كتب د. مجمد فحيلي، الباحث في الاقتصاد وخبير المخاطر المصرفية
الرسالة التي وجِهتها إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي إلى الداخل اللبناني من خلال العقوبات الأميركية الأخيرة جاءت:
١. بموجب قرار تنفيذي (Executive Order) مباشر من شخص الرئيس وطالت:
– لاعبين فاعلين و/أو محسوبين على أقطاب سياسية أساسية على الساحة اللبنانية،
– أكثر من طرف سياسي لبناني.
– ثلاث طوائف أساسية في المجتمع اللبناني.
وحطت في وقت كَثُر فيه كلام الطبقة السياسية عن الإصلاح، وإنعدم أداؤها فيه!
أهمية هذا النوع من العقوبات أنه يأتي نتيجة رغبة عند الرئيس الأميركي للتعبير عن موقف سياسي معين، وليس بالضرورة نتيجة وجود معلومات أو معطيات غير قابلة للنقض لدى الإدارة الأميركية. الجانب التقني وآلية تنفيذ العقوبات هو شأن الخزينة الأميركية. فالكلام عن الطلب من الخزينة الأميركية إبراز المستندات التي إرتكزت إليها إدارة باين في إقرار هذه العقوبات، أو الطلب بنشر معلومات إضافية لتوضيح حجم وطبيعة الإخلال بالقانون اللبناني ليس إلا قلة إدراك وعدم وعي لطبيعة هذه العقوبات. من الخطأ الفادح قراءة عقوبات سياسية، ذات مفاعيل إقتصادية، بالقانون!
ولهذا، ما يجب التوقف عنده اليوم من قبل الطبقة السياسية الحاكمة هو أن قرار العقوبات هذا – الذي كنا نتوقعه، وفي الوقت ذاته نستبعده، من دول الإتحاد الأوروبي – جاء من واشنطن في التوقيت والشكل والمضمون ليؤشر إلى تدهور إضافي بثقة المجتمع الدولي بالطبقة السياسية الحاكمة في لبنان وسوف ينعكس على:
أ. مجرى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لجهة سلة الإصلاحات التي قد يطلب الصندوق من الحكومة اللبنانية إقرارها وتنفيذها؛ وحجم وطبيعة المساعدات التي قد تأتي مباشرة من الصندوق (IMF) و/أو الدول المانحة.
ب. الكيان اللبناني ليصبح مبعثراً ومشتتاً في كيانات يُغَني كل واحد منها على ليلاه من أجل حماية الذات! لم ولن يكن هذا الحماس من قبل بعض دول الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، في إنزال الويلات، وخلال ساعات، على الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان ولبنان لولا هذه العقوبات. من أولى إهتمامات القيادة السعودية اليوم هي أن تكون سياساتها في المنطقة العربية في تناغم تام مع إدارة بايدن خصوصاً بعد التشدد، لحد العداوة، التي تَظَهر خلال الحملات الإنتخابية للمرشح جو بايدن. وإضافة للتأكيد على ذلك:
– ما جاء من وعود فضفاضه من السعودية في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام ٢٠٢١ الذي عقد في غلاسكو، اسكتلندا، المملكة المتحدة، لأن محمد بن سلمان يعلم علم اليقين أهمية هذا المؤتمر للرئيس بايدن.
– السرعة في طي صفحة الخلافات مع دولة قطر،
– الكلام الجدي في الشروع إلى حل سياسي في اليمن،
– اللقاءات والمحادثات الثنائية بين إيران والسعودية،
– ومجموعة من الإصلاحات البنيوية في الحكم داخل الكيان السعودي.
القيادة السعودية والجميع يعلم بأن لا يوجد دولة في القريب او البعيد قادرة على إملاء الفراغ التي قد يحدث من الإبتعاد الخليجي عن لبنان لجهة العمالة اللبنانية في هذه البلاد، والتبادل التجاري. دولة الإمارات العربية والكويت والمملكة العربية السعودية مسؤولة عن تدفق أكثر من ٤ مليارات دولار سنوياً إلى الإقتصاد اللبناني رغم كل المطبات السياسية التي مرت بها علاقة لبنان بهذه الدول.
لهذا نقول، الإنبعاثات الإيجابية التي تٌبَث من مؤتمر التغير المناخي من غلاسكو- إسكتلندا، من قبل فريق الرئيس ميقاتي بعيده كل البعد عن ما قد ينعكس عن أداء الطبقة الحاكمة في لبنان ومُبالغ فيها. دعنا لا ننسى بأن “قوى الممانعة” هي بإنتظار الرئيس ميقاتي فور عودته مرابضةً في خندقها الهجومي ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج، تتربص بالمغانم السياسية المتاحة مقابل تقديم “ورقة” إستقالة معاليه، قرداحي، على طبق التسويات الداخلية والخارجية.
إحذروا الإفراط بالتفاؤل!