بيروت: يعاني لبنان حاليًا أزمة اقتصاديّة غير مسبوقة في تاريخه، مع التّضخم المالي المُتزايد وارتفاع معدّل البطالة الّتي دفعت ما يُقارب نصف عدد السّكّان إلى ما دون خطّ الفقر.
وقد أدّى الانهيار الاقتصادي المُتسارع في لبنان، الّذي تبعه انهيار العملة، إلى جعل المواد الغذائيّة الأساسيّة بعيدة عن متناول الكثيرين، ودفع بالكثير من العائلات المُتضرّرة إلى أن تستخدم أطفالها كمصدر دخل بُغية الحفاظ على سبل عيشها.
وعلى الرّغم من أنّ ظاهرة عمالة الأطفال منتشرة في لبنان منذ زمن بعيد، لم تصل يومًا للحدّ الّذي تشهده البلاد عقب تفشّي فيروس كوفيد-19. فبات من المُرجّح أن يعمل المزيد من الأطفال في ظلّ ظروف أقصى، ولساعاتٍ أطول وبدوامات عمل إضافيّة لتلبية احتياجات عائلاتهم.
وقبيل اليوم العالمي لمُكافحة عمالة الأطفال في 12 حزيران، صرّح كولين لي، مدير الشّرق الأوسط في منظّمة بلان انترناشيونال قائلاً إن: “الأزمة الاقتصاديّة القاسية الّتي يشهدها لبنان أدّت إلى تفاقم عمالة الأطفال في المجالات الزّراعيّة، ما يعرّض الفتيان والفتيات لأسوء أشكال العمل ويهدّد نموّهم وتعليمهم وتطلّعاتهم المُستقبليّة ورفاههم بشكل عام. كما نخشى أن تسوء هذه الظّاهرة ونحثّ المُجتمع الدّولي والمحلّي على عدم صرف النّظر عنها”.
ولاحظت المنظّمة في التّقييمات الأخيرة أنّ الأطفال يشكلّون 30 في المئة من إجمالي القوى العاملة، وذلك في عيّنة من مزارع في سهل البقاع شملتها دراسة استقصائيّة.
كما أظهرت النّتائج أنّ معظم الفتيات يعملن في قطاع الزّراعة، الخاضع لهيمنة العنصر الذّكري بشكل أساسي، ويواجهن مُضايقات فيه. أمّا إذا رفضن العمل في هذا القطاع، فيتعرّضن لخطر الزّواج المُبكر.
وفي سهل البقاع، يعمل الأطفال لأكثر من خمس ساعات في اليوم فينجزون المهام التّالية (بحسب ترتيب الانتشار تنازليًا): الحصاد والتّعشيب والتّقشير/فرز وإعادة غرس الشّجر وتجهيز الأرض. وتشكّل الفتيات نسبة 56 في المئة في المزارع الصّغيرة ونسبة 64 في المئة في المزارع المتوسّطة والكبيرة من بين الأطفال الّذين يعملون بشكل دائم في الزّراعة في البقاع.
قالت روى مكتبي، مديرة برنامج حماية الطفل في منظمة بلان إنترناشيونال: “نحن قلقون للغاية بشأن التقارير التي نتلقاها من شركائنا وزملائنا في جميع أنحاء لبنان، ان عمالة الأطفال تتزايد في جميع أنحاء لبنان وفي مختلف القطاعات، وليس فقط في الأراضي الزراعية.”
ويجدر الذّكر أنّ عمل الأطفال يشكّل انتهاكًا كبيرًا لحقوق الإنسان الّتي تشمل الحقّ في التّعليم والحقّ في البقاء والنّمو والحقّ في الحماية من استغلال الطّفل.
وللأسف، غالبًا ما يفوّت الأولاد المعرّضين لعمالة الأطفال فرصة التّعليم الابتدائي واكتساب المهارات وتزيد إمكانيّة بقائهم في دوّامة مفرغة من الفقر.
وتدعو منظّمة بلان انترناشيونال الحكومة اللّبنانيّة لاتّخاذ تدابير لحماية اجتماعيّة شاملة توفّر حماية أفضل للأطفال المُعرّضين للخطر.