ستبدأ مرحلة التعافي لكن لا تزال هنالك تحديات على المدى الطويل
- جميع الدول تظهر بوادر توسع في الاقتصاد في الربع الثالث باستثناء لبنان
- يُظهر مؤشر التنقل زيادة ملحوظة لكنه لا يزال أقل بنسبة 20-25٪ من خط الأساس لعام 2019
- الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لدول مجلس التعاون الخليجي يستعد للنمو والتعافي في عام 2021
- اعتماد سلسلة الكتل يُمكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي العالمي بمقدار 1.7 تريليون دولار، مما يوفر 40 مليون وظيفة
تسلط نشرة بي دبليو سي الاقتصادية للشرق الأوسط الضوء على مرحلة التعافي الاقتصادي من جائحة فيروس كورونا (كوفيد – 19) في الشرق الأوسط، حيث يُقدم لمحة عامة عن التحديات المتوقعة طويلة المدى، والحلول المحتملة.
انتعاش النشاط الاقتصادي في الربع الثالث مع تخفيف القيود
شهد الربع الثاني من عام 2020 انخفاضاً تاريخياً في أسعار النفط حيث يعد هذا الانخفاض الأشد من نوعه في تاريخ إنتاج أوبك بلس، والذي تفاقم بسبب الموجة الأولى من وباء فيروس كورونا المستجد في الشرق الأوسط. ومع ذلك، انتعش النشاط الاقتصادي في الربع الثالث وأظهرت مؤشرات الأداء الاقتصادي الرائدة بوادر هذا الانتعاش أيضًا. تظهر مُؤشرات مدراء المشتريات، التي كانت في منطقة الانكماش في الربع الثاني للمنطقة بأكملها، توسعاً في أغلب الأشهر منذ شهر يوليو الماضي.
ومن العلامات المُشجعة الأخرى لانتعاش الاقتصاد بيانات التنقل من الربع الثالث والتي تستخدم تطبيق نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) أو (GPS) للهاتف المحمول لإظهار تواتر الزيارات إلى مواقع مختلفة، ويشمل ذلك أماكن العمل ومراكز التسوق. أظهرت معظم البلدان انتعاشاً ملحوظاً في التنقل بحلول شهر نوفمبر، على الرغم من أنها لا زالت تعد أقل من خط الأساس بحوالي 20٪ إلى 25٪.
هذا وتُشير بيانات مؤشر مدراء المشتريات والتنقل ونقاط المبيعات بالإضافة إلى المزيد من الحسابات القصصية للنشاط إلى أن الارتدادات القوية ستظهر في بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث. وهذا يعني أنه من المحتمل أن تكون بعض القطاعات مثل قطاعي الصناعة والتجارة قد تعافت بصورة أكبر من قطاع السياحة.
ويستمر الإنفاق التحفيزي الحكومي، بما في ذلك دعم رواتب القطاع الخاص وتأجيل الضرائب، مع إعلان البنوك المركزية في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عن تمديد حزم التحفيز حتى عام 2021 لدعم الاقتصاد.
مشهد التحديات وارتفاع مستوى الديون
سيشكل التعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة فيروس كورونا تحدياً مشابهاً لتحدي الاستجابة الصحية لهذا الوباء، بل ومن الممكن أن يستغرق هذا التعافي مدة أطول قد تصل إلى عامين من أجل أن تعود اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي إلى مستوياتها التي كانت عليها قبل جائحة كورونا.
تتنبأ التوقعات بتأثير طويل الأمد على الطلب على النفط ويعود السبب إلى الصدمة التاريخية التي خلفتها أزمة فيروس كورونا ونتجت عنها انخفاض الطلب على النفط في الربع الثاني بالإضافة إلى الانخفاض السنوي بنسبة 9٪ في المتوسط في عام 2020
وعلى الجانب الإيجابي فإن منتجي النفط في الشرق الأوسط ولا سيما في الخليج العربي تتوفر لديهم أدنى تكلفة للإنتاج بالدولار والكربون، لذا يجب عليهم أن يكونوا قادرين على إيجاد سوق جديد حتى في عالمٍ يتراجع فيه الطلب على النفط. و إنه من الممكن أن ترتفع الأسعار في وقتٍ لاحق من العقد في حال أدى نقص الاستثمار الحالي في السعة الجديدة إلى انخفاض العرض بسرعةٍ أكبر من الطلب.
