جامعة الروح القدس منحت دكتوراه فخرية للرئيس الحريري خلال حفل تخرّج طلابها

احتفلت جامعة الروح القدس – الكسليك بتخريج 127 طالباً وطالبة من كليّات الهندسة والطب والموسيقى واللاهوت، في حفل تم خلاله منح دكتوراه فخرية إلى المتحدث الرئيسي دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ودعا إليه رئيس الجامعة الأب الدكتور طلال هاشم، الذي أطلق على فوج المتخرّجين اسم “إلى العمل”، تيمّنًا بشعار الحكومة الحاليّة، حكومة “إلى العمل”.

حضر الحفل السفير البابوي في لبنان المطران جوزيف سبيتيري، القائم بأعمال السفارة البابوية في لبنان المونسنيور إيفان سانتوس، قدس الأب العام نعمة الله الهاشم الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية والرئيس الأعلى للجامعة، والآباء المدبرون في الرهبانية، وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، المونسينيور باسيليوس جرجس موسى، النواب: روجيه عازار، زياد الحواط، وأنطوان حبشي، أعضاء مجلس أمناء الجامعة وحشد من القضاة والمدراء العامين والفعاليات السياسية والعسكرية والأمنية والدينية والنقابية والحزبية والبلدية والاختيارية والتربوية والإعلامية وأعضاء مجلس الجامعة وعائلة وأصدقاء الرئيس الحريري وأهالي المتخرجين،  في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني في الجامعة.

بدأ الحفل بدخول المتخرّجات والمتخرّجين، ثم اعتلى المنصة أعضاء مجلس الجامعة، تلاهم رئيس الجامعة الأب هاشم بصحبته الرئيس الحريري.

جبران

ثم ألقى كلمة الافتتاح الإعلامي توفيق جبران أفصح فيها عن شهادة مغترب سابق، أمضى أكثر من ثلاث وعشرين عاماً في الغربة، وعاد للعيش في الوطن بملء إرادته، وقال: “شهادتي كمغترب سابق عاد من سنة ونيّف أضعها أمامكم لهدف واحد عساها أن تكون صرخة يقظة للأجيال الجديدة لرجال المستقبل للمتخرجات والمتخرجين ولكل من له أذنان صاغيتان: إخوتي في الوطن، بعد العودة تعرفت على حقيقة مريرة عندنا وأنتم هنا مدركون لهذه الحقيقة: اللبناني اليوم مصاب بداء عضال، داء السلبية العبثية، وداء التذمر أو “النق” المتواصل، نمتهن ونحترف جلد النفس في كل الأوقات والمناسبات لدرجة تختلط علينا الحقائق الواضحة. لنستمع إلى حواراتنا في الطرقات والصالونات وعلى الشاشات والإذاعات”. وأضاف: “هذه هي شهادتي التي تضج في قلبي وعقلي وتؤلمني كثيراً منذ لحظة عودتي إلى لبنان. لذلك اسمحوا لي ورأفة بالأجيال الصاعدة أن أستغل هذه المناسبة للمطالبة بحملة وطنية علمية لمكافحة السلبية العبثية في لبنان، وأنا شخصيًا والكثيرون مثلي على استعداد أن نكون من الجنود المجهولين في هذه المبادرة على مستوى كل الوطن”.

كلمة المتخرجين ووقفة موسيقية

أما كلمة المتخرجين، فألقاها الطالب المتفوق ريكاردوس لبّوس، متحدثاً فيها عن فكرته الابتكارية التي تحولت، بدعم الجامعة، إلى شركة تجارية تُنتج موادًا طبيعية لحماية الخضار والفاكهة من الجراثيم والفطريات. ثم كانت وقفة موسيقية مع التنور إيليا فرنسيس وعازف البيانو دوري فرنسيس.

