قًطاع التجزئة في لبنان يعاني مثل بقية القطاعات الإقتصادية بسبب سلسلة الأزمات التي تعرض لها انطلاقاً من ثورة 17 تشرين مروراً بجائحة كورونا وانتهاءً بزلزال مرفأ بيروت، وهذا يعني تراجع مداخيله مما يؤثر على حركة مبيعاته خصوصاً «تراخيص الإمتياز» التي بعضها يستمر ويبقى كمانحي الإمتياز الذين يبيعون ماركاتهم الى الخارج فيحصلون على «فريش ماني» وحاملي الإمتياز الذين يحصلون على الإمتياز من الخارج فيضطرون الى الإستيراد بعد ان يكونوا قد دفعوا ثمن الإمتياز.
رئيس جمعية تراخيص الإمتياز يحيى القصعة تحدث حيث يعتبر ان البلد مخطوف من سياسييه والمشكلة سياسية بامتياز ومن ثم مالية واقتصادية وبعدها أمنية اجتماعية، مراهناً على المبادرة الفرنسية التي يعتبرها الضوء الذي ينير ظلمتنا.
وحول موقع جمعية تراخيص الإمتياز؟ يقول القصعة: اننا في قلب عاصفة هوجاء وهي ليست عادية لأننا انتقلنا من أزمة كوفيد 19 العالمية الى أمر أعظم بكثير في لبنان اولها الأزمة الأقتصادية والانهيار المالي وآخرها انفجار المرفأ، اننا الآن في عين العاصفة الضخمة والوضع الإقتصادي كله في أزمة كبرى وبالذات تجارة البيع بالتجزئة. صحيح انه في وقت الأزمة توجد فرصة للبعض للنجاح انما البعض الآخر مثل قطاع المطاعم يعاني الامرين وهو يخسر. اننا عموما في وضع صعب جدا وتوجد تحديات أساسية مثل التوظيف، اننا من القطاعات التي توظف الكثير من العمال لكن مشكلتنا الحالية هي اننا نخسر العامل الخبير. اما التحدي الثاني فهو الأمن الإجتماعي المفقود حاليا والتحدي الثالث يتجلى بخسارتنا لصورة لبنان الممية التي تأثرت وحدت من القيمة المضافة التي لدينا. ان اخبار لبنان المنتشرة حاليا في العالم هي عبارة عن حرائق وانفجارات ودمار وهذا يؤثر سلبا علينا. ان قطاعات عدة قد تقلصت وهي تعاني بشكل كبير وبالنتيجة تجعلنا نواجه تحديات استراتيجية للسنوات القادمة.
وبالأرقام ما بين عامي 2019 و2020 يقول: في العام 2019 تراجع قطاع الألبسة بنسبة 56% عن العام 2012. اما قطاع مستحضرات التجميل فتراجع بنسبة 29% والتجهيزات المنزلية بنسبة 33% والادوات المترفة بنسبة 55% كذلك تراجع قطاع السياحة كثيرا. ان القطاعات الغذائية كان وضعها جيدا وكذلك القطاع الصحي ولا يزال حتى الآن. بعد العام 2019 اصبحت الأرقام غير مبنية على وقائع لقد اصبحت تقريبية. لقد تدنى قطاع الألبسة 62% زيادة على 56% أي فعليا نسبة 15%من القطاع لا يزال يعمل وجودته متدنية. اما قطاع التجهيزات المنزلية فقد تراجع بين 58 و60%. لقد سرت منذ مدة شائعة عن ان بعض الماركات العالمية ستخرج من لبنان مثل «shaya» الذي يملك اكبر تجمع للمقاهي في لبنان وهو إذا خرج فسيقفل اكثر من 100 محل. لكن الصحيح ان كل الماركات تعيد انتشارها حاليا اذ تحاول التخفيف من المصاريف لكي تستمر في السوق وهذا أمر ضروري لمواجهة الظروف السيئة التي نعيشها. ان عدم الرؤية بوضوح تسهم بهرب المستثمر فلا أحد اليوم يريد الإستثمار في لبنان.
يوجد اذن حاليا إعادة إنتشار لا اقفال للمحلات التجارية؟ فيرد بالقول
إعادة انتشار مع انسحاب من بعض المناطق. لقد انسحبت بعض الماركات المعدودة في مجال الألبسة. ان قطاعنا ينقسم ما بين مانح الإمتياز مثلنا أي اننا نصنع ونبيع وماركتنا موجودة في 13 بلداً. نحن باستطاعتنا المقاومة اكثر لأننا نصنع في لبنان ونصدر 52% منها ونحصل مالا من الخارج فنستطيع بالتالي المحافظة على هيكلية نتاجنا. اما القسم الثاني فهو حامل الإمتياز وهو يحصل على امتيازه من الخارج وهو مضطر لاستيراد بضاعته من الخارج لذا يحتاج لأموال نقدية وعليه دفع ثمن الإمتياز مما يراكم عليه المتوجبات المالية بالإضافه الى ما يعانيه من الوضع الإقتصادي المتردي والذي تقلص بشكل كبير في لبنان. لذا هو يقاوم بانتظار فرصة ربما لن تحدث.
انما توجد فرصة امام التجار اليوم لتبديل اعمالهم والتصنيع لبنانيا.
لكن توجد معاناة بهذا الخصوص على صعيد توفير المواد الأولية فكيف تفسرون ذلك؟
تشكل المواد الأولية في الصناعة الجيدة ما بين 30 و35% لكن لا شيء يمنع ان نربح أقل كما انني ضد سياسة الدعم لأنها ليست مستدامة للمستقبل وهي تتطلب الكثير من الوقت ما بين الإقرار والتنفيذ كما علينا ان نبذل جهدنا في الأمور التي باستطاعتنا استخدامها مستقبلا. ان المستثمرين في قطاع المواد الغذائية يقبضون اليوم اعلى من سعر السوق كما ان بعض السلع المدعومة تختفي بشكل غير معلوم.
ما هو المطلوب لكي تعود الأمور الى طبيعتها؟
ان البلد مخطوف من السياسة. ان المشكلة سياسية بامتياز ومن ثم مالية اقتصادية وبعدها امنية اجتماعية. انني اراهن على المبادرة الفرنسية التي لا يستطيع السياسيون عدم الإلتزام بها والا سننتهي في الجحيم.
هل تعتقدون ان الساسة اللبنانيون مهتمون بمعاناة الشعب اللبناني؟
انهم غير مهتمين ولقد حذر حاكم مصرف لبنان من الهدر لكن غلطته الكبرى انه سار معهم. ان المشكلة كلها تكمن في السياسة وانا أتساءل هل المطلوب ان ينهار البلد؟.. لقد وضعت المبادرة الفرنسية خطة واضحة اول بنودها هو التدقيق المالي في المصرف المركزي وضبط الهدر. اننا عالقون في دوامة لكن ما ان تتخذ الاجراءات المطلوبة وتعود الثقة ستتصلح الأمور.
كيف ستعود الثقة برأيكم؟
عندما تتخذ خطوة خارجية كالفرنسية مثلا التي لديها برنامج يجب تطبيقه وإذا لم يطبق فأنا اعتقد بوجود مؤامرة على البلد. اذا لم يستفد السياسيون من هذه الفرصة فبالتأكيد يوجد أحد ما يخطط لتذويب نسيج لبنان. لقد اطلعت على الخطة الفرنسية والخطوات المتبعة فيها وهي ممتازة لأنها تضبط الهدر وتحقق التدقيق اللازم. انها الضوء الذي ينير ظلمتنا.