بالاستناد إلى دراسة تحليلية صادرة عن الأمانة العامة لاتحاد المصارف العربية، تناولت “فيروس كورونا الجديد وتأثيره على الاقتصاد العالمي” أشار الأمين العام لاتحاد المصارف العربية الأستاذ وسام فتوح، ان الوباء الحالي أضر العالم كله من الصين الى الولايات المتحدة الأمريكية مروراً بالشرق الأوسط وأوروبا، حيث ان اعتماد العالم على الصين أضر بمجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية حول العالم أبرزها النقل البحري والطاقة والمنتوجات الغذائية وسلاسل القيمة في قطاع التكنولوجيا.
وقال الأستاذ وسام فتوح: “تعتبر الصين ثاني قوة اقتصادية في العالم حيث تشير أرقام صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي للصين يبلغ حوالي 14 تريليون دولار ما يمثل نسبة 16% من حجم الاقتصاد العالمي، كما أن حصة الصين من الصادرات السلعية تبلغ حوالي 2.5 تريليون دولار ما يزيد عن 12% من إجمالي الصادرات السلعية للعالم. وفي هذا المجال، حذّر صندوق النقد الدولي من أن الفيروس قد ينعكس سلباً على نمو الاقتصاد العالمي عام 2020، موضحاً أن الأمر يتوقف على قدرة الصين على احتواء انتشاره. ومن المتوقع أن يكون تأثير هذا الفيروس على الاقتصاد العالمي أكبر من الفيروسات السابقة وذلك لسرعة نمو الاقتصاد الصيني وعلاقته التجارية العميقة مع الولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص، ومع العالم بشكل عام.
وتابع فتوح : ” لقد خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD توقّعاتها لنمو الاقتصاد العالمي بنصف نقطة مئوية، إلى 2.4%، وهو أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. مع الإشارة الى إن المنظمة اعتمدت في توقعاتها أن يتراجع تفشي فيروس الكورونا خلال العام الحالي، إلا أنها حذّرت من أن تزايد انتشاره سيؤدي الى إعادة خفض التوقّعات بشكل أكبر. اذ في حال استمر تفشي الفيروس لمدة أطول وأصبح أكثر قوة، فمن المتوقع ان ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 1.5% فقط، ودخول اقتصادات منطقة اليورو واليابان في الركود.”
وأضاف: “توقعت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، أن يؤثر تفشي وانتشار فيروس كورونا سلبا في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي، موضحة أن انتشار الوباء الذي يراوح بين الاستقرار على المدى القصير والاستمرار على مدار العام، سيكون الضغط النزولي على الاستثمار الأجنبي المباشر بين ناقص 5 في المائة إلى ناقص 15 في المائة، مقارنة بالتوقعات السابقة التي رأت نمواً هامشياً في اتجاه الاستثمار الأجنبي المباشر للفترة 2020 -2021. وسوف يتركز الأثر على الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الأكثر تضررا من الوباء، على الرغم من أن صدمات الطلب السلبية والأثر الاقتصادي لاضطرابات سلسلة العرض سيؤثران في آفاق الاستثمار في دول أخرى”.
وقال: “لقد أثر فيروس كورونا ” الوباء” على حركة النفط العالمية وخفّض الطلب على مصافي التكرير الصينية بشكل خاص. وأثار تفشي فيروس كورونا حالة من الهلع بين الدول المنتجة للنفط التي تعتمد بشكل خاص على نمو الاقتصاد الصيني وبالتحديد أعضاء منظمة أوبك المصدرة للنفط، حيث أدت الإجراءات الوقائية التي اتخذتها الصين للحد من انتشار الكورونا، وبالتحديد تلك المتعلقة بوسائل النقل الجوي والبري والنهري، إلى انخفاض كبير في واردات النفط، لأن الصين هي أول مستورد للنفط وثاني مستهلك له عالمياً.
وبناء على ذلك، خفضت منظمة الأوبك توقعاتها للنمو العالمي في الطلب على النفط خلال العام 2020 وأعلنت أن إنتاجها هبط بشكل حاد في شهر يناير. كما أعلنت المنظمة بأنه من المتوقع أن ينمو الطلب العالمي على النفط خلال العام 2020 بمقدار 990 ألف برميل يومياً، بانخفاض 230 ألف برميل يومياً عن توقعاتها السابقة. ونظرا للاعتماد الشديد لبعض الدول العربية على صادرات النفط والغاز، من المتوقع أن يكون تراجع أسعار المنتجات المتصلة بالبترول أبرز القنوات لانتقال تأثيرات فيروس كورونا إلى المنطقة.
وأدى انتشار الفيروس في الصين الى تراجع أسعار النفط بشدة، حيث هبط سعر نفط برنت من 68.90 دولار للبرميل في 1 يناير إلى 50.5 دولار في 28 فبراير. ويرجع ذلك في جانب كبير منه إلى الانخفاض الكبير في الطلب من الصين التي عمدت الى اغلاق منشآت الإنتاج لاحتواء انتشار الفيروس. ونشير هنا الى ان الطلب على النفط في الصين يمثل 14% من الطلب العالمي. كما توقعت وكالة الطاقة الدولية أن ينخفض الطلب العالمي على النفط بمقدار 435 ألف برميل يومياً خلال الربع الأول من عام 2020، وهو أول انكماش فصلي في أكثر من عشر سنوات. كما من المتوقع أيضا أن ينخفض الطلب العالمي على النفط خلال عام 2020 بحوالي 365 ألف برميل يومياً.
وتابع فتوح: ” أصاب الوباء ضرراً كبيراً في صناعة السيارات في الصين وحول العالم، حيث قررت شركات تصنيع سيارات عالمية وقف الإنتاج بمصانعها في الصين بسبب تفشي فيروس كورونا. وتشير الإحصاءات الى أن مقاطعة “هوبي” الصينية والتي هي الأكثر تضرراً من تفشي الفيروس، يتم فيها إنتاج نحو مليوني سيارة سنوياً في نحو 10 مراكز إنتاج، وهو ما يُعادل نحو 8% من إنتاج السيارات في الصين. ومقاطعة “هوبي” أهم مركز في الصين لإنتاج المركبات التجارية الصغيرة بعد مقاطعة غوانغدونغ. وتشير المعلومات إلى أن توقف إنتاج السيارات غير منحصر حالياً في مقاطعة “هوبي” فحسب، بل امتد إلى مقاطعات اخرى. وتجدر الإشارة إلى أن الصين تمثل سوقاً هامة جداً بالنسبة لشركات صناعة السيارات الألمانية بشكل خاص”.