الأب هاشم

2ثم ألقى رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب الدكتور طلال هاشم كلمة، استهلها بالقول: “دولة الرئيس، اليوم يجري الزمن بسرعةٍ، لأنّ الفرح، هنا، ممسكٌ بزمام الأمور. هو فرح، أوّلاً، لأنّ حضوركم مهيب ومحبّب في الوقت عينه، ولأنّ ترؤّسكم حفل التخرج الأوّل لهذه السنة في جامعتنا الحبيبة، جامعة الروح القدس، يضفي عليها شرفًا وفرحًا كبيرين. ولقد ضاعفتم الشرف والفرح عندما ارتضيتم أن تقبلوا الدكتوراه الفخريّة من جامعتنا، وتصبحوا من عداد خرّيجيها الفخريّين، لتعلن الجامعة أنّها تتشارك وايّاكم القيم الحميدة، ولكي تقدّمكم وتقدّم مسيرتكم، مثالاً لطلاّبها ولخرّيجيها. هذا الفرح يتفاخر على الأفراح أمثاله، لأنّكم اليوم، وللمرّة الأولى في تاريخكم، تقبلون دكتوراه فخريّة. وهو فرح، ثانيًا، لأنّ الخرّيجات والخرّيجين، من كليّات اللاهوت والموسيقى والطبّ والهندسة، يطوون صفحة من صفحات حياتهم، ويسيرون إلى الأمام ويعلنون أن قطف ثمار التعب قد حان. وهو فرحٌ، ثالثًا، لأنّ جامعتنا تتابع مسيرتها، بخطًى حثيثةٍ وثابتةٍ، ترعاها الأمّ الرّهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، تحت نظر الربّ الخالق والمـــــــعين. إنّ هذه الأفراح الثلاثة، المتعلقة بشخصكم، وبالخرّيجين، وبجامعتنا، ليست أفراحًا مبعثرة، بل هي تلتقي في مساحةٍ مشتركة، عنوانها “المسيرة الفعّالة، إلى الأمام”.

ثم أضاف: “تحت هذا العنوان، “المسيرة الفعّالة، إلى الأمام”، نرى مسيرتكم. فحين تزلزلت أرض لبنان وسماؤه، في 14 شباط 2005، في يوم اغتيال والدكم دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عشتم هول الحدث، ولكنّكم شددتم الركاب ومسكتم مشعل القيادة بحزمٍ، وأعلنتم جهارًا ما ردّدتموه لاحقًا في مناسبات عديدة: “نحن لدينا مسيرة سنكملها وهي وحدة لبنان ومصلحة لبنان أوّلاً”. وإنّ ما أكّدتموه في جولتكم البقاعيّة في 21 نيسان 2018، يبين جوهر هذه المسيرة وطبيعتها، فلقد أعلنتم: “إنما نهجنا هو نهج الاعتدال والوسطية … نحن إن شاء الله مستمرّون في هذه المسيرة، مسيرة خيرٍ، مسيرة رفيق الحريري رحمه الله، الذي ناضل واستشهد من أجل هذا البلد”. في تلك المسيرة، جابهتم تحدّيات كثيرة وتعرّضتم لمصاعب جمّة، ولخيبات أملٍ تحبط من لا يتسلّح بإيمانٍ عميق. وأنتم لم تحبطوا، لأنّ إيمانكم صلب بالله وبلبنان وبمسيرتكم. لقد سرتم إلى الأمام، بشكلٍ فعّال، ونبذتم كلّ شكلٍ من أشكال التطرّف، واعتمدتم الاعتدال نهجًا، عاملين، بفعاليّةٍ، من أجل لبنان ومن أجل جميع اللبنانيّين. لذا مددتم اليد إلى الأفرقاء اللبنانيّين كافّة، واتّخذتم، عند كلّ منعطفٍ، القرارات الجريئة، من أجل وحدة لبنان، وازدهاره وتألّقه”.

