نظمت “مؤسسة كونراد أيدناور” و”المنتدى الوطني للأمن الانساني” ندوة حوارية حضورية وعبر تقنيةzoom ، حول “دور المؤسسات الدولية في حماية الأمن الانساني في لبنان وسبل دعمها للحد من التدهور الاقتصادي-الاجتماعي وطرق التعافي”، في فندق موفنبيك – بيروت، ويندرج هذا النقاش ضمن مشروع المنتدى الذي بدأ في شهر تشرين الثاني 2020، بإقامة سلسلة اجتماعات مع مجموعة من أصحاب المصلحة المعنيين تمحورت مواضيعها حول التعاون لما فيه مصلحة أمن الانسان في لبنان ورفاهه.
شارك في الندوة، ممثل “مؤسسة كونراد أيدناور” المقيم في لبنان مايكل باور، ورئيسة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) التابع للأمم المتحدة سيفيرين ري، والمدير التنفيذي لشبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية (ANND) زياد عبد الصمد، ومديرة برنامج البنك الدولي للتنمية البشرية في لبنان وسوريا والأردن حنين السيد، والمسؤول القانوني المساعد لشؤون الحماية لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان UNHCR ريتشارد عقيقي، ومدير التعاون العسكري-المدني في الجيش اللبناني العميد الركن ايلي ابي راشد، مدير”الملتقى الوطني للأمن الانساني” والخبير في شؤون الامن الانساني الدكتور عماد سلامة، الدكتور ايلي مخائيل، بحضور ممثلين عن السلكين العسكري والأمني، والاتحاد الاوروبي ومنظمات المجتمع المدني، واكاديميين، واعلاميين .
استهل اللقاء بكلمة للدكتورة ماريا نجيم، بعدها كلمة ترحيبية لمايكل باور، وقال:” بدأنا سلسلة الندوات هذه بهدف تأسيس منصة دائمة للحوار والتنسيق مع التركيز على مسألة الامن الانساني، نحن سعيدون بالتقدم الذي احرز على مدى سنوات ونتطلع الى المزيد من التقدم”، أضاف:”ان المنتدى الوطني للامن الانساني يهدف الى توثيق وتعزيز شراكتنا مع المجتمع المدني من خلال الحوارات والنقاشات من أجل تعزيز الحوار والتعاون وتبادل الخبرات والمعلومات والاستجابة الطارئة للحالات الانسانية”.
بعدها كانت مداخلة للدكتورعماد سلامه طرح فيها عدّة أسئلة :اولاً؛ كيف تحدد المؤسسات الدولية الحاجات والأولويات لمواجهة الازمة، ثانياً؛ ما هي اليات التنفيذ والتنسيق التي تتبعها لتطبيق خططها والوصول الى الفئات المستهدفة لا سيما المهمشة، وكيف تقوم بالتنظيم والتدقيق بان هذه المشاريع تصل الى المستهدفين، وثالثاً؛ كيف تضمن المؤسسات الدولية ان مساعداتها لن تستغل سياسياً.
عن الازمات الانسانية التي تعصف بلبنان، أشارت سيفيرين ري “ان حالة لبنان مميزة لانه يضم عدداً كبيراً من الفاعلين في المجال الانساني”، وتحدثت عن التعاون بين كل الاطراف وأهمية المراقبة والشفافية والتنسيق. وعن ردة الفعل أو الاستجابة لهذه الازمة الانسانية، رأت “ان دور المنظمات الانسانية هو التدخل والمساعدة والمحافظة على حياة الانسان الذي في خطر، وسوف نستمر في هذا العمل، انما من المهم ان نصل بالجريح (مثلا) في الوقت المناسب الى المستشفى. ان دور المنظمات الانسانية هو القيادة عند الحاجة ولكنها لا تستطيع القيادة الى ما لا نهاية، وبالتالي ان طريقة عملنا في لبنان هي ان نساعد بالوصول الى الحل، انما لسنا نحن الحل. نحن نساعد بطريقة مؤقتة ونؤمن المرحلة الانتقالية الى حين الوصول الى حل”.
واعتبرت أن الحل الأساسي في لبنان يكون “من خلال الاصلاحات وتنفيذ التعهدات لجهة الحماية الاجتماعية وذلك بصورة سريعة”.
عن شراكة المجتمع المدني مع المنظمات الحكومية، تحدث زياد عبد الصمد، ولفت الى ان “الازمة في لبنان ازمة وجودية، وبالتالي هي تمثل تهديدا مباشرا للامن الانساني”، مشيراً الى وجود ثلاثة ابعاد رئيسية لهذه الازمة” البعد الاوّل هو داخلي ويتعلق بالإدارة السياسية للبلاد القائمة على فكرة المحاصصة الطائفية والمذهبية، وهي ما أوصل لبنان الى هذه المرحلة. أمّا البعد الثاني فهو الخيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي بنيت على فكرة تعزيز الاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد المنتج . أمّا البعد الثالث فهو الوضع الاقليمي الذي القى بظله على الداخل اللبناني”.
واعتبر أن التصور لمعالجة الازمة في لبنان ومستلزمات الاستجابة لها “يكون بالتوجه الى ترتيب علاقاتنا على كل المستويات اقليمياً ودولياً داخلياً.”
وأشار الى ان على المجتمع والمنظمات الدولية لدى تدخلهم الانساني “ان ياخذوا بعين الاعتبار الاثر الاجتماعي الطويل الامد والاستدامة، والا يحدث هذا التدخل اي ضرر سلبي على الافراد والمجتمعات”.
