أكّد السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان أن لقاح كورونا الصيني سيصل إلى لبنان خلال الأسبوع المقبل، وأضاف خلال لقاء وداعي جمعه برئيس تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني علي محمود العبد الله أن “الصين على قناعة من أن توسيع نشر اللقاح هو لمصلحة البشرية، لأن لا أحد يمكن أن يتمتع بالأمان والحماية منفردا، إذ أن المناعة الشاملة هي مصلحة مشتركة لكل الشعوب”. وأضاف: “العام الماضي كان صعبا على الجميع، ولكن بفضل التعاون تمكنا من السيطرة على وباء كورونا في الصين، وبذلنا كل ما في وسعنا لمساعدة الآخرين أيضا في التغلب على الجائحة”. أما العبد الله فتوجّه بالشكر إلى السفير كيجيان وشكره على جهوده لتأمين اللقاح الصيني في لبنان، واصفا إياه بـ “صديق لبنان”، معتبرا أن تجربته الدبلوماسية في لبنان كانت ناجحة جدا، وأنه شكّل علامة فارقة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية، كما مثّل “الاعتدال الصيني والسياسة الخارجية الصينية الحكيمة”، متمنيا له التوفيق في مسيرته الدبلوماسية.
السفير كيجيان
وقال السفير كيجيان خلال اللقاء: “كانت تجربتي في لبنان ثمينة وفريدة من نوعها على صعيد حياتي الدبلوماسية، وأعتز بها كثيرا. ومن المؤكد أنني استفدت من تجربتي كثيرا خلال السنوات التي أمضيتها في لبنان، لأن لبنان مدرسة للدبلوماسيين. لهذا تعلّمت كثيرا واكتسبت أصدقاء كُثر وأنا أفتخر بذلك”.
وتوجّه إلى العبد الله وقال إنه لا يزال يذكر زيارته التضامنية إلى السفارة في بيروت على رأس وفد اقتصادي كبير، عندما بدأت أزمة كورونا في الصين. وأضاف: “لقد عبّرتم عن الدعم المعنوي الكبير تجاه الصين في عزّ الأزمة. لقد كان العام الماضي صعبا على الجميع، ولكن بفضل التعاون تمكنّا من السيطرة على وباء كورونا في الصين، وبذلنا كل ما في وسعنا لمساعدة الآخرين أيضا في التغلب على الجائحة. نحن نؤمن بأن لا أحد يستطيع أن يتمتع بالأمان منفردا في هكذا نوع من الأزمات من دون أن يتمتع الجميع بالأمان والحماية. ولا زلنا نتصرف انطلاقا من هذه القناعة، وقدّمنا مساعدات للدول النامية بشكل خاص، بما فيها لبنان حيث قدمنا المواد المتعلقة بمواجهة جائحة كورونا. ومؤخرا بذلنا جهودا على صعيد اللقاحات، وستصل اللقاحات الصينية إلى لبنان الأسبوع المقبل”.
وأضاف: “لقد زرت موقع المبنى الجديد للمعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان “الكونسرفتوار” نهار الأحد الماضي، وكان فريق العمل يعمل بجهد كبير رغم الصعوبات الفنيّة. وهم الآن في مرحلة أساسية خلال العمل، ويحاولون أن يتقدموا في الأعمال بحسب الجدول الزمني”.
وحول تعزيز العلاقات الاقتصادية مع لبنان، قال كيجيان: “نتمنى أن نتابع تنظيم زيارات الوفود الاقتصادية اللبنانية إلى الصين، وهذه من النشاطات التي ننظر إليها بأهمية. وأعتقد أنه بمجرد أن يتم تخفيف قيود السفر المفروضة نظرا لانتشار كورونا، سيتم استئناف هذه الزيارات”.
وركّز كيجيان على أهمية التجارة الدولية مع الصين، خصوصا من خلال الخطوط الملاحية البحرية، وقال: “تمتلك الصين أسطولا بحريا تجاريا كبيرا، ولديها شركة كبيرة للملاحة البحرية اسمها “تشاينا شيبينغ” China Shipping، وهي تعتبر أحد أكبر شركات الملاحة البحرية في العالم. وأعتقد أن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الشحن البحري هو ازدياد الطلب على المنتجات الصينية من جهة وتباطؤ عمليات التفريغ والشحن في الموانئ الأوروبية والأميركية بسب انتشار كورونا من جهة أخرى. لهذه الأسباب ارتفعت أجور الشحن بشكل كبير جدا، ويضاف إلى ذلك ندرة الحاويات الفارغة. الصين أول كيان اقتصادي رئيسي خرج من الجائحة وأعاد تفعيل كل خطوطه التجارية، وهو قادر على تصدير السلع إلى كل العالم. بينما الدول الأوروبية والولايات المتحدة وباقي دول العالم، لا زالت تعاني بقدر متفاوت من الاغلاق والتعثر في الإنتاج أو نقص منتجات والسلع. لذلك نجد أن الطلب بات كبيرا على الشحن البحري. ربما مع توسّع التلقيح ضد كورونا عالميا، والعودة الكاملة للإنتاج وتشغيل المصانع في أنحاء العالم، قد يتحسن الوضع بشكل تدريجي. ولكن مشاكل ارتفاع أجور الشحن وحادثة قناة السويس، أبرزت أهمية تقوية شبكات التواصل البديلة مثل السكك الحديدية بين الشرق والغرب. ومن هنا تبرز أهمية القطار المباشر من الصين إلى أوروبا، إذ ارتفعت أجور النقل في القطارات أربعة أضعاف خلال عام واحد، خصوصا مع ارتفاع أجور الشحن البحري. ولاحظنا ازدياد الحديث مؤخرا عن مشروع السكك الحديدية من الامارات والسعودية إلى البحر الأبيض المتوسط”.