وتابع الأب هاشم: “وإذا كانت التحديات والمصاعب وخيبات الأمل، غالبًا ما تقسّي القلب وتجهّم الوجه وترسم عليه ملامح الحزن، فلقد خاب ظنّها عندكم، إذ إنّكم بقيتم، في خضمّها وبالرغم منها وعنها، صاحب القلب الطيّب الذي تعكس طيبته ابتسامة على الوجه يحبّها اللبنانيّون كثيرًا. وبقيتم صاحب العفويّة الجميلة، التي تجذب إليها طالبي السيلفي (selfie). وبقيتم رجل الدولة المتنبّه إلى كلّ فئات المجتمع. فاحتلّت المرأة مكانًا مميّزًا في عملكم السياسيّ…”

وأردف قائلاً: “في كلّ ذلك، أنتم رجل دولة، تريدون العمل وتفقهون أنّ النموّ لا يكون بالقوقعة وبإرضائيّة اجتماعيّة وشعبوية فئوية، بل بعمل دؤوب وانتاج محفٍّ، يطال الجميع. في هذا الصدد، كم كان لافتًا، تصريحكم عبر تويتر في 20 شباط الفائت، في اليوم العالميّ للعدالة الاجتماعية، حين قلتم: “العمل على تحرير الإنسان من الخوف والحاجة، هو الطريقة الفضلى لتحقيق العدالة الاجتماعية، إنه طريقنا وخطة عملنا في الحكومة الجديدة”. هكذا بيّنتم كيف إنّ جميع فئات الشعب اللبنانيّ موجودة في قلبكم وفي فكركم وفي عملكم، في حكومة “إلى العمل”. لقد لخّصتم، بشكلٍ بليغ، طريقة عملكم خلال مسيرتكم عبر السنين، في مؤتمركم الصحافيّ منذ ستّة عشر يومًا، في 11 حزيران، حين قلتم: “انا تربّيت على حماية البلد، وعلى الحوار والعيش المشترك، وعلى ثقافة البناء والإعمار والعمل لراحة الناس، ثقافة وطنية تنظر إلى جميع اللبنانيين وتعمل مع جميع اللبنانيين”. في هذا الإطار بالذات، تترسّخ عندنا القناعة بضرورة تبني المقاربة الاجتماعية والاقتصادية التي لا تتخذ من الايديولوجيّات التقليديّة مبدأً، بل هي تنتقي من كلّ نظامٍ اجتماعيٍّ أو اقتصاديٍّ ما يلائم واقع الحال في مجتمعٍ معين، من أجل خير الإنسان، كلّ إنسان وكلّ الإنسان، وخير المجتمع في آنٍ معًا. هذا ما ينادي به تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة الاجتماعيّ على مرّ العصور والسنين. وهنا أيضًا، يا دولة الرئيس، أسمح لنفسي بلفت النظر إلى ضرورة إبقاء الحريّة الكافية لمؤسسات التعليم العالي في لبنان، لكي تتمتع بديناميكيّةٍ تطوّريّة، كلّ منها وفق تقليدها وواقعها. إنّ بعض محاولات فرض رؤًى وأنظمةٍ معيّنةٍ على مؤسسات التعليم العالي مؤذٍ لحيويّة هذا القطاع في بلدنا الحبيب لبنان الذي طالما وصف بجامعة الشرق”.

