بقلم : محمد لمع
نائب رئيس إتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان
بعد حوالي نصف قرن، لم يتوقّع اللبنانيون أن يعودوا بذاكرتهم إلى الماَسي والأحزان التي عاشها الكثير منهم في السبعينات والثمانينات وخلال الحرب الأهليّة عام ١٩٧٥ التي قتلت البشر ودمّرت الحجر وأسالت الدماء وخلَفت الخراب والتهجير ، ولكن على ما يبدو أنّنا شعب فقد ذاكرته وخان ضميره، فلم يأخذ عبرة مما مرّ به من تجارب حرب عبثية مريرة أخذت من أعمارنا الكثير وأعادتنا عشرات السنين إلى الوراء فصرنا أشلاء وطن ممزق، مُشتّت، بعد أن كان لبنان حلم الأوطان وبوابة الشرق على الغرب ، فماتت الضحكة على وجوه أبنائه واختفت الإبتسامة ليحلّ محلها الحزن والألم والتشاؤم… والسؤال الاَن : إلى أين ؟ وماذا عن الغد؟…
أليس من غرائب الصدف وعجائب القدر أن تعود ملامح الحرب الأهلية التي عانى منها ولا زال كابوسها جاثماً على صدره حتى اليوم أن تنطلق شرارتها مجدداً من المكان الذي انطلقت منه عام ١٩٧٥ … في الماضي كان الهدف السلاح الفلسطيني ، واليوم الهدف هو سلاح حزب الله ، ولكن رغم الخيبات مازال لنا هذه المرة أمل بحكمة العقلاء وبعض القيادات بإبعاد هذه الكأس المرة وعدم الإنزلاق إلى هذه الهاوية من جديد والقدرة على صبّ المياه الباردة على الرؤوس الحامية لتهدأ والكل يدرك أن لا خلاص للبنان إلا بتحكيم العقل وأن الإنجرار إلى الفتنة بدايته قتل وتدمير وتهجير ونهايته تسويات ولا غالب ولا مغلوب … عدنا إلى الفتنة وتناسينا جراحاتنا فجأة من المال العام المنهوب إلى جنى أعمار الناس المسروق ، إلى ما نعاني من ذلّ وهوان … هل نسينا من أضاع الوطن وغيّبه وتخلّى عن شعبه ليعيش مرارات القهر والخذلان، وطوابير الإنتظار على أبواب السفارات طلباً لتأشيرة هجرة لكفاءاته وطاقاته العلمية والمهنية؟ وهل نسينا طوابير الإنتظار ساعات وساعات في ظل شمس محرقة أمام محطات المحروقات، وانتظار الفرج على أبواب الصيدليات بحثا عن دواء كان مفقوداً وما زال؟
