الباحث الإقتصادي وخبير المخاطر المصرفية د. محمد فحيلي
في شياطين تعميم مصرف لبنان ١٥١
في آذار ٢٠٢٠ توقفت المصارف كلياً عن تزويد زبائنها بالدولار بحجة عدم توفره جراء إقفال المطار بسبب جائحة كورونا. ودعنا لا ننسى:
– “التعثر الغير منظم” على سندات اليورو بوند في أوائل آذار من السنة ذاتها وما ترتب عنه من تدهور في التصنيف الائتماني للبلد والذي إنعكس سلبياً وبشكل مفاجأ وسريع على المصارف اللبنانية وعلاقتها مع المصارف المراسلة.
– بأنه من المستبعد جداً أن تتوقف المصارف عن الدفع لزبائنها من دون الحصول على “الضوء الأخضر” أو/و علم مصرف لبنان.
وسارع بعد ذلك مصرف لبنان، في نيسان ٢٠٢٠، إلى إصدار التعميم الأساسي ١٥١ الذي تمت صياغته بذكاء مفرط لجهة تصويره وكأنه طوعي: أي بطلب من صاحب الوديعة بالدولار وموافقته تمت عملية السحب على سعر الصرف ٣٩٠٠ ليرة لبنانية للدولار الواحد. وجاء في نص التعميم:
“في حال طلب أي عميل إجراء أية سحوبات أو عمليات صندوق نقداً من الحسابات العائدة له بالدولار، على المصارف، شرط موافقة العميل، أن تقوم بتسديد ما يوازي قيمتها بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر السوق المعتمد في المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة (وحدد لاحقاً ب ٣٩٠٠ ل ل للدولار الواحد).”
أي يحضر العميل إلى الفرع (أو عبر الصراف الآلي) و:
– يطلب سحب دولار من حاسبه بالعملة الأجنبية المكون قبل تشرين ٢٠١٩
– وفي الوقت ذاته، يعرض بيع دولاره للمصرف على سعر ال ٣٩٠٠ ل ل للدولار الواحد. منذ تلك الوقت تجاوز سعر صرف الدولار عتبة ال ٢٠٠٠٠ ليرة وبقي سعر صرف السحوبات على ال ٣٩٠٠ متحصناً المركزي ومتحججاً ومتمسكاً بتاريخ إنهاء العمل بأحكام هذا التعميم قبل إدخال أي تعديل؛ مع لفت النظر بأن المركزي لم يذكر الرقم ٣٩٠٠ في النسخة الأصلية والأساسية للتعميم!
وهذا يعني بأن “ليلرت” حساب الدولار (تحويل الوديعة بالدولار إلى الليرة) يحصل بشكل “لا إكراه فيه!”
وسمح مصرف لبنان لكل مصرف وضع ضوابط على هذه السحوبات النقدية وفق ما يناسب المصرف وفق الفقرة: “وذلك إستناداً للإجراءات والحدود المعتمدة لدى المصرف المعني.”
لمن لا يعلم، هناك سقوف سحب للنقدي بالليرة اللبنانية يضعها مصرف لبنان على كل مصرف وفق معايير أهمها عدد الفروع والصراف الآلي وحسابات توطين الرواتب.
وفي التعميم ذاته، طلب مصرف لبنان من المصرف المعني أن يبيع العملات الأجنبية الناتجة على هذه السحوبات من مصرف لبنان. وهناك أمرين لا علم لصاحب الوديعة فيهم:
١. ما هو سعر الصرف الذي يعتمده مصرف لبنان مع المصارف للحصول على الدولارات الناتجة عن عمليات السحب هذه؟
٢. مع كل سحب دولار، يتم تحرير حصة هذا الدولار من التوظيفات الإلزامية (أي ١٥% وتم تخفيضه إلى ١٤% في حزيران ٢٠٢١) “فريش”. يعني إذا مجموع السحوبات وفق أحكام التعميم ١٥١ وصلت إلى ١٠٠ مليون دولار، قام مصرف لبنان بتحرير ١٥ مليون دولار من حسابات التوظيف الإلزامي لصالح المصارف وتعتبر جميعها “دولار فريش”!
وهنا يُطرح السؤال: لماذا تعتبر المصارف دولارات الزبائن الموجودة في حسابات مكونة قبل تشرين ٢٠١٩ بأنها دولارات “سخيفة” (لولار)، وفي المقابل يعتبر مصرف لبنان دولارات المصارف بأنها دولارات “فريش”؟!
وفي الختام، ساعات تفصلنا عن قرار المجلس المركزي لمصرف لبنان لجهة تجميد أو تجديد أو تعديل العمل بأحكام هذا التعميم.
مع تحيات