 ثم توجّه إلى الخرّيجات والخرّيجين بالقول: “أنظر الآن إليكم وإلى فرحكم وفرح أهلكم الذين تعبوا معكم ومن أجلكم، لكي تصلوا إلى هذا النهار المفصليّ في تاريخكم. هذا الفرح ينخرط أيضًا في مسيرة فعّالة إلى الأمام. أقول هذا لأنّكم كنتم فعّالين ومنتجين لكي تصلوا إلى ما وصلتم إليه اليوم. أقول هذا لأنّ كلّاً منكم هو حقبة في مسيرة أهله. أتخيّل مدى تأثّرهم اليوم، هنا بينكم أو غائبين عنّا  قسراً، أو ناظرين إلينا من عل. هم اليوم يسكتون العقل والإرادة ويطلقون العنان للقلب ولتأثّره، حتى ولو فتح القلب مجاري الدموع في العينين. إليهم التحيّة، منكم ومن جامعتكم، لأنّهم أبطال يفرحون اليوم بتقدّم مسيرة حياتهم، من خلال نجاحكم ومسيرتكم. من ناحيةٍ أخرى، إنّ مسيرتكم فعّالة لأنّكم لم تأخذوا من جامعة الروح القدس فقط علومًا، بل تلقّيتم أيضًا تربية فريدة تنمّي الإنسان، من خلال النظام والكلمات والنشاطات والعلوم. لذا، باستطاعتكم أن تجابهوا التحديات والصعاب وخيبات الأمل وتمضون إلى الأمام. ثابروا على الدوام في المـضيّ إلى الأمام، وكونوا معتدلين ومنفتحين، على كلّ آخر. أحبّوا ذواتكم، وأحبّوا كلّ آخر. انبذوا التطرف الذي يدعو إلى عدم محبّة الآخر. فكلّ تطرفٍ، غير تطرّف المحبّة، تكتب له الهزيمة، لأنّ الله محبّةٌ، وهو المنتصر الدائم. وتطرّف المحبّة هو الانفتاح الكامل على الآخر ومحبّته والتضحية من اجله، “فما من حبٍّ أعظم من أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبائه” (يو 15: 13). كونوا متفائلين وواقعيّين. أحبّوا لبنان وأحبّوا المسؤولين فيه. أبدوا رأيكم بكلّ حريّة ومسؤوليّة اجتماعيّة، وساهموا في إنماء مجتمعكم، من خلال قيم تربّيتم عليها. لا مجتمع في العالم يخلو من الصعاب ومن القلق، فلا تيأسوا يومًا من لبنان. إسمعوا أيضًا ما يقول دولة الرئيس سعد الحريري: “قد أبدو بعض الأحيان مثاليًّا أو متفائلاً لأنّ والدي كان يقول لي بأنّه يوجد شيءٌ جيّدٌ في كلّ أمرٍ سيّئٍ ودائمًا هناك مستقبل … لا أحد سيقدّم لك أيّ شيء على طبق من فضّة، كل شيء سيكون صعبًا”. لذا أعود فأقول لكم: “إلى الأمام يا احبّائي، بكلّ فرح”. ولذا، أطلقت على فوجكم اسم “إلى العمل”، تيمّنًا بشعار الحكومة الحاليّة، حكومة “إلى العمل”.

واعتبر الأب هاشم أنّ “الفرح، هو أيضًا فرح جامعتكم. فهذا اليوم هو محطة في مسيرتها الفعّالة إلى الأمام. جامعة الروح القدس لا تحمل فقط بعض السنين من التراث، بل هي تحمل في طيّاتها هويّة الرّهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة ورسالتها. إنّ هذه الرّهبانيّة تضرب في عمق الزمان جذورها وتاريخها، عبر العصور، منذ القرون المسيحيّة الأولى ونشأة الحياة الرّهبانيّة في الكنيسة. وإنّ أحد أديارها، دير مار انطونيوس – قزحيا، هو الذي حوى أوّل مطبعة في الشرق، سنة 1610. ومكتبة الجامعة، كما مكتبات الأديار، تحوي كنوز التراث المارونيّ واللبنانيّ والمشرقيّ. هذه الرّهبانيّة تلوّنت بلون لبنان، وتوزعت أديارها ومراكزها على مساحة الوطن، ورافقت اللبنانيّين في أماكن عديدةٍ من انتشارهم، وقد تكون هي الرّهبانيّة الوحيدة في العالم التي تحمل اسم بلدها في اسمها.

وأضاف: “إذ أذكر لبنان وعلاقة الرّهبانيّة به، أتوجّه إلى رأس الدولة، فخامة الرئيس العماد ميشال عون، رئيس الجمهورية اللبنانية، وأحيّيه، مؤكّدًا له صلاتنا ووقوفنا إلى جانبه، وهو على رأس البلاد، في مسيرتها نحو غدٍ أفضل، وهو الأبيّ الذي يطبع بالكرامة الوطنيّة كلّ موقف يتّخذه. ونحن، يا دولة الرئيس، نجلّ تعاونكم مع فخامته لـما فيه خير الوطن والمواطنين. لقد دلّيتكم على ماهيّة الرّهبانيّة لأقول لكم من أيّ معدن خرجت جامعتكم. الكلّ يعلم كيف تقوم الجامعة بمسيرتها الفعّالة إلى الأمام، سنة بعد سنة. وما بعدها الدوليّ، وعولمتها وتصنيفها المتقدّم بشكل مطّرد، واعتمادات برامج عديدة فيها، وآخرها اعتماد برنامج كليّة الطب، إلاّ برهان ساطع على عملها الدؤوب في المسيرة الفعّالة إلى الأمام…”

