أصدرت بي دبليو سي تقريراً جديداً حول بيئة الاستثمار في دول مجلس التعاون الخليجي مشيرة إلى أن التحول إلى اقتصاد المعرفة يتزايد في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد ذكر التقرير أنه على الرغم من التقدم الجزئي الذي شهدته المنطقة مؤخراً في مجال الأبحاث، لازال حجم الأبحاث المنشورة ضعيف نسبياً مقارنة بالأبحاث التي يتم نشرها في الدول الأخرى خارج دول مجلس التعاون الخليجي. وما زالت هذه الأبحاث متأخرة كثيراً عما تنشره الدول التي تتبنى اقتصاد المعرفة منذ فترة.
وفي هذا الصدد، صرحت سالي جيفري، القائد العالمي لشبكة التعليم في بي دبليو سي، قائلةً: “ينطلق اقتصاد المعرفة من وجود قاعدة ثابتة ومستقرة لإجراء الأبحاث، فلا شك أن بناء منظومة بحثية جيدة الأداء أمر ينطوي على الكثير من التحديات. فالأمر يحتاج إلى صبر وضخ استثمارات تمويلية ضخمة وبذل الكثير من الجهد والتحلي بقدر كبير من العزم والمثابرة. وتحتاج العديد من المؤسسات العاملة في هذا المجال إلى تحقيق التناغم والانسجام فيما بينها بحيث تتاح للأفكار الجديدة جميع الفرص الممكنة للخروج من الطور النظري وتطبيقها على أرض الواقع. ويتطلب ذلك قدراً كبيراً من التعاون مع المؤسسات الدولية إلى جانب التعاون أيضاً بين الحكومات الإقليمية والقطاع الخاص”.
وأضافت: “لقد ساعدتنا النتائج التي توصلنا إليها مؤخراً من خلال الدراسة الاستقصائية التي أجريناها والمناقشات التي عقدناها مع ممثلي الجامعات البحثية الطموحة، وجود أربعة تحديات رئيسية داخل المنظومة البحثية بدول مجلس التعاون الخليجي. وللنجاح في هذا المسعى، يتعين على الحكومات في دول مجلس التعاون الخليجي وضع أجندة بحثية وطنية واضحة، وإعداد أطر قانونية، وتوزيع تمويل الأبحاث توزيعاً فعالاً، وتحفيز التعاون الأكاديمي/ التعاون بين القطاعات، وتمكين المؤسسات والأفراد. كما يتعين على الجامعات في الوقت نفسه زيادة الاستثمار في مرافقها البحثية “.
و أشارت نتائج التقرير الصادر عن بي دبليو سي إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر هي الدول التي تُصدر غالبية الأبحاث في دول مجلس التعاون الخليجي، مع استحواذ الجامعات السعودية على النسبة الأكبر من هذه الأبحاث (بواقع 23448 منشوراً بحثياً[1]). كما توصل التقرير إلى أن قطر تتمتع بأداء جيد على المستوى الإقليمي بالنظر إلى حجم السكان، حيث تبلغ نسبة ما تنشره من أبحاث 1,6 منشور لكل ألف نسمة. وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، أشار التقرير إلى أن هناك سبع جامعات تهيمن على إصدار الأبحاث في البلاد.
وعلى صعيد آخر، أشارت نتائج التقرير إلى أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تتخذ بعض الإجراءات على المستوى الاستراتيجي من أجل زيادة عدد الباحثين الحاصلين على شهادات الدكتوراه والطلاب الدارسين للحصول عليها، ولكن ما يزال أمامها شوطاً طويلاً يتعين عليها أن تقطعه. فعلى سبيل المثال، نسبة عدد طلاب الدكتوراه في المملكة العربية السعودية لكل 1000 نسمة (من ما تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً) هي 0,34، مقارنةً بالمتوسط المحدد من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والبالغة 1,25 بالنسبة لهذه الفئة العمرية، و2,69 للاقتصاد البحثي الأكثر تطوراً، مثل اقتصاد المملكة المتحدة. والأمر ليس بالسهل أيضاً إذا ما نظرنا إلى الحرب القائمة عالمياً لاستقطاب المواهب البحثية – فمن السهل استقطاب كبار الباحثين في المنطقة للعمل في دول أخرى حيث تكون فيها المنظومة البحثية أكثر تطوراً وتتيح لهم فيها فرصة أكبر لإحداث تأثير بوتيرة أسرع. ففي المملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، يدرس 13000 طالب من طلاب الدكتوراة في الخارج، أي ما يقرب من ضعف عدد الدارسين الذين اختاروا البقاء لإجراء أبحاثهم محلياً. ففي القطاع البحثي يعد عامل التنافسية و الوقت دورأً بالغ الاهمية.
و أضافت السيدة سالي قائلةً: “تعتمد قدرة أي دولة على تقييم المعارف الجديدة واستيعابها وتطبيقها اعتماداً كبيراً على الاستثمارات التي تضخها في مجال الأبحاث والتطوير. كما تعتمد ايضاً، على كيفية بنائها للقدرات المحلية من أجل الابتكار واكتساب ميزة تنافسية من تلك المعرفة. وفي حال التمكن من توظيف جميع هذه العناصر الرئيسية للعمل معاً بفاعلية أكبر، فسوف تتاح لدول مجلس التعاون الخليجي فرصة أكبر للنجاح في بناء منظومة بحثية أكاديمية مزدهرة واقتصاد قائم على المعرفة يتميز بقدر أكبر من الاستدامة”.