تكللت أشهر من العمل الشاق والتخطيط الدقيق بتتويج ناجح لقبة ساحة الوصل العملاقة، التي تمثل أبرز معلم في إكسبو 2020 دبي ودرة تاج الحدث الأروع في العالم. واستغرقت عملية وضع التاج الضخم في مكانه أعلى القبة العملاقة المصنوعة من الفولاذ ساعات طويلة من العمل الهندسي الشاق والدقيق.
ويصل حجم القبة إلى 724 ألف متر مكعب وارتفاعها إلى 67.5 مترا، متجاوزا طول برج بيزا المائل في إيطاليا. وتغطي القبةُ الفولاذية ساحةَ الوصل بقُطر 130 مترا في قلب موقع إكسبو 2020 دبي، وستكون المعلم المعماري الأحدث في مدينة دبي.
وقال سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة دبي للطيران الرئيس الأعلى لمجموعة طيران الإمارات رئيس اللجنة العليا لإكسبو 2020 دبي “تتويج قبة ساحة الوصل هي علامة تاريخية فارقة ليس لإكسبو 2020 وحسب بل لكل دبي والإمارات العربية المتحدة. إن هذه الأيقونة العمرانية الجديدة هي ضمن قائمة من التصاميم الملهمة التي جاءت ثمرة للعمل المشترك والدؤوب ورؤية قيادتنا الرشيدة. وهي مثال حقيقي على ما يمكن لبلادنا أن تفعله حينما تتوحد المهارات والمواهب لإنجاز عمل رائع.”
وأشاد سموه بجهد آلاف الفنيين والعاملين في الموقع الذين حولوا القبة إلى واقع ملموس قائلا “أهنئ جميع العاملين والقائمين على هذا الإنجاز الكبير الذي سيتبوأ مكانه مع باقي المنجزات العمرانية المتميزة التي تتباهى بها بلادنا أمام العالم.”
وقال المهندس أحمد الخطيب، الرئيس التنفيذي للتطوير والتسليم العقاري في إكسبو 2020 دبي، والذي يُشرف على هذا العمل الضخم، “مئات من المختصين شاركوا في هذه العملية البالغة الدقة واستخدموا معدات رفع متخصصة لإتمام هذه المهمة التي شكلت تحديا هندسيا فريدا. وعلق الخطيب على هذا قائلا إن “هذا هو أكثر الأيام سعادة على مدار تاريخي المهني كله. لقد نجحنا في تنفيذ المهمة على أكمل وجه”.
وستكون قبة الوصل شاشة عرض مبتكرة بنطاق 360 درجة، وستوفر تجربة غامرة لملايين الزوار خلال إكسبو 2020 دبي. ويمثل تتويج القبة محطة بالغة الأهمية في رحلة التحضير لاستضافة الحدث الدولي، مع قرب اكتمال جميع أعمال الإنشاء الدائمة التي يقودها إكسبو 2020 دبي بحلول نهاية العام الجاري وفقا للجدول الزمني الموضوع.
يصل وزن المُكوّن الفولاذي في تاج قبة ساحة الوصل إلى 550 طنا، وبطول 22.5 متر، لذا فقد كان من الضروري أن تكون في وضعها السليم والدقيق على قمة القضبان الفولاذية بهامش خطأ لا يتجاوز ثلاثة ملليمترات. وقد تمت العملية باستخدام تقنية تسمى تقنية رافعات الشد الحبلية (strand jacking). ووصل الوزن الإجمالي – بما في ذلك المكونات والمعدات اللازمة لرفع القبة خلال العملية – إلى 830 طنا، أي ما يعادل وزن 600 سيارة صغيرة.
واستُخدمت 18 رافعة هيدروليكية، مدعومة بحبال شد من الصلب المتصلة بثمانية عشر من القوائم المؤقتة، لرفع التاج الفولاذي شيئا فشيئا. وجرى وضع التاج على قمة الهيكل الرئيسي للقبة والبالغ ارتفاعه 45 مترا فوق سطح الأرض. وتم ربطه بالهيكل القائم من خلال 53 نقطة ربط. وشارك 800 شخص ما بين فنيين وخبراء إنشاءات في متابعة العمل طوال الليل، حيث عكفوا على مراقبة كل ملليمتر من العملية بعناية شديدة، باستخدام أجهزة تعمل بالنظام العالمي لتحديد المواقع (جي.بي.إس) للتأكد من وضع التاج في مكانه بدقة.
وللحفاظ على وضع القضبان الفولاذية التي تربط التاج بهيكل القبة، فقد تم شد تلك القضبان بعدد من الكابلات أثناء عملية التتويج من أجل ربط قضبان التاج الفولاذي بحلقة الضغط الوسطى المؤقتة. وقد أجرت فرق العمل العديد من اختبارات الرفع، لقياس حركة التاج العملاق أثناء رفعه من الأرض. وجرى ضبط كابلات الشد حتى أصبحت نقاط ربط محيط قضبان القبة في الوضع السليم اللازم لبدء عملية الرفع بالكامل.
وقال الخطيب “لقد كان تتويج قبة ساحة الوصل حدثا مذهلا بكل ما تحمل الكلمة من معان وواحدة من العمليات الهندسية الأصعب والأكثر دقة في العالم، لعدة أسباب من بينها تعقيدات الدخول إلى الموقع.
“رفع كتلة بثقل وضخامة تاج قبة ساحة الوصل عملية هندسية معقدة للغاية، بها الكثير من المتغيرات أيضا. أبسط مثال على تلك المتغيرات، هو حدوث تحول في اتجاه الرياح أو حرارة الجو، وهي متغيرات قد تؤثر بشكل كبير على حساباتنا. لذا، فإن المتابعة وإعادة التقييم بشكل مستمر كانا أمرين ضروريين طوال عملية رفع التاج إلى قمة القبة”.
وكلل تتويج قبة ساحة الوصل جهودا استمرت على مدى 14 شهرا للتحضير لهذه اللحظة. بدأت تلك الاستعدادات عندما غادرت القطع الأخيرة من قضبان القبة الفولاذية إيطاليا في السادس والعشرين من يونيو 2018. ووصلت أولى المكونات منفصلة إلى دبي في يوليو 2018، وجرى تجميع التاج بعناية على الأرض قبل رفعه إلى مكانه. وبعد وضع تاج القبة في مكانه، ستبدأ عملية اللحام لتثبيت التاج في هيكل القبة، والتي ستستغرق 25 يوما لإتمامها.
وتجسد كلمة الوصل معاني الاتصال والتواصل. لذا، ستكون ساحة الوصل القلب النابض في موقع إكسبو 2020 دبي، حيث ستربط المناطق الثلاث، وستكون نقطة الالتقاء الرئيسية للزوار خلال الحدث الدولي، وعلى مدى ستة أشهر. وقد صُممت ساحة الوصل لتكون ملتقى مغطى يختلف كثيرا عن غيره من المزارات في دبي، حيث ستحتضن العديد من الاستعراضات المبهرة والمناظر الطبيعية.
وتجسد قبة ساحة الوصل الشعار الرئيسي لإكسبو 2020 دبي، وهو “تواصل العقول وصنع المستقبل” لكونها ثمرة تعاون دولي بإسهامات من شركات من 13 بلدا. ساحة الوصل من تصميم شركةُ الهندسة المعمارية “أدريان سميث آند غوردون جيل” التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا. وجرى توريد الفولاذ الخام الذي استُخدم في بناء قبة ساحة الوصل من جمهورية التشيك والمجر وبولندا. وعملت شركات في بلجيكا وألمانيا وإسبانيا على تشكيل منحنيات قضبان قبة ساحة الوصل الفولاذية، قبل أن تعمل شركة “سيمولاي ريموند” على تجميع تلك القضبان في إيطاليا. وجرى شحن القضبان الفولاذية على دفعات إلى دبي من خلال شركة موانئ دبي العالمية، شريك إكسبو 2020 دبي للتجارة الدولية. وعملت شركة جيكوبز ميس للاستشارات مزود الخدمات الرسمي لإكسبو 2020 دبي في مجال إدارة إنجاز البرامج على إدارة مشاريع التشغيل عموما، وتلعب شركات من الولايات المتحدة وكندا والصين وفرنسا واليابان والمكسيك أيضا دورا مهما في إكمال القبة.
ولأهمية دور قبة ساحة الوصل في إكسبو 2020 دبي، فإنها ستتحول إلى شاشة عرض بنطاق 360 درجة، لتوفر تجربة عرض غامرة للزوار بنطاق 360 درجة يمكن مشاهدتها من الداخل والخارج. وستزود القبة بأحدث شاشات العرض من قبل خبراء شركة كريستي المتخصصين في السمعيات والبصريات، شريك إكسبو 2020 دبي لأجهزة وشاشات العرض. وستنظم تحتها العديد من العروض الاستعراضية، يؤديها فنانو الصف الأول والمشاهير من مختلف أنحاء العالم في مناسبات دولية مهمة، مثل رأس السنة الميلادية، والديوالي والسنة الصينية الجديدة.
ويقام إكسبو 2020 دبي على مدى ستة أشهر من 20 أكتوبر 2020 إلى العاشر من إبريل 2021، ومن المتوقع أن يستقطب 25 مليون زيارة، 70% منها من خارج دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذه هي أكبر نسبة زيارات دولية في تاريخ إكسبو الدولي الممتد منذ 168 عاما. وسيكون إكسبو 2020 دبي الحدث الأروع في العالم على مدى 173 يوما، وستحتضن ساحة الوصل الكثير من الاحتفالات الحية التي سيتجاوز عددها 60 حفلا يوميا.