علق ديفيد غراوت، المدير التنفيذي للتكنولوجيا في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى “فاير آي” (FireEye)، قائلاً: “في 26 يونيو من عام 1945، تم التوقيع على ميثاق الأمم المتحدة من قبل خمسين دولة. كان القصد منه تعزيز التعاون الدولي بشكل متزايد لضمان السلام الدائم. وفي يومنا هذا وبعد 75 سنة لا يُمكن تخيل نظامنا العالمي بدون مبادئ هذا الميثاق والذي يحدد التعاون الحكومي الدولي السلمي وتُعتبر أسس الحفاظ على الأمن الدولي. ولكن في العقد الأخير تغيرت طريقة خوض الحروب، حيث تم تصميم قواعد الاشتباك – قواعد نشر القوات المسلحة – للعمليات العسكرية التقليدية في البر والجو والبحر. ولكن في وقتنا الحاضر، غالباً ما تمتد النزاعات إلى الفضاء السيبراني، حيث تسعى الدول لتحقيق مصالحها – الهجومية والدفاعية على حدٍ سواء. ففي عام 2013، حاولت مجموعة من الخبراء القانونيين الدوليين للمرة الأولى وضع مجموعة شاملة من القواعد الضابطة للنزاعات في الفضاء السيبراني وذلك من خلال “دليل تالين” بنسخته الثانية. حيث يغطي هذا الدليل المجاليّن الرئيسيين للحرب السيبرانية: وهما أولاً قواعد الاشتباك، الذي يُنظم استخدام القوة السيبرانية من قبل الدول، وثانياً قانون السلم، وهو الذي يحكم كيف يمكن للدول أن تجري عملياتها السيبرانية”.
وأضاف غراوت، قائلاً: “يمكن للجهود الدبلوماسية أن تكون فعالة في مجال الأمن السيبراني، وخاصةً عندما تكون على شكل اتفاقيات ثنائية مثل المعاهدة بين الولايات المتحدة والصين والموقع عليها عام 2015. كما أنتجت الدبلوماسية بعض الاتفاقات المتعددة الأطراف التي تُغطي كلاً من القطاعين العام والخاص مثل “اتفاقيات باريس” (Accords de Paris) في عام 2019 والتي تهدف إلى الحفاظ على أمان واستقرار الفضاء السيبراني وجعله مفتوحاً قدر الإمكان. ولدى الأمم المتحدة أيضاً مجموعات تشجع الدول على العمل سويةً في هذا المجال، مثل مجموعة العمل ذات العضوية المفتوحة (OEWG) المعنية بالفضاء الإلكتروني وفريق الخبراء الحكوميين التابع للأمم المتحدة (GGE). وسيكون من الرائع أن نراهم يركزون على تحديد قواعد الاشتباك ومشاركة هذا الإطار مع جميع الدول الأعضاء لتقليل مخاطر النزاعات وعمليات التصعيد المرافقة”.
واختتم ديفيد غراوت تعليقه، قائلاً: “ومن أجل نجاح هذه الأنواع من الاتفاقيات الدبلوماسية واعتمادها على نطاقٍ واسع، يجب أن يكون العنصر الأساسي والهام في هذا النوع من الاتفاقيات هو تبادل المعلومات حول الجهات الفاعلة. فعندما تشارك الدول معلوماتها وتحقيقاتها حول الهجمات والجهات الفاعلة بالإضافة إلى أدواتها وتقنياتها مع المجتمع الدولي يحسن هذا الأمر من القدرات الدفاعية لجميع المشاركين وبالتالي رفع مستوى الأمن العالمي. علاوةً على ذلك، في بعض الحالات، تُساعد عملية التبادل هذه في معرفة وتحديد الجهات التي تقف خلف وراء هجمات معينة. ففي أغلب الأحيان تبقى الجهات الفاعلة ومجرمي الانترنت مجهولين أو ينفذوا هجماتهم بطريقة تشبه إلى حد كبير طُرق جهات فاعلة أخرى لتحييد بوصلة التحقيقات عن مسارها. كما يساهم التعاون الدولي، الذي بدأته الأمم المتحدة، بأن يحسن ويسهل زيادة إسناد الهجمات للجهات الفاعلة كما يُساهم أيضاً بمحاسبة ومسائلة المسؤولين عن هذه الهجمات. فإن إمكانية فرض عقوبات على هجوم محدد بعينه يمثل رادع هام وله تأثير إيجابي على الأمن والسلم الدوليين”.