ينظر نحو 40 في المائة من المحاسبين في دولة الإمارات العربية المتحدة حالياً إلى الذكاء الاصطناعي على أنه مجرد ظاهرة عابرة، في حين يرى 55 في المائة أن هذه التقنية ستصبح في غضون ثلاثة أعوام حقيقة واقعة.
ونُشرت هذه النتائج في تقرير جديد أصدرته جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) بعنوان “”التعلم الآلي: علم أكثر من مجرد خيال” والذي يسلط الضوء على الإمكانات الهائلة التي تنطوي عليها التطورات التقنية الجديدة في مهنة المحاسبة، ويركّز على التعلم الآلي أي قدرة الحواسيب على “التعلم” واتخاذ القرارات أو التنبؤ بناءً على تحليل مجموعات كبيرة من البيانات.
وقال نارايانان فايدياناثان، مؤلف التقرير ورئيس قسم تحليل معلومات الأعمال لدى جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) في سياق تعليقه: “يعتبر التعلّم الآلي مجالاً فائق الأهمية لتطوير مهارات المحاسبين، وسيكون إدراك قيمة هذا المجال وفوائده إضافة إلى التحديات الأخلاقية التي يفرضها، على قدر كبير من الأهمية في الفترة المقبلة. وبناءً على ذلك، يجب أن تكون نقطة الانطلاق هي الحاجات المبررة لقطاع الأعمال لهذه التقنية مع فهم واضح لما يمكن أن تقدمه للمؤسسات”.
وأضاف: “يمكن للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي إضفاء قيمة على عمل المحاسبين، بدءاً من توليد معلومات قيّمة لاستخدامها في عملية اتخاذ قرارات الأعمال، مروراً بكشف الاحتيال، وتقييم المخاطر، وفهم تعقيدات فرض الضرائب، وصولاً إلى رفع التقارير غير المالية على نحو أكثر فعالية. لذلك تحتاج مهنة المحاسبة إلى فهم آلية عمل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار دورها في التأثير على الثقة التي نضعها في قرارات هذه الأنظمة”.
من جهتها، قالت فازيلا غوبالاني، رئيس جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين البريطانية (ACCA) في الشرق الأوسط: “لقد استثمرت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل كبير في القدرات التكنولوجية في الفترة السابقة لانطلاق معرض ’إكسبو 2020‘، كما أنها تعتبر الآن مركزاً تقنياً مزدهراً. ولكن عندما يتعلق الأمر بالذكاء الاصطناعي، فإن المحاسبين يحاولون النظر في هذه الظاهرة من منظور الأصداء المحيطة بها لفهم الحقائق أكثر. وكما هو الحال مع جميع التقنيات الأخرى فإن القوة التي تمنحها التكنولوجيا تترافق دائماً مع المسؤولية، وفي حالة التعلم الآلي فإن الاعتبارات الأخلاقية ليست بعيدة عن ذلك على الإطلاق، إذ يحتاج المحاسبون إلى النظر في التسوية الأخلاقية المحتملة التي يمكن التوصل إليها وإدارتها عند اتخاذ القرارات باستخدام الخوارزميات (Algorithm)، مثل مخاطر تحيز مجموعات البيانات التي تغذي عمليات اتخاذ القرار، والمساءلة المرتبطة بالقرارات المتخذة”.
وتبيّن النتائج الخاصة بدولة الإمارات العربية المتحدة أن 46 في المائة ليس لديهم حالياً أي خطط لاستخدام التعلم الآلي في مؤسساتهم، في حين أن 12 في المائة لم يتخذوا قراراً حاسماً بشأنه بعد، كما يُجري 27 في المائة مناقشات أولية أو يستطلعون المفاهيم المتعلقة بهذا الأمر مقارنة بـ24 في المائة على مستوى العالم. هذا ووصل 5 في المائة، وهي واحدة من أعلى النسب مقارنة بالأسواق الأخرى، إلى مرحلة الاختبارات المتقدمة، ومن المتوقع البدء بتطبيق هذه التقنية في غضون ثلاثة إلى ستة أشهر، في حين أن 5 في المائة باتوا في وضع الإنتاج الكامل ويتعاملون مع بيانات مباشرة.
وتتمثل العوائق الرئيسية أمام تبني التعلم الآلي في دولة الإمارات العربية المتحدة في التكاليف بالنسبة لنحو 56 في المائة، في حين أشار 49 في المائة إلى النقص في الموظفين من ذوي المهارات والقادرين على اعتماد هذه التقنية، كما يُقرّ نحو الثلث تقريباً -النسبة الأعلى- بأنهم لا يرون أي فائدة واضحة من استخدام التعلم الآلي.
ويشدد التقرير على أنه يجب على جميع المختصّين في الشؤون المالية أن يكونوا على علم ولو بالحد الأدنى بكيفية تطوّر الذكاء الاصطناعي، وأن يبقوا متيّقظين لإمكانية تداخل القدرات المتطورة مع مدى تأثيرهم على وظائفهم. هذا وقامت جمعية (ACCA) بالفعل وفي سياق الاستعداد للمستقبل الرقمي، بإجراء مجموعة من الاختبارات الرقمية ضمن شهادة الـ(ACCA) والتي تعادل درجة الماجستير، كما عززت المحتوى الرقمي في العديد من اختبارات الطلاب، مع ضمان تواجد المحتوى الرقمي في التطوير المهني المستمر للأعضاء.
واختتمت فازيلا غوبالاني بالقول: “يشكل دخول التعلم الآلي إلى مجال المحاسبة فرصة هائلة ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل في العالم أجمع. ويتيح هذا المجال للمحاسبين المتخصصين اغتنام الفرصة لتطوير فهم أساسي للتقنيات الناشئة، وبناء مهاراتهم الرقمية إلى جانب مهارات التواصل حتى يتمكنوا من تفسير النتائج على نحو جيد، كما يمكنهم الاستفادة من قدرة التقنيات مثل التعلم الآلي لدعمهم في التحليل الذكي لكميات هائلة من البيانات”.