*دراسة حالة – مكتومو القيد وعديمو الجنسية
في إطار مواكبتها للحراك الشعبي المستمر منذ ما يقارب الشهرين، الذي يحمل نفس المطالب التي لطالما نادت بها منذ نشأتها، والمتمثّلة بالمحاسبة والعدالة الاجتماعية والقانونية والقضائية وتعزيز دولة القانون والوصول إلى العدالة، خاصة للفئات المهمّشة، وكجزء من عملها على هذه القضايا منذ أكثر من 15 سنة، نظّمت جمعيّة روّاد الحقوق بتاريخ 11 كانون الأوّل 2019 طاولة مستديرة مغلقة تهدف إلى مناقشة إشكاليات الوصول الى العدالة في لبنان والحلول الممكنة لتعزيز وصول مكتومي القيد وعديمي الجنسيّة إلى العدالة.
دعت الجمعية إلى الطاولة مجموعة مصغّرة من أصحاب الشأن المباشرين من قضاة ناظرين في قضايا الأحوال الشخصية من مختلف درجات المحاكم، وقضاة إداريّين، وقضاة منتدبين من هيئة القضايا في وزارة العدل، ومحامي دولة ومحامين متخصّصين في الأحوال الشخصية والجنسية، إلى جانب ممثّلين عن مختلف الوزارات والمديريات العامة المعنية، لا سيما المديرية العامة للاحوال الشخصية والمديرية العامة للامن العام والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.
استند برنامج اللقاء والمناقشات على دراسة بحثية اصدرتها جمعية روّاد الحقوق مؤخّراً بعنوان “جنسيّة قيد القضاء: رحلة عديمي الجنسيّة في أروقة المحاكم اللبنانيّة“، التي درست وحلّلت الإشكاليات القانونية والعملية في التوجهات القضائية وإجراءات دعاوى القيد والجنسية والإشكاليات الناتجة عن مرسوم التجنس 5247/1994، وبيّنت العوائق أمام وصول عديمي الجنسية إلى العدالة، بناء على عيّنة من 76 دعوى قيد وجنسيّة مقدّمة أمام مختلف المحاكم المختصّة في لبنان و88 اجتهاداً صادراً عن محاكم تمييز الأحوال الشخصيّة بين العامين 2014 و2018. ودرست أيضاً الملامح الرئيسيّة لعديمي الجنسيّة في لبنان، بناءً على عيّنة من 3142 فرد عديم الجنسيّة. وخلصت الدراسة إلى وجوب القيام بورشة إصلاحات قانونية وإجرائية لتعزيز الوصول إلى العدالة والحماية، واعتماد سياسة شاملة لانعدام الجنسية في لبنان وإقرار نظام تسجيل ولادات شامل حديث ومبسّط والعمل على منح فترة سماح لتسوية أوضاع الأشخاص غير المسّجلين وعلى إقرار إجراءات تبسّط وصول عديمي الجنسية إلى إثبات حقهم بالجنسية، كما إلى وجوب العمل على تعزيز المعونة القضائية والوصول إلى المعلومات بشأن الإجراءات والحقوق، وعلى وضع آلية لإنهاء حالة لااستقرار جنسية المجنّسين بالمرسوم 5247/1994.
تطرقت الجلسات إلى التطورات الإيجابية في الإجراءات القضائية والإدارية في مجال الأحوال الشخصية، كما إلى الاشكاليات القضائية والإدارية التي تحد أو تؤخّر وصول مكتومي القيد وعديمي الجنسية الى العدالة. وذلك على مستوى مقاربة القضاء والإدارة لهذه القضايا والتفسيرات المختلفة للمفاهيم ذات العلاقة وإشكاليات الإثبات، وعدم تفعيل بعض الضمانات القانونية ضد انعدام الجنسية بسبب عدم استخدامها أمام المحاكم. كما على مستوى العوائق الإجرائية في دعاوى القيد والجنسية، من حيث صعوبة الوصول إلى المعلومات حول الإجراءات، والكلفة الباهظة ما قبل الدعوى وخلالها، خاصة ما يتعلّق بالحصول على المستندات وكلفة فحوصات الحمض النووي في دعاوى القيد واكلاف غير مرئية وغير رسمية، إلى جانب الآماد الطويلة التي يقضيها المتقاضون في مسار محاكماتهم. فضلاً عن إشكاليات مرسوم التجنّس الصادر عام 1994 وما نتج عنها من حالات كتمان قيد جديدة.
وفي الختام، اتفق المشاركون على أهمية مناقشة المسائل المطروحة فيما بين مختلف الأطراف المعنية، وعلى ضرورة عقد لقاءات عمل أخرى لمتابعة مناقشة هذه المسائل.