استهلت حنين السيد مداخلتها بالقول :”ان البنك الدولي ليس وكالة انسانية”، مشيرة الى انه “وكالة تنمية، نحن نقدم المساعدات المالية ولكن الأهم هو قدرتنا على التفكير في القضايا وتحليلها واستعمال البيانات، ونحن نصدر تقريرا دوريا يحلل الحالة الاقتصادية في لبنان و نسلط الضوء فيه على القضايا الاساسية”. وتطرقت السيد الى عدة تقارير اصدرها البنك الدولي في شان لبنان، وقالت:”من الضروري ان نحدد ماهي أسباب الازمات ونعمل على الوقاية منها. ان الوضع في لبنان معقد للغاية ومليء بالتحديات”. وأشارت السيد الى ان “الهيكلية السياسية هي السبب الأساسي لهشاشة النظام والازمات. لذلك يجب ان تكون هناك معالجة للمشاكل الهيكلية التي تلقي بظلها على الوضع في لبنان”. ولفتت الى ان نظام البنك الدولي “الذي هو كالدستور، يمنعنا من التدخل في السياسة”، وعن لبنان قالت:” هناك حاجة الى الاصلاحات، الا ان المشكلة ان الوضع لا ينفك يتدهور، وبالتالي نحن نواجه حالة انسانية كارثية تطال كل اللبنانيين”. وعرضت للمجالات الخمس الاساسية التي يركز عليها البنك الدولي في لبنان، وهي: ١-ضرورة التوصل الى نظام سياسي جديد يمثل الجميع، ٢- تعزيز المساءلة والمحاسبة وبناء المؤسسات ، ٣- المحافظ على راس المال البشري وإعادة بنائه، ٤-زيادة الفرص الاقتصادية وكيف يمكن ان ينتقل لبنان الى نظام اقتصادي جديد ونموذج جديد يرتكز على العمل الانتاجي والقطاعات الإنتاجية، ٥- تحسين الخدمات العامة والبنى التحتية”.
وختمت بالقول:” ان لبنان هو البلد الأفقر في العالم لجهة تقديم البيانات، اذ من المستحيل القيام باي عمل من دون بيانات وإحصاءات، وعلى الحكومة ان تتحمل المسؤولية في هذا الإطار وليس فقط الاتكال على إحصاءات الامم المتحدة “.
وعن أزمة النزوح السوري المكلف إقتصادياً وإنسانياً على لبنان، وكيف تساهم منظمة UNHCR في هذا الموضوع، تحدث ريتشارد عقيقي، فعرض لمهامها وحقل عملياتها، وأشار الى ان “الامن الانساني هو من صلب عمل المفوضية العليا للاجئين التي تقدم الحماية والمساعدة وايجاد الحلول للاشخاص المعنيين”، ولفت الى “اننا نقوم بتأمين حقوق الأفراد ومنها الحق باللجوء والمأوى والتعليم والرعاية الصحية”، وعن اللاجئين، أوضح ” ان الوضع معقد ومتشعب، ويجب تامين حماية وحياة لائقة وإقامة مستدامة، تساعدهم في العودة الامنة الى ديارهم لانه ما من إمكانية لإعطائهم صفة الإقامة الدائمة او الجنسية”
وعرض عقيقي بشكل مفصل لعمليات المفوضية في لبنان، ولفت الى أن الأرقام المتداولة عن المساعدات النقدية التي تتقاضاها كل أسرة سورية “هي أرقام مبالغ فيها، اذ ان كل أسرة تتقاضي 400 الف ليرة لبنانية وليس بالدولار الاميركي وعدد الأسر التي تستفيد من هذا المبلغ كان قبل الازمة 13 الفاً، وبعدها اصبح 170 الف أسرة. وتجري حالياً مفاوضات لمضاعفة هذا المبلغ مع اتجاه لتخفيض عدد الأسر، وتحويل المبلغ الى الدولار الاميركي. وهناك ايضاَ مبلغ 200 الف ليرة يعطى للاسرة السورية مرة واحدة، وتستفيد حوال 87 الف أسرة لبنانية من مبلغ 954 الف ليرة لبنانية لمرة واحدة”.
ونوّه عقيقي بكرم لبنان والمواطنين اللبنانيين “لاستضافتهم هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين”، معتبراً أن “السبب الأساسي للمشاكل الاقتصادية في لبنان هو المشاكل الهيكلية غيرالمرتبطة بتوافد اللاجئين”.
بدوره قال العميد الركن ايلي ابي راشد: “تأسست مديرية التعاون العسكري – المدني في الجيش اللبناني في العام 2015، مهمتها مساعدة أهلنا وشعبنا، وكل مجهود في هذا الاتجاه نحن من الداعمين له. من هذا المنطلق، تأتي مشاركتنا في “منتدى الامن الانساني” الذي يهدف الى تعزيز الفكر حول كيفية دعم الانسان لا سيما في ظل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الراهنة”. أضاف:”ان الازمة الحالية التي يمر بها بلدنا لبنان، تتطلب توحيد كل الجهود لنتمكن من اجتيازها عسكرية كانت ام مدنية ام دولية، مع الحرص الكامل على السيادة الوطنية وتعظيم الإنسان كقيمة بغض النظر عن انتمائه او ولائه او معتقده”.
تلا المداخلات نقاش مفتوح بين المشاركين.