاسواق المالية العالمية والمحلية امام الدولة في وضع تستمر فيه حاجتها للاستدانة مجددا”.
وقال طربيه: “حاولت بايجاز عرض حيثيات الواقع والمرتجى. لا أوافق القائلين بأننا في مركب واحد. أؤثر القول اننا في وطن واحد طالما كان وسيبقى واحة للفكر وللثقافة وللحرية ويملك قوة اغترابية فريدة. وطالما كان وسيظل مقصدا لسياحة العرب واصطيافهم وتعليمهم واستشفائهم ومؤتمراتهم المهنية والمتخصصة، وتوسعت الدائرة الى السياح الأجانب. وطننا ينعم باستقرار داخلي محمود في ظل عواصف عاتية تضرب طول المنطقة وعرضها”.
اضاف: “ماليا، لا يزال لدينا ميزات تفاضلية على المستوى النقدي بفعل احتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية والذهب، ونجاح حاكميته في تأمين الاستقرار النقدي لمدة جاوزت الربع قرن. كما ان أغلب ديننا العام محمول من بنوك ومؤسسات وطنية ومن البنك المركزي”.
وختم: “نحن في مرحلة دقيقة وحساسة. جل ما هو مطلوب هو: شد ألأحزمة وشحذ الهمم للخروج منها. بعدها من حق اللبنانيين أن يتطلعوا الى نجاح الخطة الطموحة للاستثمار في البنى التحتية وتحديثها، وأن يشاركوا في ورشة وطنية جامعة تتوخى اعادة الاعتبار لمقومات أساسية في مجالات مكافحة الفساد واحقاق مرجعية القضاء واستقلاله وتحديث الادارة، تزامنا مع تسريع التوجه الى الحوكمة والحكومة الالكترونية”.
سلامة
من جهته، اكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة “ان الإقتصاد اللبناني بحاجة إلى ضخ رساميل جديدة”، مشيرا الى انه “في سنة 2018، كانت نسبة النمو تقارب الـ1% في لبنان بينما قاربت في المنطقة ال2%”.
ولفت الى ان “الحصول على تمويل محلي من المصارف اللبنانية زاد صعوبة، فالقروض المصرفية للقطاع الخاص تمثل 110% من إجمالي الناتج المحلي”.
وأوضح “ان مصرف لبنان أطلق رزمة جديدة من القروض المدعومة موزعة كالآتي: 500 مليون دولار للقطاعات الإنتاجية وقروض سكنية بالليرة اللبنانية بقيمة 220 مليون دولار. وللسنة الثانية على التوالي، خصص مصرف لبنان للبنانيين المقيمين في الخارج قروضا بلغ مجموعها هذه السنة 100 مليون دولار”. وقال: “وانطلاقا من استخدامات القروض الممنوحة للبنانيين المغتربين، بالدولار وليس بالليرة اللبنانية، نستنتج أن معظمها يستخدم لتملك مساكن”.
وقال سلامة: “بفضل مبادرة دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ومجلس الانماء والاعمار، قدم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والإجتماعي لمصرف الإسكان قرضا بالدينار الكويتي، قيمته 165 مليون دولار. بالتالي، أصبح مجموع الأموال المتاحة لتمويل القروض السكنية يتراوح بين 450 و500 مليون دولار لهذا العام، هذا بغض النظر عن العمليات المتعلقة بالإسكان والتي أطلقتها بعض المصارف”.
أضاف: “من المفترض في هذه الرزمة التي بلغت قيمتها مليار دولار، أن تساهم في نمو الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 1.5% عام 2019”.
وأعلن سلامة “ان كلفة التمويل في لبنان ارتفعت، إنما نعتبر أن القروض المدعومة ستساعد في خفضها”.