وختم السفير وانغ كيجيان قائلا: “لقد بات لي أصدقاء كُثر في لبنان وأنا اعتز بصداقاتهم، وسأتابع أخبار لبنان دائما بغض النظر عن المكان الذي سأتوجه إليه في المستقبل”.
علي العبد الله
استهل العبد الله كلمته، قائلا: “أنتم صديق لكل لبنان، وأعتقد أن هذه العبارة تختصر رحلتكم الدبلوماسية في لبنان، ونحن نعتبر أنكم علامة فارقة في العمل الدبلوماسي. لقد كان لنا شرف التعرّف إليكم خلال هذه الفترة، إذ كانت لنا نشاطات مشتركة عدة أظهرتم فيها مدى اهتمامكم وصدق مشاعركم تجاه وطننا. وعلى الرغم من كل الصعوبات والتحديات سواء التي حصلت في لبنان أو في المنطقة وعلى صعيد العالم، تمكنتم من خلال جهودكم من ترك بصمة إيجابية كبيرة خلال مسيرتكم الدبلوماسية. وهذا انجاز للتاريخ، تمكنتم من إضافته إلى العلاقات الصينية اللبنانية. وهذا ليس إنجازا فحسب، بل أيضا قيمة تُضاف إلى تاريخ العلاقات بين الشعبين الصيني واللبناني. ولهذا نؤكد أنكم شكلتم علامة فارقة في تاريخ العلاقات الدبلوماسية في لبنان”.
وأضاف العبد الله: “لطالما كانت الصين مثالا يُحتذى به خصوصا في تجربة التنمية الاقتصادية الصينية والسياسات التي انتهجتها بلادكم، وخصوصا أسلوبها في بناء العلاقات المُستندة إلى المصالح المشتركة”.
وقال: “تعلّمنا في السابق أهمية تحويل الأزمة إلى فرصة، وهذا بالتحديد ما نجحت بتحقيقه الصين خلال أزمة وباء كورونا، إذ تمكنت من تحويل أزمة كورونا إلى فرصة واندفعت في تحقيق التنمية الاقتصادية بشكل سريع. لقد أظهرت الصين تجربة فريدة من نوعها خلال العقود الماضية، خصوصا عندما يتعلق الأمر بنهضة الأمم وتحقيق سيادتها ووحدتها وتقدمها الاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي والثقافي أيضا”.
وأضاف: “نود أن نوجّه لكم الشكر على كل المبادرات التي قمتم بها سواء من خلال دعم الطلاب أو من خلال إطلاق أعمال مشروع بناء المبنى الجديد للمعهد الوطني العالي للموسيقى في لبنان “الكونسرفتوار” وتجهيزه، بتمويل من قبل الحكومة الصينية. ونعتقد أن هذا مشروع للتاريخ، فالموسيقى هي اللغة الوحيدة التي تعبر بين الشعوب ويفهمها الجميع”.
وتابع قائلا: “لبنان يشبه مختبرا لا للعمل الدبلوماسي فحسب، بل أيضا لعمل شركات القطاع الخاص. وهذا يتطلب من الشخص أن يكون مدركا تماما للخطوات التي يتخذها. وهذا الأمر كان واضحا، خصوصا وأنكم تمثلون الدبلوماسية الصينية التي تقف على مسافة واحدة من الجميع. وهذا يتطلب دقة عالية خصوصا في هذه المرحلة التي يعيشها لبنان والعالم، ونحن نحترم هذا الأسلوب الدبلوماسي الصيني”.
وأضاف العبد الله حول التحديات الاقتصادية والتجارية: “الشحن البحري بات مكلفا جدا، وهذا الأمر يشكل عائقا أمام تنمية الصادرات بين البلدين. يُضاف إلى هذا الأمر الأزمة التي شهدتها قناة السويس والتي تسببت بتأخر وصول البضائع إلى المنطقة وأوروبا. ولا شك أن تقدم مشروع الحزام والطريق الصيني، قد يساعد على تخفيض التكاليف. وهذا مشروع بالغ الأهمية وقد حصل على دعم كبير من الرئيس الصيني شي جين بينغ وعدد كبير من قيادات بلدان العالم”.
وختم علي العبد الله قائلا: “أتوجه إليكم بالشكر على كل المبادرات التي قمتم بإطلاقها في لبنان، وأتمنى أن يبقى وطن الأرز دائما في وجدانكم. كما أتشكركم على المساعدة في تنظيم زيارات الوفود الاقتصادية إلى الصين. لقد تلقت الوفود استقبالا مميزا، وكل من شارك في هذه الزيارات حمل معه كل الاحترام والتقدير للصين، وبات سفيرا للصين إلى العالم”.