وفي السياق عينه، أشار الأب الرئيس إلى “ماض قريب جدًّا، إذ إنني تسلّمت مشعل رئاسة الجامعة، منذ ثمانية أيّام، من الأب جورج حبيقة، رئيس الجامعة السابق، الذي أوجّه اليه التحيّة مع الشكر على كلّ غالٍ ونفيسٍ سكبه من أجل إعلاء شأن الجامعة وتعزيز مسيرتها إلى الأمام. أعي أنّ رئاسة جامعة الروح القدس هي شرفٌ كبيرٌ ومسؤوليةٌ جسيمةٌ توليني إيّاها الرّهبانيّة، وأسأل الصلاة والمؤازرة منكم جميعًا، لكي أقوم بها خير قيام، خلال المـدّة التي تريدها الرّهبانيّة. أعلم أنّني حلقة من سلسلة رهبان تولّوا المسؤوليات المختلفة في الرّهبانيّة، ومنها رئاسة الجامعة، وأفرح أن أرى تلك السلسلة تتواصل بنعمة الروح القدس، شفيع الجامعة. وهنا أسمح لنفسي، يا دولة الرئيس، أن أضيف نقطة شخصيّة أعبّر فيها عن اختلاج الفرح فيّ، إذ إنّ هذا الاحتفال هو الأوّل لي، كرئيس للجامعة، بعدما شكّلت الزيارة لكم في السراي الحكوميّ، أوّل عمل رسميّ في رئاستي، إذ رافقت قدس الأب العام لتوجيه الدعوة الرسمية إليكم. اتوسّم خيرًا ببداية مرتبطة بزيارٍ وباحتفال، على رأس كلّ منهما دولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. في الكلام عن الجامعة وعن الرّهبانيّة، أودّ أن أوجّه تحيّتي البنويّة إلى قدس الأب العام نعمة الله الهاشم السامي الاحترام. أشكره، كما أشكر مجمع الرئاسة العامّة المــــوّقر، على الثقة التي منحوني ايّاها وعلى مؤازرتهم لعمل الجامعة في تطوّرها وفي مسيرتها الفعّالة إلى الأمام. أشكر قدس الأب العام بنوعٍ خاصّ، لأنّه طلب من مجلس الجامعة إدراج بند منح الدكتوراه الفخريّة لدولة الرئيس سعد الحريري على جلساته. فتمّ فرح احتفالنا اليوم”.

وفي ختام كلمته، توجّه الأب هاشم إلى دولة الرئيس الحريري بالقول: “قدومكم إلى جامعة الروح القدس – الكسليك له دلالة كبيرة على عمق إيمانكم بالوحدة الوطنيّة، وهو في خطّ زيارة المرحوم والدكم إليها سنة 2001 لافتتاح برنامج كليّة العلوم والهندسة المعلوماتيّة حينها، وفي خطّ زيارته إلى المدرسة المركزية في جونية التابعة لرهبانيّتنا، سنة 1994. إنّكم تعلمون جيّدًا ما تمثّل هذه الرّهبانيّة وهذه الجامعة في الوجدان اللبنانيّ، ونحن، أيضًا، نعلم جيّدًا ما تمثّلون في الوجدان اللبنانيّ. لذا، يطيب لنا أن تتعانق مسيراتنا، دولتكم والجامعة والرّهبانيّة. ولذا، يطيب لي أن ألقي على كتفيكم عباءة الدكتوراه الفخريّة، وأن أحظى بشرف مناداتكم للمرّة الأولى: دولة الرئيس الدكتور سعد الحريري”.