وفي ما يتعلق بعملية إطلاق منصة تداول إلكترونية، قال سلامة: “لقد أحرزت هيئة الأسواق المالية تقدما ملحوظا، ويفترض أن يمنح ترخيص بتشغيل هذه المنصة بحلول شهر حزيران، علما أن الغرض من تشغيلها هو تأمين المزيد من السيولة للقطاع الخاص”، مشيرا الى انه “ستدرج في هذه المنصة الإلكترونية أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم وسندات دين القطاع الخاص، ليتم التداول بها في سوق ثانوية تمتاز بسيولتها ويمكن الوصول إليها من لبنان ومن الخارج”.
وتابع: “يمكن أيضا التداول بأسهم الصناديق العقارية. وفي هذا السياق، أصدر مصرف لبنان تعميما يشجع على إنشاء الصناديق العقارية. ونأمل أن يتم تأسيس المزيد من الصناديق العقارية بهدف تصفية مخزون الشقق غير المباعة، ما يؤمن سيولة يتم استخدامها في أسواق التسليف”.
واكد ان “مصرف لبنان يواصل دعمه اقتصاد المعرفة الرقمية، من خلال تقديم ضمانات للمصارف التي تمول أصحاب المبادرات في هذا المجال”. وقال: “حتى الآن، تم استثمار ما مجموعه 250 مليون دولار في اقتصاد المعرفة، وهناك مبلغ مماثل أي 250 مليون دولار ما زال متاحا للإستثمار”.
اضاف: “على صعيد آخر، قامت وكالة “موديز” بتخفيض تصنيف لبنان. وقامت أيضا وكالتا التصنيف الرئيسيتان الأخريان “ستاندارد أند بورز” و”فيتش” بتعديل نظرتهما للبنان إلى سلبية. استبق مصرف لبنان الأمور وعزز رسملة المصارف التجارية. فبفضل الهندسات المالية التي أجراها سنة 2016، بلغت نسبة الملاءة لدى المصارف 16% وتمكنت هذه الأخيرة من تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية IFRS 9. هذا ما سمح للمصارف بتجنب تداعيات تخفيض تصنيف لبنان، من دون أن تتأثر قدراتها التسليفية”.
من جهة أخرى، اعلن سلامة ان مصارف دولية مثل “البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية” تقوم بزيادة خطوطها الإئتمانية للمصارف اللبنانية التي تختارها. ويتواصل مصرف لبنان من جهته مع مصارف دولية أخرى لكي تحذو حذو البنك الأوروبي”.
واكد “ان لبنان، بفضل نظام الإمتثال المطبق لديه، وبفضل إلتزامه التبادل التلقائي للمعلومات لغايات ضريبية بهدف مكافحة التهرب الضريبي، هو بلد أهل للإستفادة من تمويل مؤسسات دولية كهذه أو من تمويل الجهات المشاركة في مؤتمر سيدر”.
وختم سلامة: “ان مصرف لبنان يؤكد مجددا سلامة ومتانة القطاع المصرفي في لبنان. وقد أصدرت وكالات التصنيف مؤخرا تقارير تفيد بأن النظرة للقطاع المصرفي في لبنان مستقرة. وتبقى الليرة اللبنانية ركيزة الثقة لاقتصادنا وقطاعنا المالي والإستقرار المالي. إن مصرف لبنان ملتزم بالإبقاء على سياسته الهادفة إلى استقرار سعر الصرف بين الليرة والدولار ويؤكد أن لديه القدرة على تحقيق هذا الهدف الذي بات مطلبا وطنيا. وخير دليل على ذلك ما ورد في البيان الوزاري للحكومة لنيل ثقة مجلس النواب”.
كلمة شقير
وألقى ممثل وزير الاتصالات محمد شقير نبيل فهد كلمة، أمل فيها “ان يكون هذا المنتدى فرصة حقيقية للنظر الى وضعنا الاقتصادي والمالي من وجهة نظر الجهات المانحة في المؤتمرات الدولية وطريقة تقييمهم، وان ما سينتج عنه من توصيات ستجد طريقها للتنفيذ، خصوصا مع ما نراه من إهتمام اقليمي ودولي لمساعدة لبنان للخروج من مآزقه المتعددة على الاصعدة الاقتصادية والمالية والاجتماعية”.
