نظم مشروع بلد بالتعاون مع المعهد اللبناني لدراسات السوق ندوة حوارية بعنوان “سبل الخروج من الأزمة المعيشية في لبنان” في خيمة الاعتصام في ساحة عبد الحميد كرامي “النور” في مدينة طرابلس. وشارك في اللقاء رئيس المعهد الدكتور باتريك المارديني والخبراء الكنديون السيد فْرِد ماكماهون والدكتور مايكل ووكر من معهد فريزر (Fraser Institute).
وقد أشار د. مارديني إلى أن “المعهد اللبناني لدراسات السوق يعمل مع خبراء دوليين للاستفادة من تجارب الدول الأخرى الإصلاحية لتفادي الوقوع في اخطاء غيرنا. وقد صمم خبراء معهد فريزر مؤشر الحرية الاقتصادية مع أكثر من 60 خبيراً اقتصادياً من بينهم 3 نالوا جائزة نوبل في الاقتصاد. ويحدد هذا المؤشر سبل خروج الدول من الأزمات التي تعاني منها عبر تحفيز نموها.” وأضاف أن “الاعتصامات في لبنان مطلبية بجوهرها، وانطلقت حين قررت الدولة رفع الضريبة على البنزين وعلى القيمة المضافة والواتساب. ولكن الضرائب لم تكن سوى النقطة التي أفاضت الكأس، فاللبنانيون يطالبون بكهرباء ومياه وطرقات وإنترنت واقتصاد يخلق وظائف، وهم قد فقدوا الثقة في قدرة الحكومة على تأمين هذه المطالب. وقد كانت الحكومات المتعاقبة تستدين لتنفق على المشاريع، ولكن الخدمات لم تتحسن بسبب احتكار الدولة للقطاعات مثل الإنترنت والكهرباء وغيرها.”
وهنأ السيد مكماهون المعتصمين على طريقة التظاهر السلمية وأكد أن “اللبنانيين وحدهم يدرون ما هو الأفضل لهم. وعند النظر حول العالم، نجد أن لدى الدول الناجحة أسواقاً حرة غير محتكرة من الدولة أو المحسوبيات السياسية أو أصحاب الامتيازات ويهاجر الجميع إليها بحثا عن فرص أفضل. أما في الدول المنغلقة، فينجح المرء على حساب الآخرين عبر منعهم من الشراء من الخارج واحتكار السوق. ولكن عندما يسمح للجميع بدخول السوق، لا يمكن التقدم على المنافسين سوى عبر تأمين سلع وخدمات بسعر أقل وجودة أعلى. وكذلك تسمح القيود والاحتكارات لمن في السلطة باستخدامها للتحكم بالتوظيف والاستثمار وحياة المواطنين فتصبح القوة السياسية مرادفة للقوة الاقتصادية. وقد استطاعت دول مثل سنغافورة وبوتسوانا وإيرلندا أن تتحوّل من بلدانٍ فقيرة إلى ثرية من خلال السياسات السليمة التي اعتمدتها والّتي ساهمت بتحفيز ريادة الأعمال. وسيكتب التاريخ عن هذه المرحلة إذا ما نجح اللبنانيون بالعودة إلى نموذج الحرية الاقتصادية وريادة الأعمال الذي طالما تميزوا به.”
وشدد د. ووكر على أن لبنان “يمتلك الأمل لأن دول عديدة مرت بمثل ما يمر به اليوم وأصبحت بمعظمها في مكان أفضل. ويعود سبب نجاح هذه الدول إلى أناس مثلكم طالبوا بتحسين أوضاعهم وعرفوا تحديد مطالبهم، إذ لا يكفي أن تكونوا ضد الفساد فقط. فقد مرت بريطانيا مثلا بكل المشاكل التي يمر بها لبنان اليوم مثل الدين العام الكبير وامتلاك الدولة لكل شيء في الاقتصاد، إضافةً إلى أزمات مالية وانخفاض في قيمة العملة؛ ثم أتت امرأة شجاعة اسمها ثاتشر رئيسة للوزراء، وكانت أفكارها جيدة، فقررت التغيير. وتتضمن هذه الأفكار مواجهة الواقع والحقائق وأولها مدى سوء أداء مؤسسات الدولة. وبعد دراسة 170 دولة حول العالم، يمكننا أن نجزم بأن زيادة القيود والاحتكارات ترفع من نسب الفساد لأنها تعطي موظف الدولة القوة على المواطن وتؤدي في نهاية المطاف إلى استعماله لها واستفادته منها”.
وتشكل استضافة “مشروع بلد” لخبراء دوليين نقلة نوعية للحراك الذي بدأ ينشط على المستوى الفكري والثقافي ايضا.