ألقى وزير الاقتصاد والتجارة منصور في مؤتمر الاستثمار الاماراتي اللبناني في أبو ظبي كلمة حول التبادل التجاري وفرص الاستثمار في الامن الغذائي، قال فيها:” يسعدني أن تظلّلنا اليوم سماء الامارات العربيّة المتحدة لنبحث في قضايا تتناول التبادل التجاري وفرص الاستثمار في الامن الغذائي بين بلدينا، لكنها تذهب أعمق من ذلك لتؤّكد على علاقات الاخوة والصداقة بين لبنان ودولة الامارات، كما على المصالح المشتركة التي يمكن المراكمة عليها.
لقاؤنا اليوم يتمحور حول الانسان وأمنه الغذائي والصحي وبالتالي أمانه ورفاهه.
وتحقيق الامن الغذائي الذي نطمح اليه، في لبنان كما في الامارات، ليس عملا يسيراً، لكنه بالتأكيد، ليس مستحيلاً.
فكلا البلدين يتمتع بمقدّرات بشرية وعلمية وخبرات تؤهله لتنفيذ استراتيجية وطنية يعمل عليها تحقيقاً لاستتباب أمنه الغذائي المرتبط حكماً بالأمن الاقتصادي والاجتماعي.
وفي زمن التطور والتكنولوجيا، لم يعد مسموحاً ألا نعتمد على قدراتنا الذاتّية ومواردنا في إنتاج احتياجاتنا الغذائية.
واسمحوا لي في هذا المجال أن ألفت الى تزايد الاستهلاك في مجتمعاتنا بوتيرة أسرع بكثير من تزايد الإنتاج المحلي. هذا يشمل الغذاء، تماما كما سائر القطاعات. ولا أتعب من التحذير من حجم الاستهلاك المتضخّم في لبنان، الذي يتجاوز إجماليّ الناتج المحلي.
وأقولها بصراحة؛ حين نناقش كيفية تأمين أمننا الغذائي فهذا يستدعي في أحد وجوهه، تغييراً في ثقافتنا. ثقافة هدر الطعام تحت عنوان الكرم وحسن الضيافة وعناوين نبيلة كثيرة غيرها.
إلا ان النبل والكرم الحقيقيين هما بحفظ موارد البلاد لأهلها ولأجيالها الأتية، والتضامن مع كل جائع ومحتاج في أقاصي الارض. هذه مبادئ اخلاقية صحيح، لكنها ايضا مبادئ اجتماعيّة واقتصاديّة.
ومن المؤسف أن تتزايد أعداد العائلات اللبنانية التي تعيش تحت خط الفقر، خصوصا منذ العام 2011 الى اليوم. هذا ما ليس مقبولاً في بلد كلبنان أرضه خصبة ومياهه وافرة وطبيعته متعددة الفصول، وشعبه من أكثر شعوب المنطقة علماً وثقافة. أعرف اننا لسنا البلد الوحيد في العالم العربي الذي يستورد الكثير من مواده الغذائيّة. لكن أكثر ما يؤسفني أن نستورد ما نحن قادرون على إنتاجه. وأسمح لنفسي بأن أقول أن هذا ينسحب على بلدينا العزيزين.
ولا شك إن التعاون بين لبنان والامارات العربية المتحدة يمكن أن يُسهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلدين. فلبنان يوفر أرضية كفوءة للاستثمار، خصوصاً للإخوة الاماراتيين والعرب، لاسيما في قطاعي التغذية والزراعة اللذين قد يكونان منطلقاً لتنمية العلاقات في باقي القطاعات الاقتصادية. فعلى الصعيد الزراعي، عندنا تجارب رائدة وقصص نجاح تتمحور حول استخدام أنواع الزراعة الحديثة خارج التربة التي لا تحتاج الى مساحات كبيرة ويمكن، في هذه الانواع من الزراعات، التحكم بالحرارة وتوفير المياه اعتماداً على التكنولوجيا.
نحن نسعى إلى تقديم كل التسهيلات لرجال الأعمال الإماراتيين للاستثمار في لبنان، في العديد من القطاعات الواعدة، وفي طليعتها القطاع الزراعي خصوصا وأن الحكومة اللبنانية تولي أهمية خاصة اليوم للزراعة، وهو ما ركّزت عليه كذلك دراسة أعدّها الاستشاري ماكينزي .
أيّها الحضور الكريم،
اوجه الشبه الكثيرة بين لبنان والإمارات تجعلني على يقين أنه يمكننا ان نتكامل في العديد من الحقول الزراعية والصناعية والتجارية، كما في حقول التكنولوجيا والمعرفة. أما السياحة، فتعرفون ان لبنان يشّرع دائما القلوب قبل الابواب لأهله وجيرانه.
وأتمنى أن نوّثق هذه العلاقات ونزيد من حجم الاعمال بيننا لمصلحة بلدينا.
واختم شاكراً كل من نظّم هذا اللقاء متمنياً لأبو ظبي دوام النجاح والازدهار.