كما أنه سيكون أحد آثار الوباء الدائمة واضحاً على الميزانيات العمومية السيادية. إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن يرتفع الدين الإقليمي (باستثناء لبنان، التي تخلفت عن السداد في شهر أبريل الماضي) بنسبة 64٪ بحلول عام 2025 إلى 1.5 تريليون دولار. كما ستكون هذه الزيادة في الكويت الأكثر دراماتيكية ، حيث ستنتقل من نسبة 12٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 إلى نسبة 91٪ في عام 2025. ومن المتوقع أيضًا أن تشهد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة زيادة طفيفة في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من عام 2020 بسبب ارتفاع الاحتياطيات وضبط الأوضاع المالية العامة.
وحول ذلك، علّق ريتشارد بوكسشال – كبير الاقتصاديين في بي دبليو سي الشرق الأوسط قائلًا: “لقد أظهر الربع الثالث من عام 2020 بالفعل علامات انتعاشٍ اقتصادي. حيث يرجع ذلك بالأساس إلى التدابير الصحيحة المطبقة لمكافحة الوباء والتكيف المستمر من قبل الحكومات والشركات مع ما يسمى اليوم بالوضع الطبيعي الجديد. وبينما تستمر حالة عدم اليقين بشأن الوضع الاقتصادي في فترة ما بعد الوباء، فإن المنطقة مجهزة بشكل أفضل للتعامل مع آثار وباء فيروس كورونا في العام المقبل، لذا يجب أن نتطلع إلى فترة النمو الاقتصادي والتعافي في عام 2021”.
الرسم البياني للربع الثالث
بينما يُمثل عالم ما بعد وباء فيروس كوفيد – 19 تحدياً لكلٍ من الشركات وصُناع السياسات، إلا أنه سمح للشركات بتسريع تطبيق التكنولوجيا الجديدة.
إحدى التكنولوجيات الجديدة الواعدة هي سلسلة الكتل، والتي لها آثار إيجابية في تحسين كفاءة الأعمال بما يتجاوز أصلها في عالم العملة المشفرة. وقد أجرت شركة بي دبليو سي مؤخراً تحليلاً عالمياً للتأثير الاقتصادي المحتمل لتكنولوجيا سلسلة الكتل والتي استنتجت أنها ستصل إلى نقطة تحول بحلول عام 2025، وبحلول عام 2030 يُمكن أن تُعزز سلسلة الكتل الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يصل إلى 1.7 تريليون دولار، مما يخلق حوالي 40 مليون وظيفة جديدة قادمة في تلك الفترة. وفي دول مجلس التعاون الخليجي، كانت الإمارات العربية المتحدة رائدة في تبني هذه التكنولوجيا الجديدة، وكانت واحدة من الدول المُدرجة في التحليل العالمي لشركة بي دبليو سي. كما أظهر التحليل أن الإمارات يمكن أن تشهد زيادة بنسبة 1٪ في الناتج المحلي الإجمالي من سلسلة الكتل، مع فوائد خاصة للتجارة والإدارة العامة.
يختتم ريتشارد بوكسشال قائلاً: “سيوفر عالم ما بعد كورونا فرصاً جديدة للمنطقة. ونعتقد أنه يجب أن تستغل الحكومات والشركات في الشرق الأوسط هذه الفترة لاستكشاف أحدث التقنيات مثل سلاسل الكتل، والتي من المحتمل أن يكون لها تأثير كبير على اقتصاد المنطقة. كما يمكن أن يوفر تطبيق سلسلة الكتل في مجالات المصدر والمدفوعات وبيانات الاعتماد بشكلٍ خاص فرصاً للنمو وتحسين الكفاءات في قطاعاتٍ مثل خدمات الأعمال والإعلام والاتصالات والنقل والقطاع العام. ولقد اتخذت دول مجلس التعاون الخليجي خطواتٍ مشجعة لتبني تقنيات مثل سلسلة الكتل، وهي في وضع ممتاز لجني مكاسب الكفاءة التي يمكن أن تقدمها هذه التقنية”.