الرئيس الدكتور الحريري

3وبعد منحه الدكتوراه الفخري، ألقى الرئيس الحريري كلمة استهلها بالقول: “مناسبات الخير والتلاقي والوحدة، تصنع المواعيد الكبرى في تاريخ الأوطان. موعدي معكم اليوم مناسبة على طريق الخير،  لأجل لبنان. فمنذ 25 سنة، لبّى والدي الرئيس الشهيد رفيق الحريري دعوة الرهبنة اللبنانية المارونية لحوار معه في المدرسة المركزية، على مقربة من هنا. حدث ذلك مع بدايات رحلة إعادة الاعمار التي فهمها رفيق الحريري أولا إعادة بناء الجسور ووصل ما انقطع بين اللبنانيين في سنوات الحروب والانقسام. وإذ أتوجه بتحية الصداقة والوفاء للمسؤولين عن الرهبنة في تلك الفترة،  لإسهامهم الخير في إعادة فتح الأبواب والقلوب، أقف اليوم أمامكم، متابعا المسيرة إياها، ومع المؤسسة العريقة إياها، ولو في صرح آخر من صروحها، هو هذه الجامعة الكبيرة، متخرجا بدوري منها بدرجة دكتوراه فخرية أعتز بها”.

وأضاف: “لكن الشهادة الأكبر هي ما نحمله معا، أنتم ونحن، تماما كما حصل مع جميع الذين رفضوا الدمار، فصعدوا من جديد إلى المشارف العالية، حيث يقف بناؤو الاوطان، ليستعيدوا، بالأيدي المتلاقية، الهدف الوطني الواحد والرؤية الوطنية الواحدة. ولكن لا بد من القول أنه، قبل ذلك اللقاء في المدرسة المركزية في شباط 1994، كانت الطريق قد عبدت في ما أراد القدر أن يرسمه للمواعيد الفاصلة، في التقاء والدي بالبطريرك الكبير الراحل مار نصر الله بطرس صفير، الذي أحيي معكم ذكراه الطيبة وأفضاله وانجازاته المسجلة في صفحات التاريخ، كي يعود الوفاق، وينفض لبنان عن نفسه غبار تلك الأيام، مستعيدا تجربته الرائدة، التي وصفها من تحمل هذه القاعة الرحبة اسمه، البابا يوحنا بولس الثاني، … بالرسالة.

وتوجّه إلى الطلاب المتخرجين بالقول: “اليوم، تنطلقون إلى ميادين العمل والحياة مسلحين بالقيم والعلم والاختصاص. هو أيضا يوم لكل صاحب أمل، ولكل حامل لرجاء بالمستقبل، لمستقبل لبنان. لقد جلست قبلكم في مقاعد الخريجين، وتطلعت مثلكم إلى الأفق الواعد، قبل أن تقودني الأقدار إلى الموقع الذي أنا فيه اليوم، في رئاسة مجلس الوزراء، بالمآسي والصعوبات التي تعرفونها، ولكن أيضا بالعزم الأكيد على تجاوزها، في اللقاء الدائم المضروب مع الغد. ونحن في لبنان كنا ولا نزال خير من يحسن المواجهة مع تحديات المستقبل، وقد برهن اللبناني تحت كل سماء، أنه مثال النجاح والتفوق والإبداع”.

وشدد على اننا اليوم “نتجاوز السياسة وأوضاعها وما يحيط بها من أجواء. اليوم، أدعوكم إلى اختراق هذا الضباب الذي يلف حياتنا اليومية ويقود الكثيرين إلى طرح التساؤلات. إفصلوا حياتكم المهنية الطالعة عما تسمعون وتشاهدون. وتبينوا جيدا أين هو لبنان الحقيقي، لبنان الذي تمثلونه أنتم. فالسياسة لها أوقاتها ولكن لبنان هو لكل وقت. السياسة قضية ظروف، والظروف تتغير، والأوطان الصلبة أقوى من أي ظروف. هذه الجامعة التي تتخرجون منها اليوم تنتمي مثل سائر المؤسسات التربوية والاجتماعية والإنسانية الأخرى، في المناطق ولدى كل الطوائف إلى أجيال من التاريخ، أوجدت لها أمكنة راسخة في الأرض وفي الضمائر. مرت الظروف، وهي صمدت. مرت السياسة، وهي استمرت. هبت العواصف من عندنا ومن حولنا، وهي بقيت. ولذلك لا تقلقوا. فهذه المؤسسات المعطاء على مساحة الوطن تزرع الإيمان في النفوس قبل العلم. الإيمان بالله  جل جلاله وبالقيم، ولا تزال من الركائز الأساسية للمجتمع اللبناني”.