وقال: “في هذا الاطار، ينصب الاهتمام على موضوعين أساسيين، الأول يتعلق بالنازحين السوريين ومساعدتنا كدولة مضيفة، والثاني يتعلق بمساعدة لبنان في الخروج من أزمته الاقتصادية ووضعه على سكة النمو والازدهار، اي ما نعنيه هنا هو الفرص المتاحة والمشاريع المقررة في مؤتمر سيدر”.
اضاف: “في ما يتعلق بالموضوع الأول، نرى ضرورة ماسة لمعالجة أزمة النزوح لتأثيرها العميق في البلد وعلى مختلف المستويات، اقتصاديا، اجتماعيا، بيئيا وسكانيا. لذلك المطلوب بالحاح من المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته كاملة، في الدرجة الاولى بمساعدة لبنان بما يكفي لاحتواء الاضرار والتكاليف الباهظة التي يتكبدها، والتي تفوق كل تصور، وبالدرجة الثانية تأمين كل الظروف التي توفر لهم عودة آمنة ولائقة الى بلدهم، فليتم تقديم هذه المساعدات بطريقة تحفزهم على العودة ولاخراج لبنان من دائرة هذا الصراع الذي لا افادة لنا فيه مهما كانت طرق الحل”.
واكد “اننا كقطاع خاص، لا نحبذ الدخول في سجالات عقيمة بل نطلب ان يكون لحكومتنا ووزرائها موقف ثابت وموحد للولوج في حل هذه المصيبة الوطنية والتي لا قدرة للبلد ان يتحملها بعد الان”.
وقال: “في الموضوع الثاني يبقى مؤتمر سيدر هو الحدث، لأنه حتى الآن يشكل على المدى القصير، المعبر الوحيد لتنشيط الاقتصاد واعادته الى طريق التعافي والنهوض. نعم، لقد وفر المجتمع الدولي، مساعدات وفيرة للبنان لاعادة تطوير بنيته التحتية، بمبالغ تقدر بـ 11مليار دولار، وهذا رقم كبير في ظل شح التمويل على المستوى العالمي. لقد قام أصدقاء لبنان حول العالم بما عليهم، لكننا في لبنان قابلنا ذلك وفي الفترات السابقة بالكثير من التقاعس والاستلشاء، وظهر ذلك بتأخير تشكيل الحكومة لفترة ثمانية أشهر، واليوم مضى على نيل الحكومة الثقة أكثر من شهرين فيما الأداء في بعض الاحيان لم يكن على قدر التحديات”.
وتابع: “من هنا نطالب بتضامن فعلي بين كل مكونات الحكومة، وتسريع وتيرة العمل خصوصا لجهة اقرار الاصلاحات التي هي الركيزة الاساسية لأي عملية انقاذية، وكذلك للتقدم على مسار النهوض بالبلد وتحقيق النمو المستدام. فان عجز الخزينة وتفاقمه هو في صلب المشكلة ولا نرى حتى الان قرارات تنفذ على الارض للحد من المصاريف غير المجدية والتوظيف المستمر في القطاع العام. ان القطاع الخاص يراقب وينظر بشك كبير للجدية في تنفيذ الخطوات الاصلاحية واي انحراف عن الهدف الاساس وهو خفض العجز سيقابله احجام عن المشاركة في المشاريع”.
ورأى انه “لا يمكن الاسستمرار في الاختلاف وادارة البلاد عن طريق الفيتوات المتبادلة، فالمشكلات كبيرة والاحداث تسابقنا ومناعة اقتصادنا ومؤسساتنا تتلاشى ووضعنا النقدي في العناية الفائقة منذ 2016 والثقة بمستقبلنا في اندثار. نعم، فلتكن مصلحة البلد فوق اي مصلحة واعتبار.
على كل الايام المقبلة ستكون فاصلة، ونأمل من الجميع تحمل مسوؤلياتهم الوطنية، لاتخاذ قرارات شجاعة وجذرية خصوصا في ما يتعلق بموازنة العام 2019، واصلاح قطاع الكهرباء والبدء سريعا بتنفيذ مشاريع مؤتمر سيدر”.
ونوه “بشركة كونفكس ورئيسها الصديق رفيق زنتوت على اصراره على تنظيم منتدى المال والأعمال سنويا لاجراء نقاش صريح ومفتوح حول مختلف القضايا الاقتصادية المتعلقة بالبلد ومستقبله، ونأمل ان تكون التوصيات على قدر التحديات”.
أفيوني
وفي ختام الافتتاح، تحدث ممثل الرئيس الحريري الوزير أفيوني، فقال: “بداية إسمحوا لي أن أتوجه بالشكر إلى دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على تشريفي بتمثيله في هذا المنتدى الذي يطرح عنوان “لبنان في عين المؤتمرات الدولية”، وهو عنوان مهم يفتح نقاشا واسعا ومفيدا في هذه المرحلة الدقيقة التي يعيشها الاقتصاد اللبناني حول العلاقة الصحية التي يجب أن تربط لبنان بالمجتمع الدولي الذي غالبا ما شكل المظلة الراعية لإنعقاد أكثر من مؤتمر دولي لدعم لبنان وآخره مؤتمر سيدر”.
اضاف: “ففي ظل التحديات التي تطالعنا ليس خافيا على أحد أن الاقتصاد في لبنان يحتاج إلى عملية إصلاح جذرية لإعادة النهوض ولوضع البلاد مجددا على سكة النمو الاقتصادي والازدهار وخلق فرص عمل، لأن هذه هي أولويتنا في حكومة “إلى العمل”، وهذا ما ينتظره منا كل لبناني، وهذه كانت غاية المؤتمرات السابقة، وهذا جوهر الاقتراحات التي تقدمت بها الحكومة اللبنانية الى مؤتمر “سيدر” أي التصميم على حمل المبضع لقص كل الشوائب التي تستنزف إقتصادنا، من تراجع في البنى التحتية إلى عجز في المالية العامة وجمود في القطاعات المنتجة إلى قوانين وهيكليات وأسس لا تتماشى مع ما يتطلبه الاقتصاد الحديث ولا تلبي شروط زيادة النمو وجذب المستثمرين، وهذا ما تحرص حكومة “إلى العمل” على القيام به، أي الإنتقال إلى مرحلة تنفيذ إصلاحات “سيدر” والشروع في إزالة هذه العيوب التي تشوه إقتصادنا. وأقرب دليل على هذا الانتقال هو تصديها لمعالجة خطة الكهرباء ولاحقا سيأتي دور إقرار الموازنة وغيرها من الملفات التي تعهدنا بمعالجتها لتكون رسالة إيجابية إلى اللبنانيين كافة وإلى المانحين الأجانب والعرب بأن القوى السياسية في لبنان تقف صفا واحدا وراء الإصلاحات التي جرى الاتفاق عليها قبل عام في باريس، وفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس النواب نبيه بري ودولة الرئيس سعد الحريري هم أكثر الحريصين على انجاز كل الاصلاحات التي تضمنها مؤتمر “سيدر” لانها الطريق الضروري نحو النمو والنهوض”.
وتابع: “الفارق بين السابق واليوم، أننا أخذنا قرارا بالإجماع للسير بالإصلاح والانتقال إلى بناء إقتصاد عصري لأنه هو الطريق الحقيقي لإنقاذ لبنان، لقد أقرينا بالامس خطة الكهرباء في جو إيجابي وبناء بعد عمل دؤوب وجدي من قبل وزارة الطاقة وأعضاء اللجنة الوزارية المكلفة متابعة دراسة الخطة وكل المكونات السياسية، وهذا أبلغ دليل لأننا لا نملك الوقت للترف السياسي. وأي تلكؤ أو إهمال سيعرض إقتصادنا لمزيد من الضرر، وما يحصل اليوم وبالرغم من كل المصاعب التي نعيشها يدل على أننا نخطو أول خطواتنا نحو الإصلاح، وأن هناك إجماعا سياسيا على محاربة الخلل في الاقتصاد وإتفاقا ناجزا على أن الإصلاحات المطلوبة في “سيدر” يجب ان تستبق الإستثمارات. وهنا نجد أنه من المفيد التذكير بان البيان الوزاري حدد كل الإصلاحات المطلوبة وكل الاحزاب المشاركة في الحكومة وافقت على البيان”.
وأعلن “ان حكومة “إلى العمل” وضعت برنامجا واضحا وصريحا بالإصلاحات بهدف تشجيع المستثمرين، فجوهر مؤتمر “سيدر” هو الشراكة ما بين لبنان والمجتمع الدولي والشراكة ما بين الدولة والقطاع الخاص لتحقيق الاستقرار وتحقيق نمو مستدام وإيجاد فرص عمل للشباب والتعاون لمواجهة تداعيات أزمة النازحين السوريين ولحماية النموذج اللبناني للسلم الأهلي والعيش المشترك”، وقال: “الإصلاح ضروري، وواجب علينا أن نقوم به بغض النظر إن كان هناك مؤتمر “سيدر” أم لا، لأنه من المستحيل أن نكمل من دون إصلاحات ترتكز على برنامج إنفاق استثماري بالبنى التحتية وإصلاح مالي وخفض للعجز وإصلاحات هيكلية لتحديث الإدارة ومكافحة الفساد وتحديث التشريعات لتسهيل عمل القطاع الخاص وإصلاحات قطاعية لتحقيق الفائدة القصوى من الإستثمارات بالقطاعات ووضع استراتيجية لتطوير القطاعات الإنتاجية وزيادة حجم الصادرات. وقد تجاوب المجتمع الدولي مع رؤيتنا وحصلنا على دعم عبر قروض ميسرة وهبات بحوالي 11,5 مليار دولار ومن البنك الدولي، ومن دول الاتحاد الاوروبي ومؤسساته التمويلية ومن الدول العربية. واليوم أصبحنا في مرحلة العمل والتنفيذ، وورشة العمل بدأت حكوميا ورسميا من دون أن ننسى أن للقطاع الخاص دورا كبيرا جدا في مسيرتنا هذه. ولذلك كان حرصنا على إقرار قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام”.
اضاف: “هذا الدعم الذي من النادر الحصول على مثيله هو إنجاز بحد ذاته، أي أن يتمكن لبنان وفي ظرف إقليمي دقيق، ان يحصل على دعم باجماع ومشاركة دولية واسعة هو أكبر دليل على مكانتنا لدى الدول الصديقة وعلى اهمية النموذج اللبناني في العيش المشترك والاعتدال والنأي بالنفس وضرورة استمرار هذا النموذج وازدهاره، كما انه دليل على ثقة المجتمع الدولي بخطتنا لإعادة النهوض وعلى عمق علاقاتنا الدولية وعلى ثقة الدول المانحة على قدرتنا على التنفيذ”.
وختم مؤكدا ان “مؤتمر CEDRE هو فرصة للبنان لا يجوز ان نفوتها ومن هنا تصميمنا كحكومة على الانطلاق بورشة العمل وعلى التنفيذ بسرعة وفعالية و شفافية. وكلنا أمل ان حكومة “إلى العمل” ستثبت أنه بإستطاعتنا إنجاز الوعود إذا امتلكنا الإرادة وإذا عملنا سوية شعبا ودولة لإنجاز الاصلاحات بكل شفافية وان نمنع الفساد في البلد. صحيح أن مهمتنا لن تكون سهلة لكن واجبنا كحكومة “إلى العمل” هو أن نحافظ على هذا التوافق وان نسهر على تنفيذ خطة الإصلاح بحذافيرها. فبالرغم من المصاعب وما تتطلب من تضحيات إلا أن الامر يستحق حتى نحقق تطلعات اللبنانيين بمستقبل زاهر تكون فيه طموحات شبابنا متاحة في بلدهم و بين اهلهم لا في بلاد الاغتراب”.