ترأست رئيسة المركز التربوي للبحوث والإنماء الدكتورة ندى عويجان جلسة العمل الرابعة في ١٥-١١-٢٠١٩ ضمن فعاليات المؤتمر السنوي الثاني عشر للمنتدى العربي للبيئة والتنمية في البلدان العربية الذي عقد في بيروت تحت عنوان :”التربية البيئية في البلدان العربية”، وكانت هذه الجلسة تحت عنوان :”التربية البيئية في المدارس العربية “، وقالت في كلمتها في مستهل الجلسة :
” التربية هي أساس كل تنمية، والإنسان هو المسؤول الأول عن بيئته وإقتصاده وبحره ومياهه وهوائه وتطوير ذاته وبالتالي وطنه.
مع تطور مفهوم التنمية المستدامة في التعليم، لم يعد الترابط بين المدرسة والبيئة الخضراء ترفاً بحد ذاته، بل أصبح ضرورة تربويّة تستوجب سياسة متكاملة ونهجا شاملا ومنظومة تشاركية تدخل فيها الهندسة الخارجيّة والداخليّة والتجهيزات الصفيّة والمدرسيّة، كما وتتداخل معها ثقافة مجتمعية تطاول المتعلمين وذويهم وجميع العاملين في المدرسة. فتبدأ أسس التربية البيئية بالوعي والمعرفة وتعزيز القيم البيئية وتترجم بمهارات وسلوكيات ومواقف توجهنا نحو الإنخراط في المسار البيئي السليم فنحافظ على إستدامة عطاءات الطبيعة وحسن إدارة ثرواتها الطبيعية لتحسين نوعية الحياة على هذا الكوكب.
إن المهمة التربوية التي نتطلع اليها، هي مهمة بالغة الأهمية ليصبح المتعلمون مواطنين فاعلين في البيئة التعليميّة التعلميّة والنظم الإيكولوجية التي يعيشون فيها. من هنا تسعى التربية البيئية إلى تعزيز الرؤية التعلّمية التعليمّة الشاملة للفرد ضمن محيطه على جميع الأصعدة وهذا يتطلب تضافر الجهود بطريقة متزامنة ومتسقة يسودها التعاون والتشارك بين القطاعات المختلفة.
انطلاقا من هذه المسلمات وإيمانًا منا بأن مناصرة البيئة المحلية والعالمية تعتبر مسؤولية عامة، لا بد من أن تتحول التربية البيئة إلى ثقافة مجتمع ومنظومة حياة تُدمج في التعليم العام وتظهر في الشخصية القاعدية لأبنائه، وتنتقل من خلال التنشئة الإجتماعية، لترشيد استهلاك الموارد الطبيعيّة والمنتجة كما وإنتاج طاقة بديلة نظيفة وطبيعية ومتجددة.
إن المركز التربوي للبحوث والإنماء والعائلة التربوية في لبنان تجد في هذا المؤتمر مساراً جديداً وقدوة في تحويل الأفكار العربية والعالمية إلى إعداد الموارد البشرية للمستقبل، لقيادة التغيير في السلوكيات وتكريس الوعي إلى خطورة العبث بمواردنا العربية المحدودة، لكي نحفظها متجددة ومستدامة للأجيال الآتية.
من هنا رؤيتنا بإدماج التربية البيئية في مقومات النظام التربوي لمجتمع سليم ومعافى ومواطن منفتح وفاعل بيئيًا.”
ثم توالى على الكلام كل من الأستاذ شربل محفوظ مدير البرامج في “افد” والمؤلف المشارك في وضع تقرير المنتدى العربي للبيئة والتنمية، وقد عرض نظرة عامة حول التربية البيئية في مدارس المنطقة العربية، والأنشطة المعتمدة في هذا الإطار، مشيرا إلى التفاوت بين الرؤية وبين التطبيق والى قلة التوازن في المواضيع البيئية في بعض المواد التعليمية. كما اشار الى المواضيع الاكثر تداولا في المناهج العربية.
ثم تحدث الدكتور عبد الإله التازي وهو أستاذ ورئيس جمعية “تلاسمطان للبيئة والتنمية” حيث عرض خبرة ميدانية في البيئة في المدارس المغربية. وقد شدد على أهمية التربية والتوعية البيئية في جميع المواد، وأشار إلى المدارس الإيكولوجية والسياحة البيئية.
بعد ذلك تحدثت السيدة سوسن بو فخر الدين وهي المديرة العامة لجمعية الثروة الحرجية والتنمية في لبنان، حيث أشارت في مداخلتها إلى تجربة الجمعية في المدارس اللبنانية من خلال البرامج والأنشطة، وتحدثت عن الشراكة التي جمعتها بالمركز التربوي، خصوصا في ما يتعلق بوضع استراتيجية للتربية البيئية ومناهج الحلقتين الأولى والثانية من التعليم الأساسي، وتحدثت عن الدليل التدريبي الذي تم إعداده، ولفتت إلى الحملة التي هدفت إلى التخفيف من استعمال الورق في المؤسسات التربوية.
وبعد فتح باب النقاش أجاب المنتدون على الأسئلة . ثم ختمت الدكتورة عويجان بالتوصيات الآتية :
“
1- تطوير المنهج التربوي بكلّ عناصره ومستلزماته البشريّة والتقنيّة والماديّة؛ ليصبح منهجًا تفاعليًّا بأهداف وكفايات متعارضة Compétences Transversales، يحاكي احتياجات العصر، مراعيا معايير (مفاهيم وقيم) الثقافة الخضراء والبيئة المدرسيّة الخضراء والمجتمع الأخضر والمواطن الأخضر مع سمات وملامح محددة،
2- تطوير برامج هادفة، ودورات تدريبية متخصصة لجميع العاملين في القطاع التربوي خاصة المعلمين ، كما وإنتاج أدلّة وموارد تربوية، والعمل على إنشاء أندية لدعم هذه الثقافة في المدارس، مسابقات، كرنفال بيئي، سينما خضراء، سياحة بيئية،
3- تعزيز الإعلام التربوي،
4- إعتماد معايير المدرسة الإيكولوجية أو المدرسة الخضراء، تضمن الأمن والحماية والبيئة المنسجمة مع حاجات المتعلّمين وحاجات المجتمع،
5- التنسيق بين الوزارات والمديريات والمدارس الرسمية والخاصة، والمؤسسات المواكبة المعنية،
6- الاهتمام بالطّفولة المبكرة؛ لما للتّدخّل المبكر من مردود في تنشئة المتعلّم على الثقافة الخضراء،
7- الإستدامة من خلال الإستراتيجية والتخطيط ومتابعة التنفيذ والتقييم ومواكبة الدراسات والأبحاث لدعم هذه الغايات.
8- وأخيراً الإستدامة من خلال استصدار القوانين والمراسيم التطبيقيّة لهذه الغايات.”
معاً لبناء مجتمع أخضر والحلّ يبدأ من التربية !