وأكد أن “قوة لبنان كانت ولا تزال من قوة مجتمعه ومؤسساته، تحضنها الدولة في إطار النظام الحر والحريات العامة التي ارتبطت بالتأسيس منذ البداية وكرّسها دستور 1926، وأكدها الدستور المعدل عام 1991، تبعا لما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني في الطائف عام 1989. ولكن تحضنها أيضا بالثقة. الثقة المستعادة بالدولة. وأصارحكم أن التحدي الذي يواجهه المسؤولون اليوم، على أي مستوى كان، هو إستعادة هذه الثقة. وإني شخصيا مدرك تماما لهذا التحدي”.

وأضاف: “أيها الإخوة المتخرجون، في لبنان اليوم ضوضاء سياسية كبيرة. ولكن الأوطان لا تتقدم وتتطور بالحياة السياسية وحدها. اليوم، نسلم الشهادات لخريجي الهندسة والطب والموسيقى واللاهوت، ونتذكر أن أمثالكم، من الذين سبقوكم، حلقوا وأبدعوا في لبنان والخارج. ونتذكر أيضا أن مقياس التقدم والرقي ليس محصورا في متابعة الأحداث السياسية، وانقسامات السياسيين وخلافاتهم. فاللبنانيون هم شعب مميز، وهم أرقى بكثير من أن يكونوا خاضعين لهذه المبالغات اليومية التي تتسبب بالتوترات والقلق، وتظهر اللبنانيين من خلال انقساماتهم وتجاذباتهم، وتحجب الأوجه الأخرى  لإنجازاتهم”.

وتابع: “ليس من الضروري أن أكون في موقع المسؤولية لأقول لكم إن الأوقات الحالية، في منطقتنا بالذات، هي أوقات صعبة ومصيرية. فالنزاعات المسلحة فيها على الصعيدين الإقليمي والدولي ليست بحاجة إلى برهان. وحتى اليوم بقي لبنان بمنأى عنها، بجهودنا وجهود أصدقائنا الدوليين”.

وختم الرئيس الحريري: “إننا نأمل، رغم ما يشوب الحياة السياسية من مشاكل، أن يبقى لبنان بمنأى عنها، ليحقق دوره ورسالته في منطقته وفي العالم. ثقوا، في هذه الأوقات الدقيقة، أن السلاح الأول للمواجهة، في كل مكان وزمان، وفي شتى الظروف، هو العلم والثقافة. إنه سلاحكم في المواجهة يعززه الإيمان، وينير طرقاتكم أمام الخيارات الصحيحة والواعدة. هذه هي أمنيتي وتوصيتي لكم، مع كل التهنئة لكم وتمنياتي لجامعتكم بدوام التوفيق والنجاح”.

جائزة الدكتور إيلي شلالا

وتخليدًا لذكرى الدكتور إيلي شلالا، تسلّم الطالب المتفوّق في كليّة الطب والعلوم الطبيّة جوزف بو عاصي جائزة الدكتور إيلي شلالا من الأب هاشم، والبروفسور جان كلود لحود عميد كليّة الطب والعلوم الطبيّة، والدكتور أمل شلالا.

توزيع الشهادات

ثم جرى توزيع الشهادات على الطلاب المتخرجين، وأخذ الصورة التذكارية لمجلس الجامعة مع دولة الرئيس. واختتم الحفل بنخب المناسبة في الباحة الخارجية للجامعة.

 

 

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الذهب يحاول التقدم مستفيداً من البيانات الضعيفة والنشاط المنخفض لسوق العقود الأجلة

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com تحاول أسعار الذهب الفورية التقدم بشكل طفيف ...

النفط يميل إلى الارتفاع الطفيف وسط النشاط الضعيف للعقود الآجلة

بقلم سامر حسن، محلل أول لأسواق المال في XS.com ترتفع أسعار النفط اليوم بقرابة 0.9% و0.5% ...

التكنولوجيا القديمة لن تعيق تحقيق مكاسب من الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة بمنطقة الشرق الأوسط والعالم

دراسة “إيتون” الجديدة شملت أكثر من 120 صانع قرار في دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة ...