كتب خبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي عن آخر المستجدات المصرفية في لبنان:
أصبح كل شخص ناشط على وسائل التواصل الإجتماعي خبيراً مالياً محلفاً، ويتمتع بمصداقية تفوق تلك التي يدعي بها رجال الحكم والسياسة. وها نحن أمام فصل آخر من فصول “الترهيب والترغيب” الذي يذهب ضحيته دائما المواطن اللبناني.
كثرت التحليلات والإجتهادات بعد صدور التعميم الأساسي لمصرف لبنان رقم ١٥٩، الذي هو موجه للمصارف العاملة في لبنان حصراً لحثها لضرورة الإمتثال الكامل بتعاميم مصرف لبنان ولا إجراءات جديدة فيه لجهة التعاطي مع عملاء المصارف، وكما هو حال كل تعميم يصدر عن السلطة النقدية، خضع هذا التعميم إلى قدر واف من “الترهيب والترغيب”! وجاء خبر رفع الدعم عن إستيراد المحروقات ليعطي شرعية لهذه الإجتهادات بسبب غياب الشفافية في إصدار القرارت وتنفيذها، وفقدان الثقة بالسلطة الحاكمة.
وأضيف إلى المشهد هذا حدث آخر: خلال إجتماع المجلس الأعلى للدفاع (مجلس الوزراء البديل) يوم ٢١ آب ٢٠٢١ تم الإتفاق مع حاكم مصرف لبنان (المجلس المركزي المُصغر) على تأمين دولارات لتمويل فاتورة إستيراد المحروقات على سعر صرف منصة صيرفة Sayrafa (أي ١٦٠٠٠ ل.ل. للدولار الواحد) – يدفع المستورد ٨٠٠٠ ل.ل. منها ويتم قيد الباقي دين على صندوق المالية اللبنانية ويُسجل في موازنة ال ٢٠٢٢.
وما هو مصدر الدولارات؟
إضافة إلى ماهو متوفر من التوظيفات الإلزامية (١٤% من حجم الودائع بالعملة الأجنبية) لدى مصرف لبنان، يستقبل لبنان أكثر من ٧ مليارات دولار أمريكي سنويا عن طريق ال OMT والحسابات ال Fresh في المصارف وهي متوفرة بعملة التحويل ولا يوجد أي قيود عليها وهي بتصرف المستفيد.
حسب بعض الدراسات، ما يقارب ٨٠% من هذه التحويلات تستعمل لتمويل فواتير إستهلاكية وإستشفاء ويتم تحويلها إلى الليرة اللبنانية لصرفها محلياً.
ما هي الخيارات المتاحة؟
١. إذا صُرفت إلى العملة الوطنية لدى “دكاكين الصيرفة” على سعر السوق السودا، سوف تتوفر هذه الدولارات للتصدير إلى سوريا وتكون خسارة للبنان وإقتصاده.
٢. إذا صُرفت لدى المصارف، وحكماً يجب أن تكون من خلال منصة sayrafa، تذهب العملة الأجنبية لصالح إحتياطي مصرف لبنان من العملة الأجنبية وممكن أن تُستثمر لتمويل فاتورة الإستيراد (عوضاً عن إستعمال أموال المودعين في التوظيفات الإلزامية).
الشرط الأساسي هو أن يكون التداول حر ولا يخضع لأي ضغوطات مباشرة أو غير مباشرة.
لن تتوفر الحلول من دون تضحيات …
بين السوق الرسمي والسوق السوداء تستوطن كرامة المواطن اللبناني، وخصوصاً صاحب الدخل المحدود.
ما تفعله السوق السوداء في سوق المحروقات و سوق الأدوية والمستلزمات الطبية وغيرها تفعل الشيء ذاته في سوق صرف الليرة اللبنانية؛ ويجب أن يتوقف هذا الإستغلال!
وأريد أن الفت نظر كل من يعطي إنتباهه واهتمامه لما يكتب على وسائل التواصل الإجتماعي بأنه ينتهي العمل بأحكام التعميم ١٥١ في ٣٠ أيلول ٢٠٢١ وهذا هو التاريخ ذاته للمودع لأخذ قراره لجهة الإستفادة او عدمه من التعميم ١٥٨.
لقد أصبح من الضروري و واجب ايضاً تثقيف المواطن اللبناني عن سلبيات “الأخبار الكاذبة” (fake news) والسوق السوداء (صيادو الدولار) وتداعياتها على حظوظ المواطن وقدرته على العيش الكريم.